صورة
صورة
● أخبار سورية ٣٠ مايو ٢٠٢٤

مصدر أمني يكشف لـ "شام" هوية خلية اغتيال "القحـ ـطاني" ودور "الجـ ـولاني" ورسائله في توقيت ضربها

أعلن وزير الداخلية في حكومة الإنقاذ (الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام) اليوم الخميس 30 أيار 2024، تنفيذ "قوات الأمن العام" التابعة لها، عملية أمنية استهدفت خلية لتنظيم داعش، قال إنها متورطة باغتيال القيادي السابق في الهيئة "أبو ماريا القحطاني"، متحدثاً عن ضبط أسلحة وذخائر وأحزمة ناسفة وسيارة مفخخة كانت بحوزتهم.


ووفق مصدر أمني صرح لشبكة "شام" تحدث لنا قبل إعلان الوزير، فإن تنفيذ العملية في هذا التوقيت يحمل رسائل عدة تريد الهيئة إيصالها (داخلياً وخارجياً)، والتي استهدف الخلية المتورطة باغتيال القيادي السابق في الهيئة "أبو ماريا القحطاني"، بعد انتقادات لاذعة للهيئة لعدم كشف المتورطين بعملية الاغتيال، رغم مضي وقت طويل على تنفيذها، في وقت حملت الحراك الشعبي مسؤولية عملية اغتيال طالت أمني لديها في جسر الشغور قبل بدء التحقيقات بعد.

بالعودة إلى قضية اغتيال القيادي "أبو ماريا القحطاني"، الذي قُتل مساء يوم الخميس 4 نيسان 2024، جراء تعرضه لاستهداف مباشر، من قبل انتحاري يرتدي حزام ناسف، قالت المصادر إنه دخل مكان تواجده مع مرافقته في مضافته مدينة سرمدا شمالي إدلب، ولم يصدر أي منذ ذلك اليوم أي تصريح يكشف المتورطين في عملية الاغتيال.


لكن مصادر "شام" الأمنية (نتحفظ على كشف هويتها)، قالت إن منفذ عملية الاغتيال هو عنصر سابق في تنظيم داعش يدعى "خالد أبو الحسن"، عراقي الجنسية، ينحدر من مدينة الموصل، يتبع لـ  "سرية همام الجنوبي" الذي انتقل إلى إدلب بعد خسارة التنظيم في سوريا والعراق، كان له شقيق يدعى "حسن الموصلي"، قُتل الأخير باشتباكات خلال محاولة تنفيذ عملية أمنية لاغتيال قيادات من الهيئة بينهم "أبو ماريا القحطاني" عام 2020 بمحيط مدينة سرمدا.


وأوضح المصدر الأمني لـ "شام" أن "أبو ماريا" أمر بملاحقة الخلية الأمنية "سرية همام الجنوبي" بعد محاولة اغتياله، وكشف هوية أحد أعضائها، لتتم ملاحقتهم من قبل القيادي في الهيئة "أبو أحمد حدود"، ويتم اعتقال ستة أفراد منها، بينهم "خالد أبو الحسن" في شباط عام 2021 خلال عملية أمنية في مدينة الدانا شمالي إدلب، بينما قتل ثلاثة آخرين عبر تفجير أحزمة ناسفة.


وكشف المصدر الأمني عن معلومات (تنشر شام تلك المعلومات على مسؤولية المصدر)، تفيد المعلومات أن القيادي "أبو أحمد حدود" وبأمر من "أبو محمد الجولاني" أفرج عن ثلاثة أعضاء من  "سرية همام الجنوبي" أحدهم "أبو الحسن"، مقابل تنفيذ عملية اغتيال لـ "أبو ماريا القحطاني" المدان بقتل شقيق "أبو الحسن" سابقاً، جاء ذلك بعد الإفراج عن "أبو ماريا" على خلفية إعلان براءته من "قضية العملاء".

وذكر المصدر الأمني لشبكة "شام" أن القيادي "أبو أحمد حدود" أفرج أيضاً عن المدعو "سعد الحنيطي"، وهو أردني الجنسية عبر ذات الصفقة، بوساطة القيادي "أبو حسين الأردني"، شريطة أن يغادر إدلب بعد عملية اغتيال "القحطاني" باتجاه جنوب سوريا ومنها إلى الأردن.


وأضاف مصدر "شام" أن منفذ عملية اغتيال "القحطاني" الذي يحمل ثأراً لمقتل شقيقه، زار القيادي "أبو ماريا" في مضافته لمرتين متتاليتين باسم "عراب الموالي"، لتقديم التهنئة له، وكانت غايته رصد المكان ومداخله ومخارجه قبل تنفيذ عملية الاغتيال التي تمت يوم الخميس 4 نيسان 2024، عبر تفجير نفسه بحزام ناسف خلال تقديم هدية لـ "أبو ماريا".


ولفت المصدر الأمني، إلى أن الخلية التي نفذت عملية الاغتيال كانت ثلاثة أشخاص أحدهم "أبو الحسن" نفذ عملية التفجير، فيما استطاع اثنين منهم الفرار، وتمكنوا من مغادرة منطقة سرمدا بكل أريحية، دون أن تعترضهم أي من حواجز الأمن العام في ذلك اليوم، مؤكداً أن الخلية بقيت تحت مراقبة أمنية كبيرة من قبل "هيئة تحرير الشام"، دون اعتقالهم.


وبين المصدر الأمني لشبكة "شام" أن بقاء "الحنيطي" في إدلب كان مخالفاً لشروط الاتفاق مع قيادة الهيئة، هذا الأمر دفع "الجولاني" لاتخاذ قرار اعتقالهم لمنع كشف تفاصيل العملية، لكن بدء الاحتجاجات ضد الهيئة، دفعته لتأجيل العملية، مع إبقائهم تحت المراقبة، ليأتي تنفيذها اليوم - وفق المصدر الأمني - لإرسال رسائل أرادها إيصالها "الجولاني" داخلياً وخارجياً.

فعلى الصعيد الداخلي - وفق مصدر شام - أرادت قيادة الهيئة، تأكيد روايتها التي سوقت لها خلال الأسابيع الماضية، عن وجود خلايا في المنطقة، تخطط لتنفيذ عمليات أمنية، وتبرير الاستنفار العسكري الذي استخدم لقمع الاحتجاجات، علاوة عن إثبات أهمية الجهاز الأمني في كشف الخلايا وملاحقتها، بعد مطالبات شعبية بحل جهاز الأمن العام المتورط بعمليات تعذيب واعتقال كبيرة.

وعلى الصعيد الخارجي، قال المصدر، إن تصريح "السفارة الأمريكية في سوريا" جاء كبداية لمواقف دولية رافضة لممارسات الهيئة ضد الحراك الشعبي ودعم لهذا الحراك، وهذا كان في غير حسابات قيادة الهيئة التي ساقت الكثير من الحجج لتبرير القمع، فكان توقيت العملية اليوم بضرب خلية لـ "داعش" كرسالة يريد "الجولاني" من خلالها تذكير الولايات المتحدة بدور الهيئة في محاربة إرهاب التنظيم.

وكان أفاد مصدر آخر في وقت سابق اليوم، أن الشخصية التي أرادت الهيئة استهدافها بعمليتها الأمنية تمكنت من الفرار من الموقع قبل ساعة من بدء العملية، فيما لايوجد أي تأكيد لهوية الأشخاص الذين قال وزير الداخلية أنه جرى قتلهم واعتقال آخرين، بينما نشرت معرفات حكومة الإنقاذ عبوات ناسفة وعربة مفخخة قالت إنها تتبع للخلية الأمنية المستهدفة.


وكانت عبرت صفحة "السفارة الأمريكية في سوريا"، عن دعم حقوق جميع السوريين في حرية التعبير والتجمع السلمي، بما في ذلك في إدلب، مستنكرة أسلوب الترهيب والوحشية على غرار النظام الذي تمارسه "هيئة تحرير الشام" ضد المتظاهرين السلميين وهم يطالبون بالعدالة والأمن واحترام حقوق الإنسان.

ويعتبر هذا أول موقف رسمي صادر عن جهة خارجية تجاه الاحتجاجات المناهضة لـ "هيئة تحريرالشام" في إدلب، والتي لاتزال مستمرة منذ قرابة شهرين، واجهتها قيادة الهيئة بالقمع والترهيب على غرار مافعل النظام بحق الحراك الثوري السوري طيلة عقد من الزمن ولايزال.


وردت "هيئة تحرير الشام"، يوم الخميس 30 أيار/ مايو، عبر بيان رسمي، باللغتين العربية والإنجليزية، قالت فيه إنها "توفر بيئة آمنة للتعبير عن الرأي، والدعوة إلى تحسين الواقع، والاستجابة للمطالب المشروعة بالسبل القانونية، بعيدًا عن زعزعة الاستقرار وبث الفوضى".

وأضافت أنها خلال الأشهر الماضية تم إفساح المجال للتظاهر والتعبير ضمن حدود احترام حريات باقي شرائح المجتمع وعدم التعرض لمؤسساته وتعطيلها، وادعت دعم المؤسسات الرسمية وسلطة القانون.

وأكدت على أهمية الفعاليات المدنية وتكاملها في بناء مجتمع واع تحترم فيه، الحقوق والحريات تحت سقف المصلحة العامة وضوابطها، واختتمت بقولها إنها تلفت نظر السفارة الأمريكية بدمشق لضرورة دعم مطالب الشعب السوري في تحقيق الحرية والكرامة ضد النظام المجرم، وكذلك حفظ حقوق مظاهرات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة واحترام مطالبهم دعمًا لفلسطين وشعب غزة.


وشكل استخدام القوة العسكرية والأمنية، في يوم الجمعة 17 أيار، واستخدام الرصاص الحي والمدرعات والغازات المسيلة للدموع ضد المحتجين في إدلب، تطور جديد في الحراك الشعبي المناهض للهيئة التي قررت استخدام القوة المفرطة في ضرب المدنيين العزل، مكررة سياسة النظام في قمع الاحتجاجات، لتكشف هذه الواقعة الوجه الحقيقي لقيادة "هيئة تحرير الشام" التي لم تترك مجالاً لقمع كل حراك ضدها طيلة سنوات مضت.

وسبق أن أعلن "محمد عبد الرحمن" وزير الداخلية في حكومة الإنقاذ (الذراع المدنية والأمنية لهيئة تحرير الشام)، بتوقيف عدد من الشخصيات في ريف إدلب، بتهمة ممارسة "إرهاب فكري على المتظاهرين وتشويه صورة من يسعى للإصلاح"، في سياق حملة اعتقالات طالت عدد من منسقي الحراك الشعبي المناهض لهيئة تحرير الشام.

وقال الوزير في بيان له، إنهم حصلوا على إذن من النائب العام، بتوقيف عدد من الشخصيات، وإحالتهم للقضاء المختص أصولاً، متحدثاً عن رفض هؤلاء للحوار والاستجابة لمبادرات الإصلاح، وأضاف أنهم "مارسوا إرهابا فكريا على المتظاهرين المحقين وعملوا على تشويه من يسعى بالإصلاح وجر المحرر إلى المجهول، وشق الصف والعودة إلى الاقتتال الداخلي وتضييع ما بذل من جهد لبناء هذه المؤسسات".

وأضاف الوزير: "كان لهذه الشخصيات دور كبير في التشجيع على حمل السلاح والأحزمة الناسفة، عدا السب والشتم والقذف والإساءة إلى المسؤولين والموظفين، والتسبب بتعطيل عمل المؤسسات في كثير من الأوقات، وقام عدد كبير من المطلوبين منهم إلى الجهات المختصة -بقضايا حق عام أو خاص- بالتهرب والتستر تحت ذريعة الحراك ومظلته".

وزعم الوزير أن حكومته "ما نزال مع أصحاب المطالب المحقة، ونؤكد أن جميع أبوابنا مفتوحة لمن يقصدها بالطرق الشرعية، وواجب علينا الاستماع لهم ومعالجة مشاكلهم" مؤكداً رفضهم تعطيل مصالح الأهالي والتشغيب بأي شكل كان، وقال: "لن نسمح بعودة المحرر للوراء وانتشار الفوضى، بسبب مغامرات أصحاب الغايات الشخصية الذين تسلقوا على مطالب الناس وينادون بالحلول الصفرية، فمصلحة المحرر وحمايته أمانة لدى الجميع وعلينا أن نقف كلٌ عند مسؤولياته".

ويرى مراقبون، أن "الجولاني" يحاول دفع المحتجين لصدام مباشر مع "الجناح العسكري" في الهيئة تحديداً، بعد أن فقد الجناح الأمني ثقته شعبياً على خلفية قضية "العملاء" وتكشف الوجه الحقيقي لممارساته، وبالتالي يُرجح أن يرغب "الجولاني" الأخير باندلاع صدام "مسلح" بين الطرفين، من خلال دفع الحراك للدفاع عن نفسه في منطقة ينتشر فيها السلاح بشكل كبير بين العوام، وهذا مايحقق مخططه في تسويغ ضرب الحراك وإنهائه بالقبضة العسكرية.

هذا ويذكر أن "الجولاني" صعد مؤخرا من خطابه ضد الحراك الشعبي المتواصل ضده، زاعما بأنه "انحرف عن مساره" وتخطى الخطوط الحمراء، وكان توعد وزير الداخلية لدى حكومة الإنقاذ "محمد عبد الرحمن" بالضرب بيد من حديد، معتبرا أن الوزارة عملت في الفترة الأخيرة على جملة من الإصلاحات، إعادة دمج جهاز الأمن العام ضمن وزارة الداخلية، وإصلاح القوانين والإجراءات.

وتجدر الإشارة إلى أن قيادة الهيئة عولّت سابقا على امتصاص حالة الغضب في الشارع الثوري، وتقديم الوعود بالإصلاحات، لكسب وقت إضافي وعدم توسع المشهد الاحتجاجي في عموم المناطق المحررة، في وقت ألمحت مصادر "شام" حينها إلى أن "الجولاني" لن يقف مكتوف الأيدي في حال خرجت الأمور عن السيطرة، وأنه مستعد لإدخال المنطقة بحالة فوضى عارمة من عمليات تفجير واغتيال وتسلط اللصوص وقطاع الطرق، يجبر الحراك على خيارات ضيقة في الاستمرار أو الفوضى، قبل القمع غير المسبوق اليوم.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ