إدلب ضحية لـ "صراع الجبابرة" ماقبل "أستانا" ليس كما بعده ... فماذا تغير ...؟
طرأت تطورات سريعة على المشهد العسكري في الشمال السوري خلال الأيام القليلة الماضية، مع إعلان النظام إنهاء وقف إطلاق النار بعد يوم من جولة أستانا 13، واستئناف المعارك بشكل أعنف وبمشاركة فاعلة على الأرض من روسيا وإيران، ترسم تلك التطورات خفايا اتفاق ما، لم يعلن ويبدو أنه قيد التطبيق على الأرض.
هذه التطورات السريعة أفضت لتقدم النظام بشكل سريع ومفاجئ، خالف التوقعات، رغم أن الفصائل العسكرية التي تقاتل كل هذه القوى على الأرض، صمدت لأشهر وخاضت حرب استنزاف طويلة من عناصرها وآلياتها وإمكانياتها العسكرية، وحققت توازن في الرعب والسيطرة على الأرض وكبدت النظام وروسيا خسائر كبيرة باعترافهم، خلال الحملة التي سبقت أستانا.
وخلال أيام قليلة سيطر النظام وحلفائه روسيا وإيران على الزكاة والأربعين ومن ثم بدأ التوسع باتجاه ريف إدلب ليصل الهبيط وسكيك وتلتها، ويبدوا أن القادم محاولة تطويق ريف حماة الشمالي تشمل مناطق "كفرزيتا واللطامنة ومورك"، مع الاقتراب أكثر من مدينة خان شيخون أكبر مدن ريف إدلب الجنوبي، رغم أن جميع هذه المناطق تندرج ضمن اتفاق خفض التصعيد والمنطقة منزوعة السلاح.
والملاحظ في الحملة الأخيرة بعد أستانا، تركيز القصف بشكل كبير على خطوط التماس والمناطق القريبة من خط المواجهة، وتخفيف القصف بشكل كبير على المدن والبلدات خارج حدود هذه المناطقة خلافاً لما كانت عليه قبل أستاناً والتي كانت تتسبب يومياً بسقوط الضحايا المدنيين وارتكاب المجازر التي حركت المجتمع الدولي الذي طالب بوقف الحملة، أي أن تخفيف القصف على المناطق المدنية له أبعاد سياسية تتعلق بتسكين المجتمع الدولي لحين إتمام السيطرة على مناطق بريف حماة وإدلب هي خالية من سكانها بنسبة 80%.
التساؤلات التي تطرح منذ أيام بدون إجابات واضحة من أي طرف كان سواء الضامنين أو الفصائل التي تكتفي بالمقاومة على عدة محاور، مع أنباء شبه مؤكدة عن تخفيف حجم ونوعية وكمية الأسلحة التي كانت تصل للفصائل قبل أستانا عما بعدها، وبالتالي إضعاف من قدراتها على الصمود والمقاومة.
ووفق المعطيات على الأرض، فإن توجه النظام إلى بلدة الهبيط ومن ثم منطقة كفرعين غرب خان شيخون، بالمقابل سيطرته على تل سكيك والقرية القريبة منها ومحاولته السيطرة على تل ترعى، توضح بأن النظام يسعى لرصد كل المنطقة من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، لتعزيز دفاعاته، ومن ثم الانطلاق للسيطرة على مناطق جديدة.
ووفق معلومات متداولة فإن النظام يرمي للانتقال من الهبيط باتجاه منطقة الصياد، التي تمكنه السيطرة عليها من كشف ريفي حماة وإدلب الجنوبي بما فيها خان شيخون، بالتزامن مع الضغط على محاور كفرزيتا واللطامنة التي تشكل ثقل عسكري لجيش العزة وأهمية استراتيجية بالغة لريف حماة.
ويستبعد مراقبون للتطورات العسكرية على الأرض، أن يتقدم النظام باتجاه مدينة خان شيخون، والاكتفاء برصدها نارياً من عدة محاور، كون السيطرة عليها ستحاصر بلدات ومدن ريف حماة الشمالي بشكل كامل، بما فيها النقطة التركية المتمركزة شرقي مدينة خان شيخون، وبالتالي إحدى إمرين إما انسحاب النقطة وهذا مستبعد، أو بقاء مدينتي مورك وخان شيخون خارج حسابات النظام وروسيا مع رصدها من كل الاتجاهات، مع بقاء كل الاحتمالات واردة.