صواريخ جديدة بيد النظام السوري
تقول تقارير صحافية إن النظام السوري تقدّم في عام 2010، أي قبيل اندلاع الثورة ضده، بطلب شراء صواريخ من نوع أس 300، وتقرَّر أن يستلمها بحلول ربيع 2014. ودار لغط كبير، في منتصف عام 2013، بشأن تسليم النظام هذه المنظومة الصاروخية الدفاعية، القادرة على صد الهجمات الجوية فوق الأراضي السورية، وإمكاناتها الكبيرة في تتبّع عدد من الأهداف، وعلى مسافات كبيرة قد تصل إلى 150 كيلومتراً، بحسب المواصفات الفنية والتعبوية المعلن عنها في صفحات الدفاع في الإنترنت.
أبدت إسرائيل تخوّفاً، وأبدت أميركا امتعاضاً، من خبرٍ أذاعه النظام بأنه على وشك استلام الدفعة الأولى من تلك الصواريخ، وكانت قوات الأسد في تلك الأيام في أحلك أوقاتها، متقوقعةً داخل دمشق، وضمن مراكز المدن، ومتخذةً وضعاً تدافع به عن نظامٍ يعتمد على أسطوله القديم من الطائرات، في محاولة صد الهجمات التي تقترب من عرشه. استجابت روسيا للقلق الغربي، وقرّرت ألا تسلم النظام تلك المنظومة لعدم حاجته إليها، فلا هي تستطيع إيقاف المتظاهرين، ولا يمكن استخدامها ضمن المجموعات العسكرية التي كانت تقاتل النظام على تخوم المدن، وعلى الطرق الرئيسية في البلاد. عاد الكلام عن تسليم الصواريخ لسورية إلى التصاعد، بعد أن ظهرت إشارات من دول في مجلس الأمن، في ذلك الوقت، عن احتمال تدخّل غربي خارجي في سورية، شبيه بالذي حصل في ليبيا، فكان رد الفعل بتصريح من بشار الأسد أن الصواريخ وصلت بالفعل.
وعدت موسكو في ذلك الوقت بالوفاء بإرسال الصواريخ، واستثمرت ذلك سياسياً، لكنها راوغت في التسليم حتى شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2013، حين صرح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن عملية التسليم قد توقفت، ولكن إذا هاجم الغرب سورية سيعرف كيف يتصرّف. خفتت لهجة التدخل الغربي المحتمل إلى أدنى درجاتها بعد ذلك، ومؤكّد أن صفقة التسليم كانت مثار بحث بين روسيا وإسرائيل وبعض دول الغرب، وتم استثمارها في تمييع موقف الدول الغربية المائع أصلاً. أما إسرائيل فقد استمرت في مهادنة النظام السوري منذ انطلاق الثورة، وصولاً إلى لحظة دخول النظام إلى الجنوب في درعا والقنيطرة قبل أشهر قليلة، فقد ظهر أن هناك تعاوناً ميدانياً وثيقاً نسّقه الروس، حتى تمكّن جيش النظام من الوصول عميقاً إلى حدود الجولان المحتل. لا يمكن القول إن تأجيل صفقة الصواريخ أو تعليقها كان ثمناً لذلك كله، ولكن من المؤكد أنه كان عاملاً مهماً أو أحد العوامل التي ساعدت في عقد كل اتفاقات المهادنة، وسهلت عملها، فإسرائيل ترغب في اختراق الأجواء السورية من دون أي عامل تعكير وتأمين قدرتها على ضرب أي جزءٍ تعتبره مصدر خطر لها على الأراضي السورية، حتى في وجود نظام صاروخي من نوع أس 300.
وهنا سؤال عن حاجة نظام الأسد الآن إلى هذا النوع من وسائط الدفاع الثقيلة والمتقدّمة، وعن إمكانية جيشه الضعيف الذي تحوّل إلى ما يشبه المليشيا في التعامل مع تلك الصواريخ، فضلاً عن استعمالها بنجاح، وعن وجود منشآت استراتيجية بحاجة لحماية بهذه المنظومة الصاروخية المتقدّمة. لقد أظهرت حادثة سقوط الطائرة الروسية ضعف التنسيق الروسي السوري، أو ربما تجاهل القوات الجوية الروسية الدفاعات السورية، وضعف الاستخدام السوري لأنظمة أقل تطوراً، وهي أس 200 التي أسقطت الطائرة الصديقة. لذلك فالنظام بحاجة ماسة إلى خبرات سيؤمّنها له الروس لاستخدام الصواريخ الجديدة، وهكذا يمكن لإسرائيل أن تطمئن إلى أن هجومها على القواعد الإيرانية لن يتوقّف، بل قد يتعطل بعض الوقت، ليتم الاتفاق على بروتوكولات تعاونٍ عسكري جديدة مع الروس. وريثما يتم تثبيت الأنظمة، سرعان ما ستعود الهجمات الإسرائيلية التي تكثفت، في الآونة الأخيرة، إلى نشاطها، من دون خوف من تدخّل أي منظومة صواريخ.