
"رويترز": "البنتاغون" بدأت إعداد خطط للانسحاب المحتمل من سوريا
نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أميركيين أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بدأت في إعداد خطط للانسحاب المحتمل من سوريا، في حال صدور أمر بذلك. وأوضح مسؤول في البنتاغون أن قائد القيادة الوسطى الأميركية قد لعب دورًا في دفع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى التوصل إلى اتفاق مع حكومة دمشق.
توقعات بتخفيف الضغوط التركية على قسد
توقع مصدر دبلوماسي أن يسهم الاتفاق مع دمشق في تخفيف الضغط العسكري التركي على قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها تركيا تهديدًا لأمنها القومي. في المقابل، نقلت رويترز عن مسؤول في البنتاغون قوله إن قوات سوريا الديمقراطية قد لا تتمكن من الاحتفاظ بالأراضي التي تسيطر عليها إذا تعرضت لضغوط من تركيا وحكومة دمشق.
الانسحاب الأميركي يتزامن مع التوترات بين قسد وتركيا
في هذا السياق، ذكر مسؤول حكومي سوري أن الرئاسة السورية ستعمل على حل القضايا العالقة بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا، في خطوة تهدف إلى تقليل التوترات بين الأطراف المعنية.
اهتمام أميركي بسحب القوات من سوريا
وكانت قناة "إن بي سي نيوز" قد نقلت الشهر الماضي عن مسؤولين أميركيين أن الإدارة الأميركية تعمل على وضع خطط لسحب جميع القوات الأميركية من سوريا، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولين مقربين منه أبدوا في الآونة الأخيرة اهتمامهم بسحب القوات الأميركية من المنطقة، وهو ما دفع البنتاغون إلى البدء في وضع خطط للانسحاب الكامل.
عدد القوات الأميركية في سوريا
وكان المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر قد أكد في ديسمبر 2024 أن عدد الجنود الأميركيين في سوريا يقدر بحوالي 2000 جندي، وهو ما يتجاوز التصريحات السابقة التي تحدثت عن 900 جندي فقط.
واشنطن ترحب باتفاق دمشق وقسد وتراقب تطورات الأوضاع
رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بالاتفاق الذي أُعلن عنه مؤخرًا بين السلطات السورية المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية، والذي يقضي بدمج مناطق الشمال الشرقي ضمن إطار دولة سورية موحدة.
وفي تصريح له، أكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن بلاده تدعم عملية انتقال سياسي قائمة على أسس غير طائفية، معتبرًا أن هذا النهج هو “أفضل سبيل لتجنب المزيد من الصراعات”.
وأشار روبيو إلى أن واشنطن تتابع عن كثب قرارات السلطات السورية المؤقتة، مشددًا على أن الإدارة الأمريكية تنظر بقلق إلى أعمال العنف الأخيرة التي استهدفت الأقليات، دون أن يحدد الجهات التي تتحمل المسؤولية عنها.
دور حاسم للولايات المتحدة باتفاق "قسد والشرع"
ووفق وكالة "رويترز"، فقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دوراً حاسماً في الوصول لاتفاق بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وحكومة دمشق، فيما وضعت وزارة الدفاع الأميركية خططاً من أجل انسحاب محتمل من الأراضي السورية.
ونقلت الوكالة عن ستة مصادر قولها إن واشنطن شجّعت حلفاءها الأكراد على توقيع الاتفاق مع حكومة دمشق، فيما قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن قائد القيادة الوسطى الأميركية ساعد في دفع "قسد" نحو الاتفاق، الذي كان بالفعل يسير قدماً.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة، إن زعيم "قسد" مظلوم عبدي سافر على متن طائرة عسكرية أميركية إلى دمشق، من أجل توقيع الاتفاق، كما قال مسؤول أميركيون إن الولايات المتحدة شجّعت الأكراد على تسوية وضعها في سوريا الجديدة.
وذكر مصدر إقليمي للوكالة أن الولايات المتحدة "لعبت دوراً حاسماُ في التوصل للاتفاق المفصلي"، بينما لفتت أربعة مصادر مطلعة إلى أن العنف الطائفي في غرب سوريا، كان له دور في تأخير التوصل للاتفاق.
مضمون اتفاق "الشرع ومظلوم عبدي" لدمج "قسد" في مؤسسات الدولة
وكان وقع كلا من رئيس الجمهورية "أحمد الشرع" وقائد قوات سوريا الديمقراطية "مظلوم عبدي"، اتفاقاً في 10 آذار 2025، يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم.
أكد الاتفاق على حق جميع المواطنين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، دون النظر إلى خلفياتهم الدينية أو العرقية، وشدد على أن اللجان التنفيذية المعنية ستعمل على تطبيق بنود الاتفاق، مع تحديد نهاية العام الحالي كأجل أقصى لتنفيذ هذه البنود بشكل كامل.
وأقر الاتفاق بأن المجتمع الكردي هو جزء أصيل من الدولة السورية، وأكدت الدولة السورية على ضمان حقوقه في المواطنة وكافة الحقوق الدستورية، وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية، في خطوة تهدف إلى إنهاء العمليات العسكرية وإرساء السلام.
كذلك تضمن الاتفاق على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية، المطارات، وحقول النفط والغاز، وتم التأكيد على ضرورة ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم مع تأمين حمايتهم من الدولة السورية.
وسبق أن رأى الباحث البارز ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف بمعهد الشرق الأوسط، تشارلز ليستر، في مقال نشره في مجلة "فورين أفيرز"، أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تواجه ثلاث خيارات رئيسية، ولكل منها مخاطره الخاصة.
وذكر ليستر أن ضباطًا أميركيين شاركوا بنشاط في تسهيل المحادثات بين دمشق و"قسد"، حيث حضروا اجتماعات رفيعة المستوى في قاعدة ضمير الجوية قرب دمشق، والتي جمعت قائد "قسد" مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع قبل تعيينه في الرئاسة.
بحسب تسريبات حول بنود الصفقة المحتملة، وعدت الحكومة الانتقالية في دمشق الأكراد في سوريا بالحقوق المتساوية، حيث تم اقتراح اعتبار اللغة الكردية لغة ثانية في البلاد. كما تضمن الاتفاق منح شخصيات من "قسد" والإدارة الذاتية مقاعد في جميع الهيئات الانتقالية في سوريا، بما في ذلك البرلمان المؤقت واللجنة الدستورية. وورد في بنود الصفقة أيضًا تخصيص عائدات قطاعي النفط والغاز والزراعة في سوريا بشكل متناسب لصالح شمال شرقي البلاد.
بعد أسابيع من المحادثات، أعلنت "قسد" قبولها جزءًا كبيرًا من الصفقة من حيث المبدأ، لكن ما يزال هناك خلافات حول كيفية دمج "قسد" في القوات المسلحة السورية الجديدة. وكان قائد "قسد" قد طالب بأن تظل قواته كتلة متميزة ضمن الجيش السوري، لكن التقارير الأخيرة تشير إلى أن "قسد" قد تخلت عن هذا المطلب ووافقت على دمج عناصرها بشكل فردي، رغم أن بعض المسائل الجوهرية لا تزال عالقة.
في ظل هذه التطورات، بدا أن السياسة الأميركية تجاه سوريا بدأت بالتكيف مع التغيير الذي مرّت به البلاد منذ ديسمبر/كانون الأول 2024. وفقًا لتقرير "واشنطن بوست"، بدأت الاستخبارات الأميركية في تبادل المعلومات بشكل فعال مع الحكومة الانتقالية السورية، مع التركيز على مكافحة تنظيم الدولة.
وأشاد الجيش الأميركي بتقدم محادثات "قسد" مع دمشق، داعيًا إلى ضرورة التوصل إلى صفقة قبل أن يصبح من غير المرجح أن تحصل "قسد" على اتفاق مناسب. في المقابل، تستعد تركيا لشن عملية عسكرية ضد "قسد" إذا انهارت المحادثات بالكامل، بينما بدأ المكون العربي في "قسد" يمارس ضغوطًا لتحقيق تسوية عادلة.