صورة
صورة
● أخبار سورية ١٧ يوليو ٢٠٢٤

مصدر يكشف لـ "شام" كواليس اتفاق بنش ويُحذر من تلاعب "تحـ ـرير الشـ ـام" 

كشفت مصادر مطلعة من مدينة بنش لشبكة "شام"، كواليس بعض ماجرى من أحداث خلال يوم أمس بين وجهاء المدينة ومسؤولي "هيئة تحرير الشام"، ملمحةً لأن سلسة من الأحداث التي حصلت في المدينة ومانتج عنها من تطورات متسارعة، ثم التوصل للاتفاق الذي تم نشره تقف ورائها أياد خفية من الهيئة ذاتها، لتحقيق أهداف خاصة على حساب المدنيين والحراك في المدينة.


وقالت مصادر "شام" إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه وأُعلن عنه فجراً، لايحظى بقبول غالبية وجهاء بنش الممثلين للحراك، حتى أنه أعلن بغياب الممثل الأساسي في لجنة التفاوض عن حراك مدينة بنش، هو "أبو الزهراء حاج قدور"، موضحة أن الاجتماع الأول الذي جرى بين الوجهاء ومسؤولي الهيئة حتى منتصف الليل لم يسفر عن اتفاق، وكانت الهيئة ترفض الإفراج عن معتقلي الحراك لاسيما من هم من خارج بنش هم "أبو رعد الحمصي - الأستاذ جهاد القاسم".


وأكدت المصادر أن وجهاء المدينة خرجت من الاجتماع دون التوصل لاتفاق بعد منتصف الليل، لكن القيادي في الهيئة "أبو حفص بدوي" قام بعقد اجتماع آخر فجراً حضره عدد من الشخصيات المحسوبة على الهيئة وآخرين لايمثلون جميع الوجهاء الذين حضروا التفاوض الأول، وتم الإعلان عن الاتفاق دون الرجوع لجميع الوجهاء المعنيين.

وبينت المصادر، أن الشخص الذي قام بحادثة دهس الفتاة، يدين بالولاء لـ "أبو حفص"، وينتمي للواء طلحة التابع للهيئة، غير مستبعدة أن يكون كل ماجرى بالأمس يقف ورائه "أبو حفص" ذاته، كون الأخير رفض بداية حضور أول لقاء بين الهيئة والوجهاء وطلب أن يكون في مقره، لكن لم تقبل الهيئة ذلك.

ورأت مصادر "شام" أن من مصلحة "أبو حفص" التوصل لاتفاق مع وجهاء بنش بعد فشل التوصل له مع مسؤولي الهيئة في إدارة المنطقة، كرسالة يريد إيصالها لقيادة الهيئة، بأن أي حل في مدينة بنش التي يعتبر هو القوة المطلقة فيها، لن يمر دون إرادته وأنه هو القادر على فرض الحل بعد عجز قيادات الهيئة عن التوصل لأي اتفاق سابقاً.

بالعودة للاتفاق المعلن عنه، فإن المشكلة الأساسية كانت في عدم قبول مسؤولي الهيئة الإفراج عن المعتقلين من خارج أبناء بنش، وهما "أبو رعد الحمصي - الأستاذ جهاد القاسم"، كان محط خلاف بين الوجهاء والهيئة في اجتماع الليل، لكن الاتفاق فجراً مع "أبو حفص" لم يتضمن صراحة هذا الطلب الأساس للوجهاء لقبول الحل بالإفراج عن الجميع.


أيضاً، الإفراج عن والد الفتاة التي تعرضت لحادثة الدهس، أفرج عنه فجراً وهو "عبد الفتاح العمر" لم يكن بموجب الاتفاق، بل ألزمت الهيئة عائلته بالضغط عليه للتنازل عن حقه في حادثة دهس ابنته، وأفرج عنه بموجب التعهد الذي كتبه ولم يفرج عنه رغم تعرض ابنته للدهس أو ضمن الاتفاق الذي نص الإفراج عن المعتقلين.


النقطة الإشكالية في البيان، وهي محاكمة الضالعين بالهجوم على مسؤول (كتلة بنش "أبو فاضل" + الدورية الأمنية + مخفر بنش)، أوضحت مصادر "شام" أن مُطلق النار هو "أبو فهد البدوي" الذي ظهر فجأة في الحراك المناهض للهيئة، وأنه رغم ظهوره في مقطع فيديو واضح يطلق النار من مسدس حربي، إلا أنه لم يتم اعتقاله حتى لحظة نشر الخبر اليوم، رغم كل حملات الاعتقال التي طالت المتظاهرين وأبناء الحراك، علماً أن الشخص ذاته يتجول في المدينة بكل أريحية، مايشير إلى أن الحادثة كانت مدبرة من قبل أطراف في الهيئة نفسها.

أيضاً، لم تقدم الهيئة حتى تاريخ اليوم، أي بعد قرابة 13 يوماً من اقتحام بنش وحادثة حرق المخفر، أي تسجيلات مصورة تظهر الأشخاص الذين قاموا بحرق المخفر وسيارات الشرطة، والتي استخدمت ذريعة لاقتحام بنش وإخضاعها عبر القوة العسكرية المفرطة التي تعرضت لها فعاليات المدينة خلا الأسبوعين الأخيرين.

هذه الحوادث (حرق المخفر - إطلاق النار على مسؤول كتلة بنش - دهس الفتاة) تشير لإنها كانت مدبرة ومقصودة من قبل أطراف في الهيئة ذاتها، وأنها استخدمت في تمكين قبضة الهيئة أو أطراف في الهيئة من أهالي المدينة، لإخضاع المدينة من جهة، ولإثبات القوة والهيمنة والقرار في المدينة أمام قيادة الهيئة من جهة أخرى، وفق ماقالت مصادر "شام" التي تنقل الكلام بناء على تصريحها.


وذكرت مصادر "شام" أن هناك أمور تم الاتفاق عليها خلال الجلسات الليلة وفجراً، لم يتم التطرق لها في بنود الاتفاق المعلن، ترتبط باطلاع الوجهاء على جميع التحقيقات المرتبطة بحادثة الدهس والاعتداء على المخفر وعدم السماح بتمييعها من قبل الهيئة، وضرورة إثبات هوية المعتدين على المخفر.


وكانت الهيئة دفعت يوم أمس الثلاثاء 16 تموز، بتعزيزات عسكرية هي الأكبر إلى مدينة بنش، حتى أنها طوقت المدينة فجراً بالأليات المصفحة والرشاشات الثقيلة، وأدخلت مئات السيارات الأمنية، إضافة لعناصر من لواء طلحة ولواء علي، وتم نشرهم ضمن المدينة وعلى أطرافها، كرسالة تلمح لنية مبيتة في استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين هناك.

 

وسبق أن أصدر نخبة من المثقفين والنشطاء في مدينة بنش، بياناً حول الأوضاع التي تعيشها المدينة، في ظل الاستباحة الأمنية التي تنفذها "هيئة تحرير الشام" بعد ثلاثة أيام من بدئها، وأدان البيان بشدة حادثة إطلاق النار على سيارة مدير المنطقة الوسطى من قبل أحد المتظاهرين ومهما كان دافعه لذلك (فاعتقال رفاقه بعد المظاهرة من قبل الامن العام لا يبرر له استخدام العنف والسلاح)، كنا أدان البيان حادثة الاعتداء على المخفر من قبل طرفٍ مازال مجهولاً وغير معلوم لأهالي المدينة حتى اليوم، وفق البيان.

وطالب البيان، مخفر المدينة وجهاز الأمن العام بنشر الأدلة التي تثبت تورط أبناء المدينة حسب تصريحات مسؤوليه بحادثة الاعتداء على المخفر ومنها تسجيلات كاميرات بناء مخفر المدينة، (كما حال بناء المنطقة الوسطى الذي رأينا تسجيلا من إحدى كاميراته يدعم رواية السلطة) وفق النص.

وطالب البيان بتشكيل لجنة قضائية حيادية تتكون من أشخاص موثوقين و معروفين بالإنصاف والصلاح للتحقيق في حيثيات وتفاصيل الحادثة وجمع الأدلة والشهادات للكشف عن المتورطين في حادثة الاعتداء على المخفر ونشر نتيجة التحقيق مرفقة بالأدلة والشهادات ومحاسبتهم .

وكان شكك نشطاء من بنش، في الرواية التي خرجت بها الهيئة لاقتحام المدينة، واتهام الفعاليات الشعبية  بحرق المخفر، مبينة أن القوى الأرتال التي اقتحمت المدينة يوم الجمعة كانت مستعدة بشكل مسبق ومحضرة لعملية الاقتحام، علاوة عن نشر الهيئة أذرعها الأمنية باللباس المدني يوم الجمعة قبل التظاهرة.

وأكد النشطاء أن حادثة مخفر بنش، تعيد للذاكرة حادثة اقتحام جسر الشغور على خلفية مقتل " أبو عمر سيو" الأمني في صفوفها، والمسارعة لاتهام الحراك الثوري في المدينة، ومن ثم مداهمتها وشن حملات الاعتقال، تبين لاحقاً أن القاتل صديق له بغرض السرقة، لتعود اليوم لاستثمار حادثة حرق المخفر بطريقة ممثاثلة دون الكشف عن هوية المعتدين لحين تنفيذ مخططها في تقويض الحراك في المدينة وكسر شوكتها.

وتحولت مدينة بنش خلال الأشهر الماضية، إلى مصدر قلق كبير لدى قيادة "هيئة تحرير الشام" وذراعها الأمني، لما تميزت فيه احتجاجاتها الشعبية المناهضة للهيئة من تنظيم وقوة في التأثير والشعارات التي رفعتها، فكانت تقويض هذا الحراك على أولويات قيادتها الأمنية، على غرار تقويض الحراك في جسر الشغور ومناطق أخرى، عبر الترهيب والحصار والاعتقال.

وشهدت مدينة بنش منذ يوم الجمعة 5 تموز 2024، وحتى اليوم، حملات دهم واعتقال مستمرة، طالت العديد من الشخصيات الثورية المعروفة بمناهضتها للهيئة، ومشاركتها بشكل فاعل في الاحتجاجات الشعبية المناهضة ضدها، في وقت باتت القوى الأمنية تُقطع أوصال المدينة وتخنقها بالحواجز والدوريات.

وتميزت التظاهرات الشعبية المناهضة لـ "هيئة تحرير الشام" في عموم مناطق إدلب، على رأسها مدينة بنش منذ  يوم الجمعة 24 أيار، بوعي شعبي كبير، مع تجنب الصدام والمواجهة مع القوى الأمنية والعسكرية التابعة للهيئة بعد استخدام القوة العسكرية والأمنية، في يوم الجمعة 17 أيار، واستخدام الرصاص الحي والمدرعات والغازات المسيلة للدموع ضد المحتجين في إدلب، من خلال حصر تظاهراتها في مدينة بنش دون التوجه لمدينة إدلب، لكن هذا لم يجنبها ممارسات الهيئة.

وشهدت مدينة بنش كعادتها يوم الجمعة 5 تموز 2024، تظاهرة شعبية مناهضة لـ "هيئة تحرير الشام"، رفعت لافتات ضد ممارسات الهيئة، وعبرت عن التضامن مع اللاجئين السوريين في تركيا، ورفض التطبيع مع نظام الأسد، قبل توتر كبير شهدته المدينة عقب اعتقال الهيئة أحد منشدي التظاهرات وماأعقبه من تطورات.

وقالت مصادر "شام" إن عناصر أمنية تابعة للهيئة لاحق المنشد "أبو رعد الحمصي" وعدد من منسقي الحراك المناهض لها في المدينة عقب التظاهرة في مدينة بنش، وقامت بصدمهم عبر سيارة أمنية، واعتقال المنشد "أبو رعد" رغم محاولة مدنيين في المكان منعهم.

وأضافت أنه على إثر اعتقال المنشد "أبو رعد" وهو من منشدي التظاهرات الاحتجاجية ضد الهيئة في المدينة، قام محتجون بالتوجه لمخفر الشرطة وإدارة المنطقة التابعين لحكومة الإنقاذ والهيئة، للمطالبة بإطلاق سراحه، وجرى إطلاق نار متبادل بين عدد من الأشخاص وعناصر الشرطة والقوى الأمنية وفق ماقالت بعض المصادر، دون أن تحدد هوية مطلقي النار، وسط اتهامات للهيئة بافتعال الأمر لتحقيق أجنداتها في المدينة.

وتمارس "هيئة تحرير الشام" ضغوطات كبيرة على الفعاليات الشعبية في المدينة، بسبب التظاهرات المناهضة ضدها والتي باتت مركز ثق كبير للفعاليات هناك، رغم أن تلك الفعاليات اتخذت قراراً بعدم التوجه لمدينة إدلب في كل جمعة، لمنع الصدام مع القوى الأمنية والعسكرية التي تقطع الطرقات في كل يوم جمعة.

وشكل استخدام القوة العسكرية والأمنية، في يوم الجمعة 17 أيار، واستخدام الرصاص الحي والمدرعات والغازات المسيلة للدموع ضد المحتجين في إدلب، تطور جديد في الحراك الشعبي المناهض للهيئة التي قررت استخدام القوة المفرطة في ضرب المدنيين العزل، مكررة سياسة النظام في قمع الاحتجاجات، لتكشف هذه الواقعة الوجه الحقيقي لقيادة "هيئة تحرير الشام" التي لم تترك مجالاً لقمع كل حراك ضدها طيلة سنوات مضت.

وتجدر الإشارة إلى أن قيادة الهيئة عولّت سابقا على امتصاص حالة الغضب في الشارع الثوري، وتقديم الوعود بالإصلاحات، لكسب وقت إضافي وعدم توسع المشهد الاحتجاجي في عموم المناطق المحررة، في وقت ألمحت مصادر "شام" حينها إلى أن "الجولاني" لن يقف مكتوف الأيدي في حال خرجت الأمور عن السيطرة، وأنه مستعد لإدخال المنطقة بحالة فوضى عارمة من عمليات تفجير واغتيال وتسلط اللصوص وقطاع الطرق، يجبر الحراك على خيارات ضيقة في الاستمرار أو الفوضى، قبل القمع غير المسبوق اليوم.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ