"الشَّبكة السورية" مصدر أول للمعلومات في تقرير الاتحاد الأوروبي الثاني للجوء عن سوريا
أصدرت وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء EUAA في تشرين الأول/أكتوبر 2024، تقرير معلومات الدولة الأصل الخاص بسوريا، أكَّد استمرار النظام السوري اعتقال العائدين من النازحين واللاجئين بمن فيهم الذين أجروا عمليات تسوية، مستنداً إلى بيانات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" بشكل رئيس.
يهدف التقرير بشكل أساسي إلى توفير معلومات دقيقة تساعد في تقييم طلبات الحماية الدولية، بما في ذلك وضع اللاجئين والحماية الفرعية، مع تركيز خاص على استخدام وثيقة إرشادات الوكالة الأوروبية لطلب اللجوء بشأن سوريا. يغطي التقرير الفترة بين 1 أيلول/سبتمبر 2023، وآب/ أغسطس 2024.
أشار التقرير إلى استناده على مجموعة واسعة من المصادر الوثائقية المتاحة، بما في ذلك تقارير حكومية، ومعلومات من منظمات المجتمع المدني، وجماعات المناصرة، والمنظمات الإنسانية وغير الحكومية، إضافةً إلى تقارير حقوقية دولية صادرة عن جهات مختلفة مثل الأمم المتحدة ووسائل الإعلام السورية والإقليمية، والمنشورات الأكاديمية ومراكز الأبحاث المتخصصة.
وكانت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان المصدر الأول للتقرير حيث تم الإشارة إليها 184 مرة. فيما كان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (OCHA) المصدر الثاني والذي ورد ذكره 66 مرة، يليه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بـ 56 مرة، ثم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR) بـ 47 مرة.
إلى جانب هذه المصادر، استند التقرير إلى جهات رئيسة أخرى مثل لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة، منظمة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هيومن رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، المعهد الأوروبي للسلام، اللجنة الدولية للمفقودين، ومنظمة "أنقذوا الأطفال".
لم يتناول التقرير الوضع الأمني في سوريا بالتفصيل، حيث خصصت وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء تقريراً منفصلاً لذلك، وأصدرنا عنه بياناً في 7/ تشرين الثاني/ 2024. وبدلاً من ذلك، ركز التقرير على قضايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، بالإضافة إلى التجنيد الإجباري والانتهاكات التي تستهدف اللاجئين والنازحين العائدين إلى سوريا. كما استعرض الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في محافظات دمشق، اللاذقية، وطرطوس.
أوضح التقرير في بدايته كيفية تعامل النظام السوري مع الأفراد الذين يُعتبرون معارضين، مشيراً إلى أنَّ الأشخاص القادمين من المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة غالباً ما يُنظر إليهم باعتبارهم معارضين ويخضعون لمزيد من التدقيق والإجراءات العقابية.
وأفاد التقرير بأنَّ المشاركين في المظاهرات السلمية ضد النظام السوري منذ عام 2011 ما زالوا على قوائم المطلوبين، وهم عرضة للاعتقال والاحتجاز والاختفاء القسري. وأشار التقرير أيضاً إلى أنَّ السوريين الذين غادروا البلاد قبل عام 2016 يُعتبرون من وجهة نظر النظام قد سعوا للجوء لأسباب سياسية، أي معارضة له.
وأوضح أنه خلال الفترة التي يغطيها التقرير، قامت الحكومة السورية باعتقال واحتجاز تعسفي لمجموعة واسعة من الأفراد، بما في ذلك المتظاهرون، الناشطون على الإنترنت، والصحفيون. وقال التقرير إنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وثَّقت مقتل 43 شخصاً تحت التعذيب في الفترة ما بين منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ومنتصف آب/أغسطس 2024، (خلال 9 أشهر منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية بشأن انتهاك النظام لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة).
ناقش التقرير حالة اللاجئين والنازحين العائدين، حيث أشار إلى أنَّ العائدين يخضعون لأحد أو كلا الإجراءين: الموافقة الأمنية أو "المصالحة/تسوية الوضع"، اللذين تشرف عليهما الأجهزة الاستخباراتية السورية. وغالباً ما يكون من الصعب التمييز بين هذين الإجراءين، إضافةً إلى ذلك، يتطلب الدخول أو الخروج من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري تصريحاً أمنياً، وهو أيضاً ضروري للوصول إلى حقوق الملكية والإسكان.
ولفت التقرير إلى رفض النظام منح تصاريح أمنية لسكان المناطق التي كانت تُعتبر معاقل للمعارضة، مما أدى في بعض الحالات إلى تعرض ممتلكات الأفراد غير الحاصلين على التصاريح للنهب. كما أوضح التقرير أنَّ النظام السوري قام باعتقال العديد من العائدين، سواء كانوا نازحين أو لاجئين، بمن فيهم أولئك الذين أجروا عمليات تسوية.
وفيما يتعلق بالمتخلفين عن الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، أكَّد التقرير استمرار اعتقالات المتخلفين سواء عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية. ورغم تراجع وتيرة المداهمات، إلا أنَّها لا تزال تحدث. وأشار التقرير أيضاً إلى أنَّ مراسيم العفو الصادرة بشأن المتخلفين لا تشمل الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات العسكري بالإعدام.
وفيما يتعلق بالتجنيد من قبل قوات سوريا الديمقراطية في مناطق سيطرتها، أوضح التقرير أنَّ هذه القوات مستمرة في تجنيد الأطفال، من الذكور والإناث، الذين تصل أعمارهم إلى 12 عاماً. وقد أكدت الأمم المتحدة تجنيد واستخدام 231 طفلاً من قبل قوات سوريا الديمقراطية.
وفي القسم الثاني، تناول التقرير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في سوريا، مع التركيز على مدن دمشق، اللاذقية، وطرطوس. وبيّن التقرير أنَّ النظام السوري نشر العديد من نقاط التفتيش في تلك المناطق وعلى مداخل المدن، مما يعيق حرية الحركة للمدنيين.
وعلى الرغم من انخفاض عدد نقاط التفتيش داخل المدن، إلا أنَّ وجودها على مداخل المدن والطرق الرئيسة لا يزال واضحاً. كما أشار التقرير إلى أنَّ أي شخص يرغب في شراء أو استئجار منزل في مدن دمشق، اللاذقية، أو طرطوس يحتاج إلى الحصول على تصريح أمني.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، أشار التقرير إلى استمرار التدهور نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية، حيث تراجعت التجارة الدولية مع سوريا بنسبة 50% منذ عام 2019. كما ناقش التقرير الوضع الإنساني، مبيناً أنَّ 16.7 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية في عام 2024، بزيادة تفوق مليون شخص مقارنة بالعام السابق. وصنف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة 268 منطقة من أصل 270 في سوريا بأنَّها تعاني ظروفاً قاسية للغاية.
وأشار التقرير إلى ارتفاع معدلات البطالة، حيث وصلت إلى 52%، وبلغت نسبة البطالة بين الشباب (18-24 عاماً) حوالي 75%. ومنذ عام 2023، يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، فيما يعاني 5.7 مليون سوري من الفقر المدقع منذ عام 2022.
وأكدت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" على أنَّ مساهمتها في التقارير الدولية عن حالة حقوق الإنسان في سوريا، تعد واجباً نحو كشف الحقيقة، وحفظ حقوق الضحايا، وفضح مرتكبي الانتهاكات على أوسع نطاق ممكن.
وقالت إنها تأمل أن تساهم قاعدة البيانات الغنية التي أنشأتها على مدار 13 عاماً في توثيق تاريخ الأحداث بدقة، ومواجهة محاولات النظام السوري وحلفائه – روسيا وإيران – لتغيير سردية الأحداث أو نفي الانتهاكات وتبريرها.
وشدد الشَّبكة على التزامها بمواصلة جهودها لتوثيق الانتهاكات بموضوعية ودقة، بهدف حماية المدنيين في سوريا، والدفاع عن حقوق الضحايا، ومحاسبة كافة مرتكبي الانتهاكات، تمهيداً لتحقيق التغيير نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.