الوزيرتان السابقتان "كندة الشماط وريما القادري" قيد التوقيف: ملف "أطفال المعتقلين" يتفاعل
الوزيرتان السابقتان "كندة الشماط وريما القادري" قيد التوقيف: ملف "أطفال المعتقلين" يتفاعل
● أخبار سورية ٥ يوليو ٢٠٢٥

الوزيرتان السابقتان "كندة الشماط وريما القادري" قيد التوقيف: ملف "أطفال المعتقلين" يتفاعل

أفادت مصادر إعلامية متطابقة، عن توقيف الوزيرتين السابقتين للشؤون الاجتماعية والعمل، "كندة الشماط" و"ريما القادري"، وإحالتهما للتحقيق في مقر الأمن الجنائي بدمشق، وذلك على خلفية اتهامات تتعلق بسوء إدارة ملف الأطفال الذين اختفوا أثناء احتجاز ذويهم في معتقلات النظام خلال السنوات الماضية.

المصادر أكدت أن التحقيقات طالت أيضًا عدداً من المسؤولين السابقين في دور الرعاية الاجتماعية والجمعيات المرتبطة بها، وسط مؤشرات على وجود تجاوزات ممنهجة تمس مصير مئات الأطفال الذين تم فصلهم عن ذويهم أو تم تحويلهم إلى دور أيتام بدون أي مسارات قانونية واضحة.

تحقيقات واسعة تطال مسؤولين كبار في الملف الحساس
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية، أعلنت أن التوقيفات جاءت استنادًا إلى القرار رقم 1806 لعام 2025، والذي نصّ على تشكيل لجنة تحقيق خاصة لتتبع أوضاع أبناء وبنات المعتقلين والمغيبين قسراً زمن النظام البائ.

 اللجنة باشرت عملها بناء على شهادات ومعطيات تم جمعها خلال الشهور الماضية، وتبيّن من خلال التحقيقات الأولية وجود ثغرات خطيرة في سجل الأطفال مجهولي النسب، والذين أُودعوا في دور الرعاية بإشراف مباشر من الوزارة خلال فترة "الشماط والقادري".

ويسير التحقيق حاليًا باتجاه تتبّع ما إذا كانت هناك عمليات تزوير في سجلات الأنساب، أو تسليم الأطفال لعائلات بديلة بطرق مخالفة للقانون، أو نقلهم إلى خارج سوريا عبر عمليات تبنٍ مشبوهة أو بقرارات إدارية غير موثقة.

كندة الشماط: تورط محتمل في ملف المساعدات والرعاية
شغلت "كندة الشماط"، المولودة في بلدة سرغايا بريف دمشق عام 1973، منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بين عامي 2013 و2015، بعد أن كانت عضوة في لجنة صياغة دستور 2012، وقد حصلت على الدكتوراه في القانون الخاص من جامعة دمشق، وعملت لاحقًا في عدد من المنظمات المحلية والدولية. أثناء توليها الوزارة، كانت مسؤولة عن إدارة ملف المساعدات الإنسانية وملف النازحين، وهو الملف الذي طالته اتهامات عديدة بالفساد.

ظهرت "الشماط" في عدة مناسبات إلى جانب شخصيات أمنية بارزة في النظام السابق، منها اللواء سهيل الحسن، ما أثار تحفظات حول مدى حيادها الإداري ودورها السياسي. واليوم، تجد نفسها متهمة بالإهمال أو التورط المباشر في انتهاكات تتعلق بإدارة دور الرعاية التي استقبلت أطفالًا لم يُعرف مصير ذويهم حتى اليوم.

ريما القادري: الوزيرة التي خلفت "الشماط" ودعمت النظام البائد 
خلفت ريما القادري زميلتها الشماط في منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بين عامي 2015 و2020، وهي من مواليد دمشق عام 1963 وتحمل إجازة في اللغة الفرنسية، تولت مناصب تنفيذية مختلفة، منها رئاسة الهيئة الناظمة لشؤون الأطفال مجهولي النسب، وإدارة التعاون الدولي في وزارة الاقتصاد، إلى جانب مناصب تخطيط وتنمية.

عرفت القادري بدعمها المعلن للنظام البائد، وظهرت في أكثر من مناسبة وهي تشارك في حملات تقديم الدعم لقوات النظام خلال سنوات الحرب وخلال توليها الوزارة، توسع نطاق دور الرعاية الخاضعة لها، ومن ضمنها "بيوت لحن الحياة"، التي باتت اليوم في صلب الاتهامات بتورطها في تغييب هوية أطفال المعتقلين وتسليمهم لجهات مجهولة أو تبنيهم بطرق غير قانونية.

شبكة من المتورطين والمؤسسات الخاضعة للتحقيق
لم تقتصر التوقيفات على الوزيرتين السابقتين، بل شملت أيضًا ندى الغبرة ولمى الصواف، المديرة السابقتين لدار "لحن الحياة"، إلى جانب رنا البابا، مديرة جمعية "المبرة لكفالة الأيتام" في دمشق، وعدد آخر من العاملات في القطاع الاجتماعي المرتبط بالأطفال مجهولي النسب. وتتردد أيضًا أسماء مثل دالين فهد، ميس عجيب، كجزء من الشبكة التي يُشتبه بتورطها في تلك الانتهاكات.

التحقيق يسعى لتحديد ما إذا كانت هناك شبكة ممنهجة لإخفاء مصير هؤلاء الأطفال، أو استغلالهم في عمليات تزوير وتربح مادي، أو حتى نقلهم إلى خارج البلاد بطريقة غير شرعية خلال سنوات الفوضى.

وكانت أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية أن جميع الإجراءات تُتخذ وفق القانون وبأعلى درجات الشفافية والعدالة، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي في سياق العمل الوطني لإنصاف الضحايا وكشف الحقائق بعد سنوات من التعتيم. كما دعت كل من يملك معلومات أو وثائق متعلقة بالملف إلى تقديمها للجنة التحقيق الخاصة.

الوزارة شددت على أن حماية حقوق أبناء وبنات المعتقلين ليست مجرد مسؤولية قانونية، بل واجب وطني وأخلاقي، مشيرة إلى التزام الحكومة السورية الجديدة بمنع تكرار الانتهاكات السابقة، والعمل على جبر الضرر لكل من تأذى نتيجة السياسات التي كانت تُدار في الظل.

جهات حقوقية ترحب.. وتحذر
رحّبت جهات حقوقية بهذه الخطوة، معتبرة أنها بداية ضرورية لمسار محاسبة شامل في الوقت نفسه، حذرت أخرى من محاولات لطمس الحقائق أو اقتصار المحاسبة على الشخصيات الإدارية فقط، دون التطرق للأجهزة الأمنية التي كانت متورطة في عمليات الفصل والإخفاء.

التقارير الحقوقية تشير إلى أن كثيرًا من هؤلاء الأطفال كانوا يُفصلون قسرًا عن ذويهم، ثم يتم تحويلهم إلى مؤسسات رعاية ذات طابع سياسي، أو يتم تسليمهم لعائلات موالية للنظام البائد دون علم أقاربهم، ما يشكل جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي.

ويذكر أن التوقيفات الأخيرة قد تكون بوابة لكشف مصير مئات وربما آلاف الأطفال السوريين الذين غُيبوا عن الحياة العامة، في واحدة من أكثر الملفات حساسية بعد سقوط نظام الأسد. ولا تزال الأنظار تترقب نتائج التحقيقات حتى نهايتها، ومحاسبة جميع المتورطين دون استثناء، في سعي طال انتظاره للعدالة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ