
أسعار الحديد ترتفع إلى 670 دولاراً للطن.. تكاليف البناء تُحبط آمال العائدين شمال سوريا
في الوقت الذي بدأ فيه آلاف المهجّرين بالعودة إلى قراهم في إدلب وحماة وحلب، تفاجأ كثيرون بعقبة اقتصادية قاسية تقف في وجه إعادة إعمار منازلهم، الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء وأجور الأيدي العاملة، ما يجعل ترميم البيوت حلمًا مؤجلاً في ظل ضعف القدرة الشرائية وندرة الدعم.
فقد ارتفع سعر طن الحديد المستورد من تركيا إلى 670 دولارًا، بعد أن كان لا يتجاوز 610 دولارات، بينما قفز سعر طن الأسمنت من 103 إلى 123 دولارًا، وسط زيادة مطردة في الطلب وضعف في المعروض، وفق تقرير لقناة الجزيرة.
وتضاعفت أجور العمال بشكل كبير، حيث وصلت إلى 15–20 دولارًا يوميًا بعد أن كانت لا تتعدى 4 دولارات، مع توجه قسم كبير من الأيدي العاملة إلى الوظائف الحكومية أو إلى تركيا. وفي السياق ذاته، تضاعف سعر متر صب البيتون، إذ ارتفع "الهوردي" من 15 إلى 30 دولارًا، و"البلاطة" من 10 إلى 20 دولارًا.
ويعزو تجّار البناء هذا الارتفاع إلى تعديلات الجمارك الأخيرة على الإسمنت والحديد التركي، والتي فرضتها الجهات المسيطرة على المعابر، ما أثر سلبًا على السوق المحلية في الشمال السوري، وأدى إلى ركود في نشاط البناء رغم وجود حاجة ماسة له.
ورغم عودة آلاف العائلات، إلا أن الأرقام تكشف أن نسبة من تمكنوا من ترميم مساكنهم لا تتجاوز 10%، ومعظمهم من ذوي الإمكانيات المحدودة الذين لجأوا إلى الترميم الجزئي أو السكن في الأبنية المهدّمة جزئياً أما الباقون، فاضطروا للعيش في خيام أو مساكن بديلة، وسط ظروف مناخية صعبة ونقص في الخدمات الأساسية.
وتُعد أزمة ارتفاع أسعار مواد البناء جزءًا من أزمة أوسع: غياب برامج دولية فاعلة لدعم إعادة الإعمار وتبقى جهود المنظمات الإغاثية محدودة أمام اتساع رقعة الحاجة، مما يضع المجتمعات المحلية أمام خيارات قاسية بين البقاء في العراء أو الهجرة من جديد.
هذا يتزامن الارتفاع الكبير في تكاليف البناء مع واقع معيشي متدهور يعيشه العائدون في الشمال السوري، حيث لا تتوفر حلول بديلة أو برامج دعم تساعد الأهالي على ترميم منازلهم.
ويذكر أن معظم المنظمات الإنسانية تركّز جهودها على الإغاثة الطارئة، بينما تغيب مشاريع إعادة التأهيل طويلة الأمد. هذا الأمر ترك آلاف العائلات تعيش في منازل غير صالحة للسكن أو في خيام مؤقتة وسط بيئة غير مستقرة.