
اعترافات ضابط سابق في النظام البائد تقود إلى حملة اعتقالات واسعة في درعا
كشفت مصادر خاصة لشبكة شام أن اعترافات الضابط السابق في النظام البائد سامر أديب عمران، الذي اعتُقل مؤخرًا في محافظة اللاذقية، قادت إلى فتح واحد من أخطر ملفات التعاون الأمني مع أجهزة النظام السابقة في محافظة درعا، وأدت إلى حملة اعتقالات وملاحقات أمنية شملت عشرات الأشخاص من المتورطين في قضايا تجسس واعتقال وقتل خلال سنوات الحرب.
وأكدت مصادر أمنية وميدانية متقاطعة أن التحقيقات مع عمران كشفت عن قوائم تضم أسماء متعاونين محليين وضباطًا سابقين وعناصر أمن وأشخاصًا مدنيين كانوا مرتبطين بشكل مباشر بالأفرع الأمنية التابعة للنظام البائد، ومسؤولين عن تزويدها بمعلومات عن ناشطين وثوار قادت لاحقًا إلى اعتقالهم أو تصفيتهم.
عمليات أمنية واسعة في درعا
وفقًا للمصادر، بدأت بعد أيام من اعتقال عمران تحركات أمنية مكثفة في مختلف مناطق محافظة درعا، حيث شُنت حملات دهم واعتقال طالت عددًا من الأسماء الواردة في القوائم.
وأشارت المعلومات إلى أن بعض هؤلاء الأشخاص اختفوا من منازلهم خلال الأيام الماضية بعد ملاحظتهم اتساع نطاق الاعتقالات، خشية أن تصل الدوريات الأمنية إليهم، في حين تمكنت الأجهزة المختصة من إلقاء القبض على عدد من المطلوبين بالفعل.
مضمون القوائم والاعترافات
تؤكد المصادر أن القوائم التي أدلى بها الضابط المعتقل تضمنت عشرات الأسماء من بينهم:
• شخصيات دينية ومجتمعية ذات نفوذ محلي.
• نساء كنّ يشاركن في نقل معلومات أو تسهيل عمليات أمنية خلال فترة حكم النظام البائد.
• عناصر أمن ووسطاء محليون تورطوا في حملات اغتيال واعتقال واختفاء قسري بحق ناشطين وثوار من أبناء المحافظة.
وتشير المعطيات إلى أن هذه القوائم أعادت فتح ملفات قديمة لضحايا الاختفاء القسري والتعذيب في سجون النظام السابق، حيث كان عدد من الأسماء الواردة في الاعترافات قد لعب دورًا مباشرًا في الإبلاغ عن الضحايا أو المشاركة في ملاحقتهم.
كما استطلعت شبكة شام آراء عدد من الأهالي في محافظة درعا، وتواصلت مع أسرة أحد المختفين قسرًا، التي روت أنها تفاجأت باعتقال أحد أقاربها مؤخرًا من قبل قوات الأمن الداخلي، لتكتشف لاحقًا أنه كان متورطًا في الإبلاغ عن ابنهم واختفائه منذ سنوات في سجون النظام البائد.
وتشير شهادات مشابهة إلى أن هذه الحالة تكررت أكثر من مرة، إذ فوجئت عائلات عدة بأن بعض المقبوض عليهم كانوا عملاء سابقين للأجهزة الأمنية، وتبيّن أن لهم دورًا مباشرًا في اعتقال العشرات من أبناء درعا خلال حقبة النظام السابق.
من هو الضابط المعتقل
بحسب بيان وزارة الداخلية السورية الصادر في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2025، فإن العملية التي أدت إلى اعتقال الضابط السابق سامر أديب عمران نُفذت في محافظة اللاذقية، وجاءت استمرارًا لجهود قيادة الأمن الداخلي للحفاظ على الأمن وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب وتحقيق العدالة الانتقالية.
وأوضح البيان أن وحدات الأمن الداخلي، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب، نفذت عملية أمنية محكمة أسفرت عن إلقاء القبض على سامر عمران، وهو من بلدة عين البيضا في ريف اللاذقية الشمالي، وكان يشغل سابقًا منصب رئيس مفرزة الأمن العسكري في محافظة درعا إبان حكم النظام البائد.
وأكدت وزارة الداخلية أن التحقيقات أظهرت تورط الموقوف في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين من أبناء محافظة درعا، بما في ذلك عمليات الاغتيال والخطف والابتزاز والإخفاء القسري، وأنه كان يشغل موقعًا قياديًا محوريًا في تنظيم وإدارة هذه العمليات الإجرامية.
وأشار البيان كذلك إلى أن الموقوف أدار شبكات واسعة لتهريب المخدرات وجمع المعلومات والتجسس، وكان متورطًا بشكل مباشر في تصفية النشطاء والثوار وعائلاتهم.
وختمت الوزارة بيانها بالتأكيد على أن المجرم أُحيل إلى القضاء المختص لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه، مشددة على استمرار الوحدات الأمنية في محافظة اللاذقية في جهودها لملاحقة جميع مرتكبي الجرائم ومحاسبتهم بما يكفل تحقيق العدالة الوطنية.
مخاوف من تصاعد البعد العشائري
عبّرت شخصيات اجتماعية ووجهاء من محافظة درعا عن تخوفهم من انعكاسات عشائرية محتملة عقب حملة الاعتقالات الأخيرة، خصوصًا بعد ورود أسماء من عائلات كبيرة ومتشابكة النسب ضمن القوائم التي كشفتها اعترافات الضابط المعتقل سامر عمران.
ودعا العديد من أبناء المحافظة إلى عدم التدخل في عمل القوات الأمنية أو ممارسة ضغوط للإفراج عن الموقوفين الواردة أسماؤهم في تلك القوائم، مؤكدين ضرورة استكمال التحقيقات قبل إصدار الأحكام أو تبرئة أي طرف.
وحذر وجهاء محليون من أن الخطر الحقيقي يكمن في ردود الفعل العشائرية في حال ورد اسم قريب أو أحد أفراد العائلة بين المتهمين، داعين إلى ضبط النفس وتجنّب أي مواجهات داخلية، ومؤكدين أن “من يثبت تورطه لا يمثل عشيرته، ولا يُحاسَب سواه”.
ويرى عدد من النشطاء أن ما يجري في درعا يمثل تحولًا نوعيًا في مسار العدالة الانتقالية، إذ لم تعد الملاحقات تقتصر على الضباط الكبار من النظام البائد، بل امتدت إلى الشبكات المحلية التي كانت الذراع الخفية للأجهزة الأمنية السابقة.