
تقرير لـ "واشنطن بوست": سوريا تواصل تفكيك آخر شبكات التهريب المرتبطة بإيران
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير ميداني عن تصعيد لافت من قبل السلطات السورية الجديدة لإغلاق مسارات التهريب غير الشرعي على امتداد الحدود مع لبنان، والتي لطالما استخدمتها إيران وحزب الله كشبكات عبور للأسلحة والأموال والمخدرات دعماً لمشاريعها الإقليمية.
في المنطقة الحدودية قرب حوش السيد علي، وثّق التقرير مشهداً دراماتيكياً حين تعرّضت دورية تابعة للجيش السوري لإطلاق نار من قبل مسلحين تابعين لحزب الله، في مؤشر على شدة التوتر في هذا الشريط الذي كان يُعرف سابقاً بـ"الجسر البري" بين طهران وبيروت عبر الأراضي السورية.
ضربات أمنية متواصلة ومراكز مهجورة لحزب الله
وذكر التقرير أن القوات الحكومية السورية صعدت في الأسابيع الأخيرة من عملياتها الميدانية ضد خطوط التهريب، متوغلة في نقاط استراتيجية كانت تمثل في السابق حجر أساس في شبكة إمداد إيران، مثل مدينة القصير ومعامل تصنيع الكبتاغون على الحدود، بالإضافة إلى مستودعات أسلحة واسعة ومقرات تدريب لمقاتلي حزب الله.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني في القصير، أن المنطقة تحوّلت إبان النظام السابق إلى "هرمل ثانية"، في إشارة إلى المعقل الأساسي لحزب الله في البقاع اللبناني، مشيراً إلى أن انسحاب الحزب من المدينة تم دون قتال بعد سيطرة القوات الحكومية عليها العام الماضي.
محاولات لزعزعة الحكومة الجديدة وتهديدات أمنية مستمرة
وفقاً لمسؤولين أمنيين أوروبيين تحدّثت إليهم الصحيفة، فإن طهران تحاول اليوم التكيّف مع واقع فقدان نفوذها الميداني في سوريا عبر تنشيط شبكات تهريب بديلة، واستخدام خلايا متطرفة لضرب الاستقرار الداخلي. كما أشار دبلوماسيون إلى تقارير استخباراتية تحدثت عن نية مجموعات مرتبطة بالنظام السابق استهداف وفود أوروبية كانت تنوي زيارة دمشق، ما أدى إلى إلغاء زيارة مرتقبة لوزيري داخلية ألمانيا والنمسا في مارس الماضي.
تدمر تحت المجهر.. مدينة خضعت للنفوذ الإيراني تتحرر تدريجياً
في مدينة تدمر، وثّق الصحفيون مشاهد من انتشار سابق لميليشيا "لواء الفاطميون" المدعومة من إيران، حيث تحوّلت بعض الفنادق التاريخية إلى مقرات للتمركز العسكري، فيما اكتُشفت كتابات طائفية على الجدران، كشفت حجم السيطرة السابقة لتلك المجموعات قبل طردها على يد القوات السورية. وتعمل السلطات حالياً على إزالة الألغام واستعادة السيطرة على المدينة ومحيطها، رغم هشاشة الوضع الأمني.
الشرع يواجه تحدياً إقليمياً معقّداً
التقرير أشار إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع يواجه اليوم إرثاً معقّداً من التدخلات الإقليمية والشبكات المسلحة التي تعمل على تقويض استقرار الدولة. وبينما تسعى الحكومة إلى إعادة بناء الثقة والمؤسسات، لا تزال بعض خلايا حزب الله تنشط في محاولات لتهريب الذخائر خارج سوريا، في تحدٍّ مباشر للقرارات السيادية.
وتُعد هذه المواجهة مع النفوذ الإيراني واحدة من أبرز التحديات التي تعترض الحكومة الانتقالية السورية في ظل مساعٍ لإعادة ضبط العلاقات الإقليمية والدفع نحو تسوية شاملة تحفظ سيادة سوريا وتُنهي إرث الحرب والتدخل الخارجي.