تخفيف العقوبات مؤقت بسبب الزلزال ... الاتحاد الأوروبي: موقفنا لم يتغير والأسد فاقد للشرعية
أثار القرار الأوروبي الأخير بتخفيف العقوبات المفروضة على نظام الأسد من أجل تسهيل إيصال المساعدات إثر الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا في 6 فبراير/ شباط الماضي، تساؤلات حول مدى استفادة نظام بشار الأسد من ذلك، في ظل الحصار الاقتصادي المفروض عليه، ومدى حقيقة حاجة السوريين لهذا الإعفاء من العقوبات على النظام والكيانات الداعمة له، والمخاوف المتعلقة بتصاعد موجة التطبيع التي تجلّت بزيارات مسؤولين عرب إلى دمشق.
وكان المجلس الأوروبي قد أعلن في بيان في 23 فبراير، أن المنظمات الإنسانية لن تحتاج على مدى ستة أشهر للحصول على إذن مسبق من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإرسال مواد أو تقديم خدمات للكيانات الخاضعة لعقوبات التكتل.
وجاء هذا الإجراء "نظراً إلى خطورة الأزمة الإنسانية في سورية والتي تفاقمت بفعل الزلزال"، بحسب البيان.
ولا يحظر نظام العقوبات بطبيعة الحال تصدير المواد الغذائية أو الأدوية أو المعدات الطبية من قبل الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، ولا يستهدف نظام الرعاية الصحية فيها، بحسب بيان المجلس.
وحول هذا الإعفاء وما يمكن أن يترتب عليه، أوضح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عقوبات الاتحاد الأوروبي في سورية صُممت بحيث لا تقف في طريق المساعدات الإنسانية، ولاستهداف نظام الأسد فقط ومن يدعمه في سياساته القمعية ضد الشعب السوري.
وأكد أن "الغالبية العظمى من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الأغذية والأدوية والمعدات الطبية، لا تخضع للعقوبات"، ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي عدّل إطار عقوباته على سورية لتسهيل التسليم السريع للمساعدات الإنسانية أو الطبية في أعقاب الزلزال الأخير.
وعن القطاعات المشمولة بالإعفاءات الأخيرة، أوضح ستانو أن "الأمر لا يتعلق بالقطاعات، بل بالتمكن من إيصال المساعدة الإنسانية بشكل أسرع"، لافتاً إلى أن "الاتحاد الأوروبي تنازل عن حاجة مجموعة من المنظمات الإنسانية للحصول على إذن مسبق لإجراء عمليات نقل أو توفير السلع والخدمات المخصصة للأغراض الإنسانية من خلال الأشخاص والكيانات الخاضعة لعقوبات أخرى من قبل الاتحاد الأوروبي للأشهر الستة المقبلة".
وتابع: "كان دائماً ممكناً تحويل الموارد الإنسانية من خلال هؤلاء الأشخاص أو الكيانات، ولكن قبل التعديل الأخير، كان يلزم الحصول على إذن مسبق من السلطات الوطنية المختصة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".
ورداً على سؤال عما إذا كانت الإعفاءات الأخيرة من العقوبات الأوروبية على سورية ستؤثر سياسياً في تشجيع الدول الأوروبية على التقارب والتطبيع مع النظام السوري، نفى ستانو ذلك، موضحاً أن هذا الإجراء "مؤقت ومحدد يتعلق فقط بجانب واحد معين مطلوب من رعايا الاتحاد الأوروبي، ولا يتعلق بالاستهداف العام لنظام الأسد وداعميه لدورهم في قمع الشعب السوري".
وشدد ستانو على أن موقف الاتحاد الأوروبي من النظام "لا يزال كما هو، هذا النظام ليس له شرعية وهذا ليس الوقت المناسب لتطبيع العلاقات".
وتابع: استعداد الاتحاد الأوروبي لمساعدة ضحايا الزلزال في سورية لا يعني فتح الأبواب للتطبيع مع النظام، بل إنه يثبت فقط ما فعلناه طوال الوقت، نحن نقف إلى جانب الشعب السوري ونواصل دعمه، وحتى قبل الزلزال المأساوي كان الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للشعب السوري.
ورداً على سؤال عما إذا كان وصول طائرات من دول الاتحاد الأوروبي لأول مرة إلى مطار دمشق يفتح الباب لغضّ الطرف عن العقوبات لاحقاً والسماح للدول بدعم النظام السوري اقتصادياً، أجاب ستانو بـ"لا"، مضيفاً: "تم تعليق واجب الإبلاغ تحت العقوبات لمدة 6 أشهر، ولن يؤدي (الإجراء) إلى رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على النظام"، ولفت إلى أن ذلك يمكن أن يحدث فقط عندما ينخرط النظام في عملية انتقال ذات مغزى وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة المتعلقة بالصراع السوري وعندما يشارك بجدية في محادثات السلام تحت مظلة الأمم المتحدة.
وشدد ستانو على أن "مساعداتنا لا يتم تسليمها ولا توزيعها من خلال النظام ووكلائه، ونحن نستخدم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الموثوقة لتقديم المساعدة لمن يحتاجونها".
ويُذكر أنه بالتزامن مع إرسال مساعدات إنسانية من دول عربية إلى مطاري دمشق الدولي وحلب، أرسلت إيطاليا مساعدات إنسانية إلى سوريا، عبر طائرة عسكرية حطت في مطار بيروت الدولي في لبنان، بدلاً من مطار دمشق. وعلّق رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري التابع للأسد "خالد حبوباتي"، آنذاك، بأنه "كان من الممكن أن تصل هذه الطائرات إلى مطارات سورية، لكن "قانون قيصر" يقف عائقاً أمام الأمر، وهو ما دفع هذه الطائرات إلى أن تحطّ في مطار بيروت.
وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، قد أصدر في 9 فبراير إعفاءً يسمح لمدة 180 يوماً بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال التي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات السورية.
وقال نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو، في بيان، إن "العقوبات الأميركية في سورية لن تقف في طريق الجهود المبذولة لإنقاذ حياة الشعب السوري، بينما تحتوي برامج العقوبات الأميركية بالفعل على استثناءات قوية للجهود الإنسانية"، وأضاف أن برامج العقوبات الأميركية لا تستهدف المساعدة الإنسانية المشروعة، بما في ذلك جهود الإغاثة في حالات الكوارث.
كما أصدرت الحكومة البريطانية ترخيصين بشأن المساعدات الإنسانية، لتسهيل عمليات الإغاثة الإنسانية في سورية في أعقاب الزلزال، تسري صلاحيتهما لمدة 6 شهور.
وكان أندرو جيه تابلر، وهو المدير السابق لشؤون سورية في "مجلس الأمن القومي" الأميركي، والمستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية، قد دعا في تحليل نشره معهد واشنطن للدراسات، الإدارة الأميركية لاتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من أن الإعفاء الأخير لا يخلق ثغرات لصالح النظام السوري أو رعاته في كل من موسكو وطهران، ودعا إلى إجراء تقييم استخباراتي عبر صور الأقمار الصناعية لمعرفة الدمار الذي خلفه الزلزال للتفريق بين المنشآت التي دمرها الزلزال وبين المنشآت التي أصيبت في الحرب.