
وزير المالية: سوريا تتجه لتبسيط نظامها الضريبي وإعادة بناء الثقة الاقتصادية
تواصل الحكومة السورية رسم ملامح سياسة مالية واقتصادية مختلفة عما كان سائداً خلال السنوات الماضية، في إطار جهودها لإعادة بناء الاقتصاد الوطني بعد سنوات من الحرب والعزلة.
وفي هذا السياق، أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية أن الحكومة لن تموّل أي مشروع لا يشارك فيه القطاع الخاص، مشدداً على أن القطاع الخاص سيكون المحرك الرئيسي للاقتصاد السوري خلال المرحلة المقبلة.
وقال "برنية"، في مقابلة مع جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، على هامش اجتماعات مجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن، إن بلاده لن تنافس القطاع الخاص في أي مجال اقتصادي، بل ستعمل على تهيئة بيئة استثمارية جاذبة تجعله شريكاً أساسياً في عملية إعادة الإعمار.
وأوضح أن تمويل المشاريع من الميزانية العامة لم يعد ممكناً في الوقت الراهن، مؤكداً أن أي استثمار حكومي جديد يجب أن يتم عبر شراكات حقيقية مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
وأضاف الوزير أن الحكومة السورية أسست صندوق التنمية السوري كآلية وطنية لتمويل مشاريع البنية التحتية وإعادة البناء، كما تجري مباحثات مع البنك الدولي لإطلاق صندوق استئماني دولي يهدف إلى جذب التمويل من المؤسسات التنموية والدول المانحة.
وأشار إلى أن الحكومة، في عامها الأول بعد التغيير السياسي وسقوط نظام الأسد، تركّز على استعادة الموثوقية المالية، وإدارة الشؤون العامة بفعالية، إلى جانب البحث عن حلول للديون المتراكمة.
وأوضح أن سوريا تمتلك عدداً كبيراً من المؤسسات المملوكة للدولة التي تعاني ضعف الإدارة وانخفاض الإيرادات، ما يجعل إصلاح القطاع العام الاقتصادي أحد التحديات الجوهرية أمام وزارة المالية.
وفي خطوة توصف بأنها مفصلية في السياسة المالية الجديدة، كشف وزير المالية عن خطة لإصلاح النظام الضريبي في سوريا، موضحاً أن البلاد تمتلك حالياً 33 نوعاً من الضرائب المختلفة، ما يجعل النظام "الأكثر تعقيداً في المنطقة".
وقال إن الوزارة تعمل على تقليص أنواع الضرائب إلى 3 أو 4 فقط لتسهيل تطبيقها وضمان الشفافية والعدالة، في إطار رؤية تهدف إلى إرساء الثقة بين الدولة والمكلفين، ومحاربة التهرب الضريبي والفساد الإداري.
وأكد برنية أن من أولويات وزارة المالية استعادة الثقة مع المواطنين والقطاع الخاص بعد سنوات من التوجس المتبادل وقال: "نحن ندرك أن لدينا إرثاً من انعدام الثقة، وبدأنا حواراً مباشراً مع الغرف التجارية والصناعية لاستعادة المصداقية وبناء علاقة تعاون حقيقية قائمة على المصالح المشتركة".
وتواجه الحكومة السورية تحديات هائلة في إعادة بناء الاقتصاد، أبرزها توفير التمويل اللازم لمشاريع البنية التحتية التي تقدر كلفتها بعشرات المليارات من الدولارات، إضافة إلى الحاجة لرفع العقوبات المفروضة لتسهيل انخراط الشركات الأجنبية في السوق السورية.
ورغم صعوبة المرحلة، ترى دمشق أن القطاع الخاص المحلي والعربي قادر على لعب دور رئيسي في تمويل وتنفيذ المشاريع الكبرى، ضمن بيئة قانونية واستثمارية جديدة قيد الإعداد.
وتسعى وزارة المالية إلى تبني سياسات مالية منفتحة تستند إلى الشفافية والانضباط المالي، مع التركيز على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين في قطاعات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية، بحسب تصريحات الوزير الأخيرة بشأن موازنة عام 2026.
ويُنتظر أن تشهد الأشهر المقبلة إطلاق حزمة تشريعات اقتصادية جديدة تهدف إلى تشجيع الاستثمار، وتحفيز الإنتاج المحلي، وجذب رؤوس الأموال السورية في الخارج.