
حماقة ثنائية القطب
لا جديد بالنسبة لي فيما يتعلق بتصريح مدير المخابرات الأميركية الذي قال إن أميركا لا تريد انهيار النظام السوري، فهذه النقطة من أكثر النقاط التي بذلت شخصياً جهداً من أجل تثبيتها لدى السادة "المعارضين" منذ الشهر الأول للثورة، وكتبت عنه في دراسة مطولة في أواسط 2011 وزعت على جميع "أقطاب" "المعارضة". لا يحتاج إدراك هذا الأمر إلى مقابلة سفراء ووزراء، ولا إلى وثائق، بل يحتاج إلى عقل سياسي فحسب يدرك طبيعة النظام السوري والوضعية الخاصة لسورية وأهداف السياسة الأميركية.
كان هناك حماقة أكيدة لدى "المعارضين" الذين توقعوا تدخلاً عسكرياً أميركياً لإسقاط النظام، وصرعوا الدنيا يطالبون به. كما كان هناك حماقة أخرى مقابلة لدى أولئك الذين صرعونا أيضاً بشعار "لا للتدخل الخارجي" (وهو شعار رفع تحديداً إزاء التدخل العسكري الأميركي ولا شيء سواه)، لأن من يرفع هذا الشعار يعتقد أيضاً، وضمناً، أن هذا التدخل وارد، أو ربما أرادوا أن يثبتوا للنظام "الوطني" كم هم وطنيون.
التدخل العسكري الأميركي لإسقاط النظام السوري وهم، والأحمق من يصطنع خلافاً حول هذا الوهم، سواء المنادي به أو الرافض له. للأسف هذا الخلاف الوهمي صرعنا به هؤلاء الحمقى من الطرفين، وبنوا تشكيلات سياسية هشة استناداً إليه، لا تزال تشكل عقبة حقيقية أمام أي عمل سياسي حقيقي وجدي.
العقلاء فحسب هم أولئك الذين طالبوا وصرخوا بأنه ينبغي علينا ألا نختلف إزاء شيء هو في عداد الوهم، وهؤلاء يعدون على أصابع اليد الواحدة.