"الشَّبكة السورية" ترحب بإدراج الخارجية الأمريكية العميد "عبد السلام محمود" على قائمة العقوبات
رحبت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في بيان لها، بإعلان "وزارة الخارجية الأمريكية "،في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 إدراج العميد عبد السلام فجر محمود، أحد كبار الضباط في القوات الجوية السورية، إلى جانب زوجته سهير نادر الجندي وأطفالهما الأربعة البالغين، على قوائم العقوبات بموجب المادة 7031 (ج) من قانون اعتمادات وزارة الخارجية، والعمليات الخارجية، والبرامج ذات الصلة للعام 2024.
وقالت الشبكة إن القرار هذا القرار جاء نتيجة تورط العميد في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما يشمل التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة. وتمنح المادة 7031 (ج) صلاحيات واسعة لفرض عقوبات على المسؤولين الأجانب المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث تشمل العقوبات حظر دخول هؤلاء الأفراد وأفراد أسرهم المباشرين إلى الولايات المتحدة، مع إمكانية تنفيذ العقوبات بشكل علني أو سري.
وأوضحت أن "بد السلام فجر محمود، المولود في 20 أيار/مايو 1959 في بلدة الفوعة في محافظة إدلب، يحمل رتبة عميد ضمن قوات النظام السوري ويتبع لفرع الاستخبارات الجوية، الذي يُعد أحد أكثر الأفرع الأمنية نفوذاً في النظام السوري، وتقلّد العميد مناصب عديدة داخل شعبة المخابرات الجوية، أبرزها منصب رئيس فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري، وهو المنصب الذي يشغله منذ عام 2011 وحتى الآن.
ارتبط اسم العميد بارتكاب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان، شملت الإخفاء القسري والتعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري. وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان العديد من هذه الانتهاكات، بما في ذلك حالات وفاة تحت التعذيب وظروف احتجاز غير إنسانية.
وبينت الشبكة أن "عبد السلام محمود" أول ضابط أمني في النظام السوري يُدرج مع أفراد أسرته على قوائم العقوبات، يشكل إدراج عبد السلام محمود، العميد في القوات الجوية السورية، وأفراد أسرته على قوائم العقوبات سابقة هي الأولى من نوعها لضابط أمني في النظام السوري. ويهدف هذا الإجراء إلى منع محاولات التحايل التي يلجأ إليها المتورطون في الانتهاكات الجسيمة، من خلال نقل الأموال أو الممتلكات إلى أفراد الأسرة، وهي استراتيجية شائعة تُستخدم لتفادي القيود المفروضة. عبر هذا الإدراج، تُغلق بعض الثغرات التي قد تُستغل للالتفاف على العقوبات، مما يعزز من فعاليتها.
ووفق الشبكة، إلى جانب الجوانب التقنية لهذا القرار، يحمل الإجراء رسالة رمزية قوية تُبرز جديّة وزارة الخارجية الأمريكية في التصدي لشبكات النفوذ المرتبطة بالنظام السوري، مما يشكل تصعيداً إضافياً في الضغوط السياسية على النظام وأركانه الأمنية.
وأكدت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، أنها لعبت دوراً مهما في دعم قرار العقوبات، حيث قدمت معلومات موثَّقة عن عبد السلام محمود وأفراد أسرته. وتركز الشَّبكة جهودها على تقديم بيانات دقيقة تستند إلى أدلة متماسكة بشأن المتورطين في الانتهاكات الجسيمة، بما يشمل أفراد عائلاتهم الذين يُستخدمون كواجهة للتهرب من القيود، وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز المحاسبة وإغلاق الثغرات التي تُستغل للإفلات من العقاب، ما يضمن تكريس المساءلة ومنع استمرارية شبكات التحايل، وإجراء متزامن مع قرارات دولية سابقة.
يأتي هذا القرار بعد مرور عام على إصدار محكمة العدل الدولية في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 قراراً يدعو النظام السوري إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمنع أعمال التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، والحفاظ على الأدلة المرتبطة بهذه الجرائم، ومع ذلك، أظهر النظام السوري عدم التزام واضح بتنفيذ هذه التدابير. وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الدوري الرابع الصادر في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 استمرار النظام في انتهاك قرارات المحكمة، حيث رصدت مقتل ما لا يقل عن 84 شخصاً تحت التعذيب، بالإضافة إلى اعتقال 1161 مدنياً، من بينهم 18 طفلاً و43 سيدة خلال العام الماضي فقط.
وأكدت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" أنَّ فعالية هذه العقوبات تعتمد على تكامل الجهود الدولية. يتطلب ذلك تعاون الدول لتوسيع نطاق تطبيق العقوبات، وتجميد أصول المسؤولين المتورطين أينما وُجدت، ما يعزز الضغط على النظام السوري ويقلل من قدرته على الإفلات من القيود المفروضة.
ودعت الشبكة إلى توسيع نطاق العقوبات الدولية، مطالبة جميع الدول، بإدراج المزيد من المسؤولين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة وأفراد أسرهم على قوائم العقوبات. يشمل ذلك تجميد أصولهم المالية وحظر دخولهم إلى أراضيها، كذلك تعزيز الدعم للمساءلة الدوليةم وحثت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، على دعم إحالة ملف الانتهاكات في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وطالبت بتفعيل آليات العدالة العابرة للحدود، من خلال تشجيع الدول على استخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتبطة بالنظام السوري أمام محاكمها الوطنية، كذلك دعت إلى فرض عقوبات على الشَّبكات المالية المرتبطة بالنظام عبر توجيه الجهود الدولية نحو تفكيك الشَّبكات المالية والاقتصادية التي يستخدمها النظام للتحايل على العقوبات، بما في ذلك الأفراد والشركات الذين يعملون كواجهات له.
وقالت الشبكة إن إدراج مسؤولين أمنيين على قوائم العقوبات يمثل خطوة إضافية في إطار الجهود الدولية لتعزيز المساءلة عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة في سوريا. تُوجه هذه العقوبات رسالة واضحة إلى النظام السوري وحلفائه، مفادها أنَّ جرائمهم لن تمر دون عواقب، كما تسهم في إضعاف شبكات الدعم المالي التي يعتمد عليها النظام لتعزيز قبضته الأمنية والسياسية.
ووفق الشبكة، تبرز أهمية هذه الإجراءات في ظل فشل العديد من آليات المحاسبة الدولية، بما في ذلك تعثر دور المحكمة الجنائية الدولية، وغياب أفق الانتقال السياسي الديمقراطي. ويُضاف إلى ذلك تصاعد الدعوات لإعادة العلاقات مع النظام السوري، رغم كونه مسؤولاً عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحقِّ الشعب السوري، واستمراره في هذه الجرائم حتى اللحظة.
شغل "عبد السلام فجر محمود" منصب مدير مكتب اللواء "محمد الخولي" مدير إدارة المخابرات الجوية الأسبق، وفي عام 2010 ترأس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الجنوبية، ثم حصل على شهادة ماجستير من إحدى الجامعات اللبنانية، وترفع بعدها لرتبة عميد حيث تم تعيينه رئيساً لفرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية والموجود في مطار المزة العسكري.
ولدى انطلاق الاحتجاجات السلمية في آذار 2011؛ تولى العميد عبدالسلام ونائبه العميد نزيه ملحم، مسؤولية التحقيق مع المعتقلين في إدارة المخابرات الجوية والذي بلغ عدد منسوبيه حوالي 388 عنصراً، آنذاك، حيث أشرف العميدان عبد السلام ونزيه على أعمال التعذيب وتصفية المعتقلين الذين كان يتم إرسالهم من كافة المحافظات السورية إلى فرع التحقيق. وشاركهما في ارتكاب الانتهاكات كلٌ من: العميد سالم داغستاني، والرائد سهيل الزمام، والرائد طارق سليمان، والنقيب باسم محمد.
وشكلت هذه المجموعة واحدة من أسوأ فرق التحقيق، حيث أصبح لفرع التحقيق بالمخابرات الجوية في المزة (الذي يقوده العميد عبد السلام محمود) سمعة كبيرة في مجال التعذيب والتصفية، ومن أبرز ضحاياه الطفلان الذين لم يبلغا الثلاثة عشر عاماً؛ حمزة الخطيب وثامر الشرعي، وذلك بحسب شهادة “آفاق أحمد” العنصر المنشق عن إدارة المخابرات الجوية.
وورد اسم "العميد عبد السلام محمود " في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش””Human Rights Watch”، الصادر بتاريخ 15/12/2011 تحت عنوان “بأي طريقة!: مسؤولية الأفراد والقيادة عن الجرائم ضد الإنسانية في سوريا”، تفاصيل عن الانتهاكات التي كان ترتكب في فرع العمليات الخاصة بمطار المزة، وذلك وفق شهادة منشق من المخابرات الجوية يدعى “عمر”، أكد فيها أنه بعد عملية صيد عاد ضباط المخابرات الجوية بمائة وستين محتجزاً، وكان عمر مسؤولاً عن تنظيم نقلهم إلى فرع التحقيق بالمخابرات الجوية، ومن ثم اطلع على قائمة بالأسماء، حيث تم وضع المحتجزين في مركز احتجاز بمطار المزة.
وفيما بعد تم الإفراج عنهم جميعاً عدا اثنين وذلك بعد أن تم الكشف عن جريمة تعذيب وقتل الطفل حمزة الخطيب. وقال عمر إن هؤلاء المحتجزين الذين رآهم أثناء خدمته وأثناء احتجازه تكرر تعرضهم للتعذيب في منشأة احتجاز المزة، وفي اثنين من مراكز الاحتجاز التي تديرها المخابرات الجوية.
وأكد أن أساليب التعذيب التي استخدمها المحققون في سجن المزة شملت الضرب لوقت طويل بالعصي والجلد بالسياط، والتعليق من الأيدي إلى السقف وفي بعض الأحيان لساعات وأيام، واستخدام صواعق الماشية الكهربائية وأجهزة الصعق بالكهرباء المجهزة بالأسلاك التي يتم وضعها على مختلف مناطق الجسد، وكذلك الحرمان من الطعام والمياه والنوم. وطبقاً لعمر، فإن العميد عبد السلام فجر محمود، بصفته قائد فرع التحقيق بالمخابرات الجوية هو المسؤول عن منشآت الاحتجاز الثلاث.
كما ورد اسم "العميد عبد السلام محمود" مرة أخرى في تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" صدر في عام 2012، تحت عنوان “أقبية التعذيب: الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري في مراكز الاعتقال السورية منذ مارس/آذار 2011“، في الصفحات 49 و50 من التقرير.
وهنالك عدد كبير من الأدلة التي تدين العميد عبد السلام فجر محمود في ملفات القضية المعروفة باسم “قيصر”، والتي وثقت حالات القتل تحت التعذيب في فرع التحقيق الذي يرأسه العميد عبد السلام، وكذلك في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش””Human Rights Watch”، تحت عنوان (“لو تكلم الموتى” الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية) عمليات القتل التي تنفذها أجهزة المخابرات السورية.
وفي تقرير منظمة العفو الدولية (“إنه يحطم إنسانيتك” التعذيب والمرض والموت في سجون سوريا)، والذي تناول أساليب التعذيب الممنهجة، ناهيك عن حالات الاغتصاب التي كانت تتم في الفرع، وعمليات الابتزاز عبر اعتقال النسوة والفتيات من أجل الضغط عليهن للاعتراف بأي شيء بخصوص ذويهن، أو للضغط على ذويهن لتسليم أنفسهم في مقابل إطلاق سراح تلك النسوة والفتيات، وبالفعل شاهدنا أكثر من عملية تبادل بين قوات النظام تكون فيها نسوة وفتيات محررات مقابل ضباط وجنود لقوات النظام.
يذكر أن "العميد عبدالسلام فجر محمود" خاضع للعقوبات الأوربية، والعقوبات البريطانية، منذ عام 2011 وذلك لإشرافه المباشر على عمليات العنف التي كان يقوم بها عناصر إدارة المخابرات الجوية ضد أبناء الشعب السوري.