
"وسيم الأسد" واجهة أمنية – ميليشياوية في عهد النظام البائد وسجل حافل بالانتهاكات
أعلنت وزارة الداخلية السوريةاليوم السبت، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، عن تنفيذ عملية أمنية نوعية أسفرت عن إلقاء القبض على وسيم الأسد، أحد أبرز الشخصيات المرتبطة بجرائم النظام السابق. العملية، التي جرت في منطقة تلكلخ قرب الحدود السورية اللبنانية، نُفذت من قبل إدارة المهام الخاصة، بعد كمين محكم وتتبع أمني دقيق.
ورغم أهمية الخبر من حيث الحدث الأمني، فإن ما يجعل اسم وسيم الأسد محط أنظار السوريين ليس مجرد الاعتقال، بل تاريخه الطويل والمثير للجدل في قيادة ميليشيات، والتورط في انتهاكات واسعة، وصولاً إلى إدارة شبكات تهريب المخدرات وتجارة الكبتاغون.
من هو وسيم الأسد؟
وسيم الأسد هو أحد أبناء عمومة رئيس النظام المخلوغ بشار الأسد، وينتمي مباشرة إلى العائلة الحاكمة، ويُعد من الشخصيات النافذة في الساحل السوري خلال العقد الأخير، رغم عدم شغله لأي منصب رسمي فبفضل انتمائه العائلي، راكم وسيم نفوذاً أمنياً واقتصادياً واسعاً، وبرز اسمه كواجهة غير رسمية تمارس سلطة ميدانية في مناطق مثل اللاذقية وجبلة وطرطوس، مستنداً إلى دعم مباشر من الفرقة الرابعة.
بداية النفوذ: ميليشيات وفرض سيطرة بالقوة
مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، أسّس وسيم ميليشيات محلية موالية للنظام في ريف اللاذقية، ولعبت هذه الميليشيات دوراً في قمع التظاهرات واعتقال المعارضين، كما تورطت في عمليات نهب ممتلكات و"تشبيح" ممنهج ضد المدنيين، وخلال تلك المرحلة، ارتبط اسمه بمجموعة من العناصر التي مارست انتهاكات طائفية، وسط غياب تام لأي محاسبة.
من العنف إلى المخدرات: بناء إمبراطورية الكبتاغون
بحلول عام 2017، بدأ اسم وسيم يظهر في ملفات أكثر خطورة، حيث كشفت تقارير إعلامية ومعارضة عن تورطه في تأسيس معامل لإنتاج الكبتاغون، خاصة في قرية "الشير" بريف اللاذقية، بالتعاون مع تاجر المخدرات اللبناني نوح زعيتر.
استُخدمت الموانئ الخاضعة لسيطرة النظام البائد، خصوصاً ميناء اللاذقية، لتصدير الشحنات نحو الخليج وأوروبا، وهو ما جعله لاعباً محورياً في اقتصاد المخدرات الذي اعتمد عليه النظام لتمويل نفسه في ظل العقوبات.
سجل واسع من الانتهاكات
منذ عام 2012 وحتى ما بعد 2020، تراكمت بحق وسيم الأسد ملفات متعددة، من قيادة مجموعات مسلحة نفذت اعتقالات تعسفية وخطف مدنيين.
والاستيلاء على ممتلكات بذريعة الولاء أو الانتماء السياسي،اضافة لغسل أموال وفرض إتاوات مالية على أهالي الساحل، واستعراض فاحش للثروة عبر سيارات فارهة ومرافقة مسلّحة، ما أثار سخط حتى ضمن بيئة الموالين.
وتصفية حسابات ميدانية بحق معارضين للنظام المخلوع أو منافسين له داخل الطائفة الحاكمة في ذلك الوقت، كما انتشرت له تسجيلات تُظهره وهو يتوعد خصومه ويتحدث بلغة تنضح بالاستعلاء، ما أثار موجات غضب حتى داخل بيئته المؤيدة، التي رأت فيه رمزاً للفوضى والتسلّط باسم الدولة.
على قوائم العقوبات
بسبب ارتباطه الوثيق بالجريمة المنظمة، أدرجت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اسم وسيم الأسد على قوائم العقوبات الدولية، إلى جانب عدد من الشخصيات المتورطة في شبكات إنتاج وتهريب الكبتاغون.
واعتبرت واشنطن أن نشاطه "يشكل خطراً على الأمن والاستقرار الإقليمي"، في ظل توجيه أصابع الاتهام إلى النظام السابق بتحويل تجارة المخدرات إلى مصدر تمويل بديل.
بداية التطهير الكامل
المؤكد حتى الآن أن ملف وسيم الأسد لا يتعلق بشخص واحد فحسب، بل بشبكة كاملة من الفساد والميليشيات والاقتصاد الموازي، وهي شبكة طالما كانت جزءاً من منظومة القمع والنهب التي رسّخها النظام المخلوع لعقدين.
ويختصر وسيم نموذجاً لطريقة إدارة السلطة في عهد النظام البائد، حيث تداخل العنف بالمخدرات بالفساد في ظل حماية عائلية مطلقة. واليوم، وقد بات في قبضة العدالة، يتطلع السوريون إلى أن تكون هذه الخطوة بداية لمحاسبة كل من تورّط في انتهاك القانون وكرامة الإنسان — لا استثناء، ولا حصانة لأحد.