قرار وقف استيراد السيارات في سوريا.. آثار سلبية تُثقل كاهل المواطن وتثير المخاوف من الاحتكار
قرار وقف استيراد السيارات في سوريا.. آثار سلبية تُثقل كاهل المواطن وتثير المخاوف من الاحتكار
● أخبار سورية ٣٠ يونيو ٢٠٢٥

قرار وقف استيراد السيارات في سوريا.. آثار سلبية تُثقل كاهل المواطن وتثير المخاوف من الاحتكار

أثار قرار وزارة الاقتصاد السورية القاضي بوقف استيراد السيارات ردود فعل متباينة، وسط تحذيرات من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية على السوق والمواطنين، لا سيما الفئات محدودة الدخل التي كانت تعتمد على السيارات المستعملة كخيار أقل كلفة.

وبحسب مراقبين ومتابعين للسوق، يأتي القرار في وقت شهدت فيه البلاد خلال الأشهر الماضية تدفقاً هائلاً للسيارات، تجاوز عددها 300 ألف مركبة، ما تسبب بحالة شبه إشباع وركود واضح في حركة البيع، دفع بعض التجار إلى عرض سياراتهم بوسائل تسويقية غير تقليدية، وصلت حد البيع على الأرصفة.

في ظل هذا الركود، يلوّح بعض التجار بإعادة تسعير السيارات بحجة تقلص الخيارات المتاحة بعد القرار، الأمر الذي يُنذر بمزيد من الجمود في السوق، ويهدد بخلق فجوة جديدة بين القدرة الشرائية للمواطنين والأسعار المتصاعدة للسيارات، خاصة مع احتكار فئة محددة من التجار لمخزونات ضخمة من السيارات المستوردة سابقاً.

ويرى ناشطون في الشأن الاقتصادي أن القرار فتح باب الثراء السريع لبعض كبار التجار الذين استوردوا كميات كبيرة من السيارات قبل صدور القرار، دون الإعلان عن مهلة زمنية تسمح بتكيّف السوق، وهذا ما أثار شبهة فساد لصالح جهات محددة، خصوصاً أن غياب الشفافية في توقيت القرار أربك المستوردين الصغار والمواطنين على حد سواء.

القرار، وفق ما يُنقل عن المتابعين، مجحف بحق شريحة واسعة من السوريين، ممن كانوا يأملون بامتلاك سيارة مستعملة تغنيهم عن صعوبات النقل العامة. فحصر الاستيراد بالسيارات الجديدة فقط، وبشروط صارمة لا تسمح إلا بدخول موديلات حديثة جداً، جعل امتلاك سيارة حلماً بعيد المنال لذوي الدخل المحدود، وأبقى خيار الشراء مقتصراً على الأثرياء.

كما جرى التغاضي عن واقع السيارات القديمة جداً المنتشرة في البلاد، والتي يعود إنتاج الكثير منها إلى ما قبل العام 2000، دون تقديم بدائل واقعية مثل برنامج استبدال مدعوم أو إعفاءات جمركية لأصحاب السيارات القديمة، وهو ما يزيد من الأعباء المعيشية ولا يراعي السلامة المرورية أو البيئية.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي القرار إلى نشاط غير شرعي في تهريب السيارات عبر المنافذ الحدودية، أو خلق سوق سوداء تتحكم بها شبكات موازية، في ظل غياب البدائل الميسّرة وتشديد الضوابط الرسمية، الأمر الذي قد يزيد من الفوضى الاقتصادية ويفاقم معاناة المواطنين.

سوق شبه مشبع وتهديد بارتفاع الأسعار

الصحفي وسيم إبراهيم علّق على القرار بالقول إن "السوق السوري شهد خلال الأشهر الماضية تدفقاً هائلاً للسيارات، تجاوز عددها 300 ألف مركبة، ما أدى إلى حالة شبه إشباع وركود في حركة البيع". ومع ذلك، يشير إلى أن "بعض التجار يلوّحون بإعادة تسعير السيارات بذريعة تقلص الخيارات المتاحة بعد القرار الأخير".

ويرى وسيم أن "أي توجه لرفع الأسعار في هذه المرحلة لن يحفّز السوق، بل سيزيد من الجمود القائم، خاصة مع لجوء بعض التجار مؤخراً إلى عرض سياراتهم للبيع على الأرصفة بأساليب تسويقية غير تقليدية".

ويحذر من أن "عدم تدخل الجهات الرقابية لضبط السوق قد يفتح المجال لممارسات احتكارية تضر بالمستهلك وتفقد السوق أي مبدأ للشفافية في تسعير السيارات".

الرد الرسمي من وزارة الاقتصاد: "تنظيم لا منع"

في المقابل، بررت وزارة الاقتصاد والصناعة القرار بأنه جاء نتيجة دخول كميات ضخمة من السيارات إلى البلاد خلال الفترة الأخيرة، ما شكّل عبئاً على البنية التحتية والاقتصاد الوطني، فضلاً عن أن الكثير من هذه المركبات لا يحقق معايير الجودة والسلامة المطلوبة.

وأوضح مدير الاتصال الحكومي في الوزارة "قاسم كامل"، أن المناطق الشمالية، بعد تحررها، كانت مفتوحة أمام تدفق السيارات، ما أدى إلى دخول مركبات كثيرة دون رسوم جمركية كافية، الأمر الذي تطلب إعادة ضبط وتنظيم حركة الاستيراد على مستوى البلاد كافة.

وأضاف أن تحديد عمر السيارات المسموح باستيرادها بسنتين فقط عدا سنة الصنع، يهدف إلى خفض كلفة الصيانة وتقليل الهدر، لافتاً إلى أن القرار راعى أوضاع من اشترى سيارات قبل صدوره، عبر السماح بتثبيت بياناتها لدى هيئة المنافذ حتى تاريخ 6 تموز الجاري.

وأشار إلى أن القرار يستثني الآليات الإنتاجية من المنع، مثل رؤوس القاطرات والشاحنات والجرارات الزراعية، بشرط ألا يتجاوز عمرها عشر سنوات، إلى جانب الحافلات الكبيرة، وذلك نظراً لارتفاع كلفة استيراد الآليات الجديدة ولحاجة القطاعات الخدمية إليها.

وأكدت الوزارة أن القرار يهدف إلى الحفاظ على احتياطي القطع الأجنبي وضبط فاتورة الاستيراد، مشيرة إلى أن عدد السيارات المستوردة حالياً يكفي، مقارنة بالبنية التحتية وعدد السكان.

هذا ويترك قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة في سوريا، وعلى الرغم من مبرراته الاقتصادية والرسمية، وراءه آثاراً ثقيلة على الطبقات المتوسطة والفقيرة، ويطرح تساؤلات عن آليات تطبيقه وتوقيته، وبينما تدعو الجهات المعنية إلى الانضباط الجمركي وضبط السوق، يرى مراقبون أن غياب البدائل والبرامج الداعمة يجعل من القرار عبئاً جديداً يُضاف إلى سلسلة من التحديات المعيشية التي تواجه السوريين يومياً.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ