صورة
صورة
● أخبار سورية ٨ مارس ٢٠٢٥

في اليوم الدولي للمرأة: 16603 سيدات قتلن و9736 لا يزلن مختفيات قسرياً و10072 حادثة عنف جنسي منذ آذار2011

قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إنه منذ انطلاق الحراك الشعبي في سوريا في آذار/ مارس 2011، أدت النساء دوراً محورياً في المطالبة بالتغيير الديمقراطي، حيث شاركن بفاعلية في المظاهرات السلمية، وساهمن في توثيق الانتهاكات وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين.

وأكد التقرير أن دور المرأة السورية لم يكن ثانوياً أو مجرد إضافة رمزية، بل كان أساسياً وحاسماً في مختلف المجالات المجتمعية والحقوقية والسياسية، وقد برزت النساء بوضوح في مقدمة المطالبين بالعدالة وحقوق الإنسان رغم ما واجهنه من تحديات متصاعدة.

ولفت إلى أن هذه المشاركة البارزة عرّضت النساء بشكل مباشر إلى القمع الممنهج، فخلال ما يزيد عن 13 عاماً، واجهن طيفاً واسعاً من الانتهاكات الخطيرة التي تراوحت بين الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والعنف الجنسي، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والتهجير القسري. لم تكن هذه الانتهاكات مجرد آثار جانبية أو أحداث عارضة، وإنَّما شكَّلت سياسة مدروسة تهدف إلى ترهيب المجتمع بأسره وتحطيم إرادته وكسر عزيمته.

ووفق التقرير، على الرغم من جسامة هذه التحديات، فقد أظهرت المرأة السورية قدرة استثنائية على الصمود والمقاومة، فبادرت إلى تأسيس منظمات المجتمع المدني، وشاركت بفاعلية في المحافل الحقوقية الدولية، وقادت حملات مناصرة بارزة سعياً لتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات. 


أكد التقرير أن جهود النساء في السنوات الماضية لم تقتصر على مواجهة تلك الجرائم فقط، بل امتدت إلى التصدي لمحاولات إقصائهن وتهميش دورهن في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والمدنية. ومع دخول سوريا مرحلة انتقالية، أصبح من الضروري الإقرار بدور النساء، وضمان مشاركتهن الفاعلة في صياغة مستقبل البلاد بما يرسّخ العدالة والاستقرار، ويحول دون تكرار أخطاء الماضي.

توثيق الانتهاكات بحقِّ النساء السوريات: رصد مستمر للجرائم والممارسات القمعية
خلال السنوات الماضية، حرصت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان على توثيق الانتهاكات الخطيرة التي ارتُكبت بحقِّ النساء السوريات، من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، إلى العنف الجنسي والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون. وفي إطار مساعيها المستمرة لإبراز معاناة النساء والتعريف بواقعهن، تُصدر الشَّبكة تقريرين رئيسين في كل عام:

وبحسب قاعدة البيانات في الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قتل ما لا يقل عن 16603 سيدات، منها 78 ‎%‎ على يد نظام بشار الأسد السابق وحلفائه، و9736 لا يزلن مختفيات قسرياً، منها 82 ‎%‎ على يد نظام بشار الأسد، إضافة إلى 10072 حادثة عنف جنسي ضد السيدات في سوريا، وذلك منذ آذار/مارس 2011 ولغاية آذار/مارس 2025.

كما وثَّق فريق الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 19 حادثة اعتداء وترهيب استهدفت النساء في سوريا، وكان معظمها على خلفية أنشطتهن في العمل المدني والمؤسسات المحلية، منذ آذار/مارس 2024 حتى آذار/مارس 2025.

ومع دخول سوريا مرحلة انتقالية بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، يصبح الاعتراف بمعاناة النساء ضرورة حتمية وملحَّة، وهو ما يتطلب بذل جهود جادة لتحقيق العدالة الانتقالية، وضمان المشاركة الكاملة والفاعلة للمرأة في عملية صنع القرار، وتجنب تكرار السياسات الإقصائية التي همّشت دور المرأة وتجاهلت تضحياتها الكبيرة التي قدمتها من أجل الحرية والعدالة.

المرحلة الانتقالية: ضرورة دعم دور المرأة وعدم تهميشها
مع دخول سوريا مرحلة انتقالية بعد سقوط النظام، يغدو دعم المرأة وتمكينها من الركائز الأساسية والضرورية لضمان تحقيق العدالة والاستقرار في البلاد. إنَّ إقصاء النساء أو تهميش أدوارهن في هذه المرحلة من شأنه إضعاف أية عملية سياسية أو اجتماعية تهدف إلى بناء سوريا جديدة قائمة على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وتعد مشاركة المرأة في مسار العدالة الانتقالية شرطاً حاسماً لتحقيق المحاسبة والاستقرار، فقد لعبت النساء دوراً جوهرياً خلال النزاع، وأثبتن قدراتهن كناشطات وصانعات للتغيير وقياديات في مجتمعاتهن، ما يجعل أي محاولة لإقصائهن عن المشاركة الفاعلة سبباً في تعثر العملية السياسية وإضعاف الجهود المبذولة لبناء الدولة الجديدة. 

وفق الشبكة، من الضروري اعتبار النساء شريكاً أساسياً في وضع السياسات العامة واتخاذ القرارات المصيرية التي ستحدد مستقبل البلاد. إنَّ إشراك المرأة في المفاوضات والهيئات الحكومية والمجالس التشريعية هو الضمان الأمثل لوضع سياسات أكثر شمولية وعدالة، تعكس بشكل حقيقي احتياجات وتطلعات جميع فئات المجتمع السوري.

وأوضح أنَّ غياب النساء عن مراكز صنع القرار من شأنه أن يؤدي إلى إعادة إنتاج الأنظمة الاستبدادية والتمييزية التي عانت منها المرأة السورية لعقود طويلة. لذا فإنَّ مشاركتهن بشكل عادل ومتكافئ تمثّل ضمانة أساسية لعدم تكرار انتهاكات الماضي، وتأسيس مجتمع ديمقراطي قائم على المساواة والعدالة.
ويتوجب أن يكون إشراك المرأة في المرحلة الانتقالية منهجياً ومستداماً، يتجاوز التمثيل الرمزي إلى ضمان دور حقيقي وفاعل في وضع السياسات واتخاذ القرارات. ويستلزم ذلك مشاركة النساء بصورة مؤثرة في جميع المؤسسات السياسية والهيئات الانتقالية، بما يضمن أن تكون السياسات المستقبلية عادلة وشاملة لجميع فئات المجتمع. ويشمل ذلك على وجه التحديد:
1. اللجان الدستورية: يجب أن تُمنح المرأة دوراً محورياً في عمليات صياغة الدستور، بحيث تضمن النصوص الدستورية حقوق النساء وتحميهن من كافة أشكال التمييز والعنف، وتكرّس المساواة والعدالة بين الجنسين.
2. الهيئات الحكومية والوزارية: من الضروري ضمان تمثيل النساء بصورة فعلية في الحكومة الانتقالية، سواء على مستوى المناصب الوزارية أو في مختلف الهيئات التنفيذية، بما يضمن صياغة سياسات عامة أكثر تنوعاً وشمولية وعدالة.
3. المجلس التشريعي: ينبغي ضمان التمثيل الحقيقي للنساء في المجلس التشريعي، ما يساهم في تبني تشريعات وسياسات تستجيب لتطلعات واحتياجات المجتمع السوري بكافة مكوناته.
4. المؤسسات القضائية: إنَّ تحقيق العدالة الانتقالية يتطلب مشاركة فعالة للنساء في المؤسسات والهيئات القضائية، لضمان التعامل الجاد مع الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة، ومحاسبة مرتكبي جرائم العنف والانتهاكات الجسيمة بحق النساء، وترسيخ الثقة في منظومة العدالة الجديدة.
5. إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية: لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة وإعادة إعمار البلاد دون إشراك المرأة بشكل أساسي في وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وإطلاق برامج مخصصة لتمكين النساء اقتصادياً، وتوفير فرص عمل تلبي احتياجاتهن وتطلعاتهن، بما يعزز استقلاليتهن المالية، وقدرتهن على المساهمة الفعالة في إعادة بناء المجتمع. كما ينبغي وضع برامج خاصة لتحسين أوضاع النساء وتأهيلهن مهنياً لسوق العمل.

المرحلة الانتقالية: توصيات لتعزيز حقوق المرأة ودورها في بناء سوريا المستقبل
1. ضمان المشاركة الفعَّالة للنساء في مراكز صنع القرار:
o تعزيز تمثيل النساء في كافة الهيئات السياسية والقضائية والاقتصادية على المستويين الوطني والمحلي، لضمان تمثيل متوازن يعبّر عن كافة فئات المجتمع.
o وضع آليات واضحة تعزز وجود المرأة في الأحزاب السياسية وتسهيل وصولها إلى المواقع القيادية العليا.
o تبني سياسات ملزمة تحقق التوازن بين الجنسين في المناصب العليا والوظائف الحكومية، بما في ذلك تخصيص نسب محددة (كوتا) تضمن تمثيلاً عادلاً للنساء في المجالس التشريعية والتنفيذية.
2. تحقيق العدالة الانتقالية وضمان المحاسبة:
o تشكيل لجان متخصصة للتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي تعرضت لها النساء خلال سنوات النزاع، مع ضمان المحاسبة القانونية العادلة لمرتكبي هذه الجرائم.
o توفير برامج متخصصة للدعم النفسي والاجتماعي تستهدف النساء الناجيات من العنف الجنسي، والتعذيب، والإخفاء القسري، بما يحقق لهن التعافي وإعادة الإدماج الاجتماعي.
o دعم قدرات المنظمات الحقوقية النسائية وتعزيز مشاركتها في توثيق الانتهاكات، وجمع الأدلة وتقديمها إلى جهات التحقيق الوطنية والدولية المختصة، بهدف ضمان محاسبة المتورطين وعدم إفلاتهم من العقاب.
3. تمكين النساء اقتصادياً وتعليمياً:
o إطلاق برامج تدريب وتأهيل مهني متخصصة وموجهة للنساء، بهدف تعزيز مشاركتهنّ الفعّالة في سوق العمل، وإعادة تأهيلهن اقتصادياً واجتماعياً.
o تقديم منح دراسية مخصصة للنساء المتضررات من النزاع في مجالات القانون، والعلوم السياسية، والإدارة العامة، لبناء جيل نسائي مؤهل لتولي المسؤوليات في المرحلة الانتقالية وما بعدها.
o تشجيع ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء عبر توفير التمويل اللازم والتسهيلات القانونية والتنظيمية، لتحقيق الاستقلال الاقتصادي، وتعزيز قدرة المرأة على المساهمة في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
4. إصلاح المنظومة القانونية والتشريعية:
o إلغاء أو تعديل كافة القوانين التمييزية ضد النساء، لا سيما في مجالات الأحوال الشخصية، والعمل، والجنسية، بما يضمن المساواة التامة في الحقوق والواجبات.
o إصدار تشريعات شاملة تحمي النساء من جميع أشكال العنف، بما في ذلك العنف الأسري، والتحرش الجنسي، والزواج القسري، مع توفير آليات واضحة وقابلة للتطبيق في مجال الحماية والوقاية.
o تأسيس مؤسسات وهيئات قضائية متخصصة تُعنى بحماية حقوق النساء، وتوفر لهن وصولاً سلساً إلى العدالة دون عوائق.
5. تمكين ودعم منظمات المجتمع المدني النسائية:
o تقديم الدعم المالي والتقني لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق المرأة، لضمان قيامها بدور فعال في تعزيز السلام والمصالحة الوطنية وإعادة الإعمار.
o بناء شراكات استراتيجية بين منظمات النساء المحلية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق المرأة، بهدف الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وتطبيق أفضل الممارسات العالمية.
o ضمان استقلالية المنظمات النسائية وحمايتها من أي تضييق سياسي أو أمني أو اجتماعي قد يعوق عملها أو يحد من فعاليتها.
6. إدماج قضايا النوع الاجتماعي في السياسات والخطط الوطنية:
o الحرص على تضمين منظور النوع الاجتماعي في جميع السياسات والخطط التنموية الوطنية، في قطاعات التعليم، والصحة، والاقتصاد، بما يراعي بشكل حقيقي احتياجات النساء والفتيات ويضمن تحقيق المساواة في الوصول إلى الخدمات.
o تأسيس مراكز بحثية متخصصة لدراسة وتحليل أوضاع النساء في سوريا، وتقديم توصيات علمية وعملية لصناع القرار، لتعزيز مكانة المرأة وتمكينها في مختلف المجالات.
o إطلاق حملات توعية مجتمعية واسعة النطاق تهدف إلى تغيير الأنماط الثقافية والاجتماعية النمطية المتعلقة بأدوار النساء، وتعزيز ثقافة المساواة والاحترام المتبادل بين الجنسين.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ