تحركات دبلوماسية مكثفة لوزير الخارجية السوري في مؤتمر ميونخ للأمن
تحركات دبلوماسية مكثفة لوزير الخارجية السوري في مؤتمر ميونخ للأمن
● أخبار سورية ١٦ فبراير ٢٠٢٥

تحركات دبلوماسية مكثفة لوزير الخارجية السوري في مؤتمر ميونخ للأمن

شهد مؤتمر ميونخ للأمن 2025 حضورًا سوريًا رسميًا بارزًا، حيث شارك وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في فعاليات المؤتمر الذي يعد أحد أهم المنصات الدولية لمناقشة القضايا الأمنية والدبلوماسية. شكلت هذه المشاركة خطوة هامة في إعادة انخراط سوريا بالمشهد السياسي العالمي، بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها البلاد خلال الأشهر الماضية.

لقاءات دولية لتعزيز التعاون

في إطار المؤتمر، عقد الوزير الشيباني سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين دوليين، في خطوة تهدف إلى توطيد العلاقات الخارجية وتعزيز الاستقرار في سوريا. كان لقاؤه مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، من أبرز هذه اللقاءات، حيث ناقش الطرفان آفاق التعاون بين البلدين في المرحلة الانتقالية، وسبل دعم الاستقرار الأمني والسياسي في سوريا. كما بحثا ملف مكافحة الإرهاب وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، في ظل انفتاح تركيا على دعم العملية السياسية السورية الجديدة.

التقى الشيباني أيضًا بوزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، حيث ركز اللقاء على ضرورة تمثيل جميع المكونات السورية في عملية الحوار الوطني. أكدت بيربوك أن هناك توافقًا دوليًا متزايدًا حول مستقبل سوريا، مشددة على أن بلادها تدعم استقرار سوريا وإعادة بناء مؤسساتها بشكل يعزز التعددية السياسية.

وفي لقاء آخر، اجتمع الوزير الشيباني مع نظيره البريطاني، ديفيد لامي، حيث تباحثا في سبل دعم الانتقال السياسي في سوريا، وناقشا إمكانية تقديم الدعم لبرامج إعادة الإعمار، بما يضمن عودة الحياة إلى المناطق المحررة. كما أكد وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، خلال اجتماعه مع الشيباني، على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية، داعيًا إلى النظر في تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، لتمكينها من استعادة نشاطها الاقتصادي.
ملفات إقليمية ودولية على الطاولة

شهد المؤتمر أيضًا لقاءً مهمًا جمع الوزير الشيباني مع السيناتور جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، والسيناتورة جين شاهين، والسيناتور مايكل ماكول ،حيث ناقش الطرفان مستقبل العلاقات السورية-الأميركية، وأهمية استمرار الحوار بين دمشق وواشنطن لضمان انتقال سياسي ناجح.

هذا اللقاء يعد الأول من نوعه بين الإدارة السورية الجديدة وقيادات بارزة في الكونغرس الأميركي، وهو ما يعكس توجهًا أميركيًا نحو التعامل مع المتغيرات الجديدة في سوريا بواقعية أكبر.

لم تقتصر لقاءات الشيباني على المسؤولين الأوروبيين، بل شملت أيضًا لقاءً مع رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، حيث ناقشا مستقبل التعاون بين الإدارة السورية الجديدة والإقليم، مع التركيز على أهمية دعم استقرار المناطق الشمالية في سوريا، وضمان حقوق المكونات الكردية ضمن إطار الدولة السورية.

وفي لقاء آخر، التقى الشيباني بممثل إمارة ليشتنشتاين لدى الأمم المتحدة، فينافيسير، حيث تمت مناقشة سبل دعم العملية السياسية في سوريا ضمن الأطر القانونية الدولية. كما أجرى مباحثات مع فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تناولت ملف المعتقلين والمفقودين، وسبل تعزيز العدالة الانتقالية في سوريا.

رسائل واضحة حول العقوبات وإعادة الإعمار

في إحدى الجلسات الحوارية بالمؤتمر، أكد الشيباني أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تعيق جهود إعادة الإعمار، داعيًا المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في هذه الإجراءات، لتمكين الشعب السوري من استعادة حياته الطبيعية.

وأوضح أن الإدارة السورية الجديدة ورثت اقتصادًا هشًا وبنية تحتية مدمرة، مما يتطلب دعمًا دوليًا لضمان استقرار البلاد.

وأشار في كلمته إلى أن الحكومة السورية الانتقالية تسعى إلى بناء علاقات دولية قائمة على المصالح المشتركة، بعيدًا عن سياسات العزلة التي كانت مفروضة في العقود الماضية. كما شدد على ضرورة العمل المشترك لمكافحة الإرهاب، مع التأكيد على أن سوريا لن تكون ساحة للصراعات الدولية، بل طرفًا فاعلًا في تحقيق الأمن الإقليمي.


آفاق جديدة للدبلوماسية السورية

حملت مشاركة سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن دلالات واضحة على انفتاح البلاد على المجتمع الدولي، وسعيها لاستعادة موقعها في الساحة السياسية العالمية. اللقاءات التي عقدها الوزير الشيباني خلال المؤتمر كشفت عن اهتمام متزايد من قبل الدول الكبرى بالشأن السوري، وإدراكها لأهمية دعم استقرار البلاد في هذه المرحلة الحساسة.

رغم التحديات، فإن مؤتمر ميونخ شكل فرصة للحكومة السورية الانتقالية لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية، والتأكيد على التزامها بعملية إعادة الإعمار وتحقيق العدالة الانتقالية. الأيام القادمة ستكشف مدى تأثير هذه اللقاءات على مسار العلاقات الدولية لسوريا، وما إذا كانت ستسهم في فتح آفاق جديدة لمستقبل البلاد.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ