"حفار القبور" يكشف هويته ويطالب برفع العقوبات عن سوريا ومحاكمة مجرمي النظام السابق
"حفار القبور" يكشف هويته ويطالب برفع العقوبات عن سوريا ومحاكمة مجرمي النظام السابق
● أخبار سورية ١٤ أبريل ٢٠٢٥

"حفار القبور" يكشف هويته ويطالب برفع العقوبات عن سوريا ومحاكمة مجرمي النظام السابق

أعلن الشاهد المعروف إعلامياً باسم "حفار القبور" عن هويته الحقيقية، الأحد 13 نيسان، خلال مشاركته في المؤتمر العربي المنعقد بجامعة هارفارد الأميركية، كاشفاً أن اسمه محمد عفيف نايفة، من أبناء العاصمة السورية دمشق.

وخلال حديثه في المؤتمر، استعرض نايفة تفاصيل الشهادات التي سبق وأن قدّمها أمام الكونغرس الأميركي، وكذلك أمام "محكمة جرائم الحرب في سوريا" بمدينة كوبلنز الألمانية، والتي ساهمت بشكل كبير في فضح جرائم النظام السوري السابق بحق المعتقلين، ومن بينها عمليات الدفن الجماعي لآلاف الجثث التي تحمل آثار التعذيب الوحشي، بما في ذلك جثامين أطفال تم تعذيبهم حتى الموت.

وفي تحول لافت، دعا نايفة خلال حديثه إلى ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والتي كانت شهاداته سبباً رئيسياً في إقرارها ضد النظام السوري البائد، موضحًا أن استمرار العقوبات بات يثقل كاهل الشعب السوري رغم مرور أربعة أشهر على سقوط النظام. وشدّد نايفة على أهمية تقديم جميع مرتكبي الجرائم بحق السوريين إلى العدالة لينالوا جزاءهم.

وكان نايفة قد عمل بين عامي 2011 و2018 مسؤولاً عن دفن جثث ضحايا التعذيب في مقابر جماعية، قبل أن يتمكن لاحقًا من مغادرة البلاد. وسبق له الإدلاء بشهادات صادمة أمام الكونغرس الأميركي بتاريخ 9 يونيو/ حزيران 2022، كشف خلالها عن وصول شاحنات مبردة، مرتين أسبوعيًا، محمّلةً بما بين 300 إلى 600 جثة من ضحايا التعذيب في الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية بدمشق، تمهيدًا لدفنها سرًا في مقابر جماعية.

وساهمت شهادات "حفار القبور"، إلى جانب آلاف الصور المسرّبة من قبل "قيصر" (المساعد أول فريد المذهان)، رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، في توثيق وإيصال حجم الفظائع التي ارتكبها النظام السابق بحق السوريين الذين ثاروا ضدّه، إلى الرأي العام العالمي.

كذلك كانت شهادات نايفة جزءاً هاماً من الأدلة التي استندت إليها المحكمة الألمانية في كوبلنز لإدانة ضابط المخابرات السابق أنور رسلان، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأكد نايفة في شهاداته، أنه شاهد عيان على دفن أكثر من 6000 جثة، بينها جثامين أطفال، جميعها تحمل علامات التعذيب الشديد، تم نقلها في ثلاث شاحنات مبردة، كانت تصل مرتين أسبوعيًا من الفروع الأمنية والمستشفيات العسكرية في العاصمة السورية.


"سامي وقيصر": أسماء سورية خالدة كرمز للتضحية والشجاعة والإلهام العالمي
حظي البطلان السوريان المعروفان طيلة سنوات طويلة باسم "سامي وقيصر"، المسؤولان عن تسريب صور تعذيب الضحايا في سجون النظام البائد، بإشادة واهتمام واسع من قبل كافة أبناء الشعب السوري بمختلف انتمائهم وتوجهاتهم، تقديراً لعملهم البطولي، والذي لعب دوراً محورياً في كسر شوكة النظام وملاحقته دولياً.

وخلد البطلان "سامي وقيصر" أسمائهما في تاريخ سوريا الحديث والمستقبل، كشخصيتين، واجهتا كل غطرسة النظام، واستطاعا بشجاعة كبيرة، القيام بعمل كان حدثاً بارزاً في تاريخ ثورة السوريين، في فضح القتل والتعذيب وجرائم الحرب التي حاول النظام البائد جاهداً لإخفائها، فكانا شاهدين رئيسيين في إدانة نظام الأسد بالجرائم، مسطران أسمائهم التي كشفو عنها كبطلين يستحقان كل التقدير والتكريم.


وبعد سنوات طويلة من الاختباء وراء اسماء مستعارة، كشف البطل "قيصر" المعروف باسم "الشاهد الملك" عن شخصيته، لأول مرة وعبر قناة "الجزيرة" القطرية، وهو المساعد أول "فريد المذهان" رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق وينحدر من مدينة درعا، وقبله شريكه "سامي" وهو المهندس المدني "أسامة عثمان" الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة".

وقال"قيصر" الذي كشف عن هويته للمرة الأولى في برنامج "للقصة بقية" على قناة "الجزيرة"، إن أوامر التصوير وتوثيق جرائم النظام يصدران من أعلى هرم السلطة للتأكد من أن القتل ينفذ فعلياً.

وأكد "قيصر" المعروف بـ "الشاهد الملك" أن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يعبرون عن ولائهم المطلق لنظام الأسد عبر صور جثث ضحايا الاعتقال، وبين أن أول تصوير لجثث معتقلين كان بمشرحة مستشفى تشرين العسكري لمتظاهرين من درعا في مارس ٢٠١١.

وأكد المساعد أول "فريد المذهان" أن الموقوف بمجرد دخوله المعتقل يوضع رقم على جثته بعد قتله، وبين أن أماكن تجميع وتصوير جثث ضحايا الاعتقال كانت في مشرحة مستشفيي تشرين العسكري وحرستا.

ولفت "قيصر" إلى تحويل مرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري لساحة تجميع الجثث لتصويرها مع ازدياد عدد القتلى، وقال إنه في بداية الثورة السورية كانت عدد الجثث من ١٠ إلى ١٥ يوميا لتصل إلى ٥٠ في اليوم.

وأوضح أن النظام كان يكتب أن سبب وفيات من قتلهم هو توقف القلب والتنفس، وكشف عن عمليات ابتزاز ممنهجة مورست ضد الآلاف من أهالي المعتقلين دون الحصول على أي معلومات.

ارتبط اسم "سامي" و"قيصر" بملفات التعذيب البشعة في سجون نظام الأسد المهزوم في سوريا، وذلك منذ عام 2014، بعد أن استطاع ضمن فريق لم تكشف هويتهم طيلة سنوات ماضية، ليكشف اليوم عن هويته الحقيقية بعد سقوط نظام الأسد، والذي لعب دوراً بارزاً في نقل صور التعذيب للعالم المنظمات الدولية، وفضح جرائم النظام البشعة، والتي كانت سبباً في فرض القيود والعقوبات الدولية التي ساهمت بتقويض سلطته ومحاصرته دولياً

استُخدمت الصور التي نقلها "سامي وقيصر" في محاكم بدول غربية لإدانة ضباط سوريين بتهم التعذيب وارتكاب انتهاكات خلال فترات عملهم في سوريا وقبل فرارهم منها، ليكشف اليوم سامي  أو مايعرف باسم "الشاهد التوأم" مع قيصر، عن شخصيته في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط".

"سامي" الذي تردد اسمه طويلاً، هو المهندس المدني "أسامة عثمان" الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة"، كان يعمل مهندساً مدنياً عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، وله قريب عرف باسم "قيصر" كان يعمل في مناطق سيطرة قوات النظام، بمهمة توثيق الوفيات في أقسام أجهزة الأمن السورية


كان دور "قيصر" توثيق جثث ضحايا التعذيب بكل بشاعتها بعد وصولها من الأفرع الأمنية، جثث عراة تحمل أرقاماً، تضمنتها آلاف الصور لنساء ورجال وأطفال، بأبشع مارأته البشرية في تاريخها، دفعت تلك الجرائم  كلاً من "سامي وقيصر" إلى العمل معاً لتوثيق ما يحصل في السجون والمعتقلات السورية، وتحديداً في دمشق حيث كان يعمل "قيصر" والذي كان يوثق أحياناً موت ما لا يقل عن 70 شخصاً يومياً. 


وبدأ الرجلان التعاون في جمع وثائق التعذيب في مايو (أيار) 2011. كان "قيصر" يهرب الصور عبر محرك أقراص محمول (يو أس بي) ويعطيها لسامي في مناطق المعارضة، وأثمرت جهود الرجلين "سامي وقيصر" تهريب عشرات آلاف الصور لجثث ضحايا التعذيب إلى خارج سوريا.


وكُشف عن الصور للمرة الأولى في العام 2014 بعدما صارا خارج سوريا، واليوم باتت الصور التي هرباها جزءاً من "لائحة الاتهام" ضد الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، مشدداً على ضرورة "المحاسبة" في سوريا اليوم بعد إطاحة النظام السابق، 


وقال: "في هذا اللحظات الحاسمة التي تمر بها سوريا مع الاستعداد للدخول في مرحلة جديدة بعد ما يزيد على خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، ندعو الحكومة (الجديدة) إلى العمل الجاد لتحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم وضمان كرامة حقوق الإنسان كأساس لبناء مستقبل أفضل يحلم به جميع السوريين".


وأضاف: "لقد شهدنا خلال الأيام الماضية، وما سبقها من أحداث متسارعة، تزايداً ملحوظاً في احتمال انتشار الفوضى الناتجة عن مخلفات النظام السوري. لقد أدى الدخول العشوائي للمواطنين إلى السجون وأماكن الاحتجاز إلى إتلاف أو فقدان وثائق وسجلات رسمية مهمة للغاية تكشف انتهاكات منذ عشرات السنين".


وأكد أن "المسؤولية الكاملة عن تلف الأدلة وضياع حقوق المعتقلين والناجين تقع على عاتق مسؤولي الأجهزة الأمنية للنظام السابق الذين غادروا والذين مازالوا قائمين على مهامهم ومسؤولياتهم، إضافة إلى القوى الحالية التي تتحضر لتسلم السلطة في دمشق".


ورغم اعتبار ما يحصل الآن حالة متوقعة بعد تحرير البلاد من النظام السوري، إلا أنه أكد أن التدخل العاجل بات ملحاً في جمع الأدلة والوثائق من الأرشيف السابق للمؤسسات الأمنية والوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، وهذا ما يثير قلقنا من استمرار موظفي النظام في العمل مما يمكنهم من طمس وإتلاف الملفات ذات الأهمية في كشف جرائم النظام البائد".


ويرى سامي أن "جميع مؤسسات النظام السابق تحوي ملفات على جانب كبير من الخطورة، سواء منها الأمنية أو المدنية أو العسكرية، ولا نغفل قلقنا من طمس الملفات في فروع وملحقات حزب البعث كافة والتي يعلم جميع السوريين أنها كانت مؤسسات أمنية بامتياز مارس القائمون عليها كل أشكال الترهيب الجسدي والمعنوي بحق أبناء شعبنا العظيم طوال سنوات الثورة".


وأضاف: "نأمل بأن تتم هذه الخطوة بمشاركة المنظمات الحقوقية ذات الصلة بمتابعة القضايا المرتبطة بالبحث والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، إن تأخّر الكشف عن أماكن الاحتجاز الرسمية والسرية المحتمل وجودها في المناطق المحررة أو المناطق التي لم تصلها القوى المسلحة للمعارضة السورية، إضافة إلى شهادات ومعلومات متداولة حول نقل معتقلين من سجون مختلفة إلى أماكن مجهولة قبيل سقوط النظام، وعدم توفير المساعدات الطبية والإنسانية اللازمة للناجين الذين أفرج عنهم في الأيام الماضية، يعكس استهتاراً بأرواح هؤلاء الأفراد".


ودعا سامي السلطات الحالية إلى "اتخاذ خطوات فورية وشفافة للكشف عن مصير المعتقلين والضحايا الذين قضوا تحت التعذيب في السجون السورية وتوقيف جميع المسؤولين عن إدارة السجون وتشغيلها للبدء بشكل عاجل وفوري بتقديم الوثائق التي توضح أسماء وأعداد الضحايا لضمان حق العائلات في معرفة مصير أحبائهم".


وشدد على أن من حق الشعب السوري في الوصول إلى الحقيقة لا يمكن التهاون فيه وهو واجب على جميع الجهات المعنية، وأن التسامح مع مرتكبي الجرائم تحت أي ذريعة يشكل انتهاكاً صريحاً للمعايير الإنسانية والقانونية ويعطي الضوء الأخضر لإعادة انتاج أدوات القمع والانتهاكات التي كانت تمارسها الأجهزة الأمنية التي لا تزال قائمة حتى الآن.


وشدد الناشط الحقوقي السوري على أن "تحقيق العدالة يتطلب مساءلة كل من تورط في الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري كما أن تحقيق السلام والاستقرار في سوريا يعتمد على العدالة الانتقالية كمبدأ أساسي في هذه المرحلة، داعياً إلى مصالحة وطنية قائمة على مبادئ العدالة والمساءلة تضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري في بيئة آمنة ومستقرة تحترم كرامتهم وتلبي احتياجاتهم مع ضمان عدم الافلات من العقاب تحت أي مسمى".


ووجه سامي انتقادات إلى أطراف في المعارضة السورية من دون أن يحددها، متحدثاً عن "إخفاقات" مرت بها، وقال "في ظل الإخفاقات السياسية السابقة من المعارضة التي فُرضت على الشعب السوري، نشدد على ضرورة الإدلاء بتصريحات فورية مطمئنة حول رؤية وكيفية إشراك الشعب في اتخاذ القرارات والبدء بعملية بناء المجتمع بطريقة تحترم إرادة الشعب السوري وتضمن حقه في تقرير المصير".


ودعا السلطة الحالية إلى "توطيد وتسهيل عمل جميع مؤسسات المجتمع المدني العاملة في الداخل السوري والخارج كما ندعو جميع هؤلاء إلى دعم جهود تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا بشكل فعال وإشراك الشعب السوري في التطورات بشكل دوري، والمساهمة في تقديم الدعم الإنساني والطبي للناجين من الاعتقال والاختفاء القسري، وضمان محاسبة جميع المتورطين في الجرائم وعدم السماح بالافلات من العقاب".


وطالب بـ "نشر وتعميم أسماء الضباط المسؤولين عن الجرائم والمعروفين على مستوى الشعب السوري ومراقبة المعابر الرسمية وغير الرسمية، ودعوة المؤسسات الإعلامية الرسمية السورية التي طالما ساهمت في قهر السوريين وقلب الحقائق وتمجيد القتلة، إلى عودتها إلى وظيفتها الطبيعية كأداة ترسخ ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ومصدر للمعلومات الصحيحة، فما يؤلمنا أن نرى أهلنا يبحثون عن أسماء أحبائهم المفقودين على صفحات التواصل الاجتماعي في حين يغيب إعلام الدولة عن أداء مهمته التي ما وُجد إلا لأجلها كمؤسسة خدمية غير مسيسة".


وأكد سامي أن "الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم ولا يمكن التسامح معها تحت أي ظرف. سوريا التي نحلم بها هي سوريا الحرة التي تقوم على العدالة والمساواة. إن العدالة الانتقالية التي تسبق المصالحة الوطنية الشاملة هي السبيل الوحيد لبناء سورية المستقبل. كلنا أمل أن تكون سوريا الآن بخير. سوريا التي تركها فريقنا قبل 11 عاماً رفقة آلاف الوجوه المعذبة والأجساد المشوهة. مئات المحاجر التي فارقتها عيون كانت تحلم أن تكون بيننا اليوم".


وأضاف: "في وجه من تلك الوجود كنت أرى صورة أبي وأمي واخوتي وأصدقائي. في عتمة الليالي الطويلة تمعنت في وجوههم وعاهدتهم أن ننتصر"، وعدد رفاقه الذين قتلهم النظام يحيى شوربجي (ناشط حقوقي)، وغياث مطر، وعبدالله عثمان، برهان غضبان، نور الدين زعتر، قائلاً: "إلى كل هؤلاء، من عرفتهم ومن لم أعرفهم، عليكم رحمة الله. لقد انتصرنا. انتصرت دماؤكم وسقط الأسد. عليكم رحمة الله وعلى الأسد لعنة التاريخ".

وأشار إلى أنه "لست الوحيد. هناك الكثير من الأبطال المجهولين الذين ساهموا في وصولنا إلى هذه المرحلة. ملف قيصر احتاج جهوداً جبارة في أوروبا عبر المحاكم وفي الولايات المتحدة عبر منظمات سورية بذلت الكثير حتى استطاعت أن تدفع الإدارة الأميركية لإصدار ما يسمى بقانون قيصر أو قانون حماية المدنيين وهو أحد مفرزات ملف قيصر".

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ