صورة
صورة
● أخبار سورية ٤ فبراير ٢٠٢٥

شبكة حقوقية تؤكد ضرورة تطبيق الضوابط القانونية والقضائية في الاحتجاز على خلفية العمليات الأمنية

أكدت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقريرها الصادر اليوم، على ضرورة تطبيق الضوابط القانونية والإجراءات القضائية المستقلة في الاحتجاز على خلفية العمليات الأمنية، لافتة إلى أنَّ ما لا يقل عن 229 حالة احتجاز تعسفي قد تم توثيقها في كانون الثاني/يناير 2025.

ولفت التقرير الذي جاء في 18 صفحة، إلى الحاجة الملحَّة إلى وضع ضوابط قانونية لإنهاء حقبة الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وضمان الحقوق الأساسية للأفراد، وذلك مع التحولات السياسية والعسكرية الجذرية التي تمثلت في سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وتولي حكومة انتقالية زمام السلطة.

ووفقاً للتقرير فقد تمَّ توثيق 229 حالة احتجاز تعسفي في كانون الثاني/ يناير 2025، بينهم 3 أطفال و8 سيدات، حيث كانت 129 حالة منها على يد الحكومة الانتقالية، كما وثق التقرير 41 حالة اعتقال على يد فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، إضافة إلى 59 حالة اعتقال بينهم 3 أطفال و2 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية.

أظهر التحليل الجغرافي للبيان أنَّ محافظة حلب سجلت العدد الأعلى من حالات الاحتجاز التعسفي، تليها محافظة حمص، تليها محافظتي دمشق ودير الزور، تليها حماة، ثم محافظة الرقة. وأبرز التقرير مقارنة بين حصيلة الاعتقالات وعمليات الإفراج، حيث أشار إلى أنَّ حالات الإفراج تفوق حالات الاحتجاز التعسفي من مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة الانتقالية، ويعود ذلك بشكل رئيس إلى إفراج الحكومة الانتقالية عن مئات المحتجزين من سجن حمص المركزي، ممن تمَّ احتجازهم على خلفية ارتباطهم بنظام بشار الأسد بعد سقوطه في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. إضافة إلى إطلاق سراح عدد من المعتقلين في بعض مراكز الاحتجاز لدى قوات سوريا الديمقراطية وفصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني.

أوضح التقرير أنَّ قوات إدارة الأمن العام التابعة للحكومة الانتقالية نفذت حملات دهم واحتجاز في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وخاصة في محافظات اللاذقية وحمص وحماة ودمشق، وذلك في إطار ملاحقة الأشخاص المتهمين بانتهاكات خلال فترة حكم نظام الأسد، وقد شملت هذه العمليات العسكريين السابقين والموظفين الحكوميين، وتم خلالها مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

من جهة أخرى وثَّق التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في تنفيذ سياسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، حيث نفذت عمليات دهم جماعية استهدفت مدنيين تحت ذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، كما استهدفت مدنيين بتهمة التعامل مع قوات العشائر العربية والجيش الوطني والمشاركة في عملية ردع العدوان التي أطلقت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، كما تم رصد عمليات اعتقال/ احتجاز طالت مدنيين بسبب مشاركتهم في الاحتفالات الشعبية لسقوط نظام الأسد، كما سجلنا عمليات اعتقال/احتجاز طالت مدنيين على خلفية انتقادهم للممارسات التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية في المناطق التي تسيطر عليها.

بحسب التقرير، قامت فصائل المعارضة المسلحة /الجيش الوطني بتنفيذ عمليات اعتقال/احتجاز تعسفي وخطف جرت بشكل جماعي استهدفت القادمين من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بما في ذلك النساء. ورصد التقرير حالات اعتقال/ احتجاز جرت على خلفية عرقية وتركزت في مناطق سيطرة الجيش الوطني في حلب. وغالباً ما تمت هذه العمليات دون وجود إذن قضائي، ودون مشاركة جهاز الشرطة المخّول قانونياً بتنفيذ عمليات الاعتقال. 


أشار التقرير إلى اعتقالات استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية خاصة في قرى تابعة لمدينة عفرين في محافظة حلب، كما سجل التقرير عمليات اعتقال استهدفت نازحين عادوا إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني وتركزت في مدينة عفرين. كما سجل التقرير عمليات اعتقال/احتجاز قامت بها عناصر فرقة سليمان شاه التابعة للجيش الوطني، استهدفت عدداً من المزارعين للضغط عليهم لدفع المبالغ المالية (أتاوة)، تركزت هذه الاعتقالات في قرية ميركان التابعة لمدينة عفرين.

الإفراجات:
على صعيد الإفراجات، وثق التقرير الإفراج عن 641 شخصاً، من مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة الانتقالية، حيث تراوحت مدة احتجازهم بين عدة أيام وحتى الشهر، وكان أغلبهم من أبناء محافظات حمص وحماة واللاذقية، تم الإفراج عن معظمهم من سجن حمص المركزي على عدة دفعات.

ووفقاً للتقرير، فقد سجلنا إفراج قوات سوريا الديمقراطية عن 12 شخصاً، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم عدة أيام حتى الشهر، وكان معظمهم من أبناء محافظات دير الزور وحلب والرقة. كما تم الإفراج عن 2 شخص من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وذلك ضمن صفقة تبادل للأسرى أجرتها مع قوات الجيش الوطني في 7 كانون الثاني/ يناير 2025، في منطقة دير حافر في ريف محافظة حلب الشرقي، وتراوحت مدة احتجازهم قرابة الشهر ونصف.

كما وثَّق التقرير إفراج فصائل المعارضة المسلحة /الجيش الوطني عن قرابة 9 أشخاص، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم عدة أيام، وكان معظمهم من أهالي حلب. كما سجلنا إفراج فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني عن 3 أشخاص، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، وذلك ضمن صفقة تبادل للأسرى أجرتها مع قوات سوريا الديمقراطية في 7 كانون الثاني/يناير 2025، في منطقة دير حافر في محافظة ريف حلب الشرقي، وتراوحت مدة احتجازهم قرابة الشهر.

أفاد التقرير بأنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أصبحت مصدراً موثوقاً للعديد من هيئات الأمم المتحدة، حيث استندت إليها عدة قرارات دولية، من بينها مشروع قرار حالة حقوق الإنسان في سورياA/C.3/78/L.43 ، الذي تم التصويت عليه في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وقد أدان القرار نظام الأسد لارتكابه انتهاكات جسيمة، وأكد أنَّ عدد المعتقلين تعسفياً بلغ أكثر من 135,000، مشيراً إلى مسؤولية النظام عن الاختفاء القسري المنهجي، والذي يصنف كجريمة ضد الإنسانية.

واختتم التقرير بعدد من الاستنتاجات والتوصيات:

الاستنتاجات:

• الاعتداء على كرامة المحتجزين وانتهاك حظر التعذيب: رصد التقرير انتهاكات جسدية ونفسية بحقِّ المعتقلين، بما في ذلك التعذيب والمعاملة المهينة، ما يشكّل خرقاً واضحاً لاتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، والتي تُلزم جميع الأطراف باتخاذ تدابير فعالة لمنع التعذيب ومعاقبة مرتكبيه.

• التقصير في الإفراج عن المحتجزين بشكل قانوني ومنظم: رغم تسجيل عمليات إفراج عن بعض المعتقلين، إلا أنَّ هذه العمليات تمت دون إجراءات قضائية واضحة أو تحقيقات شفافة، مما يثير مخاوف بشأن استمرار الاعتقال خارج الأطر القانونية، وهو ما يُعد انتهاكاً لمبدأ عدم الحرمان التعسفي من الحرية المنصوص عليه في المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

• التقصير في حماية حقوق الضحايا وذويهم: استمرار الاختفاء القسري دون الكشف عن مصير المختفين أو تقديم معلومات رسمية لعائلاتهم يمثل انتهاكاً للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006، التي تلزم الدول والمنظمات المسيطرة بالإفصاح عن أماكن الاحتجاز وتمكين العائلات من معرفة مصير ذويهم.

• غياب آليات المحاسبة والعدالة الانتقالية: رغم التغيير السياسي، لم يتم اتخاذ تدابير كافية لضمان المحاسبة عن الانتهاكات السابقة أو توفير العدالة للضحايا، مما يعكس ضعف الالتزام بمتطلبات العدالة الانتقالية التي تشترط إنشاء آليات تحقيق ومحاسبة، إضافة إلى ضمان عدم تكرار هذه الجرائم مستقبلاً.

• قامت فصائل في المعارضة المسلحة/الجيش الوطني بممارسات الاعتقال والتعذيب بحقِّ بعض السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

• قوات سوريا الديمقراطية ارتكبت العديد من الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري، رغم امتلاكها هيكلية سياسية، ما يجعلها أيضاً ملزمة بتطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان.

• عدم الامتثال لمعايير المحاكمة العادلة: تُظهر البيانات الموثقة أنَّ العديد من عمليات الاحتجاز تمت دون مذكرات قضائية أو ضمانات قانونية، مما يشكّل انتهاكاً واضحاً للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحظر الاعتقال التعسفي وتؤكد على حقِّ المحتجزين في معرفة أسباب احتجازهم والمثول أمام القضاء في أسرع وقت ممكن.

توصيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان: دعوات لتحقيق العدالة والمحاسبة في سوريا

دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الأخير إلى اتخاذ عدة إجراءات هامة على الصعيدين الدولي والمحلي لضمان العدالة والمحاسبة في سوريا، مؤكدة ضرورة معالجة القضايا المتعلقة بالاحتجاز التعسفي، الاختفاء القسري، والانتهاكات المرتكبة بحق السوريين.

إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي:
- أوصت الشبكة بضرورة إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، مع ممارسة ضغوط دبلوماسية على الحكومات والأطراف الدولية، بما في ذلك الحكومة الروسية، لضمان تسليم المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، مثل بشار الأسد والمقربين منه.
- ضرورة تجميد الأصول المالية لنظام الأسد، ومصادرة أموال المسؤولين المتورطين في الانتهاكات واستخدامها في دعم برامج العدالة الانتقالية وتعويض الضحايا.
- تعزيز الجهود الدولية للكشف عن المفقودين ودعم المصالحة الوطنية من خلال توفير الموارد اللازمة لجهود الكشف عن المفقودين وتقديم المساعدات النفسية لعائلاتهم.

إلى مجلس حقوق الإنسان:
- دعوة المجلس إلى استمرار التركيز على قضية المعتقلين والمختفين قسريًا في سوريا، وتعزيز الشراكة مع المنظمات السورية لحقوق الإنسان لدعم جهود التوثيق والمساءلة.

إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI):
- ضرورة فتح تحقيقات معمّقة في جميع حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري الموثقة في التقارير السابقة والتركيز على ملف المختفين قسريًا.

إلى الآلية الدولية المحايدة المستقلة (IIIM):
- دعم تبادل المعلومات والخبرات مع المنظمات السورية المتخصصة في توثيق الانتهاكات وتحليل الأدلة المتعلقة بجرائم الاحتجاز والتعذيب.

إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي:
- الضغط على جميع الأطراف في سوريا لنشر قوائم بأسماء المعتقلين والكشف عن أماكن احتجازهم ضمن إطار زمني محدد، والسماح للمنظمات الأممية والدولية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالوصول إلى أماكن الاحتجاز.

إلى الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري لدى الأمم المتحدة:
- زيادة عدد العاملين المكلفين بقضية المختفين قسريًا في سوريا وتوفير تقارير دورية عن المستجدات لضمان استمرار الضغط على الجهات المتورطة.

إلى الحكومة الروسية:
- التعاون مع المجتمع الدولي لتسليم بشار الأسد والمطلوبين المتورطين في جرائم الحرب إلى المحاكم الدولية المختصة.

إلى كافة أطراف النزاع في سوريا:
- إنهاء فوري لجميع أشكال الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، والكشف عن مصير المعتقلين، وضمان الإفراج غير المشروط عن المحتجزين بسبب ممارستهم حقوقهم السياسية والمدنية.
- تشكيل لجنة دولية محايدة لمراقبة الإفراج عن المعتقلين، بإشراف الأمم المتحدة.

إلى الحكومة الانتقالية السورية:
- ضرورة التعاون مع الهيئات الدولية لضمان التحقيق في الانتهاكات وحماية الأدلة المتعلقة بالجرائم المرتكبة، بما في ذلك توثيق مواقع المقابر الجماعية والسجون.
- تعزيز العدالة الانتقالية والمساءلة من خلال التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والعمل على محاسبة المسؤولين عن الجرائم وتعويض الضحايا.

كما أوصت الشبكة الحكومة الانتقالية بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من الاعتقال والتعذيب، وتحسين التواصل مع الأهالي وتعزيز الشفافية، بالإضافة إلى مواجهة حملات التضليل الإعلامي وتعزيز احترام حقوق الإنسان خلال الحملات الأمنية.

تعزيز دور المجتمع المدني:
وأوصت الشبكة بتعزيز دور المجتمع المحلي في آليات صنع القرار لضمان تمثيل عادل لجميع الفئات وضمان تحقيق العدالة لجميع السوريين.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ