نتنياهو وورقة “حماية الدروز”: مناورة سياسية لتعزيز النفوذ داخل سوريا
نتنياهو وورقة “حماية الدروز”: مناورة سياسية لتعزيز النفوذ داخل سوريا
● أخبار سورية ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٥

نتنياهو وورقة “حماية الدروز”: مناورة سياسية لتعزيز النفوذ داخل سوريا

يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استخدام ملف الدروز في سوريا كورقة ضغط سياسية وأداة نفوذ داخل الجنوب السوري، في ظل التوتر الأمني والعسكري الذي تشهده المنطقة منذ توغل القوات الإسرائيلية بعد سقوط نظام الأسد أواخر عام 2024. 

وخلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة العازلة داخل الأراضي السورية، جدّد نتنياهو التلميح إلى أن تل أبيب قد توسّع دورها "في أي لحظة" بذريعة حماية أبناء الطائفة الدرزية.

زيارة تحمل رسائل سياسية وأمنية
وخلال الجولة التي رافقه فيها كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين—بينهم وزير الدفاع، ووزير الخارجية، ورئيس الأركان، ورئيس جهاز الشاباك—أعلن نتنياهو أن إسرائيل “تولي أهمية بالغة لحماية حلفائها الدروز”، مشيراً إلى أن "هذه المهمة قد تتطور في أي لحظة".
هذا التصريح لم يُقرأ على أنه مجرد توصيف للوضع الميداني، بل كرسالة مباشرة بأن تل أبيب تحتفظ بحق التدخل العسكري متى رأت أن ذلك يخدم مصالحها في الجنوب السوري.

ورقة “الحماية” مقابل النفوذ
يُعد ملف الدروز أحد أهم أدوات إسرائيل لتحقيق مكاسب داخل سوريا، لعدة أسباب، أبرزها التغلغل داخل المجتمعات المحلية في الجنوب حيث تسعى إسرائيل لترسيخ صورة نفسها كـ"حامٍ" للدروز، بهدف كسب شرعية اجتماعية تسمح لها بتوسيع نفوذها.

كذلك إيجاد مبرر لوجودها العسكري، إذ تبرر تل أبيب استمرار احتلالها لمناطق جديدة داخل حدود سوريا بذريعة "تأمين الأقليات"، علاوة عن رغبتها في توظيف العلاقات الدينية–العائلية عبر الحدود، فوجود ارتباطات اجتماعية بين دروز الجولان ودروز السويداء يوفر لإسرائيل قناة تأثير مباشرة، وتسعى إسرائيل للتأثير في مسار أي تسوية سياسية مقبلة عبر فرض نفسها لاعباً لا يمكن تجاوزه في الجنوب السوري.

توقيت حساس مرتبط بضغوط أميركية
تزامنت زيارة نتنياهو مع تقارير إسرائيلية عن جهود أميركية لعقد اتفاقية أمنية بين إسرائيل والحكومة السورية الجديدة، وبينما أعلنت دمشق أن المفاوضات وصلت إلى "طريق مسدود" بسبب رفض تل أبيب الانسحاب من المناطق التي احتلتها بعد 2024، فإن تلويح نتنياهو بـ"حماية الدروز" جاء كوسيلة ضغط لتعطيل أي محاولة لإجبار إسرائيل على تقديم تنازلات في ملف الانسحاب.

غياب أي بُعد إنساني حقيقي
القراءة السورية والعربية لتصريحات نتنياهو تميل إلى اعتبارها استثماراً سياسياً بحتاً، فلا علاقة له بحماية مجتمعات محلية، بقدر ما هو غطاء لسياسة التوسع وترسيخ الاحتلال، وكذلك محاولة لتبرير الوجود العسكري شمال الجولان خاصة بعد الكشف مؤخراً عن شبكات تهريب أسلحة مرتبطة بجنود إسرائيليين ودروز سوريين، ما يعكس حجم التداخل الأمني الإسرائيلي داخل المنطقة.

ردود فعل سورية ودولية
أدانت دمشق زيارة نتنياهو ومسؤوليه إلى منطقة خاضعة للاحتلال، واعتبرتها "انتهاكاً خطيراً للسيادة السورية" ومحاولة لفرض أمر واقع جديد، كما دعت الأمم المتحدة وعدة دول في مجلس الأمن إلى وقف الانتهاكات الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي السورية المحتلة، بما فيها المناطق التي توغلت فيها بعد انهيار النظام السابق.

ويبدو واضحاً أن نتنياهو يستثمر ورقة “حماية الدروز” كأداة سياسية وأمنية لتقوية موقفه داخلياً وخارجياً، ويستخدم الملف الدرزي لتبرير استمرار السيطرة الإسرائيلية على مناطق داخل سوريا، في حين يمارس ضغطاً استباقياً على واشنطن ودمشق لرفض أي انسحاب من المناطق التي دخلتها قواته بعد 2024، وبذلك، يتحول الخطاب الإسرائيلي من "الدفاع عن الأقليات" إلى استراتيجية واضحة: ترسيخ النفوذ في الجنوب السوري ومنع عودة السيطرة الكاملة للدولة السورية على حدودها.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ