"حرب المعابر" تستعر نارها بين مكونات "الجيش الوطني" بحلب ولا صوت فوق صوت الرصاص
تتكرر حوادث الصدام بين مكونات "الجيش الوطني" في مناطق شمال وغرب حلب، في وقت بات السلاح وصوت الرصاص فوق صوت القانون، خلفت تلك الصدامات ضحايا من المدنيين ومن مقاتلي تلك الفصائل، دون حل ينهي حالة الشقاق والصدام التي تخدم النظام وحلفائه في الدرجة الأولى.
ولم يكن الصدام بين مكونين من مكونات "الجيش الوطني" يوم أمس في مدينة الباب هو الأول، ولن يكون الأخير - وفق نشطاء -، بسبب عدم وجود قوة وطرف ثالث ضابط وقادر على ردع أي طرف، لاسيما أن الصدام وصل لحد مواجهة الشرطة العسكرية والمدنية لمرات عدة عند تدخلها.
ويرجع نشطاء من ريف حلب، سبب تلك الصدامات المتكررة، إلى الخلاف على عمليات التهريب وتملك المعابر، والتي تأخذ شكلاً وحججاً ظاهرية حول حوادث عرضية، سرعان ماتتطور لاشتباكات ضمن الأحياء السكنية، حيث أن حالة الشحن مستمرة، وكذلك عمليات التهريب إلى مناطق النظام وقسد.
ورغم كل القرارات التي أطلقتها قيادة الجيش الوطني والحكومة المؤقتة، لإغلاق المعابر ووقف عمليات التهريب من مناطق سيطرة الجيش إلى مناطق "النظام وقسد" إلى أن هناك قيادات من مكونات الجيش، تواصل التهريب لتحقيق المكاسب ولو على حساب المدنيين، خلق ذلك صراعاً بين المكونات فيمن يتملك تلك المعابر اللاشرعية وفيمن يسيطر عليها.
وفي الوقت الذي يتواصل في الصدام المسلح بين مكونات الجيش الوطني، تعيش مناطق سيطرته بحالة فوضى أمنية، وعمليات تفجير مستمرة، أوقعت منها مجازر كبيرة، لاسيما مجزرة عفرين الأخيرة والتي أثارت، ردود فعل غاضبة بين نشطاء الحراك الشعبي والفعاليات الثورية، التي وجهت الانتقاد للقوى المسيطرة على المدينة واتهمتها بالتقصير في حفظ أمن المدنيين.
وشكلت المعابر سواء على الحدود مع الدول المجاورة لسوريا أو المعابر الداخلية منذ سنوات طويلة، محط صراع بين القوى المسيطرة على الأرض، لما لهذه المعابر من أهمية اقتصادية تجني أموال كبيرة لحساب "حيتان المال" المحسوبين على الفصائل الثورية.
وليس الصراع الحاصل بريف حلب الشمالي والشرقي بين مكونات "الجيش الوطني" بجديد، يأخذ في ظاهره صراع بين أقطاب تختلف في تفكيرها رغم الانتماء والولاء الموحد، إلا أنه في حقيقته صراع على السيطرة والهيمنة على مصادر الثروة والمال مع مناطق سيطرة "النظام وقسد".
ورغم أن عمليات التهريب لم تتوقف على المعابر الفاصلة بين المناطق المحررة والخاضعة للنظام وقسد أبداً، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعد في الصراع على تملك تلك المعابر بين مكونات "الجيش الوطني"، مع تزايد عمليات التهريب والعائدات الكبيرة التي باتت تدرها بملايين الدولارات.
ويتحكم في تلك المعابر سواء كانت نظامية كـ "عون الدادات والحمران"، أو غير نظامية في منطقة "براد" بريف عفرين ومناطق عدة بريف حلب الشرقي، قادات معروفين من فصائل الجيش الوطني، ممن بات يطلق عليهم أسماء "حيتان المعابر" جراء تملكهم بإدارة تلك المعابر والتحكم بكل عمليات التهريب.
يأتي ذلك في وقت تشهد الكثير من السلع الغذائية والتموينية والخضراوات والفواكه، غلاء كبير غير مسبوق، مع معاناة مستمرة لملايين المدنيين في المناطق المحررة، وليس هذا فحسب تأثير تلك المعابر في امتصاص خيرات المحرر، بل باتت مصدراً للموت الذي يدخل عبره المتفجرات والسيارات المفخخة التي تزهق حياة الأبرياء.