
ملتقى موسع لتعزيز الرقابة وترسيخ الشفافية في العمل الحكومي بدمشق
نظّمت محافظة دمشق، بالتعاون مع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ملتقى نوعياً جمع مدراء المديريات المركزية في المحافظة، لبحث آليات تطوير العمل الإداري وتحسين التنسيق بين الجهات الرقابية والتنفيذية.
وأكدت المحافظة أن هذا الملتقى يأتي تجسيداً لتوجيهات القيادة في ترسيخ مبادئ الشفافية ورفع كفاءة الأداء الحكومي، بما يسهم في الحفاظ على المال العام وتكريس نهج المحاسبة كركيزة أساسية للإصلاح الإداري.
ويُعد هذا اللقاء جزءاً من الجهود المستمرة لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، في خطوة تهدف إلى تعزيز منظومة الرقابة ومكافحة الفساد من خلال تفعيل أدوات الرقابة وتعزيز دور المؤسسات الرقابية في متابعة الأداء الحكومي، وضمان التزام جميع الجهات بالأنظمة والقوانين.
وسبق أن أصدر حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية قرار لجنة إدارة المصرف رقم (589/ل إ) لاعتماد سياسة رسمية واضحة بشأن قبول الهدايا داخل المصرف، انطلاقاً من التزام المصرف بالشفافية المؤسسية وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة.
وتهدف هذه السياسة إلى تعزيز القيم المهنية والنزاهة في العمل، وترسيخ ثقافة المسؤولية والثقة المتبادلة بين المصرف وجمهور المتعاملين والمجتمع السوري. وأكد المصرف أن السياسة تطبق على جميع موظفيه دون استثناء، وتأتي كجزء أساسي من نهجه في حماية المال العام وضمان العدالة والمساواة في تقديم الخدمات.
ودعا المصرف جميع المواطنين إلى الاطلاع على هذه السياسة المنشورة على الموقع الإلكتروني والمنصات الرسمية والالتزام بها، مشدداً على أن التزام الموظفين الكامل بهذه السياسة يسهم في تعزيز الثقة والمصداقية وتشجيع مؤسسات الدولة الأخرى على اتباع نهج مماثل.
وشهدت سوريا في عهد النظام البائد واحداً من أعلى معدلات الفساد على مستوى العالم، إذ تحوّل الفساد إلى نهج مؤسسي مرتبط ببنية السلطة، ومكوّن أساسي في إدارة الدولة ففي المؤشرات الدولية لمكافحة الفساد، تراجعت البلاد إلى ذيل الترتيب العالمي، مسجلة في عام 2024 درجة 12 من 100 على مؤشر الشفافية، واحتلت المرتبة 177 من أصل 180 دولة، بعد أن كانت في عام 2011 في المرتبة 144 بدرجة 26، وهو ما يعكس التدهور الحاد في النزاهة العامة.
وكن اعتمد النظام البائد سياسة إحكام السيطرة عبر شبكة ولاءات حزبية وطائفية وأمنية واقتصادية، أُفرغت خلالها المؤسسات من دورها الخدمي، وتحولت إلى أدوات لنهب المال العام وممارسة المحسوبية، حتى بات الفساد أحد أعمدة الاقتصاد الموازي الذي يمد السلطة بمصادر تمويلها. وقد وثّقت تقارير دولية ظواهر استغلالية ممنهجة، أبرزها ما عُرف بـ "صناعة الاختفاء" التي أجبرت آلاف الأسر على دفع مبالغ طائلة لقاء الحصول على معلومات عن ذويهم المعتقلين أو السماح بزيارتهم، وقدرت هذه الأموال بنحو 900 مليون دولار منذ عام 2010.
وإلى جانب ذلك، تكبدت البلاد خسائر سنوية تقارب 3.7 مليار دولار جراء التهرب الضريبي وحده، وهو ما يعادل نحو 40% من الموازنة العامة، فيما كشفت الهيئة المركزية للرقابة المالية عام 2022 عن مبالغ مطلوب استردادها تجاوزت 104 مليارات ليرة سورية، لم يُستعد منها سوى أقل من 7%.
اليوم، تجد الدولة السورية الجديدة نفسها أمام تحدٍ ثقيل لإزالة آثار هذا الإرث الذي نخَر مؤسسات الدولة وحرم السوريين من حقوقهم لعقود وقد بدأت خطوات عملية لمواجهة الفساد، شملت تشكيل لجان تحقيق لمراجعة ثروات وأصول كبار المتنفذين المرتبطين بالنظام البائد، وتجميد حساباتهم، وفتح ملفاتهم أمام الهيئات الرقابية، بالتوازي مع إصلاحات إدارية جذرية تضمنت إلغاء الوظائف الوهمية، وإعادة هيكلة القطاع العام، ورفع رواتب الموظفين بهدف تعزيز النزاهة وتقليص فرص الفساد.