ميليشيا "قسد" تُعلن انتهاء العمليّات العسكريّة في دير الزور والانتقال للعمليّات الأمنيّة المحدَّدة
أعلنت ميليشيا "قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة"، في بيان اليوم الجمعة 8/ أيلول/ 2023، انتهاء العمليّات العسكريّة الأساسيّة في دير الزور، ضمن عملية أمنية كانت أطلقت عليها اسم "تعزيز الأمن"، والتي استهدفت محاربة العشائر العربية، متحدثة عن الانتقال إلى مرحلة العمليّات الأمنيّة المحدَّدة لملاحقة خلايا تنظيم "داعش" والعناصر الإجراميّة، وفق تعبيرها.
وقالت ميليشيا "قسد" إنها بدأت عمليّة أمنية وعسكريّة تحت اسم “تعزيز الأمن”، بقيادة مجلس دير الزور العسكري، في 27 أغسطس/ آب الماضي، وزعمت أنها استهدفت بدرجة أساسيّة خلايا تنظيم "داعش"، إضافة إلى ملاحقة تجّار المُخّدرات والعناصر الإجراميّة المطلوبة للعدالة أمام مؤسَّسات العدالة في دير الزور لارتكابها جرائم بحَقِّ الأهالي والمؤسَّسات العامَّة، وفق البيان.
وأوضحت "قسد" أنها خلال اليومين الأوَّليَّين للعمليّة سارت كما هو مخطَّط لها، حيث ألقت القوّات العسكريّة القبض على عدد من عناصر خلايا تنظيم “داعش”، وتجّار المُخدّرات، ومشطت أكثر من /90/ قرية في الرّيفين الغربيّ والشِّمالي لدير الزور، حسبما قالت.
وذكرت "لكن فيما بعد وجدت بعض الأطراف، وعلى رأسها بعض الأجهزة الأمنيّة التّابعة للنِّظام السُّوريّ، أنَّ نجاح هذه العمليّة سيقضي على مشاريعهم ومخطَّطاتهم ضمن المنطقة، لذا سارعوا في توجيه الأحداث في منحى آخر، وشرعوا بتوريط بعض الشخصيات الموالية لهم وإدخال العناصر المُسلَّحة إلى قرى دير الزور عن طريق التوغل من الضفَّةِ الغربيّة لنهر الفرات والاتحاد مع الخلايا المسلحة التابعة للنظام، تحت مسمى “جيش العشائر” الذي هو تنظيم أمني تابع للنظام مباشرة".
واعتبرت أن نتائج عمليتها تمثلت أن "استهدفت العمليّة بشكل أساسيّ فلول خلايا تنظيم “داعش"، ولكن عندما تورَّطت العناصر التّابعة للنظام السوري في افتعال الفوضى، تحوَّلت العمليّة إلى اشتباكات مع تلك العناصر التي تسلَّلت من غربيِّ نهر الفرات، وحاولت خلق فتنة ما بين الأهالي وقوّات سوريّا الدّيمقراطيّة، إلا أنَّها فشلت في إحداث شرخ بين قوّاتنا والأهالي، وفق زعمها.
وقالت إن منطقة دير الزور تتشكَّل من /125/ قرية خاضعة لسيطرة المجلس العسكري لدير الزور التابع لقوّات سوريّا الدّيمقراطيّة، إلا أنَّ المشاكل والتوتّرات اندلعت في /٥/ قرى فقط بعد توغل عناصر النِّظام وبعض العناصر الإجراميّة إليها، وفق البيان.
وزعمت أن قواتها "لم تستخدم الحزم والعنف خلال سير العمليّة في أيّامها الأولى، وفضَّلت تغليب الحكمة والوعي والتحلّي بالصبر لمعالجة هذه التوتّرات وإنهاء الفوضى، إلا أنَّ تلك العناصر المُسلَّحة تمادت واعتدت على المؤسَّسات الخدميّة مثل البلديّات ومحطّات المياه، خاصَّةً مؤسَّسة المياه في بلدد “ذيبان” التي تعرَّضت للنَّهب والحرقِ والسرقة والتَّدمير، وحاولت جر لاشتباكات إلى المناطق المدنية، ممّا شكَّلَ خطراً على الأهالي، وناشدوا قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة للتدخُّل وإنهاء حالة الفوضى وتخريب المؤسَّسات".
واعتبرت أن قواتها "لبت مناشدات الأهالي والوجهاء، وبدأت بتمشيط القرى الخمس، حيث قامت بتطهيرها بعد فرض الاستسلام على المُسلَّحين، فيما لاذ قسم منهم بالفرار ولجأ إلى الضفَّة الغربيّة لنهر الفرات في مناطق سيطرة النِّظام السُّوريّ"، وفق تعبيرها.
واتهمت "بعض القوى" وعلى رأسها النِّظامين السُّوريّ والتُّركيّ، بمحاولة "خلق الفتنة"، وزعمت أنَّ التَّواصل المستمرّ بين قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة وأهالي المنطقة واطّلاعها المستمرّ على مجريات العمليّة، أغلق الطريق أمام المتربِّصين بزعزعة أمن المنطقة، وأوصلت العمليّة إلى النجاح، مشيدة ببطولات مقاتليها وقاداتها وممثّلي المجتمع من شيوخ ووجهاء العشائر في تقديم المساعدة والمعلومات وتسهيل مَهمَّة قوّاتها ضُدَّ هؤلاء المُسلَّحين.
وتحدثت "قسد" عن مقتل 92 مسلحاً خلال هذه العمليّة، في حين أقرت بمقتل /25/ من مقاتليها، إضافة لـ /9/ مدنيّين زعمت أنهم قتلوا برصاص المُسلَّحين، الذين استخدموا الأسلحة الثَّقيلة في المواجهات مع قوّاتنا بما فيها الصَّواريخ المحمولة على الكتف، وتحدثت عن اعتقال /4/ عناصر ممّا تُسمّى بقوّات “الدِّفاع الوطنيّ” التّابعة للنِّظام السُّوريّ، إضافة إلى عنصرين اثنين من خلايا تنظيم “داعش”، إضافة إلى إلقاء القبض على /15/ مُسلّحاً آخرين.
واتهمت "قسد" الجانب التُّركيّ والجيش الوطني، بشَنِّ هجمات مستمرّة على مناطق منبج، عين عيسى، تل أبيض، تل تمر وزركان، موضحة أن قواتها وبجميع تشكيلاتها العسكريّة تصدَّت لتلك الهجمات وأحبطتها، وقالت إن النِّظامان السُّوريّ والتُّركيّ حاولا خلق فتنة في سوريّا عامَّة وإعطاء أبعاد خطيرة للأحداث، وخاصَّةً في منطقة دير الزور، إلا أنَّها ارتدَّت عليهم وفق بيانها.
وكانت فرضت "قوات سوريا الديمقراطية"، (قسد) حظر للتجوال في مناطق سيطرتها بريف ديرالزور الشرقي، في ظل حالة من الهدوء بعد أيام من المعارك، في حين طفت على السطح مؤشرات وجود اتفاق غير معلن بشكل رسمي حتى الآن يقضي بوقف القتال بين قوات العشائر و"قسد".
وتداول ناشطون مشاهد قالوا إنها تظهر تسليم عدد من الآليات التي اغتنمها مقاتلي العشائر العربية خلال مواجهات عنيفة مع "قسد"، تنفيذا لاتفاق لم يعلن عنه رسميا، من شأنه أن يعيد سيطرة "قسد" على الخط الشرقي لنهر الفرات، دون وضوح حول مصير المقاتلين المحليين الذين ثاروا على "قسد" كما لم يتم تقديم أي ضمانات لتنفيذ مطالبهم.
وأفادت "شبكة نهر ميديا"، المعنية بأخبار المنطقة الشرقية بأن ميليشيات "قسد" استعادت السيطرة على بلدتي الجرذي و أبو حردوب شرقي ديرالزور، وأكدت أن دخول أرتال لقوات "قسد" جاء من جهة البادية ودخلت دون قتال، في مؤشرات إضافية على الاتفاق على دخول "قسد" لمناطق العشائر العربية، في ظل توقف الاشتباكات بين الطرفين.
ونوه ناشطون في شبكة "فرات بوست"، إلى أن تسليم دفعة من الآليات العسكرية لقوات "قسد"، جاء ضمن مفاوضات بين وجهاء المنطقة و"قسد" تقضي بدخول الأخيرة إلى تلك المناطق الخارجة عن سيطرتها تباعاً دون قتال ضمن شــروط صارمة لحماية المدنيين والممتلكات الخاصة.
ونقلت الشبكة ذاتها عن مصدر من لجان التفاوض فإنه تم الوصول إلى إتفاق بين الطرفين لتجنب المنطقة عمليات عسكرية الخاسر الأكبر فيها هو المدنيين، وفي ظل هذه التطورات لا تزال "قسد" تدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة باتجاه ريف ديرالزور، حيث رصد ناشطون يتجه نحو بلدة الصبحة بريف المحافظة.
إلى ذلك تداول ناشطون على مواقع التواصل مقطع مصور يوثق تطاول وإهانة عناصر من ميليشيا "قسد" لعدد من المدنيين من أبناء العشائر وتم وصفهم بـ"الغنم"، وذلك في أثناء أخذهم كـ"دروع بشرية" خلال معارك ديرالزور، ورغم حالة الهدوء تحدثت معلومات عن هجوم تعرضت له نقطة لقسد بريف دير الزور.
في حين دعا نشطاء المنطقة الشرقية في ريف دير الزور الغربي يدعون إلى تظاهرات حاشدة اليوم الجمعة تضامناً مع ريفي ديرالزور الشرقي والشمالي وللمطالبة بوقف العملية التي أطلقتها "قسد" بديرالزور، وشهدت المنطقة تحليق مكثف لطيران التحالف الدولي.
وقامت ميليشيات "قسد"، ردا على دعوات التظاهر ضدها بفرض حظر التجوال ومنع صلاة الجمعة بعدد من المساجد كما شنت حملة دهم واعتقالات طالت عدد من منازل المدنيين شرقي دير الزور، فيما دخلت دورية للتحالف بلدة ذيبان وفق ناشطون.
وحول عوامل عدم استمرار مقاومة العشائر العربية، أكد ناشطون أن هناك أسباب كثيرة منها تمهد لسيطرة "قسد"، بعد معارك دامية واعتقالات وتهجير، ومنها قلة الذخيرة والسلاح واستخدام "قسد"، للقوة بشكل مفرط بما فيها طيران الدرون مع التأكيد على أن موازين القوة غير متكافئة.
ولعل سقوط "ذيبان" أحد هذه العوامل لما لها من رمزية كون الشيخ إبراهيم الهفل قائد انتفاضة العشائر ينحدر منها، يضاف إلى ذلك طول خط المواجهة المفتوحة لمسافة 180 كم وحول الأسباب الأخرى تتعلق بالتخوف من نشاط خلايا داعش، والنظام، ومن المعروف بأن "قسد" متجذرة بالمجتمع ولديها وسائل إقناع بين التخويف والترغيب وعملت على تشتيت وتقسيم العشائر.
وذكرت مصادر محلية أن هناك بعض مجموعات من مقاتلي العشائر ترفض التسليم والاتفاق مع ميليشيات قسد وتنتشر في الأرياف وداخل بعض البلدات وهذا يعني أستمرار المواجهات العسكرية مع "قسد" على شكل عمليات منفردة بين الحين و الآخر.
وبالنسبة للمفاوضات العامة بين العشائر والتحالف الدولي إلى الآن لا يوجد شيء واضح او تصريح رسمي من الجهات المنخرطة بالمفاوضات لكن من الواضح أن هناك ضغط من التحالف على قسد لتلبية مطالب العشائر و احتواء الحراك بعيد عن العنف والعمليات العسكرية.
وهذا مايعكس تحول خطاب ميليشيات قسد من التصريحات الحادة التي كانوا يطلقونها ضد الحراك والشيخ ابراهيم الهفل إلى دعوته للحوار والتفاوض ويؤكد ذلك عدم دخول 'قسد" وإعلامها الى مضافة الهفل او حتى الاقتراب منها على ما كانت تحمله من رمزية للحراك رغم سيطرتهم على بلدة ذيبان منذ يومين.
وكان خرج متزعم ميليشيا "قسد"، "مظلوم عبدي"، بتصريحات إعلامية جديدة تعهد خلالها بتلبية مطالب العشائر العربية في محافظة دير الزور شرقي سوريا، وإجراء إصلاحات لمعالجة الأخطاء التي ارتكبت في إدارة المنطقة، كما تحدث عن "عفو عام".
وقال "عبدي"، في منشور له عبر منصة "X" تويتر سابقا، إن كلّف شيوخ عشائر ووجهاء من الرقة بناءً على طلبهم بالتواصل مع شيخ قبيلة العكيدات "إبراهيم الهفل"، بعد أن مناقشة الأوضاع الأخيرة في ديرالزور، وذكر أنه هناك عمل على إعلان عفو عن الموقوفين.
ودعا القائد العام لـ"قسد"، سكان المنطقة لتوخي الحذر وتجنب الانجرار للفتن والتحريض والعنصرية، كما دعا وسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي دعم لغة التآخي والسلم الأهلي، وتحدث عن تجديد التزام "قسد" بإيجاد حلول لمشكلات دير الزور من خلال الحوار، على أن يكون السلام والاستقرار والإنماء الهدف الأسمى، وفق تعبيره.
في حين نقلت وكالة "رويترز"، عن "عبدي"، تعهدات بتلبية مطالب العشائر العربية وإصلاح الأخطاء التي ارتكبت في إدارة المنطقة سعيا لنزع فتيل التوترات، وقال إنه التقى بزعماء القبائل وسيحترم طلبهم بالإفراج عن عشرات المقاتلين المحليين الذين ثاروا واعتقلوا أثناء قمع قوات "قسد"، لانتفاضة العشائر.
وكان تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلا صوتيا لشيخ قبيلة العكيدات "إبراهيم الهفل"، وجه خلاله رسالة إلى مقاتلي العشائر العربية، في وقت عززت "قسد" مواقع سيطرتها في دير الزور كما شنت حملة اعتقالات طالت عدد من المدنيين.
ووجه "الهفل"، خطابه قائلا، "إلى المقاتلين الأشاوس الأبطال، إلى عزوتي أبناء العكيدات والعشائر الأخرى، المشاركين في هذا الصمود والقتال النابع من عدم رضوخ أبناء العشائر العربية لاغتصاب الأرض من قبل عصابات "قسد" الوافدة إلى المنطقة العربية.
وأكد الشيخ أنه لا يزال ضمن "المناطق المحررة" نافياً بذلك حديث إعلام "قسد"، عن مغادرته ذيبان إلى مناطق سيطرة النظام، وشدد على استمرارية المقاومة ضد "قسد"، مشيرا إلى أن الحرب كر وفر، والنصر للعشائر العربية، واختتم بقوله، نحيا أو نموت بشرف وكرامة.
هذا كانت تصاعدت المواجهات المسلحة الدامية بين مقاتلي العشائر من جهة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى في عدة بلدات وقرى بريف ديرالزور، وذلك في أعقاب عملية أطلقتها "قسد" تحت مُسمى "تعزيز الأمن"، ورغم بيان رسمي لقسد ذكر الكثير من دوافع الحملة، إلا أنها طالت "المجلس العسكري بديرالزور" بشكل مباشر، قبل تطور الصراع وتحوله إلى مواجهة مباشرة ومفتوحة مع عشائر عربية.