
من الكيلومترات لـ”الأمتار الأخيرة”.. ملحمة حلب الكبرى تكسر حصون الأسد و تقرّب الأيدي ( أبرز لحظات اسبوعها الأول )
لم يكن لحصار حلب في ١٧ الشهر الفائت ، حدثاً عادياً و هو الذي يحدث للمرة الأولى منذ انطلاق الثورة في عام ٢٠١١ ، و ترك آثاره على الشعب السوري بأسره ، وسط مخاوف من عودة رؤية مشاهد الجوع و الموت في حلب التي تحتضن أكثر من ٣٠٠ ألف مدني ، كما حدث في مضايا و بقين و المعضمية و داريا و ... و... .
عمليات إشغالية
وقبيل انطلاق ملحمة حلب الكبرى في ٣١ تموز ، كانت المحاولات مستمرة من قبل الثوار المتواجدين في الجزء المحاصر لفك الحصار ، و لكن كانت تسير وفق خطة عدم إراحة قوات الأسد و حلفاءه و استمرار الاشغال على مبدأ العمليات النوعية سواء على جبهة الكاستلو ، الذي يعتبر الشريان المغذي لحلب و الذي بقطعه حوصرت حلب ، أو على الجبهات الأخرى باتجاه المناطق المحتلة .
الأخذ بالأسباب و من أهمها السرية
في الوقت الذي استطاع فيه ثوار حلب المحاصرين من تأمين الإشغال المطلوب ، كانت الفصائل في خارج الحصار تتحضر لـ"الملحمة" الأكبر في تاريخ الثورة السورية ، سواء من جهة الكم و الكيف ، حيث سُجل حضور كافة الفصائل في المعركة و الذين وقفوا جنب إلى جنب في مشهد لم تألفه الثورة السورية منذ خمس سنوات ، إضافة لحشد كافة الامكانيات، وفق مبدأ "الأخذ بالأسباب كافة"، و من بين الأسباب التي تم الأخذ بها و التي كانت مفصلية هي السرية التامة .
رسالة "قوة"
و كان انطلاق المعركة من حيث التوقيت مفاجأة، و إن كانت المفاجأة الأكبر هي الجبهة التي اختير الانطلاق منها ، حيث اعتبرها البعض "انتحار" في حين رأى فيها البعض الآخر أنها رسالة قوية للعالم أجمع أن أي مخطط لن يمر إلا بقبول أهل الأرض الذين سيقاتلون و يخوضون أصعب المعارك.
الجميع وقف ضدها وحتى "التحالف الدولي"
و نشرت بالأمس شبكة "شام" الإخبارية تقريراً مبنياً على مصادر متطابقة حول مشاركة واضحة من طيران التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، بفعالية ضد الثوار خلال معارك ملحمة حلب التي تدور رحاها.
وأكدت مصادر خاصة أنه يوجد يقين شبه تام أن التحالف شارك بما لا يقل عن ١٠
ضربات جوية قوية جداً ومركزة، بشكل يستحيل أن يحققه طيران العدو الروسي، و بطبيعة الحال طيران الأسد.
و حددت المصادر أن الاستهداف الأول كان يوم انطلاق ملحمة حلب الكبرى، في ٣١ الشهر الفائت، حيث تم استهداف نقطة للتجمع قبل انطلاق المعركة بساعة ، باستخدام خمسة صواريخ دفعة واحدة و أحدثت دمار هائل لم يحدث من قبل .
وبالنسبة للاستهداف الثاني كان في اليوم التالي للملحمة، في ١- ٨ – ٢٠١٦، حيث تم استهداف الآليات الثقيلة للثوار مما أدى لإفشال معركة الضاحية، شددت المصادر على أن الآليات تعود لفصائل الجيش الحر، كما تم استهداف سيارة مفخخفة.
كما و تم تسجيل قصف من قبل طائرات التحالف و بلغ عددها أربعة يوم أمس في مساكن ١٠٧٠ ، حيث تم استهداف خطوط الجبهات الملاصقة لمناطق الاشتباك بشكل كبير ، وهو نوع من القصف لم يحدث بشكل مطلق الأمر الذي يرجح مصدر القصف هو طائرات التحالف التي تختص بهذا النوع من القصف.
مساندة من الجميع و على رأسهم "الأطفال"
و لعل من ميزات ملحمة حلب الكبرى تتمثل في حجم المشاركة و الدعم الشعبي و الذي تجلى بأبهى صورة من خلال الأطفال ، الذين لعبوا دوراً خاصاً بهم ، بعد تكفلهم بعمليات حرق الإطارات لتأمين غطاء من سحب الدخان لمنع أو التخفيف من حضور سلاح الجو في معركة كهذه.
المسير خلال أسبوع "اليوم الأول"
وقبل أسبوع كامل بدأ الثوار بالزحف باتجاه حلب وبدأت المعركة الكبرى ضمن المرحلة الأولى من معركة فك الحصار، جغرافياً تمتد على طول أكثر من 20 كيلو متر تمتد من محاور السابقية بريف حلب الجنوبي حتى مدرسة الحكمة ومعمل البرغل في الأجزاء الجنوبية الغربية من المدينة.
المرحلة الأولى التي كانت مفصلية و أمنت الروح المعنويات و التمهيد الميداني للمراحل التي تلتها ، حيث تمكن الثوار فيها ، و خلال الساعات الأولى من المعركة من السيطرة على أكبر معاقل الأسد في المنطقة والتي كانت السد الحصين الأول في وجه الثوار، وهي مدرسة الحكمة الاستراتيجية بعد أن استهدفتها جبهة فتح الشام بعمليتين استشهاديتين، لتبدأ قلاع الأسد في المنطقة بالسقوط تباعاً على طول خط الجبهة ابتداء من تلة مؤتة، فتلة أحد، ومن ثم تلة الجمعيات، تبعتها تلة السيرياتيل، فقرية العامرية، وكتيبة الصواريخ ،و سواتر السابقية، قتل خلالها العشرات من عناصر الأسد وتسببت الضربة الأولى بمفاجأة كبيرة لم يتوقعها نظام الأسد.
المسير خلال أسبوع "اليوم الثاني"
وفي اليوم الثاني تمكن الثوار من تحقيق تقدم جديد، تمثل بالسيطرة على معمل الزيت والبناء الأحمر وسواتر السابقية ومشروع 1070 شقة، ليغدو الثوار على أطراف حي الحمدانية وتبدأ فلولهم في الأكاديمية العسكرية ومعمل البرغل تتلقى الضربات الموجعة، بعد دخولهم في نطاق مرمى نيران الثوار، وسط محاولات لقوات الأسد للصمود فيها، واستعادة ما سيطر عليه الثوار إلا أنهم تكبدوا خسائر كبيرة.
المسير خلال أسبوع "اليومين الثالث و الرابع "
وفي ثالث ورابع أيام المعركة، و التي تزامنت مع سقوط مروحية للعدو الروسي في ريف ادلب و مقتل خمسة جنود روس، شهدت جبهات ملحمة حلب الكبرى، نوعاً من الفتور واقتصرت الاشتباكات على معارك كر وفر وسط قصف جوي وصاروخي عنيف من كل المحاور، أحرق المنطقة بشكل لا يوصف، اضطر الثوار للتراجع عن بعض النقاط بينها تلة الجمعيات ونقاط على جبهة السابقية ليعيد الثوار في اليوم التالي السيطرة عليها وتكبيد قوات الأسد خسائر جديدة.
المسير خلال أسبوع "اليوم الخامس"
تلا ذلك بدء المرحلة الثانية من المعركة التي بدأت على جبهات معمل البرغل والأكادية حيث تمكن الثوار من تحقيق ضربات نوعية في المواقع المذكورة والتي تمثل السد الحصين لقوات الأسد من الجهة الغربية للمدينة، حيث مازالت محاولات الثوار مستمرة للسيطرة على هذه المواقع والتي عززتها قوات الأسد بالدبابات والمدافع لأن سقوطها قد يشكل خطراً كبيراً على مواقعها في الأحياء الغربية، تضمنها أيضاَ معارك على جبهة حي الراموسة والعامرية فجر خلالها الثوار نفق أرضي تحت مواقع قوات الأسد وتمكن الثوار من التقدم في عدة أحياء داخل حي الراموسة.
المسير خلال أسبوع "اليوم السادس"
وبالأمس في يوم الجمعة بدأت المرحلة الثالثة من معركة فك الحصار بهجوم كبير على جبهة كلية المدفعية في الراموسة، بدأت بعملية استشهادية لجبهة فتح الشام كسرت الخطوط الدفاعية الأولى ليتقدم الثوار خلال أقل من ساعة داخل كتيبة التسليح وكلية البيانات ومبنى الضباط وأول مستودع للذخيرة، تلاها عملية استشهادية ثانية استهدفت كلية المدفعية، دارت على اثرها اشتباكات عنيفة طوال ساعات الليل مكنت الثوار من السيطرة على غالبية الأبنية التي كانت تتحصن فيها قوات الأسد التي انسحبت إلى الفنية الجوية والتي تعتبر آخر معقل لقوات الأسد في كلية مدفعية الراموسة.
وفي حال تمكن الثوار من السيطرة على الفنية الجوية ستفتح أمامهم المجال للتقدم باتجاه ما تبقى من مواقع لقوات الأسد في حي الراموسة ودخول الأحياء المحررة لمدينة حلب وبالتالي فك الحصار بشكل كامل عن الأحياء المحاصرة في الجهة الشرقية من المدينة، وقد يتبعها عمليات تحرير جديدة لمعمل الاسمنت ووحدات المياه شرقي الراموسة في منطقة الشيخ سعيد، إضافة لنية الثوار الاستمرار في المعركة حتى تحرير كامل مدينة حلب.