"تحـ.ـرير الشـ.ـام" والعمليات الانغمـ.ـاسية .. "التوقيت والرسائل"
صعد الجناح العسكري في "هيئة تحرير الشام"، من تنفيذ "العمليات الانغماسية" خلف خطوط التماس مع مناطق سيطرة النظام السوري، في خطوة لافتة في "توقيتها ونوعيتها"، في ظل حديث عن رسائل "داخلية وخارجية" أرادت الهيئة إيصالها من وراء تكثيف تلك العمليات.
وأعلنت "هيئة تحرير الشام"، خلال الأسابيع الأخيرة، عن تنفيذ أكثر من 11 عملية انغماسية، استهدفت بعمليات خاطفة، مواقع قوات النظام السوري، على خطوط التماس، كان لافتاً توزعها على عدة مناطق من ريف اللاذقية إلى إدلب وريف حلب.
ويرى متابعون لسير تلك العمليات وتكثيفها، أن الهيئة أرادت إيصال رسائل سريعة في مرحلة حرجة، مع الانعطافة الأخيرة للموقف التركي في التقارب مع نظام الأسد بالدرجة الأولى، علاوة عن رغبة داخلية لإعادة كسب ثقة الحاضنة الشعبية، بعد المطبات التي مرت بها الهيئة لاسيما هجومها العسكري في عفرين.
يقول باحث في الشأن السوري لشبكة "شام"، إن العمليات الأمنية التي تقوم بها "هيئة تحرير الشام" ضد قوات النظام، تتعارض مع مبدأ تخفيض التصعيد الذي تلتزم به الفصائل، وبالتالي فإن تلك العمليات تحمل رسائل عديدة تريد الهيئة إيصالها داخلياً وخارجياً.
وبرأيه، تبحث الهيئة عن كسب الرأي العام في حواضنها سواء في إدلب أو في مناطق الجيش الوطني، حيث تتزامن هذه العمليات مع الحراك الشعبي الواسع ضد إعادة العلاقات مع النظام، وبعد خطاب "الجولاني" الذي قدم فيه نفسه بصورة ثورية تتناسب مع هذا الحراك الشعبي والثوري.
أما الرسالة الثانية والأهم برأيه، فهي أن عمليات الهيئة تأتي مع استمرار القطيعة التركية للهيئة والعلاقة السيئة بينهما، ولذلك تستثمر الهيئة الحاجة التركية لإنجاح المباحثات مع النظام بإحداث خروقات تضطر الأتراك إلى إنهاء القطيعة وإعادة التنسيق الأمني معها.
بدوره، لم يخف "صلاح الغابي" القائد العسكري في "هيئة تحرير الشام"، أن وراء تلك العمليات الانغماسية رسائل داخلية وخارجية، موضحاً في حديث لشبكة "شام" أن الرسالة الداخلية هي أن الهيئة "على العهد باقون لن نقيل ولن نستقيل"، مطمئناً المدنيين في المحرر بأن "هناك رجال قابضون على الزناد لن يبرحوا أماكنهم حتى يفتح الله عليهم ويعيدوا أهلهم إلى قراهم وبلداتهم".
أما الرسائل الخارجية، وفق تصريح القيادي لشبكة "شام"، فتتمثل بقوله: "نحن أصحاب الأرض ونحن أصحاب الكلمة ونرفض كل دعوات التقارب مع عصابات الأسد ولن نرضى إلا بإسقاطها ومحاسبتها ولن تتوقف هجماتنا والأهالي سند لنا"، وفق تعبيره.
وأكد القيادي، أن هذه العمليات تكشف عن وهن النظام وأضاف: "من طرق الاستطلاع العسكري، الاستطلاع بالقوة وهي أن ترسل القوة المهاجمة مجموعة قتالية تقوم بعملية الاشتباك مع الخط الأول للقوات المدافعة من خلال هجوم مفاجئ وقوي، الهدف من ذلك هو إحداث ردة فعل عنيفة من القوة المدافعة بهدف كشف مواقع أسلحتها وتوزع نيرانها ومدى قوة الأسلحة الموجودة على الخط الأول".
ولفت إلى أنهم استطاعوا جمع الكثير من المعلومات عن مواقع النظام عبر هذه الضربات على كل الجبهات وظهر لهم نقاط ضعف مليشيات الأسد لاستثمارها في الوقت المناسب، موضحاً أن الهيئة لم تهدأ معسكراتها على مدار السنوات الماضية عن التجهيز والإعداد وتخريج مقاتلين أكفاء قادرين على التأقلم مع التغيرات العسكرية التي طرأت على الساحة.
وبين القيادي العسكري "صلاح الغابي" في حديثه لشبكة "شام"، أن "هيئة تحرير الشام" قادرة على الاستمرار في هذه العمليات لمدة كافية لتحقيق استنزاف لعصابات الأسد وتحرير مناطق واسعة.
وفي ره على سؤال إن كانت تحمل تلك العمليات أي رسائل سياسية بالتوازي مع المتغيرات الدولية بشأن الملف السوري، قال القيادي: "الرسالة من وراء هذه العمليات واضحة للجميع، إن الأرض لأهلها وهم من يملكون الحل ولا حل مع عصابة الاسد إلا القوة، ستفشل المصالحات كما فشل غيرها من مخططات الذل والخنوع وستستمر الثورة كما كانت ملهمة لكل حر وثائر حتى تحقق أهدافها التي انتفضت من أجلها ولن ننسى هتافنا بداية الثورة "الموت ولا المذلة".
ولاقت "العمليات الانغماسية" الأخيرة التي نفذتها "هيئة تحرير الشام"، تفاعلاً واسعاً على المستوى الإعلامي والشعبي، علاوة عن أنها كشفت وهن النظام وتحصيناته، وكبدته خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وبثت الهيئة عبر معرفاتها العديد من المقاطع المصورة لتلك العمليات ونتائجها، في حين كان اللافت أن رد النظام اقتصر على قصف بعض المناطق دون التصعيد العسكري المعتاد.