
دعم دولي لتعافي سوريا الاقتصادي.. والصندوق والبنك الدوليان يبحثان إعادة بناء المؤسسات السورية
في خطوة جديدة تؤكد تنامي الانفتاح الدولي تجاه سوريا ما بعد سقوط النظام السابق، أعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، أن مسؤولي صندوق النقد والبنك الدولي، إلى جانب عدد من الدول الكبرى، التقوا هذا الأسبوع بوفد رسمي سوري، لبحث جهود إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
وأكدت غورغييفا، خلال مؤتمر صحفي على هامش اجتماعات الربيع السنوية في واشنطن، أن المناقشات مع الوفد السوري ركزت على قضايا حيوية من أبرزها إعادة بناء مصرف سوريا المركزي، وتعزيز قدرة الحكومة على توليد الإيرادات، إلى جانب أهمية البدء بمراجعة السياسات الاقتصادية وتحسين مصداقية البيانات الوطنية، مشيرة إلى أن “إرساء أسس معرفة وسياسات اقتصادية سليمة أمر ضروري لإعادة سوريا إلى مسارها الطبيعي”.
وأضافت غورغييفا أن صندوق النقد الدولي عيّن رئيسًا لبعثته إلى سوريا للإشراف على الخطوات المستقبلية، لافتة إلى أن “التحرك سيتم بحذر مع استمرار الانخراط”، نظراً لحساسية الوضع وتعقيدات المشهد بعد سنوات الحرب.
وفد سوري رفيع في اجتماعات واشنطن
وشارك وفد رسمي سوري ضم وزير المالية الدكتور محمد يُسر برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين الأسبوع الماضي، وذلك لأول مرة منذ أكثر من عشرين عامًا، مما شكّل تحولاً لافتًا في مسار العلاقات الدولية مع سوريا الجديدة.
وتعد هذه المشاركة أول زيارة لمسؤولين من السلطات الانتقالية السورية إلى الولايات المتحدة منذ سقوط بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
اجتماع طاولة مستديرة رفيع المستوى
على هامش الاجتماعات، انعقد اجتماع طاولة مستديرة بدعوة من السعودية، ضمّ مسؤولين من الحكومة السورية وممثلين عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة من الشركاء الدوليين.
وفي بيان مشترك صدر عقب الاجتماع، أكّد وزير المالية السعودي محمد الجدعان، والمديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي أجاي بانغا، دعمهم الكامل لتعافي سوريا الاقتصادي.
وأشار البيان إلى أن الاجتماع شكّل امتدادًا للجهود الدولية السابقة، بما فيها مؤتمر باريس، اجتماع العلا، ومؤتمر بروكسل التاسع، وشدد على أهمية دعم الشعب السوري عبر إعادة بناء المؤسسات الحكومية، وتطوير الحوكمة، وخلق فرص عمل عبر تمكين القطاع الخاص.
كما دعا المشاركون البنك الدولي وصندوق النقد إلى تعزيز دعمهما لسوريا ضمن ولاياتهما المؤسسية، بما يشمل المساعدة الفنية، وتمويل مشاريع حيوية في البنية التحتية والطاقة والتعليم والصحة.
قضايا رئيسية مطروحة
وبحسب غورغييفا، تركزت المحادثات حول نقاط جوهرية أبرزها:
• مراجعة المؤسسات والقدرات المتعلقة بالسياسات المالية والنقدية.
• إعادة بناء مصرف سوريا المركزي وتحديث بنيته الداخلية.
• تحسين قدرة سوريا على تحصيل الإيرادات الوطنية.
• العمل على مصداقية البيانات الاقتصادية.
• ضرورة توفير بيئة استثمارية آمنة لتعزيز القطاع الخاص.
وأشارت المديرة العامة لصندوق النقد إلى أن سوريا تواجه تحديات ضخمة بسبب الحرب، مشددة على أن “شرائح واسعة من الشعب السوري تعيش في الشتات، وأن نسيج المجتمع السوري تعرض لضرر بالغ، مما يجعل مهمة إعادة الإعمار معقدة وتتطلب جهودًا هائلة من السوريين أنفسهم”.
تأكيد سعودي على أهمية دعم السوريين
من جانبه، شدد وزير المالية السعودي محمد الجدعان على أهمية التحرك بحذر تجاه سوريا، نظراً إلى استمرار وجود بعض العقوبات والعقبات القانونية، لكنه أكد أن دعم الشعب السوري ومساندته بالمساعدات والمشورة والدعم المالي أمر “بالغ الأهمية”، معربًا عن أمله بأن يكون المجتمع الدولي داعمًا للسوريين في سعيهم نحو إعادة البناء والاستقرار.
الجدعان أكد كذلك أن دولاً أخرى في المنطقة مثل اليمن والسودان ولبنان وفلسطين تحتاج أيضاً إلى وقوف المجتمع الدولي بجانبها، لكنه خص سوريا بأولوية خاصة في هذه المرحلة المفصلية.
سداد متأخرات للبنك الدولي
في سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة أن السعودية قامت بدفع متأخرات مستحقة على سوريا بقيمة نحو 15 مليون دولار لصالح البنك الدولي، مما يفتح الطريق أمام دمشق للاستفادة مجددًا من منح وقروض البنك، ويدعم إدماجها التدريجي في المنظومة الاقتصادية الدولية.
واختتم البيان المشترك بالتأكيد على أهمية عقد اجتماع متابعة في أكتوبر/تشرين الأول 2025، على هامش الاجتماعات السنوية المقبلة للبنك والصندوق، لمراجعة التقدم المحرز، وتحديد خطوات إضافية لدعم تعافي سوريا الشامل والمستدام.