
وسط تناقضات جذرية .. شكوك حول رواية النظام بشأن اختطاف وقتل طفلة بحمص
بث تلفزيون النظام السوري يوم أمس السبت اعترافات مصورة قال إنها تظهر قاتل الطفلة "جوى طارق استنبولي"، بعد عدة أيام من إعلان العثور عليها في مكب نفايات قرب مقبرة تل النصر الواقعة على أطراف مدينة حمص، وسط تناقضات كبيرة دفعت موالين للنظام للتشكيك في رواية النظام حول اختطاف ومقتل الطفلة، مع الحديث عن نية الطب الشرعي إصدار بيان لتبرير التناقضات.
وحسب اعترافات القاتل "مدين الأحمد"، وهو من جيران عائلة الطفلة جوى، فإنه استدرج الطفلة إلى منزله وقام باغتصابها وقتلها "خنقاً"، ثم رمي الجثة في حاوية قمامة في الحي، ورغم استعانة نظام الأسد بالكلاب البوليسية بمحيط منزل العائلة، ذكر أن سبب القبض علي هو نسيان مناديل ورقية عليها آثار دماء حيث ضبطها عناصر من الأمن الجنائي في منزله.
وأثارت الاعترافات الواردة عبر إعلام النظام الرسمي ووزارة الداخلية جدلا وانتقادات واسعة، نظرا إلى عدم مراعاة ظروف الأهل خلال إبراز عبارات تصف الجريمة بشكل مروع، فيما ناقضت الرواية عبر التلفزيون السوري، رواية داخلية الأسد التي قالت إن الطفلة وجدت في مكب نفايات و"عليها آثار تعذيب وضرب بأداة حادة"، دون التطرق إلى الاغتصاب خلال تقرير الطب الشرعي.
ولم يقتصر إثارة الجدل على اعترافات القاتل بل رافق تصريح قائد شرطة حمص، العميد أحمد الفرحان جدل بعد أن اعتبره موالين يقوم بتبرير الجريمة بقوله إن
القاتل من أبناء الحي ذاته، وهو معروف بتعنيف الزوجة والأطفال، ويعاني من أحوال مادية ونفسية سيئة، ودافع القتل لديه بالأساس غريزي لا أقل ولا أكثر".
وعلق المذيع الداعم للأسد "نزار الفرا"، على تصريح قائد شرطة حمص بقوله، هل المجرم الذي يقتل و يخفي جثة الضحية لأيام و خصوصاً اذا كان المقتول طفلاً هل يكون بوضع نفسي وعقلي سليم؟ كنت أتمنى من الجهات المعنية بعد تعبها و سهرها و بحثها ألّا تذكر أبداً هذا تفصيل بأنه "يعاني من ظروف مادية و نفسية سيئة".
وقالت "نهلة عيسى"، على خلفية عرض اعترافات قاتل الطفلة جوى طارق استنبولي على شاشة التلفزيون السوري، بأن لديها عدة ملاحظات أولها أن سوء الصياغة الخبرية مدعاة للبلبلة، وردود الفعل السلبية، ولكن سوء الصياغة لم يكن المقصود به التبرير، وفق تعبيرها.
واعتبرت أن من ظهر على التلفزيون بالتأكيد هو القاتل، وليس شخصا تم إجباره على الاعتراف، وأمر طبيعي أن شخصا قادرا على ارتكاب جريمة بهذا القبح، أن يكون هادئا وغير شاعر بالذنب، لأنه لو كان يشعر لما فعل، وذكرت أنه كان يجب الاكتفاء بعرض التفاصيل العامة للجريمة، وعدم التوغل بالتفاصيل المقززة للفعل الجرمي، لأن ذلك يدخل في باب الصحافة الصفراء.
وطالبت "عيسى"، الطب الشرعي والشرطة الجنائية في حمص بتفسير مقنع للتناقضات بين تقرير الطب الشرعي الذي صدر بعد العثور على جثة الطفلة منذ أيام، وبين اعترافات القاتل اليوم، والتي بدل أن تؤدي بالاطمئنان على أن العين التي تحرسنا لا تنام، اشعرتنا بالاضطراب وعدم الفهم، وقادت البعض لعدم التصديق والتشكيك.
هذا وانقسمت الشخصيات الموالية للنظام ما بين مشكك ومدافع عن رواية نظام الأسد، فيما قالت صفحات إخبارية موالية إن الطب الشرعي بصدد نشر بيان توضيحي للتناقض بين الروايتين، وسط شكوك حول تكتم النظام على حلقة مفقودة في الحادثة لا سيّما مع الكشف عن انضمام الجاني سابقا إلى صفوف شبيحة الأسد، كما أن والد الضحية هو مسؤول أمني في ميليشيات الفرقة الرابعة في جيش النظام.
وكانت أعلنت وزارة الداخلية في 14 آب/ أغسطس الحالي، عن العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية مرمية في مكب نفايات بحمص، ليتبين أن الجثة تعود للطفلة جوى استنبولي، وحسب بيان الداخلية فإنّ الجثة عليها آثار الضرب بأداة حادة على الرأس وملامح الوجه مشوهة بالكامل، حسبما أوردته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك.
وذكرت أن سبب الوفاة النزف الحاد الناجم عن ضرب الرأس بآلة حادة، وقرر القاضي تسليم الجثة لذويها أصولاً، وزعمت بأن التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات الجريمة وتوقيف مرتكبيها، حسب تعبيرها.
وتتزايد عمليات القتل والخطف في مناطق سيطرة النظام، وسط تصاعد وتيرة الفلتان الأمني بشكل كبير ووصلت حوادث الاعتداء والقتل والسرقة إلى مستويات غير مسبوقة مع الحديث عن وجود حالات يوميا لا سيّما في مناطق انتشار الميليشيات الموالية للنظام والتي تعيث قتلا وترهيبا بين صفوف السكان.
ورغم هذه الأرقام الكبيرة يزعم النظام أن معدلات الجريمة في سوريا منخفضة عالميا نظراً لغياب عقلية الجريمة المنظمة، وطبيعة المواطن السوري غير الميالة إلى العنف، إضافة إلى سرعة القبض على الجاني في الحد الأقصى أسبوعين، حسب زعمه.
هذا وتعيش مناطق سيطرة النظام تصاعداً كبيراً في عدد الجرائم الجنائية التي استخدم في معظمها القنابل والأسلحة النارية، ما يعكس حالة الانفلات الأمني الكبير في مناطق النظام، ويكشف كذبة عودة الأمان التي تروج لها آلة النظام الإعلامية، وصولاً إلى تزايد التبريرات الرسمية حول هذه الظاهرة بما فيها استخدام القنابل المتفجرة.