لقاء ضم كارلا وفريقها وعدد من عائلات المغيبين قسرياً في دمشق
لقاء ضم كارلا وفريقها وعدد من عائلات المغيبين قسرياً في دمشق
● أخبار سورية ١١ فبراير ٢٠٢٥

مسؤولة أممية: معرفة مصير المفقودين في سوريا ضرورة لتحقيق السلام الدائم

اختتمت رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا ومساعدة امين عام الامم المتحدة، كارلا كينتانا، زيارتها الأولى إلى البلاد، مؤكدة على أهمية إدراك حجم المأساة التي خلفها أكثر من 50 عامًا من حكم النظام السابق، بما في ذلك 14 عامًا من الحرب التي اتسمت بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وشددت على أن معرفة مصير المفقودين تمثل “الخطوة الأولى نحو الحقيقة والسلام الدائم”.

جاءت زيارة كينتانا على رأس فريق من المؤسسة، يضم خبراء دوليين في الطب الشرعي والعلوم الجنائية، حيث التقوا بأفراد من أسر المفقودين، إلى جانب مسؤولين في الحكومة السورية، ومنظمات المجتمع المدني، والهلال الأحمر العربي السوري، والخوذ البيضاء، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

واقع جديد وفرص غير مسبوقة

أكدت كينتانا أن الواقع الجديد في سوريا، بعد التغيير السياسي الذي شهدته البلاد، يفتح آفاقًا جديدة للبحث عن عشرات الآلاف من المفقودين، وهو أمر كان مستحيلًا في ظل النظام السابق. وأشارت إلى أن فريقها سمع مرارًا أن “كل شخص في سوريا يعرف مفقودًا، وجميعنا لدينا شخص مفقود”، مما يعكس حجم المأساة المستمرة لعائلات الضحايا.

لقاءات رسمية وميدانية

شملت الزيارة لقاءات مع وزير الخارجية السوري ومعاون الوزير للشؤون الإنسانية، إضافةً إلى وزير العدل ومسؤولين في الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، حيث أعربت المؤسسة المستقلة عن تقديرها للتعاون الذي أبدته الحكومة السورية، والانفتاح على مناقشة ضرورة توحيد الجهود لكشف مصير المفقودين.

كما تضمنت الزيارة جولات ميدانية في مناطق شهدت انتهاكات جسيمة، مثل داريا وحي التضامن، اللذين شهدا دمارًا واسعًا وعمليات نزوح جماعي. وشملت الجولة زيارة إلى سجن صيدنايا، برفقة شادي هارون، من رابطة معتقلي سجن صيدنايا، بالإضافة إلى مقبرة جسر بغداد في ضواحي دمشق، التي يُعتقد أنها تحوي مقابر جماعية لضحايا النظام السابق.

جهود التوثيق والمحاسبة

شددت كينتانا على أن المؤسسة المستقلة ستطرح خلال الأسابيع المقبلة مشروعًا للسلطات السورية لمناقشته مع المسؤولين والعائلات، بهدف توحيد الجهود في البحث عن الحقيقة والمساعدة في كشف مصير المفقودين، مشيرة إلى أن هذه القضية يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من جهود بناء الذاكرة الجماعية وتعزيز التعافي المبكر في سوريا.

مأساة المفقودين في سوريا

بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لا تزال قضية المفقودين والمختفين قسرًا إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في البلاد، حيث قُدر عدد المختفين قسرًا خلال حكم النظام السابق بمئات الآلاف. وقد وثقت الشبكة تعرض عشرات الآلاف من المعتقلين للتعذيب حتى الموت، بينما لا يزال مصير الكثيرين مجهولًا.

وتحمل التقارير الحقوقية النظام السابق المسؤولية المباشرة عن هذه الانتهاكات، إذ اعتمد سياسة ممنهجة لإخفاء المعارضين واحتجاز المدنيين بشكل غير قانوني، مما جعل هذا الملف واحدًا من أكثر القضايا تعقيدًا في مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.

ومع انخراط الجهات الدولية والمحلية في البحث عن حلول عملية لقضية المفقودين، تأمل العائلات السورية في خطوات ملموسة تشمل فتح الأرشيفات، وكشف مواقع المقابر الجماعية، وضمان تعويض الضحايا وأسرهم. ويبقى التحدي الأكبر هو ضمان عدم إفلات المسؤولين عن هذه الجرائم من العدالة، وتوفير آليات محاسبة حقيقية.


وأكدت كينتانا في ختام زيارتها أن المؤسسة المستقلة للمفقودين في سوريا، التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، هي الكيان الوحيد الذي تم تفويضه خصيصًا لمعالجة هذه القضية، مشددةً على أن “معرفة الحقيقة ليست مجرد مطلب للعائلات، بل هي ضرورة لتحقيق سلام دائم في سوريا”.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ