مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٠ أكتوبر ٢٠١٧
هل فكرت حين قالتها!!!.. والدة عصام زهر الدين "أنا أم البطل"

لم تستطع والدة المجرم "عصام زهر الدين" تحمل فاجعة الموت التي أصابتها بعد أن وصل نبأ مقتل ابنها الأكبر، فخارت قواها، كيف وهو الابن فلذة الكبد، ولكن ..... هل فكرت أم زهر الدين يوماً بآلاف الأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن صغاراً وكباراً على يد وليدها المغادر من الدنيا.

 

هل فكرت أم زهر الدين يوماً كيف عاشت أمهات أيامها بعد أن قتل ولدها العميد في جيش الأسد في دوما وزملكا وباب عمر وأخيراً في دير الزور، ألم تصلها صور الأشلاء الممزقة التي قطعها زهر الدين بكلتا يديه، ثم وقف بجانبهاً مغتراً بإجرامه يقدمها قرباناً لتأكيد الولاء لسيده الأسد ...!!!؟.

 

والدة زهر الدين التي ظهرت في مقطع مصور يثته مواقع إعلامية للأسد اعتزت بولدها وبكل ماقام به، وبكته بكاءً الأم الثكلى، فنالت نصيباً صغيراً في قلبها من الفقد والحزن والألم مما نالته أمهات أبكاها زهر الدين دماً وحرقة على فقد أبنائهن، ومع ذلك لقبت أم زهر الدين نفسها بـ "أم البطل" وعن أي بطل سفك الدماء وانتهك الحرمات وقطع الأشلاء.. إنه بطل بقتل شعبه وسفك دمائه... بطل بإجرامه وكيف لا يكون.

 

قالتها أمام عدسة الكمرات باكية "أنا بعتز فيكم كلكم، ببطل سوريا أبو يعرب الي مات شهيد بطل، ربي يوفقكم لترجع الجولان لأصحابها"، وكأن أم زهر الدين ظنت أن ولدها الذي لقبته بالبطل كان مرابطاً على ثغور الجولان، يدافع عن الأرض والعرض، وكأنها لم تدري أن ولدها "البطل" كان يقتل ويجرم بحق الشعب السوري في دوما ودير الزور، وكأنها لم تسمع بما قاله زهر الدين وماوجهه للاجئين بأنه لن يسامح.

 

لم يغب على أم زهر الدين أن توجه التحية للأسد، للمجرم الأكبر الذي علم ولدها الإجرام وأطلق يده في قتل الشعب السوري فتابعت "كلكم بعيوني والرئيس بشار الأسد بقلبي وعيوني، هو وجيشوا والله ينصر هالجيش".

 

بكت أم زهر الدين كثيراً وأبكت من حولها، فولدها البطل المغوار الأسطورة قد قتل، لايهمها من قتله وكيف قتل ولايهم أم زهر الدين كم يتم وقتل وشرد وقطع من الأشلاء... كم انتهك الحرامات وكم وكم فعل من المجازر في تاريخ إجرامه الذي لن ينساه الشعب السوري يومياً، وسيخلد اسمه بين مجرمي العصر.

 

فلتبك أم زهر الدين فكم أبكى ابنك أمهات من قبلك لم تشعري ليوماً بما اعتلج صدورهن وقلوبهم من الأسى، فلتبك أم زهر الدين علك تشعرين بشيء من نار الحرقة التي أشعلها ولدك في قلوب ألاف المعذبين ... وليعش ولدك في قبره بانتظار الحساب الرباني ... وليعش سيدك الأسد، وليخلد التاريخ سيرة مجرم سفاح... فابكي ماشئت وكابدي كما كابدنا على يد ابنك المجرم، وأنت وأمثالك تهتفين وتصفقين لأسدك وأتباعه المجرمين.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٧
سيناريوات حربية بموازاة «إستراتيجية ترامب» ضد إيران

هناك حرب أو حروب صغيرة تتجمّع خيوطها وأسبابها في أجواء المنطقة العربية، ولعلّها الترجمة الفعلية لـ «العاصفة» التي أشار اليها الرئيس الأميركي قبل كشف إستراتيجيته الجديدة للتعامل مع إيران. قد لا تتلازم دوافع دونالد ترامب - «أميركا أولاً» - مع حاجات المنطقة، لكنها تتلاقى في شكل أو آخر، وإذا كانت الأخطار والتهديدات على درجات فلا شكّ في أن إيران هي اليوم أعلاها وأشدّها. وعندما تفجّرت الأزمة النووية كانت طهران وضعت قنبلة ميليشياتها المذهبية في الخدمة، فيما كانت تعمل على إنجاز قنبلتها النووية. واقع الأمر أنه كان ينبغي التعامل مع هاتين القنبلتين كأولويتين وكتهديدين متساويين ينبغي التعامل معهما في آن، لكن باراك اوباما اختار التصدّي للخطر النووي الآجل بالتفاوض على «تأجيل» القنبلة وترك الخطر العاجل، القائم والمتفاعل، بل ساهم في تغطيته، ليحصل على «أسوأ اتفاق» أميركياً، أما إيران فأشهرته كـ «أفضل اتفاق» يبطّن قبولاً لجرائم بقنبلتها المذهبية، بدليل رفع العقوبات عنها، ولا يحرمها نهائياً من قنبلتها النووية.

كان ذلك الاتفاق ترجمة لإرادة سياسية مصممة لدى اوباما بمقدار ما كان ثمرة دهاء المفاوض الإيراني وحنكته. فكل ما كان معلناً خلال عامَي التفاوض اقتصر على مسائل تقنية (نسبة التخصيب، أعداد أجهزة الدفع المركزي، تفكيك المنشآت، المراقبة، الحدّ الزمني...)، لكن اوباما وإدارته استنتجا غداة التوقيع أن الاتفاق سيؤدّي الى تغيير إيران سلوكها الإقليمي، فعلامَ استندت؟ وعندما يقول ترامب وإدارته أن إيران انتهكت «روح» الاتفاق فعلامَ تستند؟ لا يمكن هذه «الروح» سوى أن تكون سياسية، لكن النصوص التقنية لا تعبّر عنها، فأين تلك «الروح» إذاً؟ لا بدّ أنها في محاضر الحوارات الطويلة على هامش المفاوضات، وما يُحتمل أن الطرفين الأميركي والإيراني تبادلاه من تعهّدات لتسهيل التوصّل الى اتفاق تقني بلا أي «روح». في تلك الأثناء، وعلى خلفية المفاوضات، كانت إيران تجني المكاسب: أرواح الآلاف في سورية تُزهق، معاناة ملايين العراقيين تتفاقم، انقلاب الحوثيين في اليمن يتوسّع، تعطيل الدولة للاستحواذ عليها في لبنان يتأكّد، والقلق في عموم الخليج يتصاعد.

لم يتغيّر سلوك إيران في الداخل، أما في الخارج فأطلقت العنان لنهج التخريب وتمزيق المجتمعات، إذ كان هدفها التالي انتزاع الاعتراف بنفوذها السياسي، وقد حصلت على أداتَين جديدتَين: تنظيم «داعش» والحرب الأميركية عليه. ومع أن ادارة أوباما بكل أجهزتها كانت على علم بالعلاقة العميقة بين إيران والنظام السوري مع جماعات الإرهاب، إلا أنها ظلّت رافضة حتميّة مواجهة الاثنين معاً. في «إستراتيجية ترامب» افتراق واضح عن «إستراتيجية أوباما» في كونها تضع دور إيران في دعم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة بموازاة إشكالية الاتفاق النووي، وتنتقل في تحديد الأخطار من الإشارات الأوبامية السطحية والخجولة الى ابراز السجل الأسود لإيران - الجمهورية الإسلامية من مساهمتها في قتل المئات من الجنود الأميركيين طوال عقود ثلاثة ماضية الى إيقادها العنف الطائفي في العراق وإزكائها الحرب الأهلية في سورية واليمن فضلاً عن تهديدها جيرانها والتجارة الدولية وحرية الملاحة... بمعنى أن «روح» الاتفاق (النووي) كانت تقتضي التعامل مع كل هذه المسائل، ومنها الحدّ من تطوير الصواريخ البالستية الذي كان مثار نقاش وخلاف خلال مفاوضات فيينا.

كل ذلك يبني «قضية» موجودة أصلاً وتتطلّب معالجة جدّية إذا كان استقرار المنطقة العربية ومكافحة الإرهاب هدفَين حقيقيين للقوى الدولية، وبالأخص للولايات المتحدة. و «القضية» كما أصبحت واقعياً، وكما أوضحتها «إستراتيجية ترامب»، لا تنطوي حالياً على مقوّمات تفاوض تريده الولايات المتحدة لتحجيم النفوذ الإيراني وتريده إيران للاعتراف بنفوذها. وثمة معطيات اخرى، كالأزمة الكورية الشمالية والصراع البارد بين أميركا وكلٍّ من روسيا والصين، وكذلك التردّد الأوروبي، تستبعد الضغط (أو التوافق) من أجل حلٍّ تفاوضي. فهذه الأطراف خرجت مستفيدة من الاتفاق النووي أو تنتظر مكاسب جمّدتها القيود الأميركية، وحتى الأوروبيون الذين يمقتون النظام الإيراني ويدركون النتائج الكارثية لتوسّعاته الإقليمية لا يبدون تأييداً لإلغاء ذلك الاتفاق أو لإخضاعه لمعايير واشنطن. لكن»إستراتيجية ترامب» قد تضطرّهم عاجلاً أو آجلاً لتوضيح مواقفهم بالاصطفاف «مع» أو «ضد»، وليست مصادفة أن يذكّر اثنان من المعنيين آنذاك (هانز بليكس رئيس المفتشين الدوليين ومحمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرّية) بأن الأجواء الحالية مشابهة لما شهداه قبيل غزو العراق واحتلاله. قد يصحّ ذلك، لكن لن يكون غزو أو احتلال هذه المرّة، أما المسرح المرشّح فحدّدته إسرائيل بسورية ولبنان، بتغاضٍ أميركي (وروسي؟)، مع تداعيات قد تمتدّ الى العراق.

المهم في تلك الإستراتيجية أنها الأولى الواضحة في عهد ترامب، وكونها نتيجة توافق بين أجنحة الإدارة، وموضع ترحيب البارزين في الكونغرس (جون ماكين وبول راين). وربّما جاء الأهم في شروح الأطراف التي ساهمت في صوغها، وعلى الأخص وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي قال إن «هذه نهاية اللعبة (مع إيران) لكنها لعبة طويلة الأمد»، مؤكّداً التعامل مع كل التهديدات الإيرانية وليس الاتفاق النووي فحسب، ليخلص الى أن واشنطن تسعى الى «تغيير» النظام الإيراني عبر دعم قوى المعارضة. وفيما أعلن البنتاغون أنه يجري مراجعة شاملة للنشاطات والخطط دعماً للإستراتيجية الجديدة، أكمل مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر بأن ترامب « لن يسمح بأن يكون الاتفاق غطاءً لحكومة مروّعة كي تطوّر سلاحاً نووياً... ونحن نعرف من سلوك الإيرانيين في المنطقة وتجاه الاتفاق بأنهم تجاوزوا الخطوط المرسومة مرات عدّة». أما المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي فأشارت مجدّداً الى «عدم السماح بأن تكون إيران كوريا الشمالية المقبلة»، على رغم أن ناقدي توجّه الإدارة الترامبية يحاججون بأن زعزعة الاتفاق مع إيران تقوّض احتمالات الحل السلمي للأزمة مع كوريا الشمالية.

من الواضح أن المواجهة مع إيران هي جوهر «إستراتيجية ترامب»، وأنها قد تستدرج حرباً تكاثر الحديث عنها أخيراً. فالأجهزة الإسرائيلية كثّفت أخيراً اتصالاتها مع واشنطن وموسكو، وطرحت أفكاراً في شأن الوجود الإيراني في سورية وحدّدت الخطوط الحمر التي ترفض تجاوزها. إذ لم يعد الاتفاق النووي الأولوية الحالية لإسرائيل بل الحدّ من النفوذ الإيراني. ثمة مؤشّر آخر في سلسلة اجتماعات عقدت أخيراً في واشنطن، بمشاركة سياسيين وعسكريين أميركيين وإسرائيليين، وأخرى حضرها مسؤولون من المؤسسات المالية الكبرى، وكانت الخيارات المطروحة إزاء التوسّع الإيراني محوراً للنقاش. وعلى رغم أن تصنيف الحرس الثوري كجماعة ارهابية بدا ضرورياً إلا أن تبنيه رسمياً من جانب الرئيس الأميركي يُلزمه بإعلان الحرب عليه إسوةً بالتنظيمات الإرهابية الأخرى، ما يعني حرباً واسعة لا تريدها أميركا لأسباب داخلية وخارجية. أما الحرب على «حزب الله» وغيره من الميليشيات الإيرانية في لبنان وسورية، باعتبارها أدوات لـ «الحرس»، فيمكن أن تأخذ فيها إسرائيل زمام المبادرة بموافقة أميركية ضمنية. واللافت أن تقدير المواقف ذهب إلى حد ترجيح عدم اعتراض روسيا على «فرصة» متاحة أمامها لتحجيم الوجود الإيراني في سورية، لكن سيكون لها لاحقاً دورٌ في إدارة وقف إطلاق النار.

في أي حال، إذا صحّت هذه التوقّعات، لن تكون الحرب وشيكة فهي تتعلّق أولاً بمرحلة «ما بعد داعش» في العراق وسورية، ثم بتثبيت «مناطق خفض التصعيد» في سورية، وأيضاً بجلاء الصراع حول المسألة الكردية. وكلّها محطات تسعى إيران إلى استغلالها في تعزيز نفوذها. ولا شك في أن الضربات الإسرائيلية المتواصلة للمواقع الإيرانية في سورية تشكّل جزءاً من السيناريو الذي يدور تحت أنظار الروس. ولعل ما يدعم احتمالات المواجهة العسكرية أن إيران تريدها طالما أنها أولاً خارج أراضيها، وثانياً تؤمّن لها إدامةً للصراعات إذا لم تحصل على اعتراف بنفوذها، وهو ما لا ينفكّ يبتعد. لذلك فإن مناخ المواجهة قد يجعلها أكثر عدوانيةً في عموم المنطقة العربية.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٧
كلمتان تكشفان عنصرية إيران

كان الإيرانيون يتوقعون بالطبع مواقف ترامب المتشددة إزاء سياساتهم، بعدما دأب على التصريح بها طوال حملته الانتخابية، ثم بعد وصوله إلى البيت الابيض، لكنهم ظلوا يراهنون على إمكان تراجعه بسبب ضغوط داخلية وخارجية، إلى أن أعلن استراتيجيته رافضاً التصديق على التزام طهران الاتفاق النووي، وملوّحاً بالانسحاب منه ما لم يتم تعديله.

وعلى رغم أنهم شعروا بقلق كبير من تصنيفه «الحرس الثوري» ضمن قائمة الكيانات الداعمة للإرهاب، وما يعنيه ذلك من فرض عقوبات عليه لاحقاً، إلا أن ما أثار استياءهم الفوري كان استخدام الرئيس الأميركي مصطلح «الخليج العربي».

تقول مجلة «تايم» الأميركية أن «الكلمتين اللتين استخدمهما ترامب أثارتا غضب الإيرانيين على اختلاف انتماءاتهم، متديّنين كانوا أو ليبراليين، موالين للنظام أو معارضين له، قوميين أو ثوريين، لأن أيّا منهم لا يمكنه هضم تسمية اللسان المائي الذي يفصل إيران عن جيرانها العرب بأي اسم آخر غير الخليج الفارسي». وتضيف أنه «بعد دقائق فقط من الخطاب، بث التلفزيون الإيراني الرسمي شريط أخبار يشير إلى تسمية الخليج العربي التي أطلقها ترامب وإلى وصفه الإيرانيين بالأمة الإرهابية. وركزت وكالات الأنباء الحكومية وشبه الحكومية والمواقع الإلكترونية والصحف جميعها على هذه الإهانة المزدوجة».

ولم يتأخر الرئيس الإيراني روحاني في كلمة متلفزة في السخرية من «ضعف معلومات ترامب الجغرافية»، فيما زار ملايين الإيرانيين حسابه الرسمي على «إنستغرام» للتعبير عن غضبهم.

بالطبع، لا يتعلق الأمر بخلاف على التسمية، بل بمحاولة إيران إكساب الاسم القديم للخليج جسداً لم يعد له، عندما يتحدث مسؤولوها عن استعادة مجد «فارس» وكيف تتوسع «الإمبراطورية» لتشمل العراق وسورية ولبنان.

وأذكر أنه في عام 1987، تلقت صحيفة عربية مرموقة في بيروت رسالة وقحة من السفارة الإيرانية تجرأت فيها على دعوتها إلى استخدام مصطلح «الخليج الفارسي» بدلاً من الخليج العربي، وأرفقت طلبها بخرائط قديمة يونانية وفارسية، تعود إلى حقب تاريخية كان العرب خلالها أحد الشعوب المستباحة. وكان لبنان في تلك الفترة يتحول تدريجاً مرتعاً وساحة للاستخبارات الإيرانية وجهازها الجديد «حزب الله»، بموافقة نظام حافظ الأسد، وكانت عمليات خطف الأجانب التي يقوم بها العملاء الإيرانيون تحت مسميات مختلفة، في أوجها. وجاء رد فعل السفارة على عدم استجابة الصحيفة طلبها الغريب والمستهجن، زيارات قام بها شبان ملتحون يتحدثون بعربية ركيكة إلى مبنى الصحيفة وسؤالهم عن بعض العاملين فيها.

مشكلة إيران تكمن في عنصريتها التي تلبس اليوم قناع «الثورة الإسلامية»، وتظهر جلية في سعيها إلى تعميم نموذج الحكم فيها على دول المنطقة، وفي رفضها الإقرار بأن التاريخ الذي انقضى لن يعود، وأن الإمبراطوريات تظهر وتزدهر ثم تزول، وأن الوقائع أقوى من الخرافات، والحاضر أقوى من الماضي. وكثيرون يعرفون مدى صفاقة الإيرانيين وصلفهم منذ قيام جمهوريتهم الإسلامية، عندما يتعلق الأمر بالسيادة على الخليج العربي، وهم لم يتورّعوا عن احتلال جزر إماراتية ثلاث بحجة التاريخ نفسه.

والذين ينبرون اليوم لتحذير الولايات المتحدة من توتير العلاقة مع ايران، إنما يتجاهلون قصداً الحقائق الراسخة عن سلوكها، ولا يفعلون سوى الدفاع عن صفقات وعقود محتملة مع طهران.

ونسأل بدورنا: لماذا لا يشمل «التوتر» الذي يتحدثون عنه ما يحصل في المنطقة العربية، وكيف يشذ عنه التدخل الإيراني في العراق وسيطرة طهران الواسعة على القرار السياسي والعسكري في بغداد، وكذلك التدخل العسكري الإيراني في سورية وإرسال ميليشيات طهران المذهبية للدفاع عن نظام الأسد المتهاوي، وأيضاً إمساك ربيبها «حزب الله» بالوضع في لبنان وتشكيله دولة داخل الدولة أقوى منها وتديرها؟ وماذا يُسمى ما تفعله إيران في اليمن، من تسليح وتدريب لأطراف مذهبية بهدف تفكيك وحدته وتهديد جيرانه؟ أليس هذا توتراً وحرباً واعتداءً وانتهاكاً للحدود والكيانات، يستحق رداً؟

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٧
إيران وسورية مولدتا الإرهاب

عدد كبير من الناس في الغرب مقتنع بأن التهديد الأساسي الآتي من سورية ومنطقة الشرق الأوسط هو من «داعش». لكن قناعات هذه الغالبية تنبع من لا مبالاة أو عدم اهتمام بالتطورات وبما يحصل في الشرق الأوسط بسبب هيمنة «الحرس الثوري» الإيراني ووحشية نظام بشار الأسد التي أدت إلى إنشاء «داعش». الغريب أنك عندما تتحدث مع الرجل العادي في أوروبا تجد أن هناك نوعاً من خلط التراث الثقافي الإيراني الفارسي القديم بالنظام الكارثي الحالي مع خامنئي وجنراله الشهير قاسم سليماني الذي يتجول بين سورية والعراق ولبنان كأنه في بلده لإعطاء التوجيهات العسكرية والمكافآت عند اللزوم.

استطاع بشار الأسد أن يقنع بعض السذج في الغرب بأنه المدافع عن مسيحيي الشرق، إذ إنه يحميهم وأن لا علاقة له بظهور «داعش»، وأن حليفته إيران هي دولة ذات نفوذ واسع وذات تاريخ وثقافة عريقة كأن خامنئي و «حرسه الثوري» لا علاقة لهما بثقافة حافظ وبالشاهنامة. فهذه الصورة المشوهة في الغرب مردها إلى عدم اهتمام الخارج في الغرب بما كان وما زال يحدث في البلد ذاته منذ قرون وعائلة الأسد الأب والابن تحكم سورية. فالمجازر والقتل والتعذيب التي كان يتعرض لها أي مواطن سوري يعارض النظام كانت نموذجاً عن نهج «داعش» الذي هو نسخة عن مخابرات النظام التي يعرفها لبنان واللبنانيون المستقلون والوطنيون الأحرار. فقبل القتل الذي تعرض له الشعب السوري منذ بدأت التظاهرات في درعا، كان لبنان الاختبار الأول للأسد الأب ثم الابن حيث كانت تصفية المعارضين أو خطفهم وتعذيبهم الطريقة السهلة للهيمنة والبقاء بالتخويف. أما إيران التي أصبحت الآن تسيطر في العراق عبر الميليشيات الشيعية وفي سورية بفضل قواتها العسكرية ووكيلها «حزب الله»، فهي أيضاً أصبحت في نظر الرأي العام الغربي الدولة الكبرى التي لها تاريخ عريق مستقر، وأن لا علاقة لها بوحشية «داعش». فهذه التقويمات المغلوطة سببها عدم اهتمام المواطن العادي في الغرب بما يحدث في البلدين من انتهاكات واعتقالات وتعذيب وجرائم. فصحيح أن إيران سوق كبيرة تهم أوروبا التي لم تحصل إلا على القليل من دول الخليج، ولكن هل نسيت أوروبا وبالتحديد باريس العمليات الإرهابية التي استهدفت قواتها في لبنان ومن كان وراءها؟ إن ما يحصل حالياً في العراق ومساعدة إيران في طرد مقاتلي «البيشميركة من كركوك هدفهما الاستقواء على نظام العبادي الضعيف الذي أضعفته خطوة بارزاني بتنظيم الاستفتاء. وبارزاني كان حذّر الرئيس السابق هولاند من خطوات تعتزم إيران أن تقوم بها في العراق لإنشاء طريق يربط بغداد ودمشق وبيروت كي لا يكون أي عائق لتمرير كل الأسلحة وما يحتاجه «حزب الله» على الأرض في لبنان وسورية. فهذه الأنظمة الديكتاتورية نجحت في فرض فكرة أنها ضامنة الأمن والاستقرار، في حين أنها ضامنة الكوارث والخراب. ومنذ جاء الخميني إلى الحكم في إيران عام ١٩٧٩، زادت الطائفية والتشنج وعدم الاستقرار في المنطقة. ولا شك في أن بارزاني أخطأ التقدير في تنظيم الاستفتاء، لكنه على حق في أن إيران تريد تأمين الطريق من العراق إلى دمشق ولبنان.

ومع كل المآخذ على شخصية ترامب وكل ما يصدر عنه من تصريحات غريبة، فهو على حق بالنسبة إلى كل ما تقوم به إيران والملف النووي ليس وحده الأهم، بل إن سياسة إيران في المنطقة هي أيضاً على المحك والكل مستعجل للعمل مع بلد غني ومسايرة إيران التي ليست بعيدة من «داعش» وممارسته في العراق ولا في سورية ولا في لبنان. فالمطلوب تصويب الصورة لأن تاريخ إيران وسورية وثقافتاهما لا علاقة لهما بالأنظمة الحاكمة فيهما اليوم.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٧
عن عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم

في مناوشات متكررة مع منظمة الأمم المتحدة، أصرّ وزير الخارجية اللبناني على إسقاط نعت «الطوعية» المضاف، عرفاً، الى «الآمنة» لدى الحديث عن عودة السوريين الذين هجّروا من بلادهم أو فرّوا منها. لم يحدّد الجهة التي تقرر متى تكون العودة آمنة، ولم نعرف منه كيف تتحقّق العودة إن كانت غير طوعية، أي قسرية.

غير أنه، وفي المدة الأخيرة، أكّد تكراراً أن مناطق واسعة في سورية باتت آمنة وأن العودة اليها ممكنة بل ضرورية. لكنه تجاهل الإقرار بأن إعادة السوريين القسرية ليست في متناوله، وأنها انتهاك لأبسط الحقوق الإنسانية.

زاد تشديده على العودة بعدما غيّر التدخل الروسي موازين القوى العسكرية في سورية، وأطلق عملية آستانا التفاوضية والمقتصرة على خفض التصعيد في مناطق محددة. ومال أصدقاؤه وبعض أنصار النظام السوري اللبنانيين الى اعتبار تلك المناطق، المحدودة العدد والحجم، بمثابة مناطق آمنة. وأسرعوا في دعوة لبنان الرسمي الى التفاوض مع النظام السوري في شأن عودة اللاجئين الى ديارهم. غير أن أحدهم لم يشر، لا تصريحاً ولا تلميحاً، الى استعداد حكّام دمشق لاستقبال من اضطروا للجوء الى لبنان في المناطق التي باتوا يسيطرون عليها مع حلفائهم.

أكثر من ذلك، لفّ الصمت اللبناني ما يعرفه السوريون، وسواهم من المعنيين، عن انعدام الرغبة لدى النظام في مجرد البحث الجاد في هذه المسألة.

وحين بادر وزير الخارجية اللبناني الى لقاء نظيره السوري، وضع اجتماعهما تحت علامة سعيه من أجل عودة السوريين الذين لجأوا الى لبنان، بخلاف منتقديه المتهمين بأنهم لا يريدون تلك العودة. لم يقل كلمة واحدة تعوّض عن صمت زميله أو تشي باتفاقهما على متابعة القضية التي تشغله.

كل ذلك يعني أن العودة مؤجلة مهما علت أصوات مستعجليها. ونجدنا أمام اصطناع توقعات لدى المتذمرين من ثقل الوجود السوري. ويبدو لنا أن هذا الاصطناع يؤول الى استثمار مزدوج، في العمل على التقرّب من النظام السوري بحجة تيسير العودة وفي توظيف المشاعر الحادة، بعد تأجيجها، والمخاوف، بعد تضخيمها، في حسابات السياسة المحلية. لكنه، ككل اصطناع، يجر الخيبة والمرارة ويزيد احتمالات الجنوح الى العنف.

صحيح أن لبنان يواجه مشكلات نتيجة اللجوء السوري لا مجال لإنكارها، وأن السياسات الوطنية والدولية قاصرة في معالجتها. لكنه صحيح أيضاً أن تعبئة اللبنانيين ضد السوريين، وتوسّل المبالغات في تعدادهم ووصف أحوالهم وإنزال العقوبات الجماعية بهم وتحويل المطالبة بعودتهم الى ما يشبه الدعوة الى ترحيلهم، سلوكيات غير أخلاقية تنذر بأخطار كبيرة. وهي لا تيسّر العودة الآمنة بل تلحق الأذى الكبير، المادي والمعنوي، باللبنانيين والسوريين معاً.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٧
أوهام الرهان على إعادة الإعمار في سورية

باتت معركة إعادة الإعمار في سورية آخر المعارك الكبرى المنتظرة في الصراع السوري المعقّد، وهي المعركة التي تتكثّف فيها رهانات الأطراف المختلفة، وتشكّل الاختبار الحقيقي لإراداتهم السياسية ورؤاهم الجيوسياسية بعد أن جرى توضيب عناصر الصراع الأخرى بطرق مختلفة، تفاوضية وتهادنية، بما يتناسب ومقاربة الأطراف الفاعلة ميدانياً، روسيا، وإيران بدرجة أقل.

في مقابل ذلك، تنازل الغرب والعرب عن متابعة تفاصيل الصراع وطرق تسويته وعملية إخراجه النهائية، وفضلوا عدم مزاحمة روسيا بالحل، ربما لقناعة هذه الأطراف أن أي محاولة للصدام مع روسيا سياسياً وعسكرياً لن يكون لها جدوى بعد ان حقّقت الاخيرة سيطرة شاملة في سورية، حتى أميركا الطرف الغربي الأكثر انخراطاً في الصراع اقتصر اهتمامها على جزئيات محدّدة ومناطق ترتبط بأمن حلفائها في المنطقة.

يتركز الرهان الغربي- العربي على أن روسيا، الطامحة ليس فقط إلى اعتراف هؤلاء بها قوة أساسية في سورية، بل والإفادة من عملية إعادة الإعمار مالياً عبر شركاتها التي ستتولى جزءاً من تنفيذ العملية، ستضطر إلى تقديم تنازلات سياسية تقترب خلالها مع مقاربتهم التي تدعو إلى تصميم عملية سياسية تلحظ مشاركة المعارضة في الترتيبات السورية القادمة وإعادة صياغة نظام الحكم بطريقة جديدة تؤدي إلى تعديل الحياة السياسية في سورية وأن لا تتم إعادة إنتاج نظام الحكم القديم، وهو ما تحاول روسيا الالتفاف عليه عبر تعديلات دستورية محددة تبقي على هيكل نظام الحكم مع خفض صلاحيات رأسه.

وانطلاقاً من حقيقة أن روسيا هي صاحبة الدور الأكثر تأثيراً في سورية، فإن التقديرات يجب أن تنطلق من معرفة الأولويات الروسية وحساباتها للربح والخسارة، وقراءة المعطيات بشكل واقعي وليس عاطفي ورغبوي لصياغة موقف سليم من قضية الإعمار في سورية وموقف روسيا منها.

لا تشكل عملية إعادة الإعمار بحد ذاتها أولوية روسيّة، لا شك في أن روسيا ترغب في إنجاز مهتمها السورية بنحو أفضل وترغب أن يشار إليها على أنها نجحت في إنهاء الحرب وتحقيق السلام وإعادة إعمار البلد، وهي ما انفكت تتباهى بإعمارها غروزني. لكن ذلك، على أهميته، لا يشكل أولوية مطلقة، على الأقل في الوقت الراهن والمدى المنظور، وترى روسيا أن إعادة الإعمار فرصة لمكاسب سياسية واقتصادية ما دامت روسيا قد ربحت من مختلف مراحل الحرب، ويكفي التذكير بأنها في مرحلة القتال كسبت عقود بيع سلاح كثيرة، وفي مرحلة التفاوض على السلم أصبحت مركز الاهتمام لدول الشرق الأوسط، وهي تريد استثمار كل مرحلة إلى أقصاها، ومرحلة إعادة الإعمار لا زالت تنطوي على فرص كثيرة يستلزم استثمارها. بالإضافة إلى لذلك، لم يمر وقت طويل على عودة روسيا إلى الفاعلية الدولية وقد وفرت لها الساحة السورية هذه الفرصة، وبالتالي فهي لا تزال في طور اختبار الممكنات والفرص التي تتولد عن هذا الوضع بعد غياب دام عقوداً.

في سبيل ذلك، سوف تناور ورسيا في هذه المرحلة في مواجهة الغرب والعرب، وسوف تطرح إجراءاتها باعتبارها تنازلات أو مقدمات للحل في سورية، مع إيصال رسالة بأن هذه الإجراءات ستكون مفتوحة على آفاق كثيرة شرط عدم مطالبتها بضمانات خطية ولا استعجال بهذه الإجراءات. الاستعجال المطلوب هو الانفتاح على الأفكار الروسية والتعامل الإيجابي لها لأن ذلك سيشكل المفتاح لفتح الآفاق المرغوبة.

على الأرض ستحاول روسيا إثبات أن إعادة الإعمار مصلحة غربية وعربية أكثر منها روسية سورية، فهي عدا عن كونها ستجعل هؤلاء شركاء في صنع مسارات الأمور في المنطقة، فإنها بلا شك ستفيدهم اقتصادياً، كما أن الغرب والعرب، على السواء، الذين لا يريدون وقوع سورية تحت سيطرة إيران، عليهم ترجمة ذلك في مشروع إعادة الإعمار وبإجراءات عملانية تؤدي إلى تقوية مواقعهم وتقوية الدولة السورية وليس فقط عبر الضغط على روسيا لتحجيم نفوذ إيران والذي يبدو أنه طلب غير واقعي في هذه الظروف.

غير أن المناورة الأكبر والتي بدأت روسيا بالقيام بها، تتمثل في إيصال رسالة إلى الغرب والعرب أن لديها بدائل عن مساهمتهم في هذا المجال، وهذه البدائل تتمثل في شركاتها وشركات إيران والصين. صحيح أن العملية ستتأخر نظراً لنقص حجم التمويلات وستنطوي على مشكلات فنية لكنها في النهاية ستنجز.

من جهة أخرى بدأت روسيا السماح لبعض المناطق التي عقدت مصالحات بإدخال مواد البناء لترميمها ما يعني أن جزءاً من العملية سيضطر السوريين إلى القيام به وإنجازه كيفما اتفق ليستطيعوا ممارسة حياتهم ولو بحدودها الدنيا، وهو شكل تلفيقي لإعادة الإعمار.

في ظل هذه الوقائع، بالإضافة إلى ظهور مؤشرات عن تسابق الشركات وبعض رجال الأعمال في المنطقة على الفوز بحصة من كعكة إعادة الإعمار، الخوف أن لا تجد روسيا نفسها مضطرة لتقديم تنازلات جوهرية في الحل السياسي المرتقب بما يؤدي إلى تبخر الرهانات على عملية إعادة الإعمار لإعادة التوازن المفقود في سورية.

 

اقرأ المزيد
١٨ أكتوبر ٢٠١٧
دعه يمر أم يعمل؟... إيران النووية وتصريحات ترمب النارية

رغم كل ما بذله الرئيس الإيراني روحاني في تلميع صورة إيران الخارجية؛ فإن هذا التداخل الإقليمي المعقد لقضايا المنطقة التي تفككت جيوسياسياً على أنقاض الربيع العربي، وسمح ذلك بأن يطالها العبث الإيراني طولاً وعرضاً، بعد أن قامت إدارة أوباما بأكثر القرارات براغماتية على مبدأ «دعه يمر دعه يعمل»، ليتحول إلى «دعه يعبث» أيضاً، فبلغ السلوك الإيراني مداه في التدخل السافر في العراق وسوريا واليمن ولبنان وأفريقيا.

اليوم الإدارة الأميركية الجديدة تعمل بطريقة مغايرة، فهي رأت ابتداء أن الالتزام بالسلوك السياسي هو المعيار الوحيد لتقييم الالتزام بالاتفاق النووي، ولا يمكن الفصل بين أن تمر طهران إلى مربع الاعتدال دون أن تعمل بشكل مضن لإثبات ذلك، بما يضمن مصالح الأمن القومي الأميركي بالدرجة الأولى، ومن ضمنها حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

الكونغرس اليوم أمام اختبار بعد أن رمى الرئيس الأميركي ترمب الكرة في ملعبه بتصريحاته النارية، التي يبدو أن ردة الفعل الإيرانية لم تنظر إليها بجدية كبيرة بسبب إدراكها للصعوبات التشريعية وآلياتها في أميركا فيما يخص فرض العقوبات؛ فإعادة النظر في التعاملات مع القطاعات المالية وتوجيه ضربة اقتصادية كبيرة لإيران لا يبدوان محتملين مع التعنت والتململ الأوروبي قدر أنه محاولة لضبط السلوك الإيراني عبر التلويح بنقض الاتفاق برمته.

الأكيد أن نظام طهران يعي تلك الصعوبات، إضافة إلى كونه سيلعب على طرح كارت المظلومية السياسية، والاستعداء ضد إدارة ترمب، واستغلال الثغرات الكبيرة في الموقف الأوروبي القائم على الشره والانفتاح غير المسبوق باتجاه السوق الإيرانية.

كان خطاب الرئيس الأميركي ترمب ذكياً بتكثيف نقده للحرس الثوري الذراع الإيرانية للفوضى في المنطقة، وأحد أهم مفاعلات الإمداد الآيديولوجي والعقائدي والتدريبي لـ«حزب الله» في لبنان و«أنصار الله» في اليمن (الحوثيين)، وحتى الميليشيات العسكرية المتشددة في العراق، ومجموعات المعارضات للإسلام السياسي الشيعي في الخليج ودول العالم، وتفكيك بنية اقتصاد الحرس الثوري، وإيقاف الشركات التابعة له، رغم صعوبة تصور ذلك، سيلقي بظلاله على امتداد إيران في الخارج، وإعادة تنشيط حالة التململ في الداخل الإيراني، وتقوية الفئات المعتدلة في الشارع الإيراني والرافضين لسلوك الملالي، وإن كانوا يشكلون أقلية ليس لها ذلك التأثير، كما هو الحال في معارضات الخارج التي لا تزال لا تشكل قوة ضاغطة.

ويمكن القول إنه على رغم الأصداء اللامبالية تماماً لخطاب ترمب المهدد لإيران ولوضعية الاتفاق النووي؛ فإنه إيذان جديد بمرحلة انتقالية تعبر عن إعلان وفاة لسياسة أوباما القائمة على الفصل بين ملف الاتفاق النووي والسلوك الإيراني في المنطقة بدعم الميليشيات وتصدير السلاح والتدخل السيادي في سوريا ولبنان واليمن، لكن ذلك لن يؤتي ثماره قبل تصنيف «الحرس الثوري» كمنظمة إرهابية، في حين يصفه وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بأنه «مصدر فخر لإيران».

الإدارة الإيرانية سبقت أي تهديد للحرس الثوري بإطلاق جملة من التصريحات لموضعته كمنظمة خلصت العالم من خطر «داعش»، في محاولة ذكية لتمرير الخطأ الكبير اليوم في النظر إلى الإرهاب الداعشي باعتباره صورة مكبرة للفوضى العنيفة، وإهمال الإرهاب السياسي المنظم الذي تمارسه الميليشيات الشيعية بإدارة الحرس الثوري، وهو جزء من إشكالية التعامل المزدوج مع ملف الإرهاب في العالم.

الإشكالية الحقيقية في إعادة ضبط ترمب لمبدأ «دعه يمر» على أساس عدم فصل السياسة عن المصالح الاقتصادية والسلوك على الأرض هي أنه متفائل، فالحرس الثوري لنظام طهران هو هويّة تعبر عن بنية النظام لا يمكن تصوره من دونه، كما هو الحال في كل الدول القائمة على نزعة الثورة وليس منطق الدولة، ومنها كوريا الشمالية التي ربما تكون نموذجاً ملهماً للسلوك الإيراني في الأيام القادمة متى ما انهار الاتفاق النووي بشكل ضعيف، ومن جانب الولايات المتحدة فقط دون الأوروبيين، وهو ما سينعكس سلباً على المنطقة، وسيعطي ذريعة للنظام الإيراني برفع مستوى التدخل، وإشعال الحروب، ومستوى حالة العسكرة لميليشياته كتعبير عن تأثيرات نقض الاتفاق عليه.

والحال أنه كما لم تكن دول الاعتدال في المنطقة، وعلى رأسها السعودية، تنظر إلى الاتفاق النووي على أنه هدية أوباما الثمينة لها، بسبب إدراكها بأن عمق الأزمة هو في السلوك الإيراني، فإن نقضه من قبل ترمب يجب ألا يعد إنجازاً تاريخياً، فما فعلته إدارة أوباما السابقة جاء في سياق رؤية سياسية نفعية تفكر في تحقيق مصالحها في المنطقة، مع ضمانة منع إيران من امتلاك السلاح النووي طيلة فترة الاتفاق المقدرة بـ15سنة وبرقابة دولية، عبر إعادة فتح أسواق إيران أمام الشركات العملاقة وما تمثله من إنعاش للاقتصاد الإيراني، وبالتالي الضغط على المحافظين والمتشددين، وهو أمر يتردد عادة في تبرير تغير الموقف الأميركي، في محاولة لتضخيم تأثيرات انتعاش الأسواق الإيرانية على خنق تيار الصقور، إلا أن المسكوت عنه هو أن الاتفاق النووي من جهة أخرى اعتراف بحجم إيران وتأثيرها في المنطقة، ورغبة أميركية حفزها تولي أوباما في التخفف من ضغط ملفات المنطقة، وتقليص حجم التدخل العسكري الأميركي إلى أقصى حدوده.

واليوم يريد ترمب نقض الاتفاق لكن بقدرة أقل على كسب تأييد أوروبي في حال تمرير القرار عبر الكونغرس، لكن تبقى الإشكالية ذاتها مع دول الخليج وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، فالمسألة لا تخص قضية الاتفاق النووي.

جوهر الأزمة هو أن اشتراطات الولايات المتحدة أقل بكثير من متطلبات حلفائها في المنطقة بضبط السلوك الإيراني بحزم، وعلى رأسها إيقاف العبث والتدخلات المعادية في دول تتمتع بسيادة كاملة، كما أن جزءاً من أزمة الدبلوماسية الأميركية والصحافة الأميركية هو التركيز على استدعاء التحالف مع المعتدلين في إيران، وهو حديث يهمل جزءاً مهماً من القصة نفسها المتمثل في أن طموحات معظم المعتدلين، لو صحت التسمية، لا يمكن لها أن تؤثر على قرار الحرس الثوري بفيالقه التي تشكل سلطة مستقلة وهويّة ثورية راسخة على مستوى الداخل والخارج.

يتطلع الأميركيون إلى الحد الأدنى السياسي، وهو القدرة على اختراق جدار الصمت السياسي بينهم وبين إيران، لكن هذا الحد الأدنى لا يكفي اللاعبين الأساسيين في المنطقة: دول الخليج والاعتدال العربي التي تملك هواجس أمنية تتصل بالتدخل الإيراني في المنطقة، وتركيا التي لا تريد أن تواجه منافساً إقليمياً معيقاً لمشروعها، في حين أن كرة الثلج بينها وبين الولايات المتحد تتضخم، في ظل عودة روسيا للمنطقة بقوة أكبر وبقدرة على بناء تحالفات وإحداث تغيير في الملفات عبر الضغوطات الجادة على حلفائها، وهو ما يعني أن القضية اليوم أكبر من «تصريحات نارية».

اقرأ المزيد
١٨ أكتوبر ٢٠١٧
ترامب يطلق استراتيجية المواجهة مع إيران في لحظة عريها العربي

مرحلة جديدة افتتحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الغاضب من سلفه باراك أوباما والساعي إلى تقويض ما أمكنه من اتفاقيات أبرمها الأخير وإدارته مع إيران. لم يستطع الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ولم يبرمه أيضا وأعاده إلى الكونغرس في خطوة تعكس انزعاجا شخصيا حيال هذه الاتفاقية وتفلت من الضغوط الداخلية الداعية إلى توقيعها، وفي جانب آخر دعوة غير مباشرة إلى الكونغرس للمبادرة من أجل فتح أبواب التعديل أو ما تصفه وزارة الخارجية الأميركية تطوير الاتفاقية لتصل إلى ضم ملف الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى صلب الاتفاق النووي، وهو ما كان مدار حديث بين وزيري الخارجية الأميركي والإيراني، ريكس تيلرسون ومحمد جواد ظريف، قبل ساعات من إعلان ترامب استراتيجيته تجاه إيران السبت الماضي.

ترامب تخفف من اتخاذ قرارات مباشرة من البيت الأبيض تجاه الاتفاق النووي ولم يصدر قرار إدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، وأحال أمر العقوبات المالية إلى الخزانة الأميركية التي أعلنت فرض إجراءات عقابية مالية على الحرس الثوري بعد إدراجه على لائحة المنظمات الإرهابية.

وهذه الخطوة تدشن مرحلة جديدة في العلاقة الأميركية-الإيرانية، تتسم باستراتيجية أميركية غايتها محاصرة نفوذ إيران في المنطقة العربية وتحجيم دورها، والضغط الاقتصادي من خلال التصويب المالي والأمني على منظمة الحرس الثوري الجهاز الأقوى في إيران بل الحاكم الفعلي أيديولوجيا وعسكريا واقتصاديا. فالحرس الثوري يتحكم بسلطات لا تقاربها أي سلطة في البلاد، إلى حد أن البعض من المتابعين للشأن الإيراني يعتبر ولي الفقيه ليس إلا الرجل الذي يلائم تطلعات الحرس وسلطته، والذي يستجيب لتوسع هذه السلطة وتمددها في السياسة والاقتصاد فضلا عن الأمن والوظيفة العسكرية، بحيث أن الجيش الإيراني، كما رئاسة الجمهورية ومجلس الشورى، كلها مؤسسات لا يبرز حضورها ولا نفوذها إلا تحت سقف سلطة الحرس الثوري الذي يحكم إيران اليوم فعليا.

الاستراتيجية الأميركية التي تهدف إلى محاصرة نفوذ إيران في المنطقة العربية، تبدأ حسب خطة ترامب من السعي إلى تعديل الاتفاق النووي إذا لم يكن من الممكن الانسحاب منه، وتعمد إلى مواجهة تستند إلى العقوبات المباشرة للحرس الثوري ولأذرعه الميليشيوية وفي مقدمتها حزب الله، إذ تستعد واشنطن لإصدار قانون جديد مشدد يهدف إلى التضييق على النشاط المالي لحزب الله ومؤسساته لن تنجو منه الدولة اللبنانية بطبيعة الحال، فضلا عن الجهات الحليفة لحزب الله في هذا البلد أو القريبة منه، وهذا مؤشر على أن الاستراتيجية الأميركية ليست في وارد التورط مجددا في مواجهات عسكرية في المنطقة بعد تجربة احتلال العراق، من دون أن تلغي احتمالات حصول حروب بالواسطة أو استخدام التفاهمات مع روسيا في المنطقة لتحقيق الأهداف التي باتت أهدافا مشتركة لمعظم الحكومات العربية والإدارة الأميركية.

ويمكن القول بأسف إن مشكلة إيران لم تعد مع بعض الحكومات، بل ثمة شرخ بنيوي على مستوى الشعوب العربية وإيران أمكن لواشنطن أن تدخل في هذا المضمار الذي يجعل من سياسة العداء لإيران سياسة تحظى بتأييد واسع على مستوى المجتمعات العربية رغم العداء الذي تحمله الشعوب العربية لأميركا، لكنه بات بعد التورط الإيراني في سوريا وفي العراق وفي غيرهما أقل بكثير من العداء لإيران، بل بات العداء العربي للسياسة الإيرانية ولدورها في المنطقة العربية، مدخلا مثاليا لإسرائيل إلى المنطقة وللدور الأميركي الذي بات يحظى بشرعية بل بات طلبا ملحا إذا كان البديل إيران.

الدور الروسي أيضا ورغم الارتكابات التي قام بها في سوريا، بات مطلبا سوريا شعبيا إذا كان بديلا عن الدور الإيراني، ولهذا تدرك روسيا أن إيران التي ساعدت في تمدد روسيا في المنطقة العربية وأن واشنطن باركت هذا النفوذ والدور المتنامي في سوريا، إلا أن استقرار النفوذ الروسي ودوامه يتطلب غطاء عربيا ليبقى ويستمر، بهذا المعنى يمكن فهم العلاقة الروسية السعودية حيث سعت روسيا، من خلال الزيارة الأخيرة للملك سلمان بن عبدالعزيز بوفد تاريخي، إلى الإشارة إلى مسلميها وأنها على علاقة متينة مع رموز المسلمين السنة، وأن الصورة الدموية التي وصلت إليهم من سوريا لا تعكس الحقيقة الكاملة، إذ ليس خافيا أن روسيا مهتمة باستقرار العلاقة الإيجابية مع البيئات الإسلامية في الدولة الروسية والجمهوريات المحيطة بها وهي بيئات سنية في غالبيتها. تدرك القيادة الروسية أن مدخلها الاستراتيجي إلى العالم العربي والإسلامي هو السعودية وليس إيران.

من هنا يمكن القول إن تشكل النظام الإقليمي العربي اليوم يقوم على مواجهة النفوذ الإيراني وتمدده في القضايا المحورية، وتأتي التطورات الفلسطينية على صعيد المصالحة بين حركتي فتح وحماس، لتظهر بوضوح تراجع الدور الإيراني بحيث لم يسبق أن شهد تطور استراتيجي على الصعيد الفلسطيني منذ ربع قرن على الأقل مثل هذه الهامشية الإيرانية بل الغياب عن مثل هذا الحدث الفلسطيني، وكشف هذا التطور الفلسطيني غيابا لا يقل أهمية هو الغياب السوري، فيما ستكون الأيام المقبلة بما تحمله من نتائج هذا الاتفاق مدخلا لتطور سياسي واستراتيجي لا يقل أهمية على صعيد العلاقات العربية الإسرائيلية ودائما كنتيجة موضوعية لمخلفات الدور الإيراني في المنطقة العربية.

الاستراتيجية الأميركية ستزيد الحصار على الدور الإيراني لكن ماذا لدى القيادة الإيرانية وأذرعها في المنطقة العربية لتقدمه في المرحلة المقبلة؟ مع انحسار الإرهاب بمعناه الجغرافي تبدو فرص استثمار إيران في تمدده تتراجع، والأزمة الكردية التي انفجرت على حدودها من جهة العراق، تحولت إلى عنصر تهديد لها لا سيما أن إيران التي كررت أنها موجودة على حدود إسرائيل من خلال حزب الله، فإن إسرائيل تقول، بطريقة غير مباشرة، إنها موجودة على حدود إيران من خلال كردستان، خاصة بعدما أعلنت أنها مؤيدة للاستفتاء على استقلال هذا الإقليم، وأبدت استعدادها لمد المزيد من يد العون له.

ترامب يطلق استراتيجية المواجهة مع إيران وأذرعها في أسوأ مرحلة من مراحل العداء لإيران على امتداد المنطقة العربية، مرحلة ستدفع إيران إلى المزيد من التنازلات للدول العظمى على حساب علاقاتها مع المنطقة العربية.

اقرأ المزيد
١٨ أكتوبر ٢٠١٧
في قتل "زهر الدين" خبايا دفن الجرائم واستثارة غرائز الطائفية

لم يختلف سيناريو مقتل ضابط نظام الأسد، "عصام زهر الدين"، عن مقتل قيادات بارزة في حزب الله اللبناني في السنوات الماضية، لكن غاية النظام أن تكون العملية الجديدة (زهر الدين)، لإيهام الناس أن مقتل ركن من أركانه على يديه، هو لخروجه عن النظام بعد أن هدد اللاجئين السوريين وحذرهم من العودة إلى الوطن.

وما مقتل النظام السوري لزهر الدين، إلا إعادة لنموذج مقتل قيادي حزب الله اللبناني، "مصطفى بدر الدين"، مع اختلاف المسببات التي استخدمها الحزب بنسب مقتله لغارة إسرائيلية في مايو/ أيار عام 2016، وسبقه مقتل في قيادي الحزب، "عماد مغنية"، قائد العمليات الدولية في "حزب الله"، في 12 شباط 2008، في دمشق ونسب قتله إلى إسرائيل.

من يعرف الكثير عن ذاك الثعبان "ايران" وأذياله، ستكون نهايته كنهاية زهر الدين وبدر الدين ومغنية، فمثل هؤلاء القادة هم وقود لإشعال الحروب ووقود لزرع الخوف في نفوس كل من يفكر بالخروج عن زوبعة تدعى ايران.

المعلومات التي يعرفها زهر الدين عن نظام الأسد وعن حزب الله، هي أكثر مما ينبغي معرفته، وقد يكون خلافاً معهما جعلت منه عبرة ليعكس النظام ردة فعله العنيفة تجاه من يقترب من الشعب، ولكن الحقيقة أن زهر الدين عرف أكثر مما ينبغي، وانتهت مهمته في الحرب السورية، ولربما حان الوقت لتصفية من تلطخت يدهم بالدماء من القادة في النظام السوري وسيتبعهم قادة في حزب الله كما سبقهم قادة كانوا في سوريا الشهر الماضي.

ولم يكن لمقتل زهر الدين، فائدة باتجاه واحد، ففي مقتله استثارة للطائفة الدرزية، التي تعتبر نفسها من الأقليات، سواء كانت مؤيدة للنظام أو معارضة له، إلا أن نزعة الانتماء ستتحرك داخلهم، في الوقت الذي تشهد السويداء حراكا رافضا لدعم الأسد و الانضمام لقواته.

وثارت آنفاً أن الكثير من الخلافات داخل النظام بعد اتفاق أستانة، وبات ينبغي على النظام أن يحاول أن يظهر نفسه بمظهر "الوديع" كي يستمر في المماطلة في اجتماعات جنيف وأستانة المقبلان، ومهما تكن النتيجة والتبعات، فإن ما بعد أستانة وجنيف المقبلين ليس كما قبلها.

اقرأ المزيد
١٧ أكتوبر ٢٠١٧
التكتل الجديد ضد طهران

الحقيقة فاجأتنا التحولات بسرعتها. فمنذ إعلان واشنطن قرارها ضد حكومة إيران، بدلت بريطانيا وألمانيا موقفهما، من الإصرار على الوفاء بالتزامات الاتفاق النووي إلى الإعلان عن تأييد مشروع ترمب بمواجهة نظام طهران في منطقة الشرق الأوسط.

ويبدو الأمر واضحاً، فالمشكلة ليست في الاتفاق على النشاط النووي بقدر ما هي في الحروب التي تديرها إيران إقليمياً. لا يعقل ترك النظام طليقاً في المنطقة ينشر الفوضى ويهدد الأنظمة، ويهيمن على العراق وسوريا ولبنان واليمن، وذلك مكافأة له على تقليص تخصيب اليورانيوم!

بريطانيا وألمانيا انتقدتا الممارسات الإيرانية، وأعلنتا انضمامهما إلى الولايات المتحدة في مواجهة سياسة طهران. موقف يفشل مسعى إيران التي حاولت وضع الاتفاق كحزمة واحدة، وفرضه على الجميع دون التمييز بين منع النشاط النووي الذي يؤهلها للتفوق العسكري، وبين ممارسات النظام الخطيرة المستفيدة من الاتفاق النووي نفسه.

ولا بد أن نعترف بأن البيت الأبيض أدار المعركة بذكاء مع حلفائه الأوروبيين الذين كانوا يرفضون تماماً التراجع عن الاتفاق، وكل ما يؤدي إلى توتر العلاقة مع طهران. لكن الرئيس دونالد ترمب وضعهم أمام خيارين؛ تصحيح الأخطاء التي صاحبت الاتفاق أو إلغائه كله، مصراً على رفض الاستمرار في الوضع السابق. وهو موقف ينسجم مع موقف الحزب الجمهوري، وبالطبع أيده أركان حكومته.

وستبدأ العجلة تدور من جديد في الضغط على نظام طهران الذي سيكون مسؤولاً عن الأزمة المقبلة التي ستلحق به، اقتصادياً وسياسياً، وذلك في حال رفض تعديل سلوكه والتوقف عن نشاطاته العسكرية والميليشياوية في المنطقة. الولايات المتحدة، والحكومات المتضامنة معها، لا تعارض حق إيران في بناء مشروعها النووي المدني، لكن تتوقع منها أن تلجم الحرس الثوري وأجهزتها الاستخبارية المنتشرة في المنطقة. عليها أن تسحب ميليشياتها، التي بناها الحرس الثوري الإيراني وقام بتربيتها، من اللاجئين المغلوبين على أمرهم، من أفغان وباكستانيين وعراقيين وغيرهم، كما طورت وظيفة ميليشيا «حزب الله»، التي حولها إلى مرتزقة تشن لها الحروب في المنطقة، وهي تجهز «أنصار الله» الحوثي في اليمن للهدف نفسه. أيضاً، قامت باستخدام شبكة بحرية لتهريب السلاح إلى مناطق القتال في اليمن وسوريا ولبنان. وقد نجحت سفن التهريب في تمويل الحرب اليمنية واستمرارها، وحاولت مد أشرعتها إلى موانئ سوريا على البحر المتوسط. ولإيران نشاطات في أفغانستان بدعم الحرب منذ الغزو الأميركي لأفغانستان بعد هجمات الحادي عشر سبتمبر (أيلول).

ما كان لإيران أن تنتشر بهذا الحجم المخيف في المنطقة لولا أن الموقعين على الاتفاق رضخوا لشروطها، ورفعوا كل العقوبات من دون تمييز أو انتقاء. وهي ما كان لها أن تتمدد في سوريا لولا أن إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، تساهلت معها خشية أن تتراجع عن توقيع الاتفاق.

التحدي سيكون في طرح مشروع جديد يعرض على طهران، رفع للعقوبات مقابل الاستمرار في الاتفاق، وإضافة التزامها بسحب كل ميليشياتها الأجنبية من مناطق القتال، والتعهد بوقف دعم ميليشياتها الحليفة المحلية، مثل الحوثي و«عصائب الحق» و«حزب الله - العراق» وغيرها.

واشنطن، من باب الضغط على طهران، قالت إنها ستعيد إحياء دعمها للمعارضة الإيرانية التي تعمل على إسقاط النظام، الذي كانت قد أوقفته إدارة أوباما، وعطلت دعم النشاطات الأكاديمية والإعلامية والسياسية الموجهة ضد طهران، وذلك إرضاء لحكومة روحاني.

وبعودة المواجهة السياسية أصبحت المعادلة الجديدة أمام نظام طهران، إما وقف الحروب وإما عودة العقوبات. ومعها سيتشكل تكتل جديد هدفه الضغط عليها وضمان تنفيذ العقوبات.

اقرأ المزيد
١٧ أكتوبر ٢٠١٧
أميركا تعيد اكتشاف إيران

أهمّ ما في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني انه يعالج موضوع إيران ككل ويضع الملف النووي في إطاره الصحيح. إنّه إطار السلوك الإيراني على الصعيديْن الدولي والإقليمي. لا يختزل الملف النووي، بأيّ شكل، مشكلة حقيقية اسمها النظام في إيران ما بعد سقوط الشاه. أي إيران التي تستثمر في كل ما من شأنه زرع حال من عدم الاستقرار في المنطقة العربية بشكل خاص، وفي كل المناطق الإسلامية بشكل عام.

لم تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق الموقع صيف العام 2015 بين إيران ومجموعة الخمسة زائدا واحدا، أي البلدان الخمسة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وألمانيا. من الواضح أن الإدارة الأميركية قررت مسايرة حلفاءها الأوروبيين. تفادى ترامب الانسحاب من الاتفاق الذي كان الوصول إليه هدفا بحدّ ذاته لإدارة باراك أوباما ولإيران نفسها. أرادت إدارة أوباما القول إنّها حققت إنجازا ما على الصعيد الخارجي.

وفرت لإيران الغطاء الذي تحتاجه كي تتابع سياستها العدوانية على كلّ صعيد، من منطلق أن لا وجود سوى لـ“الإرهاب السنّي” في الشرق الأوسط والعالم. لم تسأل إدارة أوباما يوما من أين جاء “داعش”، ومن وفّر الحاضنة لـ”داعش” ومن على شاكلته.

هناك للمرّة الأولى، منذ إعلان “الجمهورية الإسلامية” في إيران، في العام 1979، إدارة أميركية تعرف تماما ما هي إيران. هناك وصف متكامل ورصد دقيق من الرئيس الأميركي لكلّ النشاطات التي تقوم بها إيران داخل حدودها وخارجها. يمكن القول إن أميركا اكتشفت أخيرا إيران وذلك عندما ربط ترامب بين الملف النووي من جهة، وبين سلوك إيران من جهة أخرى. لم تكن المشكلة يوما في الملف النووي الإيراني. المشكلة في السلوك الإيراني بغض النظر عن هذا الملف الذي استخدمته إيران لتغطية ما تقوم به الآن، بل ما قامت به في الماضي أيضا.

لذلك ليس صدفة أن يكون ترامب فتح في خطابه كل الملفات الإيرانية بدءا باحتجاز الدبلوماسيين في السفارة الأميركية في طهران رهائن لمدة أربعمئة وأربعة وأربعين يوما ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1979.

لم تطلق الرهائن إلا بعد الانتخابات الأميركية التي تغلّب فيها رونالد ريغان على جيمي كارتر الذي وضع الأسس للتراجع الأميركي أمام العدوانية الإيرانية عندما امتنع عن الإقدام على أي خطوة جدْية ردّا على احتجاز الدبلوماسيين الأميركيين، باستثناء عملية إنقاذ فاشلة انتهت بكارثة سقوط هليكوبتر أميركية في صحراء طبس الإيرانية.

بات معروفا إلى أين أوصلت إدارة كارتر الولايات المتحدة التي لم تستطع في أي وقت الرد على الاستفزازات الأميركية، حتى في عهد ريغان الذي شهد تفجير مقرّ المارينز في بيروت يوم الثالث والعشرين من تشرين الأول – أكتوبر 1983 وقبله بأشهر قليلة تفجير السفارة الأميركية في العاصمة اللبنانية.

قتل في عملية تفجير السفارة التي كانت في منطقة عين المريسة البيروتية عدد كبير من ضباط وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. أي). على رأس هؤلاء بوب إيمز الذي كان أوّل من حذر إيران من احتمال تعرّضها لهجوم عراقي في عهد صدّام حسين (الرواية الكاملة عن تحذير إيمز للمسؤولين الإيرانيين من الهجوم العراقي في كتاب “الجاسوس الطيّب” للكاتب كاي بيرد).

لم يعد سرا بالنسبة إلى الإدارة الأميركية ما الذي فعلته إيران منذ العام 1979 وصولا إلى اعتبارها “دولة مارقة” حسب تعبير دونالد ترامب. لم يفوّت الرئيس الأميركي ذكر أي دور قامت به إيران على أي صعيد كان، وذلك لتبرير تحوّلها إلى رمز لـ“الإرهاب”. لم يتردد في الإشارة إلى التعاون بين إيران و“القاعدة”، ولم يفوت أيضا الفرصة كي يشير مرات عدة إلى الدور الذي تلعبه الميليشيات المذهبية التابعة لإيران، بما في ذلك ميليشيا “حزب الله”. أكثر من ذلك، لم يتردد في التركيز على الدور الإيراني في دعم بشّار الأسد في الحرب التي يشنّها على الشعب السوري.

من الناحية النظرية، كان خطاب ترامب خطابا شاملا وضعه له أشخاص يعرفون تماما وبالتفاصيل المملة ما هي إيران وكيف شاركت في عملية الخبر للعام 1996 التي قتل فيها عسكريون أميركيون في المملكة العربية السعودية.

ما قاله ترامب يمكن أن يصدر عن أيّ سياسي لبناني أو عربي يعرف تماما ما ارتكبته إيران في بلد مثل لبنان صار رهينة لدى “حزب الله”، خصوصا بعد انتقاله، بشكل تدريجي، من الوصاية السورية إلى الوصاية الإيرانية إثر اغتيال رفيق الحريري في شباط – فبراير من العام 2005.

لا غبار على خطاب ترامب من الناحية النظرية، خصوصا أنّه جاء نتيجة لمراجعة للسياسة الأميركية استمرّت نحو تسعة أشهر. ولكن ماذا عن الناحية العملية؟

ثمة أمور عدّة تحتاج إلى التوقّف عندها. من بين هذه الأمور عدم وضع “الحرس الثوري” الإيراني في مصاف المنظمات الإرهابية. ما الذي جعل الإدارة الأميركية تتراجع عن ذلك وتكتفي بالكلام عن عقوبات على “الحرس الثوري”.

مثل هذا السؤال لا يزال يحتاج إلى جواب، أقله إلى توضيحات ما تساعد في فهم مدى جدّية ترامب في الدخول في مواجهة مع إيران ومع مشروعها التوسّعي. ما يطمئن إلى أن الرئيس الأميركي يعي تماما ما الذي يفعله إشارته إلى ضرورة رص الصف بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

هذا الكلام يعني، بكل بساطة، أن أميركا غيّرت استراتيجيتها الشرق أوسطية ولم تعد في وارد استرضاء إيران من أجل المحافظة على الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني. بكلام أوضح، لن تنسحب أميركا من الاتفاق، لكنها لن تفصل بينه وبين سلوك إيران على الرغم من كلّ الاعتراضات الأوروبية على هذه المقاربة المختلفة كليا عن مقاربة إدارة باراك أوباما.

حسنا، قال الرئيس الأميركي ما يريد قوله. هناك اعتراضات أوروبية وروسية، وهناك اعتراضات أخرى من داخل الإدارة نفسها حيث لا وجود لحماسة لدى وزير الخارجية ركس تيلرسون لأي مواجهة من أيّ نوع مع إيران. هناك جناح في الإدارة يفضّل اعتماد التهدئة والعمل على متابعة استرضاء إيران. وهذا يدل على قوة اللوبي الإيراني في واشنطن ومدى فاعليته.

يبقى في نهاية المطاف، كيف يمكن لترامب الانتقال من التنظير إلى التنفيذ. سيعتمد الكثير على ما إذا كانت هناك خطط عسكرية لتقطيع أوصال الوجود العسكري الإيراني في المنطقة، خصوصا في منطقة الحدود السورية – العراقية.

ليس بعيدا اليوم الذي سيتبيّن فيه هل خطاب ترامب ثمرة مشاورات بين كبار العسكريين الذين يشغلون مواقع مهمّة في الإدارة مثل الجنرال هربرت مكماستر مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع جيمس ماتيس ورئيس الأركان في البيت الأبيض الجنرال جون كيلي، أم انّه مجرد تسجيل لموقف؟

المهمّ أن أميركا أعادت اكتشاف إيران ما بعد الشاه، وأظهرت أنّها تعرف تماما ما هو الدور الذي تلعبه في المنطقة. بين الانتقال من النظري إلى العملي مسافة كبيرة ليس معروفا هل إدارة ترامب على استعداد لقطعها. الأكيد أن سوريا هي أحد الأمكنة التي سيظهر فيها هل من جدّية أميركية أم لا؟

اقرأ المزيد
١٧ أكتوبر ٢٠١٧
إيران وهستيريا العقوبات

تعاملت الولايات المتحدة الاميركية لفترة طويلة مع البرامج النووية في منطقة الخليج والشرق الاوسط كمعادلة استراتيجية، بمعنى انها لا تشكل تهديدا عسكريا مباشرا عليها ولكن قد تخفض من نفوذها وسطوتها في المنطقة كدولة محورية عالميا.

هذا ما دفعها في الدرجة الاولى لاحتلال العراق، وهذا ما دفع سلاح الجو الاسرائيلي عام 1981 للقيام بغارة استهدفت مفاعل "تموز1" النووي العراقي ما عرف وقتها بعملية "أوبرا"،حيث دمر المفاعل تدميرا كاملا في اول هجوم على منشأة نووية في العالم. كما العراق، كذلك ليبيا حيث قامت بالتخلي عن برنامجها النووي بعد سلسلة من الضغوطات الدولية عليها، وكان ذلك في عهد الرئيس الاميركي جورج بوش في كانون الاول عام 2004.

وهذا ما دفع ايضاً الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني في أب 2005 الى القول "إن بلاده لا يمكن معاملتها مثل العراق أو ليبيا". وأن قرار إيران باستئناف برنامجها النووي غير قابل للإلغاء"، وذلك اثر مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبلده بتعليق نشاطاتها النووية آنذاك.

تحولت سياسة الولايات المتحدة مع الرئيس السابق باراك اوباما، حيث كانت له رؤية مختلفة في التعامل مع الدول وسياسة اميركا الخارجية، بالنسبة له أن قوة أميركا تنبع من تماسكها ونموها الداخلي وليس من علاقاتها الدولية وسطوتها الخارجية، ويمكن القول ان ولايته قد اطاحت بالكثير من الجهود الجبارة التي قامت بها الولايات المتحدة عبر عقود لتكريس نفسها كدولة عظمى.

جاء الاتفاق النووي الايراني بناءً لجهود اوباما الحثيثة، وجهوده تلك هي التي اعادت ايران الى الحظيرة الدولية، وهو الذي سمح لها وعلى امتداد ثماني سنوات ان تبسط نفوذها كدولة قوية في المنطقة من الصعب اقتلاعها لسنوات عدة.

استطاعت ايران وبدهائها ان تحقق انتصارا موصوفا بانتزاعها الاتفاق النووي، لكن هل حافظت ايران على انتصارها، وهل يستحق قرار الرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب عدم التصديق على أن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي كل هذا التهليل؟

ما كان يوجع ايران بالمبدأ هو العقوبات الاقتصادية، اذ بلغت خسائرها قبل عام 2012 160 مليار دولار من عائدات النفط، ومع رفع تلك العقوبات يمكن لطهران الوصول إلى أكثر من 100 مليار دولار من الأصول المجمدة بالخارج.

رفعت العقوبات وافرجت الولايات المتحدة عن المليارات المجمدة ولكن الاموال المفرج عنها لم تذهب لتحسين الاوضاع الاقتصادية للمواطن الايراني، بل الى تمويل اهداف ايران وهي اكمال برنامجها النووي بالتوازي مع سياستها التوسعية في المنطقة، واحتلال ما تبقى من عواصم عربية لاكمال خريطة هلالها الشيعي.

اخطأ الاوروبيون والاميركيون عندما وثقوا بإيران، ذلك ان منهجيتها قائمة على السياسة التوسعية، ولا يمكن فصل السياسة النووية الايرانية عن مخططها الاستراتيجي، هدف الثورة الاسلامية الايرانية ومنذ قيامها عام 1979 كانت محددة تجاه المنطقة التخريب، بذر الفتن، نشر الارهاب والفوضى لاحكام السيطرة عليها.

لذا هي بحاجة للوفر المادي كي يذهب للحرس الثوري شريان النظام الحيوي، واذرعها في المنطقة من حزب الله في لبنان، الحشد الشعبي في العراق، انصار الله الحوثيين في اليمن، وما تراه مناسبا لمخططاتها من مؤسسات وانظمة في الاقليم.

جاء قرار الرئيس الاميركي ترامب، ولكن هذا القرار لا يكفي لقطع اذرع الاخطبوط الايراني، لا يزال لايران هوامش كثيرة للتحرك:

اولا ان الحرس الثوري وعلى لسان وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون لن يصنف منظمة ارهابية: "ترمب سيفرض عقوبات محددة الأهداف على مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني، إلا أنه لن يصنفه منظمة إرهابية".

ثانياً يمكن لايران الاتكال على الاعضاء الآخرون في مجموعة الدول 5+1 وهذا ما حصل فعلاً وفي بيان مشترك صادر عن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون افادوا: "ما زلنا ملتزمين بالاتفاق وتطبيقه الكامل من قبل جميع الأطراف"، وهذا يدل على ان الاتفاقات الاقتصادية الاوروبية لا زالت سارية المفعول، كما ان أوروبا تعالج مشاكلها الداخلية وهي بغنى الان عن مشاكل اضافية مع طهران.

ثالثا النظام الايراني وعلى الصعيد الداخلي لا يزال قويا وهو يحكم السيطرة على مؤسساته ويأتي في هذا الاطار تعليق قائد "الحرس الثوري" محمد علي جعفري في رده على قرار ترامب الاخير ، إلى أن "يكون واثقاً من أن الحرس الثوري والحكومة ووزارة الخارجية في إيران موحّدون" و "نحن على وفاق تام"، ويكفي التذكير كيف قمعت ثورة "التحرك الاخضر" عام 2009 بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية اثر اعتراض متظاهرين على فوز احمدي نجاد انذاك وكان يتزعم المظاهرات مير حسين موسوي زعيم المعارضة، حيث قام النظام بسجن موسوي في بيته من 2009 وهو لا يزال يعيش تحت الإقامة الجبرية حتى الان، بكلام آخر اذا ما اعيد تفعيل العقوبات يستطيع "نظام الملالي" ان يصمد لسنين طويلة.

مع ذلك، يأتي قرار دونالد ترامب في مرحلة خطيرة وصعبة من تاريخ المنطقة ومن المواجهة مع ايران، وقد يكون ترامب جاد وحازم في قراره، لكن الادارات الاميركية تتبدل وتتغير، وايران ثابتة ولا تتحول عن اهدافها، يجب خلق قوة عربية توازيها قوة استراتيجيا وعسكريا كي تستطيع قطع اياديها، اي التحرك بخط موازِ لتحركها واسترداد الموقع العربي في ملفات المنطقة وبالتالي السيطرة على النفوذ الايراني.

وهو ما تقوم به المملكة العربية السعودية الآن، باستراتيجيتها الجديدة وبانفتاحها على اطراف كانوا حتى حين بعيدين عنها في السياسة، الانفتاح على الروس، استقبال اطراف عراقية معتدلة، مد اليد لاطراف ووفعاليات لبنانية من كل الاطياف، المحاولات الحثيثة لتوحيد المعارضة السورية ولحل سياسي بعيدا عن الاقتتال، وفي هذا الاطار ما جاء على لسان وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان بأن المملكة تؤيد جميع السياسات المحاربة للارهاب ومصدره واذرعه وعلى دول المنطقة جميعا ان تتوحد في مواجهه قتل الشعوب وتدمير السلم الاهلي"، هو بداية لتشكيل تحالف عربي استراتيجي موسع طال انتظاره بوجه التوسع الايراني.

على هذا التحالف ان يعمل بجهد حثيث امام المجتمع الدولي كي يضع:
اولا الحرس الثوري الايراني على قائمة الارهاب.
ثانيا محاولة عزل ايران مجددا اي اعادتها الى ما كانت عليه قبل الاتفاق النووي، وذلك عبر العمل مع المجتمع الدولي لكشف ايران وتعريتها كدولة راعية للارهاب.

نجحت ايران في انشاء مجموعات قوية موالية لها في الدول العربية بلعبها على الوتر المذهبي حينا والقضية الفلسطنية احيانا والمهمشين والمستضعفين احيانا اخرى، استطاعت ان تحمي نفسها وحدودها بدماء العرب ايضا، دماء شباب حزب الله في سوريا وشباب الحشد الشعبي في العراق والحوثيين اليمنيين، تغلغلت في النفوس والاعلام والمؤسسسات مستغلة اعتدال بعض الدول العربية كالمملكة السعودية والتهاء مصر بمشاكلها الداخلية وتفتت العراق وحرب سوريا، ولكن قد تواجه في المستقبل القريب حلفا واستراتيجية عربية قد تستطيع ان تسيطر على اطماعها التوسعية.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان