وسط دعوات للإضراب شمال سوريا.. احتقان وتذمر شعبي من آثار "التعرفة الجمركية" على واقعهم
شهدت مناطق شمال غربي سوريا، احتجاجات شعبية وحالة رفض واستنكار، تخللها إغلاق المحال التجارية، ردًا على قرار رفع التعرفة الجمركية من قبل الإدارة السورية الجديدة، وسط دعوات للإضراب عن العمل.
ويأتي هذا التذمر الشعبي في وقت يعاني فيه السكان، ومعظمهم من النازحين، من صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار الناتج عن زيادة رسوم التعرفة الجمركية. ويقول ناشطون وخبراء اقتصاديون إن القرار يزيد الأعباء على السكان المحليين وقد يتسبب في تفاقم الأزمة الاقتصادية.
تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد المحلي
وفقًا لمصادر محلية، فقد بلغت الزيادة في رسوم المعابر، على سبيل المثال، 16 ألف دولار أمريكي بدلاً من 750 دولارًا على سيارة محملة بالأحذية، فيما وصل تخليص الجمركة لسيارة محملة بالألبسة إلى 75 ألف دولار أمريكي. كما أدت الزيادة في الرسوم الجمركية إلى زيادة أسعار البضائع بنسبة تتراوح بين 10 إلى 20 بالمئة في أسواق الشمال السوري.
وشهدت مدن رئيسية في الشمال السوري، مثل إعزاز وادلب، حركة اقتصادية ضعيفة، حيث أغلقت المحلات أبوابها احتجاجًا على الزيادة الكبيرة في الرسوم الجمركية. وقد طالب التجار والفئات الاقتصادية المتضررة بضرورة مراجعة القرار من قبل الجهات المعنية.
التحديات التي يواجهها المواطنون في شمال سوريا
وتعكس هذه الزيادة في التعرفة الجمركية التحديات الاقتصادية التي يعاني منها السوريون، حيث يُتوقع أن يزداد العبء على الأسر المحلية في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية في البلاد، وفي وقت تتجه فيه بعض المناطق الأخرى في سوريا نحو انخفاض الأسعار، فإن أسعار السلع في الشمال السوري شهدت زيادات غير مسبوقة، مما خلق حالة من الاحتقان بين المدنيين.
كما أشار التجار إلى أن هذه الزيادة في الرسوم الجمركية تسببت في تقليص قدرتهم على تحديد الأسعار، ما أدى إلى حالة من الغموض في السوق المحلي وزيادة النشاطات الاقتصادية غير القانونية، مثل التهريب.
الآراء الاقتصادية حول القرار
يرى بعض الخبراء أن زيادة التعرفة الجمركية يمكن أن تؤدي إلى فوائد معينة على المدى البعيد، مثل تعزيز الإنتاج المحلي وتشجيع الصناعات المحلية على التكيف مع التحديات الاقتصادية، ولكن يشيرون أيضًا إلى أن الفوائد المرجوة قد لا تتحقق إلا إذا كان هناك دعم قوي للبنية التحتية المحلية وتقديم حوافز لتحفيز الصناعة الوطنية.
من جانب آخر، فإن رفع الرسوم الجمركية قد يساهم في تزايد النشاطات الاقتصادية غير الرسمية، وقد يساهم في تقليص القدرة الشرائية للعديد من السوريين، ما يفاقم من معاناتهم اليومية.
التحديات القادمة
مع استمرار هذه الزيادة في الرسوم الجمركية، يبقى السؤال حول كيفية معالجة الحكومة لهذه التداعيات الاقتصادية والتوصل إلى حلول تضمن مصلحة المواطن السوري، سواء من خلال إعادة النظر في الرسوم الجمركية أو من خلال تعزيز الدعم الاقتصادي الموجه للمواطنين في الشمال السوري.
وكانت سجّلت الأسواق في عموم مناطق الشمال السوري، وخاصة في إدلب، ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار بعد بدء تطبيق التعرفة الجمركية الموحدة التي فرضتها "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية" في الإدارة السورية الجديدة، وعلى الرغم من انخفاض الأسعار في باقي المناطق السورية، شهدت مناطق الشمال زيادة كبيرة في أسعار السلع والمنتجات، مما أثار حالة من الاستياء بين المدنيين.
ارتفاع الأسعار في الشمال السوري
وفقًا للمصادر الاقتصادية، قدّر المختصون الارتفاع الكبير في الأسعار في أسواق الشمال، في وقت يشهد فيه السوق في باقي المناطق السورية انخفاضاً ملحوظاً، وفسّر التجار ذلك بزيادة الطلب وارتفاع تكاليف النقل والرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الإجراءات الجديدة، مما يضغط على القدرة الشرائية للمدنيين في تلك المناطق.
التعرفة الجمركية الموحدة
قال مدير العلاقات في "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية"، مازن علوش، إن نشرة الرسوم الجمركية الموحدة بدأت العمل منذ يوم السبت الماضي، وقد شملت جميع الأمانات الجمركية عبر المنافذ البرية والبحرية والمطارات.
وأوضح علوش أن النشرة الجديدة تهدف إلى حماية المنتج المحلي ودعم القطاع الصناعي من خلال الرسوم المخفضة على المواد الأولية، مشيرًا إلى أنها تدعم الزراعة عبر تطبيق الرزنامة الزراعية التي تساعد الفلاح السوري.
وبين "علوش" أن نشرة الرسوم الجمركية الموحدة في جانب كبير منها خفضت الرسوم المعمول بها سابقاً بنسبة 50 إلى 60% ما ينعكس أثره على المواطنين بشكل مباشر في عموم الجغرافيا السورية بتعزيز قدرتهم على الاستهلاك وتلبية احتياجاتهم بأسعار معقولة بما يسهم في رفع مستوى معيشة جميع المواطنين.
وأضاف: "تُعتبر نشرة الرسوم الجمركية الموحدة الخطوة الأولى ضمن سلسلة من الخطوات المتتابعة التي تهدف إلى رفع مستوى المعيشة للمواطنين وضمان حياة كريمة لهم، بالإضافة إلى دعم القطاع الصناعي والزراعي وتعزيز جذب الاستثمار المحلي والأجنبي.
ارتفاع الأسعار في إدلب وتهديدات الإغلاق
في إدلب، لوحظ أن أسعار المواد ارتفعت بنحو 10% تقريبًا بعد تطبيق التعرفة الجمركية الجديدة، مع زيادة الجمارك بنحو 300 إلى 500% مقارنة بالأسعار السابقة، وأدى هذا إلى إغلاق العديد من الشركات في مدينة سرمدا شمال إدلب بسبب الارتفاع الكبير في التكلفة، وهو ما أثار استياء كبير بين التجار.
آثار اقتصادية وإنسانية
من جهة أخرى، يعاني سكان المخيمات في شمال غرب سوريا من أوضاع إنسانية صعبة، حيث انخفضت درجات الحرارة بشكل كبير، وتزداد معاناتهم في تأمين مستلزمات التدفئة. وقد أظهرت الاستبيانات في ديسمبر الماضي عجزًا كبيرًا في الحصول على إمدادات التدفئة، مما يعكس أزمة متفاقمة على جميع الأصعدة.
تصريحات وزير التجارة السوري
وفي محاولة لتخفيف آثار القرار، أكد وزير التجارة السوري، ماهر خليل الحسن، أن هناك خطة لتخفيض الرسوم الجمركية على بعض البضائع بنسبة قد تصل إلى 60%، مما ينعكس بشكل إيجابي على الأسعار في الأسواق، ولفت إلى أن الرسوم الجمركية السابقة التي كانت في عهد النظام المخلوع كانت مرتفعة جدًا، إذ كانت تضاف إلى كل مادة مستوردة رسوم تصل إلى 100%.
الواقع الاقتصادي في سوريا
وتعكس هذه القرارات الاقتصادية تحديات كبيرة أمام المدنيين في مناطق الشمال السوري، الذين يعانون من تأثيرات الحرب المستمرة وتدهور القدرة الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار. ومع الانفتاح المفاجئ للطرق بين المحافظات السورية، أصبحت إدلب وجهة لاستيراد البضائع التركية بأسعار أقل، ما يساهم في تقليل الضغط على الأسواق المحلية، لكن هذا لا يخفي الزيادة التي تطال الكثير من السلع في الشمال.
تشير الأحداث الأخيرة إلى تحديات اقتصادية ضخمة في سوريا بعد توحيد التعرفة الجمركية، في وقتٍ يشهد فيه الشمال السوري ارتفاعًا حادًا في الأسعار، يتطلع المدنيون إلى حلول تخفف من معاناتهم وتعيد التوازن إلى الأسواق المحلية في ظل الظروف الصعبة التي يواجهونها.
آثار رفع التعرفة الجمركية
ويؤدي رفع التعرفة الجمركية في سوريا إلى عدة آثار اقتصادية واجتماعية قد تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني بشكل عام، تشمل الآثار الرئيسية التالية:
زيادة الأسعار وتأثير على القدرة الشرائية
إذ يؤدي رفع التعرفة الجمركية إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة، ما ينعكس مباشرة على الأسعار في الأسواق المحلية، وبالتالي، يرتفع ثمن المنتجات الغذائية والاستهلاكية بشكل عام، مما يضغط على ميزانية الأسر، خاصة في المناطق ذات الدخل المحدود.
ومع ارتفاع الأسعار، تنخفض القدرة الشرائية للمواطنين، مما يجعل من الصعب عليهم شراء السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والأدوية، هذا قد يؤدي إلى تدهور مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر بين المواطنين.
تفاقم الأزمة الإنسانية والضغط على الفئات الضعيفة:
ففي ظل وجود ملايين السوريين في المخيمات والنازحين، يعد رفع الرسوم الجمركية من العوامل التي تزيد من معاناتهم، فقد تتعطل إيصال المساعدات الإنسانية بسبب الزيادة في التكاليف، مما يزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في المناطق المنكوبة بالحرب.
وتعتبر الفئات الأكثر تضررًا من رفع التعرفة الجمركية هي الأسر ذات الدخل المحدود والعاملون في القطاع غير الرسمي، فهم لا يستطيعون تحمل التكاليف المرتفعة للسلع الأساسية، مما يزيد من معاناتهم الاقتصادية.
تشويش في الأسواق المحلية:
ستشهد الأسواق المحلية بسبب الارتفاع المفاجئ في الرسوم الجمركية، حالة من التشويش والارتباك، خاصة في ظل غياب الاستقرار الاقتصادي، قد يواجه التجار صعوبة في تحديد الأسعار، مما يخلق حالة من الغموض في السوق.
ويرى خبراء أن رفع التعرفة الجمركية في سوريا له آثار متعددة، تشمل زيادة الأسعار، ضعف القدرة الشرائية، وتفاقم الأزمة الإنسانية، كما يساهم في تشجيع التهريب، ويؤدي إلى تراجع الاستثمار، ومع ذلك، قد يكون له بعض الفوائد، مثل تعزيز الإنتاج المحلي، لكن ذلك يعتمد على قدرة الصناعات المحلية على التكيف مع التحديات الاقتصادية الراهنة.