
عمالة الأطفال .. مشهد مؤلم بات مألوفاً في سوريا بسبب ظروف الحرب
بات مشهد الأطفال وهم يبيعون قطع الحلوى أو علب المحارم والبضائع الأخرى مألوفاً في شمال غربي سوريا، سواء في الأسواق والطرقات أو أي مكان يتجمع به الناس، يقف الطفل حاملاًَ بضاعته، يقلب نظره ما بين اليمين والشمال يلحقُ كل شخص يمر بجانبه وهو يحاول إقناعه بشراء بضاعته.
في أسواق مدينة الدانا، بالقرب من المحلات، يمشي طفل اسمه "أحمد" يحمل علبة بسكويت وينادي: "الواحد بخمسة، والتلاتي بعشرة"، طفل ٱخر "حمزة" يقفُ أمام بسطة للأواني المنزلية، وطفلة صغيرة "منى" تحملُ مكانس وتمشي بين الناس وهي تقول: "عمو اشتري مئشي، خالة ما بدك مئشي".
يسيطر التعب على ملامح أولئك الأطفال، يجلسون بخيبة على الأرصفة، يراقبون بضاعتهم فيتنهدون، ثم يتابعون عملهم على أمل أن يتمكنوا من بيعها، فوراء كل واحد منهم قصة نزعت عنه لباس الطفولة وأبدلتها برداء العمل والمسؤولية. منى (12 عاماً) تعيش مع أمها الأرملة وتساعدها بالمال القليل الذي تكسبه بالإنفاق على المنزل، أما أحمد والده يعمل في فرن وأجره لا يكفي متطلبات البيت، وحمزة يتيم الأبوين ويعيش مع جدته المسنة في خيمة تفتقر لأدنى مقومات الحياة.
تسبب الحرب الممتدة لأربعة عشر عاماً بسوء الأوضاع المعيشية، ليعيش أغلب الناس تحت خط الفقر، وتصبح تأمين الاحتياجات اليومية صعباً مقارنة بفرص العمل المتاحة والمدخول المالي المتوفر. تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من خلال تقرير نشرته في الخامس والعشرين من شهر آذار/مارس الماضي، إن أكثر من 75% من أطفال سوريا البالغ عددهم 10.5 مليون طفل قد وُلِدوا خلال الحرب التي استمرت 14 عاما، ليقضوا طفولتهم ضمن ظروف النزوح والقصف والرعب.
وتعد عمالة الأطفال مشكلة شائعة في مناطق متفرقة من سوريا وتختلف المهن التي يعملون بها كي يساعدوا أسرهم، في مادتنا هذه نرصد الظاهرة بشمالي غربي السوري، فسبق وحذر فريق منسقو استجابة سوريا من تفاقمها هناك. وذكر الفريق من خلال بيان أصدره في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، أن عدد الأطفال المتسربين من المدارس في جميع أنحاء سوريا يبلغ نحو 2.3 مليون طفل، بينهم أكثر من 386 ألف طفل في شمال غرب البلاد.
وأضاف أن اثنين من كل خمسة أطفال يتركون التعليم وينزلون إلى سوق العمل، وسط توقعات بارتفاع هذه النسبة خلال الأعوام المُقبلة بسبب سوء الأوضاع المعيشية التي يعاني منها المدنيون. التوقف عن الدراسة ليست الخسارة الوحيدة لأولئك الأطفال، وإنما هناك إمكانية للتعرض لسلسة من الآثار السلبية على المستوى الجسدي والنفسي والمعنوي والإنساني وغيرها.
ويذكر أن الديكتاتور الأسد كان السبب الرئيسي بأكثر الظواهر السلبية التي حصلت في المجتمع، نظراً لنظامه القمعي الذي استخدمه طوال سنوات حكمه، والمبني على السرقة والقتل والتشريد، إلا أن الثورة السورية وضعت حداً لظلمه، وينتظر الناس الٱن أن تتحسن أوضاعهم، وأن تكون الأيام القادمة حاملة مستقبلا أفضل لأولئك الأطفال.