"الجولاني" ينقلب على رفقاء "البغي" ويقدمهم قرباناً لتمكين اعتداله دولياً
بدأ "الجولاني" صاحب الشخصية "البراغماتية المتحولة" منذ أكثر من عام بالانقلاب على أبرز أصحابه ورفقاء دربه في "البغي والتمكين"، على حساب أبناء الثورة السورية ومناطقهم وفصائل الثورة جميع، وهو يتخلى عنهم واحداً تلو الآخر بعد أن استثمرهم في تحقيق أجندته، ويقدمهم قرباناً لتمكين اعتداله دولياً.
يقوم الجولاني بتصفية المتشددين والمهاجرين والرافضين للسياسات الدولية المتغيرة لاسيما شمالي سوريا، لينال الرضا والقبول، ويكمل تنفيذ المهمة الموكلة إليه غربياً بإنهاء ما لم تستطع كل جيوشهم وقواتهم وطائراتهم وتقنياتهم إنهائه واحداً تلو الآخر، إلا أنه بالتأكيد لن يصل لمبتغاه وسيكون كبش فداء تلك الدول الأخير، وهي غير عاجزة عنه وتترصد تحركاته ولكن تنتظر منه إتمام المهمة فحسب.
ليس ابتداءاً بـ "أبو اليقظان والمحيسني وأبو شعيب المصري وأبو العبد أشداء والأوزبكي ولا انتهاء بأبو مالك التلي" وعشرات الشخصيات القيادية التي برزت في بغيه على فصائل الثورة وتسلطها على المناطق المحررة وتصدرها باسم الحراك الشعبي، باتت في عداوة مع الجولاني بعد أن بدأ يلاحقهم ويبعدهم وكثير من قام بتصفيتهم واعتقالهم.
طيلة السنوات الماضية، أثبت "الجولاني" أن المصلحة والمنفعة الخاصة للمشروع هو هدفه وديدنه، ولم يغلب مرة مصلحة الثورة والثوار والمدنيين السوريين لمرة واحدة على مصلحته، فتخلى عن عشرات المناطق وفاوض النظام وعقد الاتفاقيات المشبوهة بصفقات سرية وعلنية، وكلها لم تكن في صالح المحرر، وصولاً لإنهاء رفقاء دربه وكل من خالف توجهه الأخير.
ولعل حالة التفكك التي تعانيها "هيئة تحرير الشام" خلال الفترة الأخيرة، والفصل بين الجناح الأمني والاقتصادي من جهة، والجناح العسكري الذي بات ضعيفاً من جهة أخرى، يشير بشكل واضح لأن الجولاني خان كل شعاراته واستخدمها لتمكين سيطرته على المناطق المحررة، بل وتسليم مساحات كبيرة من تلك المناطق دون قتل.
ساهم "الجولاني" خلال مسيرته التي وزعها بأسماء مختلفة من التشكيلات رفعت رايات مختلفة كلها باسم "الشام"، في إضعاف فصائل الثورة السورية، وإنهاء عشرات الفصائل من الجيش السوري الحر، بحجج ودعاوى زائفة منها العلمانية والتعامل مع الغرب والعمالة لتركيا، ورفع شعارات تحرير "روما والقدس والشام" تكشف لاحقاً زيف هذه الادعاءات وكيف استغلها لتضليل الشباب السوري الثائر.
كما حارب "الجولاني" أبناء الحراك الشعبي ونشطائه، واعتقل من نجا منهم من قبضة النظام وحلفائه، وقتل العشرات منهم ولايزال الكثير منهم في السجون، كما حارب الفعاليات المدنية والمنظمات الإنسانية، عبر تمكين سطوة ما سمي بالمؤسسات المدنية، وامعانها في التضييق على عملها لتحقيق المكسب المالي من لقمة عيش المدنيين.
ويواصل الجولاني عبر "هيئة تحرير الشام" التحكم في الشمال السوري المحرر، آخر رقعة باقية للمدنيين لم يتم تسليمها بعد، محتفظاً بتاريخ حافل من عمليات البغي والصفقات المشبوهة، في وقت بات واضحاً تململ الحاضنة الشعبية ورفضها لتصرفاته، إلا أن استخدام القبضة الأمنية ضدهم وتسليطها بعمليات الترهيب والاعتقال تحول دون حراكهم، ليصل الأمر لقتل من سانده ورافقه بغيه، في طريق يبدو أنه بات في آخر مراحله قبل السقوط.