
"وما أدراك ما صيدنايا".. فيلم وثائقي يكشف أهوال السجن ويهز مشاعر المشاهدين
كُشف النقاب يوم الثلاثاء 22 نيسان/أبريل الجاري عن الفيلم الوثائقي "وما أدراك ما صيدنايا"، في عرضٍ خاص أقيم داخل دار الأوبرا في دمشق، حيث تناول الفيلم بجرأة مأساة المعتقلين داخل أحد أكثر السجون السورية رعباً وسوء سمعة، سجن صيدنايا، الذي تحوّل في عهد نظام بشار الأسد إلى معقل للموت البطيء والتعذيب الممنهج.
الفيلم، الذي أنتجته قناة الجزيرة وتولّى إخراجه المخرج السوري عبدو مدخنة، استعرض وقائع صادمة تستند إلى شهادات حية وصور ومواد توثيقية تكشف حجم الفظائع المرتكبة خلف جدران السجن، منذ تأسيسه وحتى سقوط النظام وهروب قياداته. حضر العرض عدد من ذوي المعتقلين، وناشطون وصحفيون وشخصيات من المهتمين بالشأن الحقوقي السوري.
حكاية الاعتقال من الداخل
يركز الوثائقي على آلية عمل النظام السوري داخل صيدنايا، حيث يتحوّل المعتقل منذ اللحظة الأولى إلى رقم يُجرّد من اسمه، ليبدأ رحلة من الإذلال والتعذيب قد لا تنتهي إلا بالموت. لم يكتفِ الفيلم بسرد معاناة الضحايا، بل ألقى الضوء أيضاً على شهادات بعض السجانين الذين أبدوا ندمهم على ما ارتكبوه، ما أعطى بعداً إنسانياً مأساوياً موازياً لحكايات الضحايا.
ردود فعل مؤلمة وغاضبة
أثار الفيلم تفاعلاً عاطفياً عميقاً لدى الحضور، حيث عبّر العديد من المشاهدين عن عدم قدرتهم على متابعة الفيلم حتى النهاية، لشدة ما يحتويه من مشاهد وأصوات مؤلمة. وكتب أحد الناشطين عبر وسائل التواصل: "ما قدرت كمّل الفيلم... المشاعر لا توصف، والغضب يتصاعد تجاه القتلة والسجانين والمجرمين وكل مؤيد للنظام".
وفي تعليق مؤثر، كتبت إحدى المتابعات: "اليوم حضرت الفيلم، وبعده لهلأ ما رجعت لطبيعتي... الصوت، الصورة، الألم، كأنو الوجع طالع من جوّا عيوني، مو من الشاشة... قلبي موجوع، وحاسة لازم أصرخ، أكتب، أعمل أي شي بس ما أسكت".
دعوة للعدالة لا للانتقام
واختتمت حديثها بدعوة مؤثرة إلى العدالة الانتقالية: "نحن لا نريد الانتقام، بل نريد العدالة، الحقيقة، والكرامة لمن انكسرت أرواحهم خلف الجدران. نريد أن نفتح الملفات، أن نسمّي الأشياء بأسمائها، أن نكشف الجلاد ونواسي الضحية".
الغياب القاسي بعد التحرير
يُذكر أن الأهالي الذين استبشروا بتحرير السجون في 8 كانون الأول 2024، وجدوا أنفسهم أمام الحقيقة المروعة: أبناؤهم الذين انتظروهم لسنوات لم يكونوا هناك، فقد أُعلن أن نظام الأسد قام بتصفيتهم في وقت سابق، ليبقى صيدنايا شاهداً دامغاً على واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت بحق السوريين في العصر الحديث.