
الرئيس الشرع: سوريا ماضية في بناء الدولة الحديثة وضمان وحدة أراضيها وانفتاحها على العالم
أكّد السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة تلفزيونية عبر قناة الإخبارية السورية أن سوريا تعيش اليوم مرحلة مفصلية من تاريخها، عنوانها الأبرز إعادة بناء الدولة على أسس راسخة من القانون، والانفتاح على الاستثمارات والعلاقات الدولية، وصون وحدة أراضيها.
بناء الدولة وتحرير القرار الوطني
الرئيس الشرع أوضح أن السياسة السورية منذ اللحظات الأولى بعد التحرير قامت على مبدأ حماية الناس وتأمين أرزاقهم، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على جميع المسارات بالتوازي، سواء في إعادة الإعمار أو في معالجة القضايا السياسية والاجتماعية. وقال: "مشروع إعادة الإعمار ليس شعاراً بل منهج عمل، نبدأ فيه بما هو متاح وحسب الأولويات، وما تحقق حتى الآن ليس قليلاً".
ولفت الرئيس إلى أن سوريا لا ترغب في أن تعيش على المساعدات أو القروض المسيسة، بل تعتمد على فتح البلاد للاستثمار وتشجيع المشاريع الاقتصادية بالشراكة مع الدول الصديقة، مؤكداً أن الاستثمارات الخارجية توفر فرص عمل وتدعم البنية التحتية وتفتح أسواقاً جديدة للمنتج السوري.
العلاقات الدولية والإقليمية
وأكد الرئيس الشرع أن سوريا أعادت بناء علاقاتها الدولية والإقليمية بسرعة كبيرة، وحظيت بمحبة معظم دول العالم، مشيراً إلى وجود رغبة واضحة لدى الولايات المتحدة للاستثمار داخل سوريا. وأضاف أن طرق التجارة البرية بين الشرق والغرب تمر حتماً عبر سوريا، ما يمنحها موقعاً محورياً في تأمين سلاسل الإمداد والطاقة على المستوى العالمي.
وفيما يتعلق بالعلاقة مع روسيا، كشف الرئيس أن مفاوضات جرت مع الجانب الروسي خلال معركة التحرير في حماة، وعند الوصول إلى حمص انسحبت روسيا من المشهد العسكري وفق اتفاق جرى بين الجانبين، مشيراً إلى أن سوريا نجحت في بناء علاقة هادئة ومتوازنة مع موسكو، وفي الوقت نفسه بنت علاقات متينة مع الولايات المتحدة والغرب ودول الإقليم، وهو ما وصفه بـ "نسيج العلاقات الدولية الذي يعكس دبلوماسية سورية قوية خلال الأشهر التسعة الماضية".
ملفات داخلية: السويداء وشمال شرق سوريا
وتوقف الرئيس مطولاً عند الوضع الداخلي، مؤكداً أن ما جرى في السويداء كان خلافاً بين بعض أبناء البدو وأبناء الطائفة الدرزية تطور إلى مواجهات دامية، وقال: "الواجب كان أن نوقف سيل الدماء، وشكلنا لجاناً لتقصي الحقائق لمحاسبة كل من أخطأ أو أساء". وأوضح أن الجرح الذي أصاب السويداء يحتاج إلى وقت حتى يلتئم، داعياً أبناء المحافظة للعودة إلى حضن الدولة والانطلاق نحو مرحلة جديدة من المصالحة الوطنية.
أما في شمال شرق سوريا، فأكد الرئيس أن أي محاولة للتقسيم مرفوضة جملة وتفصيلاً، محذراً من انعكاساتها على العراق وتركيا، ومشيراً إلى أن المكون العربي يشكل أكثر من 70 بالمئة من سكان المنطقة، وأن "قسد" لا تمثل جميع الأكراد. وكشف أن المفاوضات مع "قسد" كانت تسير بشكل جيد قبل أن تتباطأ، وأن الاتفاق المبرم معهم محدد بجدول زمني حتى نهاية العام الجاري، وأن دمشق ماضية في تنفيذه ضمن المدة المحددة.
الإعلام والحرية السياسية
وفي الشأن الإعلامي، شدّد الرئيس الشرع على أن العالم تجاوز فكرة حصر الإعلام، ومع وسائل التواصل الاجتماعي أصبح العهد بين الدولة والمجتمع هو القانون وحده، وقال: "القانون يحمي حق السلطة والشعب والمؤسسات الإعلامية، وسقف الحرية في سوريا واسع، والحالة الصحية هي بوجود أصوات ناقدة".
كما أشار إلى أن العمل السياسي دون قوانين ناظمة يفتح باب النزاعات، مؤكداً ضرورة ترتيب القوانين والأنظمة والدستور تمهيداً لمرحلة التعددية السياسية والآراء المختلفة، معتبراً أن هذه الحالة هي الطبيعية والمطلوبة في سوريا الجديدة.
رسالة أمل وتفاؤل
وختم الرئيس كلمته برسالة تفاؤل إلى السوريين، قائلاً: "كما أكرمنا الله بالتحرير سيكرمنا بحل مشاكلنا بشكل متدرج وفعّال ليصل إلى كل بيت في سوريا"، داعياً إلى الصبر والثقة والموضوعية، ومؤكداً أن سوريا لن تتنازل عن أي شبر من ترابها، وأن وحدة البلاد خط أحمر وقسم قطعه أمام الشعب.