رغم تأخرها لسنوات.. محكمة سويسرية تُصدر مذكرة توقيف دولية بحق المجرم "رفعت الأسد"
أمرت المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية، بإصدار مذكرة توقيف دولية بحق المجرم، "رفعت الأسد"، لدوره في جرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها ضد أهالي مدينة حماة في شباط ١٩٨٢، وقال "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن الشبكة ساهمت في بناء القضية.
وأوضح "عبد الغني"، إن منظمة ترايل انترناشونال، قادت تحقيق جنائي موسع، وساهمت بشكل أساسي في بناء وتحريك القضية، وتعاونت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مع ترايل انترناشونال وقدمت لها العديد من البيانات والتفاصيل عن مجزرة حماة ١٩٨٢، إضافة إلى عناوين الاتصال مع العديد من الشهود.
ولفت إلى عقد عدة اجتماعات مع المحقق الرئيسي في هذه القضية، من ضمنها اجتماع في جنيف، وعملت الشبكة بشكل كثيف للوصول لهذه النتيجة، شاكراً للضحايا والشهود الذين تجاوبوا وآمنوا بأهمية هذا العمل على الرغم من مضي عشرات السنوات على جرائم رفعت الأسد في مدينة حماة.
ومنذ عام 2017، كشف عدد من المحامين، أن نائب رفعت الأسد، عُرضة للملاحقة القانونية في سويسرا بتهمة ارتكاب جرائم في سورية، لدوره في مجازر حماة وسجن تدمر في ثمانينيات القرن الماضي.
وكان نقل موقع منظمة "Trial International" أنه وبعد التدقيق تم توجيه التهم إلى رفعت الأسد أمام السلطات القضائية السويسرية، وتوجد الآن قضية متماسكة أمام المدعي العام السويسري.
وكان رفعت الأسد عرضة للملاحقة القانونية منذ عام 2013 أمام المحاكم السويسرية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ولكن "Trial international"، والتي كانت قد قدمت الدعوى للمدعي العام، تخشى أن يكون الوضع حالياً غير قابل للتجاوز، رغم الأدلة المقدمة للمدعي العام. وقام المحامون، صباح اليوم، بتحدي الادعاء العام علناً، وطالبوا بالعدالة لموكليهم الذين هم ضحايا النظام السوري.
وكان تقديم الدعوى للمدعي العام السويسري عام 2013 قد أحيا آمال أهالي الضحايا في محاكمة الأسد ومعاقبته. ومنذ تلك الحين تعمل المنظمة على التحقيق وجمع الأدلة في ثماني دول وتقديمها للمدعي العام السويسري، بما فيها العشرات من شهادات العيان. وقد تمكنت المنظمة من جمع العديد من الوثائق من المخابرات العامة السورية، ومن السفارات في العديد من الدول. كما أنها تابعت بعضاً من المقاتلين السابقين للحصول على شهاداتهم.
ويمكن للأفراد والمنظمات رفع الدعاوى أمام المحاكم السويسرية وفقاً لمبدأ الولاية القضائية العالمية، إذ يمكن ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الموجودين على أراضيها بغض النظر عن مكان تنفيذ الجريمة وجنسية منفذيها.
وسبق أن قالت صحيفة "أوليف برس" الإسبانية، إن المحكمة الوطنية في إسبانيا، ستحاول استئناف محاكمة المجرم "رفعت الأسد"، الشهر المقبل، موضحة أن الادعاء الإسباني، يتهم رفعت الأسد بغسيل ممتلكات في إسبانيا بقيمة 700 مليون يورو، عبر شركة مقرها جبل طارق، استخدمها لإدارة شؤون ممتلكاته في أوروبا.
واستبعدت الصحيفة، أن يحضر "رفعت الأسد"، محاكمته، لافتة إلى أن محاميه قالوا إنه "موجود حالياً بوحدة العناية المركزة في أحد مستشفيات دمشق"، وبينت أن النيابة تتوقع صدور حكم مماثل للحكم الفرنسي على رفعت الأسد في إسبانيا، بمصادرة العديد من عقاراته، إلا أن أملاكه في إسبانيا أكبر بثمانية أضعاف منها في فرنسا، وتقدر بنحو 500 عقار.
وكانت أعلى محكمة في فرنسا قد أيدت حكماً قضائياً بإدانة المجرم رفعت الأسد، بالاستحواذ على ممتلكات فرنسية بقيمة ملايين اليوروهات، باستخدام أموال تم تحويلها من الدولة السورية، بعد أعوام من المحاكمات والإجراءات المعقدة.
وأيد حكم محكمة النقض، الذي جاء في أعقاب عملية طويلة قدم خلالها السفاح رفعت طعوناً مختلفة، حكماً بالسجن لمدة 4 سنوات على رفعت الأسد، وهو ما أُقر من قبل محكمة البداية في باريس في 17 حزيران 2020 ثم في الاستئناف في 9 أيلول 2021.
وقالت مجموعة “شيربا” وهي مجموعة من محامي حقوق الإنسان مقرها فرنسا والتي كانت شكواها الجنائية هي السبب وراء بدء الإجراءات في 2013، إن “الأصول التي يحتفظ بها رفعت الأسد في فرنسا والتي تم الحجز عليها أثناء الإجراءات ستتم مصادرتها بشكل نهائي”.
ولفتت المنظمة إلى أن أصول أموال رفعت الأسد الموجودة في فرنسا ستصادر، مؤكدة أنه "يجب إعادة قرابة 90 مليون يورو إلى الشعب السوري، وفق ما نص عليه القانون المعتمد في تموز/ يوليو 2021، الذي أنشأ آلية رائدة لإعادة الأصول الناتجة عن الفساد في فرنسا".
وسبق أن قال "إيلي حاتم"، محامي رفعت الأسد "جزار حماة"، إن موكله "يشعر بأن فرنسا خذلته"، كاشفاً عن أن "رفعت" أعاد وسام "جوقة الشرف" إلى فرنسا، وذلك بعد أسبوع من تثبيت القضاء الفرنسي حكم السجن نهائياً بحقه في قضية "مكاسب غير مشروعة".
وأشار المحامي إلى أن إعادة الوسام الأسمى في فرنسا، سببه "خيبة الأمل من البلد الذي كان يقدره كثيراً وقدم له العديد من الخدمات"، في حين قال "رفعت الأسد" في رسالة، نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية، إنه يرى نفسه ملزماً بالطعن في الاستنتاجات التي تم التوصل إليها "بشكل خاطئ" من قبل القضاء الفرنسي
وكان المجرم "رفعت الأسد" وصل في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي إلى العاصمة دمشق قادما من إسبانيا، في أول دخول له إلى الأراضي السورية بعدما غادرها عام 1984 برفقة 200 من أنصاره.