"نقطة مورك" ومستقبل التفاهم التركي الروسي بإدلب إلى أين ....؟ (تحليل)
يبدو أن العلاقة بين تركيا وروسيا "ضامني اتفاق إدلب" بدأت تأخذ منحى جديد من التصعيد غير المباشر، بدا واضحاً بالأمس في إدلب، بعد اتفاق تركيا منفردة مع واشنطن عن المنطقة الآمنة شرق الفرات، والذي عولت روسيا كثيراً على عدم حصول الاتفاق، لكنها صدمت به، هذا بالإضافة لما أفضى إليه اجتماع أستانا الأخير من عدم الاتفاق على أي ملف لمرة جديدة، وتأجيل البت في اللجنة الدستورية لاجتماع قادم.
كل ذلك دفع روسيا لنقض اتفاق وقف إطلاق النار بإدلب وتعجيل الحسم العسكري جنوبي إدلب وريف حماة من خلال المشاركة بشكل أكبر براً وجواً واستدعاء الطرف الإيراني للمشاركة أيضاَ والتقدم باتجاه مناطق لم تكن في الحسابات أصلاً، منها خان شيخون بوابة ريف إدلب وعقدة الربط مع ريف حماة.
العلاقة التركية الروسية المتوترة بدت واضحة تماماً يوم أمس، من خلال دفع تركيا برتل عسكري كبير بعد تمادي النظام وروسيا بحملتهم وتوجيهها باتجاه خان شيخون، ولكن كان الرد الروسي رغم علمها بوجهة الرتل ووجود تنسيق بإعاقة تقدمه ومنعه من الوصول لمبتغاه، واستعجال تطويق مدينة خان شيخون وفرض أمر واقع جديد.
إضافة لذلك برزت التصريحات الرسمية من الطرفين، ففي الوقت الذي وجهت تركيا ببيان وزارة الدفاع بأن استهداف الرتل يضرب بالاتفاق مع روسيا وأن الأخيرة على علم بتحركه ومع ذلك تم اعتراضه، بالتوازي مع التصريحات الروسية المتواترة عن استهداف حميميم ومؤخراً الحديث عما أسمته إيواء النقاط التركية لـ "إرهابيين".
واليوم باتت العلاقة بين الطرفين أمام اختبار أخير، يتعلق في مصير النقطة التركية التي باتت شبه محاصرة بريف حماة الشمالي شرقي مورك، وإن كانت روسيا ستجبرها على الانسحاب أو أنها ستتوصل مع تركيا لاتفاق ما يهدئ الأوضاع المتأزمة، كون ليس من مصلحة تركيا وروسيا الدخول بمعركة مباشرة سيؤثر على ملفات أخرى بين الطرفين وبالتالي بات خيار القبول بالوضع الحالي أمراً غير مستبعد.
معطيات المعركة الأخيرة والزخم الروسي والإيراني الذي دخل عليها لم يكن متوقعاً أو في الحسابات، ولكنه حصل كون الفصائل لم تستطع الصمود في وجههم، رغم صمودها في وقت سابق في تل ملح والجبين وعلى أطراف كفرنبودة والحماميات، وبدا واضحاً أن خطوط الدفاع انهارت بشكل سريع في مناطق تملك فيها مقومات كبيرة للصمود لاسميا حرش عابدين والهبيط، كما أن العمليات المضادة التي شنت لم تكن جدية بالقدر الكافي كما في الهجمات السابقة والتي كانت تحقق توازن في المعركة بين الطرفين، رغم أن الفصائل قدمت خيرة شبابها في المعركة وفق الإمكانيات.
ووفق الرؤية الحالية، فإن العناد الروسي الواضح في الحسم، قد يدفع الطرف التركي للقبول بالوضع الحالي لتجنب الدخول بمواجهة مباشرة مع روسيا غير محسوبة النتائج، وبالتالي سحب النقطة التركية بمورك، وتثبيتها مع الرتل المنتظر بـ "معرحطاط" بموقع جديد شمال خان شيخون، ولربما يتبدل موقع نقطتها في شير مغار بريف حماة الغربي، في حال أصرت روسيا على متابعة معركتها بسهل الغاب ومحور الكبينة الذي تصر على إنهائه بدعوى تهديد قاعدة "حميميم" المتواصل.
وفي حال تمكنت روسيا من فرض رؤيتها والواقع الجديد على الأرض، فإنه سيكون من الصعب لاحقاً كبح جماحها ومنع تهديدها لمناطق جديدة بإدلب، مالم يكن هناك قوة ضاغطة عليها تحقق قليلاً من التوازن العسكري، والتوصل لتفاوض ند لند يحفظ المنطقة المتبقية بإدلب، وهذا ما ستحدده الأيام القادمة، والتي قد تكون عصيبة على الجميع، مع مواصلة الصمت الدولي الكبير حيال كل مايجري من قتل وتهجير وتدمير للمنطقة واستباحتها لاحقاً.