صورة
صورة
● أخبار سورية ١١ أبريل ٢٠٢٥

انتقاد الفساد دون المساس بـ "العائلة الحاكمة".. هكذا مرر نظام الأسد رسائله في الدراما السورية

سعى نظام الأسد ليستغل الدراما بطريقة تبرأه من أخطائه ويرمي الذنب على الآخرين، فكان يوجهها عبر المخابرات لتنتقد مظاهر الفساد والمحسوبيات لكن دون أن تمس الأسد أو العائلة الحاكمة لا من قريب ولا من بعيد، ويتم وضع حدود وخطوط حمراء ممنوع تجاوزها، لتلميع صورة النظام السابق والترويج لفكرة بأنه جيد لكن الذين حوله سيئين. فكان يرى بهذه الطريقة متنفساً للشعب الذي يرى بأم عينه كل المظاهر السلبية للحكومة السابقة.

وفي الوقت ذاته كان الأسد يجدُ بتقديم الأعمال المنتقدة لفساد المسؤولين وتسلطهم طريقة للتظاهر أمام الحكومات الأخرى بأنه شخص يحترم الحريات ووجهات النظر الناقدة. مع العلم أننا طوال حكم آل الأسد الممتد لـ أكثر من نصف قرن، لم نرى عملاً ينتقد الرئيس أو أو أحد أفراد عائلته والمقربين منه. وكلنا نعلم ماهو مصير من يقدم على مثل هذه الخطوة.

الولادة من الخاصرة مثالاً

ومن تلك الأعمال مسلسل الولادة من الخاصرة، في الموسم الأول للمخرجة رشا هشام شربتجي عرضَ العمل شخصية المقدم رؤوف، أحد وجوه الدولة البارزين، الذي يُعامل جنوده بأسوأ طريقة، ويستغلُ منصبه بتحقيق مكاسب شخصية، عدا عن ضلوعه بجرائم سرقة وخطف وانتهاك وتزوير وما إلى ذلك. 


لكن بحسب العمل ما إن الدولة علمت بجرائمه عاقبته وأوقفته عند حده، ليظهر أن الدولة تحاسب المخطئ وإن كان أحد أبرز رجالاتها، مع العلم أنه في الحقيقة العديد من وجوه الدولة ارتكبوا أخطاء فادحة بحق البلاد وأهلها وتم التغاضي عن جرائمهم.

مسلسل مرايا 
تنطبق فكرة الخطوط الحمراء على مسلسل مرايا للفنان السوري ياسر العظمة، الذي تضمنَ العديد من اللوحات المنتقدة للظواهر السلبية بطريقة خفيفة ومضحكة للجمهور، ليصبح العمل محبباً لغالبية الشعب السوري بكافة طبقاته، إذ سلطَ الضوء على الواسطات والمحسوبيات التي كانت منتشرة في البلاد من دون رقابة، عدا عن وضع المعيشة وصعوبة تأمين احتياجات الأسرة. لكنه لم يتحدث ولا مرة عن الانتخابات المزورة التي كان يقوم بها الأسد في كل دورة، فيفوز بنسبة 99.9% بعد أن ينتخبه الأموات والأحياء.

كما عرض العمل لوحات منتقدة لتسلط المسؤولين في البلاد ونهبهم للمال، ومن اللوحات التي عرضتْ هذه الفكرة "تعيشوا تتربوا"، والتي تعرض وزراء يتحدثون عن أولادهم الذين افتتحوا مشاريعهم الخاصة ذات رؤوس الأموال الكبيرة في زمن قياسي. 


إضافة إليها حلقة حملت عنوان مراجل، يظهر مسؤولون مجتمعون في مطعم يتحدثون بمباهاة وتفاخر مع بعضهم عن صلاحياتهم الواسعة  بالبلاد، وكيف أن طلباتهم لا يُمكن أن تُرفض، وكيف يعاقبون مرافقتهم بأسوأ الطرق، ليظهر بآخر الحلقة شخص بسلطة أعلى فيفرون منه هاربين.

لكن تم عرض الأفكار بطريقة مدروسة للغاية، فلم تكن طريقة النقد حادة أو  جريحة، ولن تخلق حالة من الاحتقان لدى الجمهور، وإنما ستضحكه وتخلق جو من الفكاهة. ونجد نفس الأمر في لوحات لبقعة ضوء، ومن الحلقات الكوميدية واحدة تعرض مسؤول متقاعد يقدم دوره الممثل بشار إسماعيل، أمضى أكثر من عشرين عاماً وهو يديك في الاحتفالات والمناسبات الوطنية، ليُصاب بمتلازمة الدبكة ويعجز عن منع نفسه من الدبك عند سماع أي أغنية. 


في نهاية العمل يلتقي بطبيب نفسي لعلاج حالته، ليتفاجئ بعدد من الوزراء المتقاعدين الذين أمضوا كل سنوات خدمتهم يدبكون للحكومة، والسماح بعرض هذه اللوحة بحد ذاتها رسالة خفية من حكومة الأسد بأن حتى الوزراء يجب أن يطبلون لهم وإلا يخسرون كراسيهم، وبالفعل لم يكن الأسد يحفظ وداً لأي أحد من رجاله المطبلين، ويتخلى عن أعوانه في لحظة مقابل مصالحه الخاصة.

غضب نظام الأسد
وأكبر دليل على أن النظام  السابق كان يستغل الدراما فقط بما يتناسب مصالحه منعه عرض بعض المسلسلات، أو حذف مشاهد وأفكار خوفاً من تأثيرها على الجمهور. مثل غضبه على الممثلة مرح جبر التي شاركت في مسلسل ابتسم أيها الجنرال. 


وكشفت المخرجة السورية رشا هشام شربتجي، عن أنها تعرضت للمنع من مغادرة سوريا والتحقيق معها بس مسلسل كسر عضم الموسم الأول، بسبب حديثه عن الفساد في جامعات الدولة والسلك القضائي وتسلط مسؤولي البلاد. وذكرت أن المستشارة الإعلامية لونا الشبل طلبت منهم تقديم أعمال لدعم حكومة الأسد.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ