
ملايين الدولارات لدعم عودة اللاجئين السوريين.. خطة جديدة من المفوضية تشمل 5 دول وسوريا
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تطلق خطة لجمع 370.9 مليون دولار لدعم عودة اللاجئين السوريين والنازحين داخلياً
أطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خطة لجمع 370.9 مليون دولار بهدف دعم عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، إلى جانب مساعدة النازحين داخلياً في سوريا، خلال عام 2025. تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المبذولة لمعالجة أزمة اللاجئين المستمرة، وتوفير الظروف الملائمة لعودتهم الطوعية والآمنة إلى ديارهم، لا سيما بعد التطورات السياسية التي شهدتها سوريا عقب سقوط النظام السوري السابق في ديسمبر/كانون الأول 2024.
تتضمن الخطة توفير الدعم لما يصل إلى 1.5 مليون لاجئ سوري يرغبون بالعودة من دول الجوار، وهي الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر، فضلاً عن تقديم المساعدة لنحو 2 مليون نازح داخلي داخل سوريا. وتؤكد المفوضية أن هذه الخطوة تأتي استجابةً لتزايد رغبة اللاجئين بالعودة، خاصة بعد التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية في بعض المناطق السورية، إذ أظهرت نتائج استطلاع حديث أجرته المفوضية ارتفاع نسبة اللاجئين الراغبين في العودة إلى 27% مع بداية عام 2025، مقارنةً بـ1.7% فقط في منتصف عام 2024.
ووفقاً للخطة، ستوجه المفوضية جزءاً من التمويل لتغطية تكاليف عمليات العودة من دول الجوار، حيث رُصدت مبالغ مالية متفاوتة لكل دولة بحسب أعداد اللاجئين فيها، إذ خُصص مبلغ 90.2 مليون دولار لدعم عودة اللاجئين من تركيا، و76.9 مليون دولار من لبنان، و22 مليون دولار من الأردن، و3.9 مليون دولار من مصر، و920 ألف دولار من العراق. كما ستوجه 81.4 مليون دولار لدعم العائدين داخل سوريا، تشمل مساعدات مادية وخدمات الحماية، بالإضافة إلى 40 مليون دولار لدعم برامج الإيواء و55 مليون دولار أخرى لإعادة الإدماج المجتمعي.
وتهدف المفوضية، من خلال هذه الخطة، إلى تقديم حزمة متكاملة من المساعدات لضمان استدامة العودة، تشمل النقل الآمن للعائدين، والمساعدات المالية الأولية لتأمين احتياجاتهم الأساسية، فضلاً عن توفير الدعم القانوني لمساعدتهم في استعادة حقوق السكن والملكية وتوثيق أوراقهم الرسمية. كما تشمل الخطة تأهيل البنية التحتية في مناطق العودة، مثل المدارس والمراكز الصحية، وضمان توفير الخدمات الأساسية للسكان.
وتواجه المفوضية تحديات كبيرة في تنفيذ هذه الخطة، أبرزها المخاوف الأمنية في بعض المناطق التي لا تزال تعاني من عدم الاستقرار، وانتشار الألغام والمخلفات الحربية التي تشكل تهديداً مباشراً لحياة العائدين. كما تبرز التحديات الاقتصادية كعائق رئيسي، إذ يعاني الاقتصاد السوري من ضعف حاد وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وهو ما قد يؤثر سلباً على استقرار العائدين في مناطقهم.
رغم هذه التحديات، ترى المفوضية أن البيئة الحالية في سوريا توفر فرصة حقيقية لدعم العودة الطوعية، خاصة في ظل تزايد رغبة اللاجئين بالعودة بعد سنوات طويلة من اللجوء. وتؤكد المفوضية أن عملية العودة ستتم وفق مبادئ القانون الدولي، مع احترام خيار اللاجئين في العودة أو البقاء في بلدان اللجوء إلى حين تحسن الأوضاع بشكل أكبر.
وفي هذا السياق، أكدت المفوضية أهمية التعاون بين الدول المضيفة وسوريا لضمان نجاح الخطة، مشددة على ضرورة التنسيق بين جميع الأطراف لضمان عودة آمنة وكريمة للاجئين. كما دعت المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المالي الكافي لتمكينها من تنفيذ خطتها، مشيرة إلى أن الفجوة التمويلية لا تزال كبيرة، ما قد يعيق تنفيذ بعض البرامج الأساسية.
وفي الأردن، الذي يستضيف نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، بينهم 660 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية، تُعد خطة العودة ذات أهمية خاصة، إذ يخطط جزء كبير من اللاجئين للعودة خلال العام الحالي. وتشير بيانات المفوضية إلى أن الأردن سيحتاج إلى 22 مليون دولار لدعم هذه العملية، مع التركيز على توفير الحماية القانونية والمساعدات المالية للعائدين.
وفي الوقت نفسه، تسعى المفوضية إلى ضمان استمرارية الدعم للاجئين الذين يختارون البقاء في دول اللجوء مؤقتاً، من خلال تعزيز برامج الحماية والمساعدات الإنسانية لضمان استقرارهم حتى تتوفر الظروف المناسبة للعودة.
وفي ختام تقريرها، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن نجاح هذه الخطة يعتمد على مدى استجابة المجتمع الدولي والتزامه بتقديم الدعم المالي اللازم، محذرة من أن أي تقصير في هذا الجانب قد يؤدي إلى إطالة أمد أزمة اللاجئين السوريين ويزيد من معاناة ملايين الأشخاص الذين ينتظرون فرصة العودة إلى وطنهم.