الشمال السوري ...... نحو المجهول
يخطئ من يظن أن الاتفاق الأخير الموقع بين روسيا وتركيا في "سوتشي" بشأن إدلب، قد أنهى حلم النظام في السيطرة على الشمال السوري، فالمطلع على بنود الاتفاق الموقع يجد أن الشمال السوري أصبح في خطر أكبر من السابق فالدول الغربية تراقب بشكل محموم تنفيذ بنود هذا الاتفاق وتستعجل في تطبيقه لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا، وإنهاء معاناة الشعب السوري كما يدعون.
تدخل الثورة السورية عامها الثامن دون أي بصيص للأمل في انفراج الوضع الحالي ومع مرور الأيام يزداد الخناق بشكل أكبر على هذه المنطقة حيث أعلنت البارحة كل من بريطانيا والولايات المتحدة عن إيقاف المساعدات المقدمة عن طريق منظماتها بالدخول من معبر باب الهوى الشريان الأساسي للشمال السوري، وتحويل هذه الدعم للدخول باتجاه منطقة باب السلامة في مدينة إعزاز وللعلم فإن هذا القرار لم يكن وليد اللحظة بل كان يخطط له منذ عدة أشهر وذلك عقب سيطرة تحرير الشام على معبر باب الهوى وفرض سيطرتها على مناطق من الشمال السوري.
"تحرير الشام" لمصنفة على قوائم الإرهاب دولياً، لم تكن يوما تنظر إلى الشعب السوري أكثر من مجرد رعاع وعوام تقوم بتحريكهم وفق ما تريد، لتحقيق مصالحها وأجنداتها، غلبت مراراً منهجها على حساب دماء وتضحيات هذا الشعب وحرفت البندقة لقتل فصائل الثورة واعتقال نشطائها في سجونها، وتملكت القطاع المدني معتبرة نفسها الوصي الوحيد على هذا الشعب.
وإضافة للتضييق والاعتقالات، لايخفى ماقامت به من عمليات اغتيال وتصفية وخطف، هذا عدا عن التضييق الممارس حتى اليوم على المنظمات الإنسانية والتي تفرض علي كل من يعمل لتقديم المساعدة للمدنيين حصة خاصة بها كأتاوة، ولأنها تسيطر على معبر باب الهوى تم تصنيف واردات المعبر أنها تذهب لتمويل جماعات متطرفة ويجب تجفيف منابع الإرهاب كما يسميها البعض.
قد تعلو العديد من الأصوات اليوم لتقول أن المعبر هو معبر مدني ومستقل وبعيد عن العسكرة متجاهلا الخلايا الأمنية التي تنتشر بكثافة ضمن المعبر ومتجاهلا أيضا مكتب المتابعة التابع لتحرير الشام والذي يتبع بشكل غير مباشر لمكتب المنظمات في الهيئة والذي يصادر بنسب تتراوح بين 20% و40% من واردات المنظمات الى الداخل السوري والذي يديره قيادي من تحرير الشام يدعى "أبو عبد العزيز" مع العلم أن هذا الشخص تم ارساله الى تركيا عبر بطاقة تاجر ليفتتح أعمال تجارية هناك ويقوم بإدارة الأمور المالية لتحرير الشام ومراقبة المنظمات التابعة لهم والمنظمات الأخرى كما تم تجنيد العديد من مدراء المنظمات في الداخل السوري لصالح تحرير الشام لتنفيذ المهمات المطلوبة منهم.
وفي مقام آخر يعمل البعض على تسويق "حكومة الإنقاذ" (الذراع المدني لتحرير الشام) على أنها منفصلة بشكل كامل عن الهيئة متناسين العديد من الشخصيات التي تتبع لتحرير الشام حيث يوجد لكل مسؤول في وزارات الإنقاذ موظف أو عنصر تابع لتحرير الشام لمراقبة القرارات التي يتم اتخاذها وفي مقدمتهم "محمد الشيخ" رئيس الحكومة السابق والذي لا يستطيع توقيع أي قرار دون وجود ورقة معلقة خلف القرار بالقبول والرفض من أحد قياديي تحرير الشام (محمد الأحمد أبو طه) والذي يشغل منصب وزير الاقتصاد بالحكومة وسيضم اليه قريبا وزارة الزراعة وغيرهم كثر كالمدعو أبو أسامة 30 والذي يشغل منصبا وزاريا في حكومة الإنقاذ (وزارة الإدارة المحلية) وهو من القادة العسكريين لهيئة تحرير الشام والذي هدد في إحدى المرات أن من يمتنع عن تسديد الضرائب من المدنيين سيتم اعتقاله من قبل تحرير الشام.
والبعض الآخر يقول أن تحرير الشام ليس لها أي تدخل في أي نشاط مدني وعملها يقتصر على الجبهات العسكرية ونقول لهؤلاء كلامهم صحيح فهم متواجدين على جبهات التنقيب عن الاثار وجبهات بيع المعامل وسرقات المخيمات الحدودية وجبهات الاغتيالات والخطف والاتاوات وما بيع أحد المعامل في ريف حلب من قبل قيادي في تحرير الشام ببعيد.
سيتشدق الكثيرين بمقولة أن |إنهاء تحرير الشام هو إنهاء للثورة السورية والجواب هنا هل خروجنا في عام 2011 كان برعاية النصرة او تحرير الشام ... ؟، وهل كانت قيادات تحرير الشام تقود المظاهرات والحراك السلمي ...؟، وفي الطرف الآخر هل من انسحب من مناطق ريف حلب وريف إدلب ومناطق شرق السكة ومدينة حلب هم الشعب أم تحرير الشام ....؟
وهل لاحظ الجميع أن أغلب الانسحابات والخروج بالباصات كانت تحرير الشام في مقدمة المنسحبين والخارجين فمن لا يعلم فعليه بالسؤال أكثر.
أخيرا وبعد إيقاف المساعدات الأمريكية والبريطانية من الدخول من باب الهوى هل تجرؤ تحرير الشام أن تصدر بيانات على عدم تدخلها بالحياة المدنية وإنها منفصلة عنه بشكل كامل ولحكومة الإنقاذ هل تستطيعين تبرئة نفسك بالأدلة الدامغة عن عدم تبعيتك لتحرير الشام وان معبر باب الهوى مستقل عن العسكرة ويقاد من قبلكم ... ؟
الأيام تمضي كدقائق مسرعة والسرطان الذي ينهش المناطق المحررة يجب أن ينتهي بشكل عاجل وليعلم الشعب السوري في المناطق المحررة إن لم ينهي هذا الورم الخبيث والدخيل على جسد الثورة السورية فسيستأصل من أمم الأرض كافة كما استأصل مع الشعب في مناطق أخرى ولنا في الرقة والموصل مثال ليس ببعيد.