درعا على صفيح ساخن..  ماذا حدث ويحدث؟ شبكة شام تنشر التفاصيل.
درعا على صفيح ساخن..  ماذا حدث ويحدث؟ شبكة شام تنشر التفاصيل.
● أخبار سورية ١١ أبريل ٢٠٢٥

درعا على صفيح ساخن..  ماذا حدث ويحدث؟ شبكة شام تنشر التفاصيل.

شهدت مدينة بصرى الشام شرقي محافظة درعا تطورات ميدانية متسارعة خلال الساعات الماضية، على خلفية محاولة اعتقال الشاب بلال الدروبي، أحد أبرز الشخصيات المحلية التي برزت مؤخرًا في المنطقة بدعم من وزارة الدفاع السورية الجديدة.

الحادثة التي جرت يوم أمس بينما كان الدروبي داخل سيارته برفقة عائلته، تطورت إلى اشتباك مسلح قصير أسفر عن إصابته بجروح خطيرة، وسط معلومات عن إصابة في القدم وأخرى في البطن، دون تأكيد رسمي حتى الآن.

وتداول ناشطون محليون مقطع فيديو يُظهر محاولة اعتقال الدروبي، حيث صورت إحدى النساء (وهي من عائلة الدروبي) اللاتي كن في السيارة مشاهد الاعتقال، وسط صراخهن بشكل كبير، خاصة بعد إطلاق النار المباشر عليه.

وبحسب مصادر محلية، فإن محاولة الاعتقال نُفذت من قبل عناصر يتبعون اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة، أحد أبرز القادة المحليين في ريف درعا الشرقي.

تعزيزات أمنية ضخمة.. وانتشار في الشوارع

في أعقاب حادثة اعتقال الدوربي وإطلاق النار عليه، وصلت صباح اليوم أرتال كبيرة تابعة لإدارة الأمن العام إلى مدينة بصرى الشام، ضمت أكثر من 300 سيارة ومئات العناصر، وتم فرض حصار غير معلن على المدينة.

كما أفادت مصادر محلية بسماع نداءات عبر مكبرات الصوت في بعض المساجد تدعو عناصر اللواء الثامن إلى تسليم أسلحتهم، ما عكس تصاعدًا في نبرة الخطاب الأمني، دون صدور أي بيان رسمي حتى لحظة إعداد التقرير.

وشهدت بعض البلدات بريف درعا الشرقي عمليات اعتقال طالت عناصر تابعين للواء الثامن، في محاولة على ما يبدو لإنهاء العودة ولواءه من قبل الحكومة السورية أو الضغط عليه للتوصل الى اتفاق يعطي وزارة الدفاع أفضلية في المحافظة على حساب لواء العودة.

محاولات للتهدئة.. هل تنجح؟

ورغم ارتفاع منسوب التوتر، أكدت مصادر قريبة من الوسطاء أن هناك محاولات جارية للتفاهم واحتواء الموقف، تشمل تواصلًا بين شخصيات محلية وممثلين عن وزارة الدفاع.

لكن هذه المحاولات لم تؤتِ نتائج واضحة حتى الآن، وسط تخوّف علني من قبل نشطاء محليين من أن تتحول الأزمة إلى صدام مفتوح قد يُكلّف المنطقة ثمنًا باهظًا، في حال لجأ أي من الطرفين إلى الحسم بالقوة.

من انقلاب 2016 إلى استقطابات ما بعد الأسد.. جذور الصدام بين العودة والدروبي

لا يمكن فصل ما جرى عن السياق الأوسع لعلاقة متوترة تعود إلى سنوات سابقة بين بلال الدروبي وأحمد العودة. ففي عام 2016، وأثناء سيطرة فصائل المعارضة على درعا، حاول الدروبي تنفيذ انقلاب داخلي على العودة، الذي كان حينها قائدًا لفصيل “شباب السنة”. لكن المحاولة فشلت، وبقي العودة في موقع القيادة.

وفي أعقاب سيطرة روسيا على الجنوب السوري منتصف عام 2018، تصدّر العودة المشهد المحلي من جديد، بعد أن وقّع اتفاقًا مع الروس أتاح له تشكيل “اللواء الثامن”، كقوة محلية شبه رسمية. في تلك المرحلة، تشكّلت أيضًا ما عُرف بـ”مركزيات درعا” (مركزية الريف الغربي، ومركزية مدينة درعا)، كمحاولة لتنظيم العلاقة بين القوى المحلية.

ومع سقوط نظام الأسد مؤخرًا، عادت خطوط الصراع القديمة لتظهر من جديد، لكن بوجوه مختلفة. فقد عاد بلال الدروبي إلى الواجهة بدعم مباشر من وزارة الدفاع السورية الجديدة، واستقطب بحسب مصادر محلية نحو 500 عنصر إلى تشكيل خاص به، ما اعتُبر من قبل اللواء الثامن محاولة لانتزاع نفوذهم تدريجيًا وتحجيم قوتهم

هل هو فشل التفاهمات أم محاولات رسم واقع مختلف؟

تُشير معلومات متقاطعة إلى أن العلاقة بين اللواء الثامن ووزارة الدفاع شهدت محاولات تنظيم مبكرة بعد سقوط النظام، خاصة أن اللواء الثامن كان ضمن تشكيل غرفة عمليات ما عرف حينها بغرفة عمليات الجنوب وغرفة عمليات تحرير دمشق.

 وشهدت تلك الفترة بعد سقوط النظام مباشرة، لقاءً بين الرئيس أحمد الشرع وقائد اللواء الثامن أحمد العودة، اعتقد الكثير حينها أن الأمور ذاهبة إلى الإتفاق والاندماج، إلا أن الامور لم تكن بجري بهذا الأمر على ما يبدو.

ولاحقا اختفى أحمد العودة من المشهد تمامًا ولم يعد يظهر على الإعلام، خاصة مع اتهامات للعودة بالعمل على الثورة المضادة، خاصة أن لدى صهره رجل الأعمال السوري خالد المحاميد علاقة قوية بدولة الإمارات.

وتجدر الإشارة أنه عند تولية الرئيس السوري أحمد الشرع منصبه الحالي من قبل الفصائل السورية العسكرية في مؤتمر النصر، لم يكن العودة موجودا حينها، وتم حضور أحد قيادي اللواء الثامن فقط وهو علي باش.

وكان وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في بداية شهر فبراير\شباط صرح أن “حوالي 100 من الفصائل المسلحة في سوريا وافقت على الاندماج ضمن وزارة الدفاع، لكن هناك بعض المجموعات التي لا تزال مترددة. من بين هذه المجموعات، أحمد العودة، قائد اللواء الثامن في الجنوب، لم يوافق بعد على الانضمام تحت قيادة الجيش الجديد.”

لكن مصدر اللواء الثامن حينها نفى بشكل قاطع وجود أي خلافات أو تردد، مؤكدًا أن اللواء متعاون بشكل كامل مع القيادة السورية الجديدة، وأنه بصدد فتح مركز تابع للأمن العام في مدينة بصرى الشام.

ولاحقا بعد تصريحات ابو قصرة بعدة أيام، نشرت صورا جمعت وزير الدفاع مرهف ابو قصرة مع القيادي في اللواء الثامن وسيم أبو عرة، وتم فيه الاتفاق حينها على حل الفصائل والاندماج ضمن وزارة الدفاع، وهناك تم الإعتقاد أن الأمور ذاهبة للحل، غير أن التفاهمات على ما يبدو لم تتطور إلى صيغة مستقرة، وهو ما يفسر دعم الدروبي لاستقطاب العناصر لوزارة الدفاع السورية.


ريف درعا الشرقي.. بين النفوذ والاستقرار

يُذكر أن مناطق سيطرة اللواء الثامن في ريف درعا الشرقي تُعد من الأكثر استقرارًا أمنيًا في المحافظة، حيث تسجَّل فيها نسب منخفضة جدًا من عمليات الخطف أو السلب أو الاغتيال، مقارنة ببقية المناطق التي تشهد انفلاتًا متكررًا.

هذا الاستقرار، إلى جانب النفوذ الشعبي والعسكري للواء الثامن، جعل من أي تحرك أمني مباشر في تلك المنطقة حسّاسًا، خاصة أن للعودة ثقل شعبي كبير في مدينة بصرى الشام وفي عموم الريف الشرقي، وسط نداءات شعبية لإيجاد حلول سلمية.

وبين محاولات الاعتقال، والارتال المنتشرة، والنداءات العلنية لتسليم السلاح، تبدو درعا اليوم على صفيح أمني وعسكري ساخن، والأنظار تتجه إلى ما إذا كانت جهود التهدئة ستنجح في احتواء الأزمة، أو ما إذا كانت المحافظة ستشهد واحدة من أعقد محطاتها بعد سقوط النظام، في سياق لم تُرسم ملامحه بعد بشكل نهائي.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ