جولة شام في الصحافة العربية والعالمية 19-12-2015
• أشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في افتتاحيتها إلى إصرار روسيا على بقاء بشار الأسد في السلطة لأجل غير مسمى، بينما تحاول استبعاد جماعات المعارضة من مفاوضات السلام المقترحة بزعم أنها جماعات إرهابية، وألمحت الصحيفة إلى ما اعتبرته تغيرا في الموقف الأميركي بعد لقاء وزير خارجيتها جون كيري بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل يومين عندما أصر على أن القيادة الروسية وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تنظران إلى سوريا "بنفس الطريقة في الأساس"، وقالت: يبدو لسوء الحظ أن هذا هو الحال بشكل متزايد وليس لأن بوتين غير موقفه، وهو ما اعتبرته استسلاما لروسيا.
• رأت صحيفة الغارديان البريطانية أن قرار السعودية قيادة تحالف مكون من 34 دولة إسلامية للتصدي لتنظيم "داعش" يثير الكثير من التساؤلات، موضحة أن الإعلان السعودي يأتي بعد أكثر من عام قيام التحالف بزعامة الولايات المتحدة للتصدي للتنظيم، واعتبرت الصحيفة أن السعودية أكدت على الهوية الإسلامية لتحالفها، الذي يضم دولا مثل ماليزيا وباكستان وتشاد وموريتانيا، مشيرة إلى أن الشكوك بشأن الدوافع السعودية للدعوة لهذا الائتلاف أمر مشروع، فقد تكون السعودية مهتمة في المقام الأول بإنقاذ صورتها الدولية، التي تعرضت لأضرار كبيرة جراء سجلها لحقوق الإنسان وعقود من نشر الأيديولوجية السنية المتطرفة، التي وصلت ذروتها في تنظيم "داعش" ذاته، ولفتت إلى أنه قد لا يكون من قبل الصدفة أن يأتي الإعلان السعودي قبل يوم من منح المدون السعودي رائف بدوي، الذي حكم عليه بالسجن والجلد لانتقاد السلطات الدينية في المملكة، على جائزة سخاروف لحرية الفكر، معتبرة أن البعض قد يساورهم القلق من أن يتزعم القتال ضد تنظيم "داعش" الذي ينفذ أحكام قطع الرأس ويصدر أفكارا مشكوكا بها إلى الخارج، والبعض قد يساورهم القلق أيضا من أن يعمق التحالف الجديد الحرب بالوكالة بين السعوديين والإيرانيين على النفط السوري.
• في صحيفة الديلي تلغراف البريطانية نطالع مقالا لجون بنغام، محرر الشؤون الدينية في الصحيفة، بعنوان "اللجوء الذي تمنحه بريطانيا للسوريين يستبعد المسيحيين"، وتقول الصحيفة إن الكاردنيال فينسينت نيكولس، كبير أساقفة وستمنستر وزعيم الكنيسة الكاثوليكية في انجلترا وويلز، يقول إن خطة الحكومة البريطانية منح اللجوء لعشرين ألف سوري "تمييز" ضد المسيحيين، وقال نيكولس إنه توجد مخاوف من ألا يحصل سوى عدد ضئيل من المسيحيين الذين يفرون من تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا على اللجوء في بريطانيا، وذلك لأن برنامج المعونات للاجئين السوريين يأتي بزعامة الأمم المتحدة وينفصل عن البرنامج الذي تقدمه الكنائس، والذي يندرج تحته أغلب اللاجئين المسيحيين الفارين من سوريا، وقال نيكولس إن هذا التمييز يأتي "كنتيجة غير مقصودة" لخطة الحكومة لمنح اللجوء للسورين الفارين من القتال في بلادهم، ولكنه يمثل "قلقا عميقا" للكنيسة الكاثوليكية والأرثذكسية وغيرها من الكنائس التي تعنيها المنطقة، وأعرب نيكولس عن قلقه البالغ إزاء التهديدات لوجود المسيحية كديانة وسط توقعات من أن الديانة المسيحية ستختفي من العراق في غضون خمس سنوات.
• قالت صحيفة بيلد اليومية الألمانية، إن وكالة المخابرات الخارجية الألمانية (بي.إن.دي) استأنفت تعاونها مع مخابرات نظام الأسد، لتبادل المعلومات حول "المتشددين"، رغم معارضة برلين لبقائه في الحكم، في ظل أي اتفاق سلام في سوريا، ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها، إن ضباط المخابرات الألمانية يسافرون بانتظام إلى دمشق منذ بعض الوقت، للتشاور مع نظرائهم السوريين، وقالت بيلد إن الهدف من تجديد الاتصالات مع دمشق هو تبادل المعلومات عن المتشددين، خاصة من ينتمون إلى تنظيم الدولة، وكذلك فتح قناة اتصال تفيد في حالة سقوط طيار ألماني في سوريا، وأضافت أن "بي.إن.دي" تريد أن تكون لها محطة في دمشق، وأن ترسل عملاء إلى هناك بأسرع ما يمكن، للعمل بشكل دائم، مضيفة أن الوكالة تتخذ خطوات من أجل ذلك بعلم الحكومة، وأشارت بيلد إلى أن عملاء "بي.إن.دي" يمكن أن ينتقلوا إلى السفارة الألمانية المغلقة حاليا في دمشق، وإن حكومة ميركل تريد اتخاذ قرار نهائي بشأن الأمر في بداية العام الجديد.
• صحيفة الشرق الأوسط نشرت مقالا لطارق الحميد بعنوان "سوريا.. الحل والنفط!"، سلط فيه الضوء على المؤتمر الصحافي السنوي الذي عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورأى أنه من الطبيعي أن يهتم الإعلام العربي بالشق الخاص بالأزمة السورية، إلا أنه لا يمكن تجاوز حديث بوتين عن الاقتصاد الروسي، وأسعار النفط، وميزانية 2016 المرتقبة، وأشار الكاتب إلى أن روسيا اليوم في معركة مفتوحة الجبهات، مثلها مثل إيران، إلا أن القاسم المشترك بين موسكو اليوم وطهران هو التوسع، وفتح جبهات عدة، وأوضح أنه في الحالة الروسية هناك أوكرانيا، والعقوبات الأوروبية الخاصة بهذا الملف، وهناك سوريا، والعمليات العسكرية المستمرة فيها من قبل الروس منذ أواخر شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ودون تحقيق نتائج حقيقية على الأرض، أو تقدم ملموس سياسيا نحو الحل السياسي، حيث لا يزال بشار الأسد في عداد المتوفى سياسيا، وبعد أن لفت إلى ما قاله الرئيس الروسي في مؤتمره الصحافي السنوي بأن (بلاده اجتازت ذروة الأزمة الاقتصادية، محذرا من التقييم المفرط بالتفاؤل في حساب الميزانية للعام المقبل، التي حسبت، بحسب قول بوتين، بناء على 50 دولاًرا لبرميل النفط)، مضيفًا أن (السعر الحالي هو 38 دولاًرا? ولذا سنضطر لإصلاح ذلك)، اعتبر الكاتب أن لغة بوتين هذه، اقتصاديا، هي لغة حذرة، وبمثابة خفض لسقف التوقعات في روسيا نفسها، وعليه فإن السؤال هو: إلى متى يستطيع بوتين الاستمرار في العملية العسكرية في سوريا، وكذلك في أوكرانيا، خصوًصا أن روسيا تعتمد على العائد النفطي؟، وهل بمقدور بوتين أن يكابر ويستمر في العمليات العسكرية دون تحقيق نجاح ملموس، أم أنه سيضطر لتسريع وتيرة الحل السياسي للأزمة السورية؟، وختم الكاتب مقاله متسائلا: هل علينا متابعة الجهود السياسية لحل الأزمة السورية وفق المعطيات العسكرية على الأرض، وما يدور خلف الأبواب المغلقة دبلوماسيا؟، أم أن الأجدى هو متابعة أسعار النفط، وهل يطمح بوتين لحل سياسي فعلاً بسوريا، أم أنه يتصرف وفقًا لسعر النفط ومدى تحمل الاقتصاد الروسي؟.
• في صحيفة القدس العربي يتساءل فيصل القاسم: "هل يريد تنظيم الدولة إقامة الخلافة أم تكريس الاستبداد؟"، وأشار الكاتب إلى أن المتحكمين بالعالم حتى الآن لا يبدو أنهم يباركون الحركات التي تريد أن تبني أنظمة إسلامية كتنظيم الدولة وغيره، ولفت إلى أننا عندما نرى الموقف الدولي المتأهب لمواجهة تلك الجماعات بكل أنواع الأسلحة السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، لا بد أن نسأل على ضوء ذلك: هل تريد الجماعات الجهادية كتنظيم الدولة وغيره فعلاً إقامة نظام الخلافة المنشودة (الممنوعة أصلاً)، أم إنها بعنادها العبثي أصبحت، بطريقة غير مباشرة، تلعب دور الفزاعة لصالح الطواغيت الساقطين والمتساقطين ولصالح القوى التي تريد لشعوب المنطقة أن تبقى تحت نعال الطغيان من أجل إعادة الشعوب إلى زريبة الطاعة، على اعتبار أن الديكتاتوريات العسكرية والأمنية أفضل من تلك الجماعات الإسلامية المتطرفة بالنسبة للشعوب وللعالم الخارجي على حد سواء؟ وتابع التساؤل: أليس من حق البعض في هذه الحالة أن يتهم تلك الجماعات بأنها أفضل داعم للنظام السوري وأمثاله الحاكمين في أكثر من بلد عربي، لأنها تقدم بديلاً لا يقبله العالم الحديث، ولا تقبله الشعوب الثائرة؟، ورأى الكاتب أنه عندما يكون البديل للأنظمة الساقطة والمتساقطة على شكل تنظيم الدولة وأمثاله، فهذا يعني بالضرورة أن تلك التنظيمات تساعد بطريقة غير مباشرة الأنظمة الاستبدادية المتساقطة، لا بل ربما تدفع بعض الشعوب التائقة إلى الحرية والديمقراطية ودولة الحداثة إلى العودة لأحضان الطواغيت الذين ثارت عليهم، أو تتمسك بهم، لأن البديل القادم "داعشي"، واعتبر انه من حق الجميع هنا أن يضعوا ألف إشارة استفهام على ظهور تنظيم الدولة وأمثاله واستفحاله وانتشاره في هذا الوقت بالذات، مبرزا أن هذه التنظيمات الجهادية لم تقدم بديلاً ديمقراطياً مدنياً حداثياً للشعوب، بل تطرح نموذجاً من غياهب الماضي الذي لم يعد صالحاً لعالم اليوم بأي حال من الأحوال لا سياسياً ولا تكنولوجياً ولا إعلامياً ولا ثقافياً، وكأنها تقول للشعوب: ابقي على قرودك حتى لا يأتيك الأقرد منها.
• تحت عنوان "يرحل أوباما …ويبقى الأسد" كتب خطار أبو دياب مقاله في صحيفة العرب اللندنية، ورأى أنه على ضوء اجتماع نيويورك (18 ديسمبر) المتمم لمسار فيينا الذي ينصُّ على مهلة زمنية من ثمانية عشر شهرا قبل الانتخابات الرئاسية السورية القادمة، وعلى ضوء إصرار المحور الروسي – الإيراني يمكننا القول وفق حساب بسيط إن باراك أوباما سيغادر البيت الأبيض آخر 2016 عند انتهاء ولايته، بينما سيبقى بشار الأسد في "قصر المهاجرين" وربما سيروي لأبنائه وأحفاده أن باراك أوباما الذي اعتبر أيامه معدودة في أغسطس 2011، رحل قبله، وأنه انتصر باسم "الممانعة" على قوىى "الامبريالية العالمية"، واعتبر الكاتب أن الطامة الكبرى في سوريا تكمن في اختصار الدولة والنظام بشخص الرئيس، وعدم بقاء الجيش كمؤسسة وطنية حامية للدولة والمجتمع، ولفت إلى أن تبلور إرادة دولية حيال ما يسمى "أولوية الحرب على الإرهاب"، والخوف من غول التطرف يمكن أن ينتج تسوية ولو عرجاء يتطلب استكمالها تغييرا في التوازنات والمقاربة، مبرزا أن ذلك غير ممكن نظريا قبل نهاية عهد الإدارة الأميركية الحالية، ودعا الكاتب إلى وجوب التنبه إلى الطابع النادر للنزاع السوري، وأوضح أنه أول صراع دولي متعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين، مشيرا إلى أنه لا بد من الرهان على معاهدة وستفاليا جديدة (أو اتفاق يالطا جديد) في نطاق الشرق الأوسط الواسع ما بين الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والقوى الإقليمية البارزة، لمنع تحول سوريا وجوارها إلى نقطة ارتكاز لنزاعات طويلة مهددة للمنطقة والعالم.
• نطالع في صحيفة المستقبل اللبنانية مقالا لعلي نون بعنوان "كابوس الأسد"، لفت فيه إلى إلى أن نتائج جلسة الساعات الثلاث بين فلاديمير بوتين وجون كيري الثلاثاء الماضي في موسكو لم تتأخر في الظهور على الملأ، وعلى لسان الزعيم الروسي نفسه، خصوصاً ما يتعلق منها بالمساعي المبذولة من أجل الوصول إلى حل سياسي للنكبة السورية، ورأى أنه يمكن استخلاص ثلاثة عناوين كبرى في ذلك: الأول، أن موسكو تتفاهم مع واشنطن ولا تقود منظومة مضادة لها، لا تحت شعار كسر الأحادية التي ظهرت غداة انتهاء الحرب الباردة، ولا تحت نكتة دول "البريكس"، ولا من أجل عيون الأسد، وتابع أن العنوان الثاني هو، أن بوتين (شخصياً) يعلن الموافقة على مشروع أميركي في مجلس الأمن إزاء الحل السوري وأن من بين بنوده ما قد لا يعجب الأسد، الذي كان عاد في الأسبوع الماضي تحديداً إلى مقولة أن لا حل قبل "القضاء على الإرهاب"، وبين الكاتب أن العنوان الثالث يتمم السياق التسووي ولا ينفي شيئاً منه، مبرزا أن بوتين يقول إن قواته لم تأتِ إلى سوريا كي تبقى فيها، وأن قصة "القواعد العسكرية" في أرض الغير ليست على ذلك الثقل الاستراتيجي طالما أن هناك شيئاً اسمه الصواريخ العابرة فوق الحدود والمحيطات، وخلص الكاتب في نهاية مقاله إلى أنه إذا بقيت مواقف بوتين على ما هي عليه، فلم يبقَ أمام الأسد إلا الاستعانة مجدداً بالفرع الخارجي لـ"داعش".