من الاختفاء إلى دور الأيتام: تحقيق يكشف فساد دور الأيتام في عهد النظام البائد
من الاختفاء إلى دور الأيتام: تحقيق يكشف فساد دور الأيتام في عهد النظام البائد
● أخبار سورية ١١ سبتمبر ٢٠٢٥

من الاختفاء إلى دور الأيتام: تحقيق يكشف فساد دور الأيتام في عهد النظام البائد

نشرت "بي بي سي" تحقيقًا يكشف عن قصص الأطفال المفقودين في سوريا خلال حكم النظام البائد، ودور بعض المؤسسات الدولية في إدارة دور الأيتام، بما فيها منظمة "قرى أطفال SOS الدولية"، التي أدار فرعها السوري عددًا كبيرًا من هؤلاء الأطفال. يأتي التحقيق في إطار جهود بي بي سي لكشف ما جرى للأطفال الذين فُصلوا قسرًا عن عائلاتهم، ولتسليط الضوء على ثغرات حماية الأطفال في مناطق النزاع.

قصة ريم القاري وكريم المفقود
تتفقد ريم القاري وابنة عمها عشرات الصور لأطفال في مكتب أحد المراكز، لتلتقط نظرها صورة تشبه ابنها كريم، الذي اختفى مع والده عام 2013 أثناء الأزمة السورية وكان عمره وقتها سنتين ونصف. ويُقدّر أن كريم هو واحد من أكثر من 3,700 طفل لا يزالون في عداد المفقودين منذ سقوط حكم الأسد قبل أشهر.

كريم، الذي سيكون عمره اليوم 15 عامًا، قد يكون أحد الأطفال الذين أُودعوا في دار الأيتام، خصوصًا وأن والده تعرض للاعتقال عام 2016، وهو ما يجعل فرضية إرسال كريم إلى دار أيتام محتملة.

دور "إس أوه إس" في سوريا
كشف التحقيق أن فرع "إس أوه إس" في سوريا استقبل الأطفال دون التحقق من وثائقهم أو هوياتهم، وأحيانًا غيّر أسماءهم رسميًا. كما امتثل للقيود الأمنية، بما في ذلك منع زيارة الأقارب ومنع الأطفال من معرفة أسرهم.

رغم إعلان المنظمة الدولية أنها توقفت عن استقبال أطفال المعتقلين السياسيين عام 2018، تشير وثائق حصلت عليها بي بي سي إلى استمرار نقل الأطفال إلى المنظمة حتى عام 2022.

شهادات الموظفين والتحقيقات الداخلية
أفاد أكثر من 50 موظفًا حاليًا وسابقًا بأن المناصب العليا في فرع المنظمة بسوريا كانت تعيين مباشر من قصر الأسد، وأن زوجة الرئيس المخلوع بشار، أسماء الأسد، كان لها دور مؤثر في عمل المنظمة.

كما أشار الموظفون إلى أن استقبال الأطفال كان مرتبطًا أحيانًا بتحقيق أهداف التمويل الدولي للمنظمة، وأن المقر الرئيسي في النمسا لم تتخذ خطوات كافية واستجابتها كانت بطيئة حيال التحذيرات التي كانت تتلقاها من مُبلّغين بشأن قبول أطفال المعتقلين في سوريا ضمن دور الرعاية التابعة لها.


أهالي الأطفال: الألم والبحث المستمر
بيّن التحقيق قصص عدة عائلات، من بينها أمامة غبيس، التي استعيدت ابنتاها بعد ثلاث سنوات من الفصل، لكنها وجدت أن الأطفال تم تغيير أسمائهم، وأن التواصل مع الأسرة كان ممنوعًا طوال تلك السنوات.
ريم القاري، بالمقابل، لا تزال تبحث عن كريم، مع استمرار غياب أي معلومات واضحة حول مكانه أو حالته. وأكد التحقيق أن العديد من الأهالي ما زالوا يواجهون صعوبة في الوصول إلى سجلات الأطفال المفقودين.

ردود منظمة SOS الدولية
أكدت المنظمة الدولية أن الأطفال فُصلوا قسرًا عن عائلاتهم، وأن المنظمة ملتزمة باستخلاص الدروس من التحقيقات لضمان عدم تكرار ذلك. كما نفت المنظمة أي صلة رسمية بعائلة الأسد، لكنها تعمل على التحقيق في أي علاقات غير رسمية محتملة.

تحقيق بي بي سي: هدفه كشف الحقيقة
التحقيق يشير إلى أن الأزمة لم تنته بعد بالنسبة للأطفال المفقودين وأهاليهم، وأن هناك فجوات واسعة في حماية الأطفال داخل سوريا، وفي متابعة الالتزام بالمعايير الدولية من قبل المنظمات الدولية.

ويُظهر التحقيق أن استمرار عمل "إس أوه إس" في سوريا بعد كشف الانتهاكات، واستمرار الفرع في تقديم خدماته للأطفال الحاليين، يجعل مسألة المحاسبة وضمان حقوق الأطفال قضية ملحة.

تكشف بي بي سي من خلال هذا التحقيق أن الفصل القسري للأطفال عن عائلاتهم كان له أبعاد سياسية واستغلالية، وأن المنظمات الدولية المعنية لم تتخذ دائمًا الإجراءات الكافية للحماية أو لمتابعة الالتزامات الدولية. ولا تزال قصص الأطفال المفقودين، مثل كريم، شاهدة على معاناة العائلات السورية وغياب الشفافية والمساءلة في إدارة دور الأيتام أثناء الأزمة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ