روسيا تواصل تعطيل عمل "اللجنة الدستورية السورية" وترفض استئناف اجتماعاتها في جنيف
تواصل روسيا، مساعيها في تعطيل عمل "اللجنة الدستورية السورية"، من خلال رفض تسهيل مهمة الأمم المتحدة في العملية السياسية بسوريا، والتي لم يطرأ عليها أي تحرك منذ منتصف عام 2022، بسبب موقف روسيا الرافض لاستئناف جولات "الدستورية" في مدينة جنيف السويسرية، وتطالب بنقلها لعاصمة عربية، الأمر الذي يرفضه المبعوث الدولي إلى سورية "غير بيدرسون".
وفي جديد التصريحات، أن قال "ألكسندر لافرنتييف" المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، إن جنيف هي "المكان الوحيد المرفوض" من قبل الجانب الروسي لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية السورية المشكلة من الأمم المتحدة من النظام والمعارضة السورية والمجتمع المدني من كلا الطرفين، لكتابة دستور جديد للبلاد.
وأوضح في تصريح لوكالة "تاس" الروسية، أن سلطنة عُمان، ومصر، والسعودية، والعراق، أعلنت استعدادها لاستضافة اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، مؤكداً استعداد بلاده للعمل في هذه العواصم، ولفت إلى أن الخيار المصري "مطروح على الطاولة"، إضافة إلى خيار الرياض، لافتاً إلى أن المعارضة السورية ترفض عقد الاجتماعات في العاصمة العراقية بغداد بسبب موقف الحكومة العراقية المنحاز للنظام.
في السياق، قال "أحمد العسراوي" عضو اللجنة الدستورية السورية، في حديث لموقع "العربي الجديد"، إن المعارضة السورية "جاهزة للمشاركة بجلسات اللجنة الدستورية ما دامت وفق مرجعيات الأمم المتحدة وتحت رعايتها، شريطة أن يكون جدول الأعمال جدياً لإنجاز الإصلاح الدستوري المنشود والالتزام بالقواعد الإجرائية لعمل اللجنة المعتمدة مع الإضافات المقدمة حوله".
وأكد "العسراوي" أن المعارضة السورية "هي أول من اقترحت القاهرة والرياض مكاناً بديلاً عن مدينة جنيف، لكن ضمن المواصفات التي تؤدي إلى إنجاز المهمة الأساسية الموكلة للجنة الدستورية"، ولفت إلى أن اللجنة "مفتاح للعملية السياسية التفاوضية وليست بديلاً عنها"، مستبعداً انفراجة قريبة لجهة عقد جولة جديدة من أعمال اللجنة.
وكانت توقفت أعمال اللجنة عند الجولة الثامنة التي عقدت منتصف عام 2022، ومنذ ذاك الحين فشل المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون في إقناع الجانب الروسي بتغيير موقفه الرافض لعودة اجتماعات اللجنة إلى مدينة جنيف، بسبب الموقف "غير الودّي والعدائي لسويسرا تجاه روسيا".
ووفق متابعين فإن روسيا تريد الاستحواذ على الملف السوري لفرض حل سياسي وفق رؤيتها بعيداً عن الأمم المتحدة ومضامين القرار الدولي 2254 والذي صدر أواخر عام 2015 بموافقة من موسكو إلا أنه بقي بدون تنفيذ حتى اللحظة.
ونصّ قرار مجلس الأمن الدولي 2254، الذي استند إلى بيان جنيف 1 الذي صدر منتصف عام 2012، بـ"اعتباره الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في سورية"، على "تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمل الجميع وغير طائفية"، و"اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية في غضون 6 أشهر".
وكان جدّد الدكتور "بدر جاموس" رئيس هيئة التفاوض السورية،، تمسّك الهيئة بالتنفيذ الكامل والصارم للقرارين الأمميين 2254 و2118، والقرارات الدولية كافة الخاصة بالقضية السورية من أجل تحقيق الانتقال السياسي في سوريا.
وأكّد رئيس هيئة التفاوض خلال اللقاء أن بقاء الحل السياسي رهينة أهواء النظام السوري أمر غير مقبول، ويجب على جميع الأطراف الدولية أن تضغط بوسائلها، وضمن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل إلزام كافة الأطراف بالانصياع للقرارات الدولية وتنفيذها بشكل كامل ودون مواربة.
وجدّد تجاوب الهيئة وجاهزيتها للمضي في تنفيذ القرارات الدولية لما يؤدي إلى تغيير سياسي واضح وشامل يُحقق آمال ومطالب السوريين المشروعة، مطالباً بالتحرك ضمن الجمعية العامة من أجل إيجاد آليات تُلزم النظام على المضي قدماً في الحل السياسي وفق المنصوص عليه في هذه القرارات.
وأشار إلى أن الهيئة لا تُغيّر موقفها تجاه قضية المعتقلين والمختفين قسرياً باعتبارها قضية فوق تفاوضية يرفض النظام التجاوب معها، ودعا إلى أن تتحمل الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها مسؤوليتها في هذا الملف بالضغط من أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين في سجون النظام السوري وأفرعه الأمنية والكشف عن مصير المختفين قسرياً.
وقال إن النظام السوري يُعرقل العملية السياسية بشكل عام، وما زال يرفض أيضاً متابعة اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، ويتذرّع بحجج لا علاقة للسوريين بها، وأشار إلى أهمية استكمال الاجتماعات في جنيف مع وضع آلية وجدول زمني لضمان الوصول إلى نتائج حقيقية ملموسة في كتابة الدستور.
وأعرب رئيس الهيئة عن وجود مخاوف حقيقية لدى السوريين بحدوث انزياحات في مواقف بعض الدول عن القرار الأممي 2254 الذي يعتبر المسار الدولي الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار والأمن والانتقال السياسي السلمي.
تحدّث عن مفهوم البيئة الآمنة والمحايدة، مشدّداً على أن هذا الملف يجب أن يكون نتيجة للعملية السياسية، وتقوم به هيئة الحكم الانتقالي وفق ما نصّ عليه القرار الأممي 2254، ولا يمكن طرح هذا الملف بشكل مسبق، لأنه لا توجد أي جهة قادرة على ضمان هذه البيئة دون الحل السياسي.