التبرعات الوطنية: جهود شعبية لإعادة إعمار القرى والمدن بعد سقوط الأسد
التبرعات الوطنية: جهود شعبية لإعادة إعمار القرى والمدن بعد سقوط الأسد
● أخبار سورية ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥

التبرعات الوطنية: جهود شعبية لإعادة إعمار القرى والمدن بعد سقوط الأسد

مع سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بدأت قوافل النازحين من الداخل والخارج بالعودة إلى قراهم ومدنهم، مُحملين بالأمل والحنين، إلا أن الواقع كان صادماً؛ المنازل مدمّرة، والمنشآت الصحية شوالحيوية منهارة بالكامل أو متضررة جزئياً، ما جعل إعادة الحياة الطبيعية تحدياً يحتاج لتنسيق وترميم طويل الأمد.

رغم ذلك، لم يستسلم الأهالي، بل واجهوا التحديات بعزيمة، ساعين لإعادة قراهم ومدنهم إلى سابق عهدها، ومن هنا انطلقت فكرة التبرع الشعبي، حيث يجمع السكان الأموال وفق إمكانياتهم لتخصيصها لمشاريع خدمية متنوعة، مثل ترميم المدارس، إعادة تأهيل الجوامع والمنشآت العامة، وغيرها من المشاريع الحيوية.

مبادرة ملهمة

في مدينة مورك بريف حماة الشمالي، برزت إحدى المبادرات الفردية الملهمة، حين تبرع أحد أبناء المدينة المغتربين بأكثر من نصف مليون دولار أمريكي لإنشاء مدرسة حديثة ومسجد جديد، هذه المبادرة هدفت إلى تعزيز البنية التعليمية والدينية في المنطقة، وحظيت بإشادة المسؤولين المحليين الذين اعتبروها نموذجاً للتضامن المجتمعي ودعم التعليم وبناء المجتمع.

"مدرستي"

وفي اللطامنة، أطلق الأهالي حملة شعبية بعنوان "مدرستي" لجمع التبرعات لترميم المدارس قبل بدء العام الدراسي الجديد، الحملة لاقت تفاعلاً واسعاً بين سكان البلدة في الداخل والخارج، حيث تهدف إلى تأهيل المدارس وجعلها بيئة آمنة للطلاب بعد سنوات من الإهمال والدمار.

وفي قرى متعددة من ريف إدلب وريف حماة، شكل الأهالي مجموعات تنسيق عبر تطبيق الواتس آب، ومنصات التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات وترتيب الأولويات، ركزت هذه الحملات على ترميم المساجد والمدارس وتنفيذ إصلاحات خدمية أساسية، ما يعكس روح التعاون والمسؤولية المجتمعية الواضحة في المناطق المحررة، حيث يتولى أبناء القرى جهود إعادة البناء بأنفسهم وفق إمكانياتهم.

التزام السوريين تجاه مدنهم

حملات التبرع هذه تعكس التزام السوريين تجاه قراهم ومدنهم، ورغبتهم في تحسين ظروف الحياة رغم الدمار الذي خلفه النظام البائد. كما تظهر قدرة المجتمع على الصمود والتعاون في مواجهة التحديات اليومية بشكل عملي وذاتي، مع التركيز على توفير بيئة مستقرة لأبنائهم وللمجتمع بأكمله.

تعكس هذه المبادرات أيضاً ترابط المجتمع السوري وتضامنه في مواجهة الأزمات. الأهالي لا يعملون بمعزل عن بعضهم البعض، بل يشكلون مجموعات تنسق مع المغتربين لتحديد الأولويات وجمع الموارد اللازمة، مما يعزز التلاحم الاجتماعي ويؤكد أن إعادة البناء ليست مسؤولية فردية، بل جهد جماعي يجسد التزام السوريين تجاه وطنهم ومجتمعهم.

أثبتت المبادرات الشعبية التي تم القيام بها سابقاً والمنطلقة في الوقت الحالي قدرة السوريين على تنظيم أنفسهم لإعادة إعمار مدارسهم ومساجدهم ومنشآتهم الحيوية، مؤكدين أن إعادة بناء الوطن تبدأ من المجتمع نفسه وبجهود أبنائه.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ