"زيتون عفرين" مصدر دخل بملايين الدولارات لـ "قادة الوطني".. إتاوات تُرهق المزارع وتحرمه موسمه
تُكرر قيادات من مكونات "الجيش الوطني السوري"، في كل عام، ومع بدء مواسم جني محاصيل الزيتون في منطقة عفرين شمالي غربي حلب، سياسات التضييق ومقاسمة الفلاحين على أرزاقهم، عبر فرض القوانين والإتاوات التي تحرم جل الفلاحين من مواسمهم، في ظل استمرار التجاوزات بمختلف الوسائل بحق أهالي المنطقة من مصادر الأرزاق والاعتقال والتهديد لتحصيل الفدية، ورفد خزائنهم بملايين الدولارات سنوياً.
ضرائب بالدولار.. الدفع أو المصادرة والتضييق
تفرض بعض المجموعات ضمن فصائل من الجيش الوطني السوري، لا سيما في قطاعات "فرقة الحمزة، السلطان سليمان شاه، السلطان مراد"، وغيرها إتاوات عديدة وبأشكال مختلفة تطال محصول الزيتون، وتشير تقديرات أن فرقة "الحمزات" فرضت إتاوة الحراسة وبلغت نصف دولار عن كل شجرة زيتون سواء مثمرة أو غير مثمرة، وجمعت بنتيجتها 12 ألف دولار.
وفرضت بعض الفصائل على أصحاب الوكالات الذين ينوبون على أصحاب حقول الزيتون بعفرين إتاوة قدرها 50 % من محصول كل حقل صاحبه مقيم في مدينة حلب و25 % من محصول كل حقل صاحبه مقيم في إحدى الدول الأوروبية.
ويقدر جمع "العمشات"، 125 ألف دولار من الإتاوات المفروضة خلال موسم الزيتون على أهالي قرية مستكا وحدها بناحية الشيخ الحديد، فرضت 280 ألف دولار على قرية واحدة، وتعمل على جمعها بقوة السلاح من قبل عناصر المكتب الإقتصادي التابع لفرقة "السلطان سليمان شاه" بقيادة "سيف الجاسم" شقيق "أبو عمشة" قائد الفرقة.
وأفادت مصادر بأن قيادة فصيل "سليمان شاه"، أبلغت مواطنين من المكون الكردي بإلغاء جميع الوكالات التي صدرت عن المجلس المحلي في شيخ الحديد بخصوص حقول زيتون للمغتربين والمهجرين وأصبحت واردات المحصول للفصيل بشكل كامل.
وأصدرت تشكيلات عسكرية تتبع لـ"الجيش الوطني السوري"، تعاميم خاصة بمدينة عفرين شمالي حلب، تقضي بمنع تقاضي مبالغ من المزارعين، إلا أن هذه القرارات شكلية وغير واقعية، مع استمرار ممارسات السرقة والمحاصصة والضرائب التي تفرض على المزارعين.
وحسب بيان رسمي تزامن مع إنطلاق موسم قطاف الزيتون في منطقة عمليات "غصن الزيتون"، مؤخرا، أوعزت قيادة "الفيلق الثاني" في الجيش الوطني إلى جميع الوحدات والتشكيلات بتقديم جميع التسهيلات الأمنية على الحواجز لجني محصولهم من الزيتون ونقله بحرية تامة.
مبالغ طائلة في جيوب القادة.. كم بلغت حصة "العنصر"؟
قالت مصادر مطلعة في معلومات خصت بها شبكة "شام"، إن العديد من قادة الفصائل ورغم تحقيق مبالغ مالية طائلة تقدر بمئات آلاف الدولارات، اكتفوا بتوزيع صفيحة زيت زيتون واحدة أو مبلغ (100 دولار) لكل عنصر مقابل عملهم واستنفارهم المتواصل طيلة مراحل موسم قطاف الزيتون شمالي حلب.
وكان طالب عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي في سوريا أحمد حسن، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والمعارضة السورية بتحمل مسؤولياتهم إزاء "الانتهاكات" التي تحدث في منطقة عفرين بريف حلب، ومحاسبة المسؤولين عنها.
وقال حسن، إن مواسم الزيتون في عفرين بريف حلب "أصبحت عبئاً ومصدراً للانزعاج والاشمئزاز، نتيجة الإتاوات الضخمة والضرائب المتنوعة من قبل الفصائل العسكرية التي أرهقت كاهل المواطنين".
وأشار إلى وجود حالات اعتقال من المدنيين الأكراد، بتهمة التعامل مع إدارة حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، أكبر أحزاب "الإدارة الذاتية"، معتبراً أن ذلك "نوع من الضغوطات عليهم وتخويفهم للخروج من المنطقة، وعدم عودة الآخرين إلى قراهم وبلداتهم".بشكل سنوي تتصاعد الشكاوي حول محاولات بعض قادة الفصائل والتشكيلات والمجموعات العسكرية، من أدعياء الثورة والمتسترين بعباءة الجيش الوطني السوري، المسيئين لدماء الشهداء، مع استمرار فرض إتاوات وسرقة الأرزاق ووضع اليد على قوت المدنيين ونهب محاصيل الزيتون.
ويعزز ذلك الارتباطات والشراكات والرشاوي القائمة وعمليات الفساد والإفساد المشتركة والممنهجة، ولمكاسب شخصية، ولا يتجاوب قادة الفصائل مع دعوات الكف عن سرقة وتعفيش الزيتون رغم كشف ذلك إعلاميا ورغم التجريم القانوني لكل من يضع يده على محاصيل الزيتون وسط استمرار فرض إتاوات مع ابتكار طرق للسرقة والنهب.
"التعفير" ممنوع.. رغم سماح المزارعين!!
واشتكى عدد من العاملين في مجال قطاف الزيتون في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، من ضرائب ومحاصصة فرضتها بعض الفصائل من الجيش الوطني السوري، طالت حتى العمال البسطاء، وسط تصاعد شكاوى المزارعين التي تلقتها شبكة "شام" الإخبارية وتحدثت مع بعض السكان حول هذه التجاوزات المتكررة رغم مزاعم ووعود بالمحاسبة.
ومع اقتراب نهاية موسم قطاف الزيتون، يلجأ عدد من العمال إلى ما يعرف محلياً بـ"تعفير الزيتون"، وتتلخص هذه العملية بقيام العمال بالتقاط حبات الزيتون المتبقية في الشجر، أو المتساقطة على الأرض، بعد انتهاء صاحب الحقل من حصاد موسمه، وذلك بالاتفاق مع أصحاب الأراضي.
قال عامل يومية طلب عدم ذكر اسمه إنه عمل على جمع ما يصل إلى 70 كيلوغرام من الزيتون عبر "التعفير"، وذلك بالاتفاق مع أصحاب الأراضي الزراعية التي عمل بها خلال مراحل قطاف الزيتون، وأضاف: تفاجأت بعد نهاية عملي رفقة عدد من أطفالي بقدوم سيارة عسكرية تتبع لأحد الفصائل وقامت بمصادرة ما بحوزتي بحجة أن "التعفير ممنوع" ويحتاج إلى موافقة مسبقة.
ويقدر العامل خلال حديثه لشبكة "شام" الإخبارية، خسارته من هذه المصادرة بقيمة 100 دولار أمريكي، مشيراً إلى أنّ ما جمعه من حبات الزيتون عبر "عفارة الزيتون"، كان من الممكن أن يصل إلى صفيحة زيت زيتون، وأكد تكرار ما حدث معه حيث تفرض بعض الفصائل شروط وضرائب على العمال البسطاء علاوة على محاصصة المزارعين على "الزيتون، الزيت"، وسط فرض ضرائب إضافية بحجة حراسة الأشجار.
أرقام رسمية.. لا تتطرق للتجاوزات الممنهجة
نشر المكتب الإعلامي التابع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، قبل أيام بيانا تحت عنوان "بذور الثقة، حماية بساتين الزيتون وإعادتها إلى أصحابها في منطقة عفرين"، معتبرا أن حماية بساتين الزيتون وإعادتها إلى أصحابها في منطقة عفرين تشكل أولوية لدى الجيش الوطني السوري.
وقدر المكتب أن أول عودة لبستان زيتون إلى أصحابه في عفرين كان في 25 آب/أغسطس 2018 حسب سجلات وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، التي قالت إنها جاهزة لمشاركتها مع المؤسسات الدولية.
ومنذ عام 2018، تمت إعادة ما يقارب 187 ألف شجرة زيتون، والتي تم تحديدها وحمايتها من قبل وزارة الدفاع ضمن نطاق الحماية المؤقتة من قبل الحكومة السورية المؤقتة في عفرين، إلى أصحابها، حيث بلغت مساحة الأراضي التي أعيدت إلى أصحابها نحو 20 ألف دونم.
واختتمت بقولها يستمر أصحاب الأراضي والمنازل الذين يقيمون خارج سوريا لأسباب كالتعليم أو لأسباب اقتصادية وغيرها، في حماية منازلهم وأراضيهم والحفاظ على علاقاتهم مع وطنهم من خلال نظام الوكالة التابع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة.
شكاوى متكررة.. يقابلها الوعود ويفضحها استمرار السرقات
اشتكى مزارعون من تكرار انتهاكات وتجاوزات فصائل من الجيش الوطني، تتمثل بفرض "إتاوات مالية وعينية وإلغاء الوكالات وسرقة والاستيلاء على الزيتون، علاوة على فرض نسبة 10% من الزيت في معاصر الزيتون الموجودة في منطقة عفرين، وكذلك فرض مبلغ ثلاثة دولارات، كل شجرة زيتون بحجة حماية الموسم من السرقات.
ورغم الوعود التي تقطع سنوياً للحد من حالات فرض الإتاوات المالية والعينية وسلب وسرقة الأرزاق تتواصل هذه الممارسات، دون رقيب أو حسيب، وتعمل المكاتب الاقتصادية التابعة للفصائل على الإشراف على هذه التجاوزات، وسط حالة من الاستنفار التام طيلة فترة قطاف الزيتون، وتسيير دوريات عبر سيارات وأخرى عبر الدراجات النارية بحجة حماية الأشجار من اللصوص.
وتتحكم فصائل الجيش الوطني بموعد بدء قطاف الزيتون عبر قطاعات لتسهيل عمليات فرض الإتاوات المالية والضرائب، ولتأمين حركة بيع ما يتم فرضه عبر النسب سواء في الزيت أو الزيتون وتفرض حواجز فصائل الوطني على كل ّحمل زيتون مقطوف يمر بها شوالاً واحداً حوالي 80 كغ، على الأقل، وذلك علاوة على النسب المحددة على الشجر والزيت.
ومع حلول موعد القطاف وتجهيز معاصر الزيتون في المنطقة، اشتكى عدد من المواطنين غالبيتهم من المكون الكردي، من تزايد تسلط عناصر وفصائل من الجيش الوطني، وفق تجاوزات ممنهجة تقضي بمحاصصة السكان على عائدات الموسم الذي ينتظره المزارع سنوياً، وسط مطالب بوضع حد لهذه المظالم وعدم تدخل السلطات العسكرية بالمحصول الزراعي.
وقالت مصادر محلية بمنطقة عفرين شمالي حلب، في حديثها لشبكة "شام"، إنه في كل عام تنشر فصائل الجيش الوطني دوريات سيارة وجوالة ضمن الأراضي الزراعية مع اقتراب حلول موعد قطاف الزيتون بحجة حمايتها من السرقة، ومقابل هذه الدوريات يفرض كل فصيل ضمن قطاعه ضرائب ورسوم على المزارعين بنسب مختلفة.
ورغم كل ذلك تحدث حالات سرقة بشكل كبير، يتهم بها عناصر من الجيش الوطني، فيما تسهل حواجزه عبور هذه الكميات نحو المعاصر، وتشير مصادر محلية إلى أن حوادث السرقة تتم بشكل همجي باستعمال العصي و قص أغصان الكبيرة بشكل عشوائي لتسهيل عمليات السرقة.
ويتعامل قادة في الجيش الوطني مع تجار الزيتون، والمعاصر لتأمين إنتاج حصتهم السنوية لتسهيل عمليات القطاف والعصر ضمن شروط، وتشير تقديرات إلى أن فصائل من الجيش الوطني تحقق إيرادات بآلاف الدولارات وتقوم ببيع الزيت المنتج عبر صفقات منها إلى خارج سوريا.
وضمن نسب متغيرة سنويا، وتتفاوت بين فصيل وآخر تقول مصادر محلية إن فصائل من الجيش الوطني، تفرض ضريبة بين 3 إلى 9 دولار، على كل شجرة زيتون مثمرة وغير مثمرة ضمن الأراضي التي يتواجد أصحابها بالمنطقة، في حين تستحوذ على كامل المحصول للمزارعين المغادرين للمنطقة.
وعادةً ينتدب كل فصيل أحد القادة ومسؤول مالي عسكري للإشراف على استقبال المعاصر للزيتون، ويسجل كل ذلك ضمن بيانات تفصيلية تمهيدا للمحاصصة واستباحة موسم الزيتون وفق النسب المفروضة، وسط معلومات عن فرض بعض الفصائل نسبة 15% من محصول الزيت والزيتون كضريبة على المزارعين والفلاحين.
إلى ذلك تدخل عدة فصائل من الجيش الوطني، حالة الاستنفار التام طيلة فترة قطاف الزيتون لعدة مهام منها "القطاف، الحراسة، مراقبة تحركات المزارعين ورصد ما يتعلق بالقطاف، وتتهم الحواجز ونقاط حراسة المعاصر بفرض إتاوات مالية كبيرة.
وتصاعدت الشكاوى والاعتراضات الواردة عبر سكان منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، من تجاوزات فصائل من الجيش الوطني السوري بحقهم، في ظل تسجيل عدة حوادث سرقة للمحصول بشكل سنوي حتى قبل حلول موعد القطاف، علاوة على فرض نسب من المحصول والزيت الناتج عنه وكذلك فرض ضرائب بحجة حماية الأشجار.