وثائق إيرانية مسربة تكشف سبب تركيز طهران على الوجود الأمريكي في قاعدة التنف
كشفت وثائق إيرانية مسربة نشرها موقع "المجلة"، عن تركيز إيراني كبير على الوجود الأمريكي بشكل رئيس في قاعدة التنف على الحدود السورية - العراقية - الأردنية، والتي تعتبرها عثرة أمام إعادة فتح الحدود وحرية الحركة لميليشياتها بين سوريا والعراق.
وقالت المجلة في قراءة للوثائق، إنها تتطرق لوجود القوات الأميركية في سوريا والذي تصفه بالاحتلال أكثر من سبع مرات، ما يؤكد أهمية هذه النقطة في استراتيجية طهران الإقليمية، وهي تدعو إلى مقاومة هذا الاحتلال.
وبينت أن وجود الجيش الأميركي في قاعدة التنف هدفه "منع إعادة فتح المعبر الحدودي البري بين العراق وسوريا وحرمان إيران من استخدام هذا المعبر للتجارة مع سوريا ولبنان عبر العراق، ومن الوصول إلى البحر المتوسط".
ورأت القراءة أن تركيز الوثائق على الدور الإيراني في "إعادة الإعمار" كامتداد لدورها في زمن الحرب، يؤشر إلى تخطيط إيران للبقاء في سوريا على المدى الطويل، "وهو ما يظهر أيضاً في مسألة استيفاء الديون المستحقة لإيران على سوريا".
وتشير الوثائق إلى أن طهران كانت قد عرضت على دمشق أن إحدى أهم أهدافها هو بناء جسر بين الدول العربية ودمشق، "من أجل أن تقوم تلك الدول بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لسوريا".
وسبق أن كشفت وثائق إيرانية سربتها "مجموعة قراصنة" معارضة للسلطة الحاكمة، عن مسودات اتفاقات بين دمشق وطهران بما فيها مسودة "مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي" بين البلدين، ممهورة بتوقيع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والإرهابي بشار الأسد.
ونشرت الوثائق مجلة "المجلة"، وبينت أن "الإدارة الثانية لشؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا" أعدت تقريراً من 27 صفحة تمهيداً لزيارة رئيسي إلى دمشق، التي كانت مقررة يومي 27 و28 ديسمبر (كانون الأول) 2022. لكن الزيارة أرجئت آنذاك بسبب رفض الأسد توقيع مسودات اتفاق تتضمن معاملة الإيرانيين في سوريا معاملة السوريين في مجالات محددة.
وذكرت أنه بعد مفاوضات عديدة حول مسودة "مذكرة التفاهم"، زار رئيسي دمشق في مايو (أيار) 2023 وتم التوقيع من الأسد ورئيسي على النص النهائي لـ"المذكرة الاستراتيجية"، قبل توجه بشار الأسد إلى جدة للمشاركة في القمة العربية غداة إعادة دمشق إلى الجامعة العربية بعد تجميد عضويتها لأكثر من عقد.
وكشفت الوثائق المسربة لمحة عن جوهر العلاقات بين دمشق وطهران، ومنها استرداد الديون الإيرانية وقضية الإيرانيين المقيمين في سوريا، وأشارت الوثائق المسربة إلى أن سوريا دخلت منذ مطلع عام 2011 في أزمة كبيرة لم يتم التوافق بعد على حل مستدام للخروج منها.
أكدت الوثائق أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات كثيرة مثل هبوط قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وذلك بسبب تشديد العقوبات الأوروبية والأميركية، بخاصة عقوبات قانون القيصر التي تم إقرارها في 2019. وتشير التقديرات الدولية إلى أن سوريا بحاجة لنحو 500 مليار دولار لإعادة الإعمار وإحياء البنى التحتية.
وقالت، إن الشعب السوري يعاني من أزمة القمح وبالتالي الخبز والنقص الحاد للوقود مما سبب استياء شعبياً. وإن الظروف الصعبة تجعل النشاط الاقتصادي في سوريا صعباً للغاية. كما أن الأزمة المالية اللبنانية وسقوط قيمة الليرة التركية كانا لهما آثار سلبية وملموسة على الاقتصاد السوري لأن المواطنين السوريين لديهم نشاط اقتصادي كبير في لبنان وتركيا ويدخرون قسماً من أموالهم في مصارف لبنان وتركيا.
وأشارت إلى أن إيران قامت بتزويد سوريا بخطوط إمداد عديدة تشمل السلع والنفط وتعمل على توقيع عدد من الاتفاقيات والصفقات مع سوريا كغطاء لتسديد جزء من ديون سوريا إذ إن بعض هذه الصفقات والاتفاقات بلغت مرحلتها النهائية وعدداً آخر لم يبلغ المرحلة النهائية بعد.
وتشير الوثائق في إحدى الفقرات المعنونة بـ"عدم التنسيق الداخلي في أرضية اتخاذ السياسات الاقتصادية الموحدة للتعامل مع الحكومة السورية"، إلى وجود 14 منظمة ومؤسسة اقتصادية إيرانية تنشط في سوريا، وأن التنسيق في ما بينها هو أحد أهم البرامج للتعامل مع الوزارات والمنظمات السورية.
ووفقاً للوثائق، يجب على السفارة والسفير الإيراني لدى سوريا التركيز على هذا الموضوع كمحور أساسي وفقاً لقرار الرئيس الإيراني، ويجب إعلان ذلك من قبل الرئيس لجميع المؤسسات.
وذكرت أن إيران سارعت لمساعدة النظام السوري من خلال إرسال مليوني برميل نفط شهرياً خلال السنوات الـ10 الماضية، وارتفعت هذه الكمية إلى ثلاثة ملايين برميل شهرياً مع إقرار الملجس الأعلى للأمن القومي.
وبحسب الملف المسرب، فإنه وفقاً لوثيقة تحديد الديون، "من الضروري أن نطلب من سوريا استرداد جزء من ديون إيران"، وتشير الوثائق المسربة إلى أن "استرداد الديون الإيرانية المترتبة على النظام السوري أمر صعب نظراً للظروف الاقتصادية السورية، وغير ممكن فعلياً في ظل الظروف الحالية".
وأضافت أن الخط الائتماني الأول المقدر بمليار دولار، الذي تم دفعه بحسب قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لم يتم سداده من قبل النظام السوري حتى الآن، إضافة إلى ذلك، أكدت الوثائق دفع نحو 270 مليون دولار بهدف تنفيذ الخط الائتماني الثاني المقدر أيضاً بمليار دولار، وأن السبب الرئيس لعدم تكملة تحويل ما تبقى من قيمة الخط الثاني هو نقص السيولة في البنك المركزي الإيراني.