مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: لانشجع على العودة الطوعية إلى سوريا لهذه الأسباب
أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنها لا تشجع العودة الطوعية إلى سوريا على نطاق واسع في الوقت الحالي، مرجعة ذلك إلى الظروف الأمنية والاقتصادية غير المتوفرة، في وقت طالبت جميع الجهات المعنية بتوفير بيئة مناسبة لعودة اللاجئين السوريين.
وقالت المفوضية وفق استطلاعات أجرتها في البلدان المضيفة للسوريين، إن أغلب اللاجئين يواجهون عقبات في طريق العودة إلى سوريا، تتعلق بالسلامة والأمن أو المخاوف القانونية والافتقار إلى سبل العيش.
وشددت المفوضية على استمرارها في معالجة مخاوف العائدين من خلال تقديم الخدمات والمساعدة في مناطقهم الأصلية، ووثقت وجود أكثر من خمسة ملايين سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، وتحققت من عودة أكثر من 411 ألف لاجئ سوري في الفترة بين 2016 حتى شهر حزيران (يونيو) الماضي.
وسبق أن قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، خلال مؤتمر صحفي، إن شروط العودة الآمنة للاجئين إلى سوريا، غير متوفرة حالياً، بسبب استمرار العنف والانتهاكات، وذلك بعد دعوات أوروبية لإعادة العلاقات مع نظام الأسد لتسهيل إعادة اللاجئين.
وأكد المتحدث، أن الأعمال القتالية في سوريا مستمرة بكثافة متفاوتة في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن تقارير موثوقة تؤكد استمرار بعض أخطر أنواع انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك ممارسات التعذيب والإعدامات، التي طاولت أيضاً عدداً من اللاجئين الذين عادوا بالفعل إلى بلدهم.
وكان قال "راميش راجاسينغهام" المسؤول في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في إحاطة أمام مجلس الأمن خلال جلسة حول الوضع في سوريا، إن سوريا لا تزال تعاني من أسوأ أزمة إنسانية، منذ بدء الصراع قبل أكثر من 13 عاماً.
وأضاف راجاسينغهام، أن أكثر من 16 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، "والغالبية العظمى منهم من النساء والأطفال"، ولفت إلى أن "تأثير الصراع، إلى جانب الصعوبات الاقتصادية المرتبطة به، والضغوط الناجمة عن تغير المناخ، وانخفاض التمويل الإنساني بشكل كبير، وغياب برامج التنمية للخدمات الأساسية، لم يكن أكثر وضوحا منه خلال هذه الأشهر الأكثر سخونة من العام".
وسبق أن قالت "نجاة رشدي" نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، عقب نقاش مع المجلس الاستشاري النسائي السوري حول التحديات المستمرة والجديدة التي تواجه اللاجئين السوريين في المنطقة، إن شروط عودة اللاجئين السوريين لم تتوفر بعد، في ظل وجود مخاوف تعقد إجراءات الراغبين بالعودة الطوعية.
ولفتت المسؤولة الأممية، إلى أن الحاجة للحماية لا زالت ملحة في سوريا، موضحة أن المخاوف بشأن الاعتقال التعسفي وقضايا السكن والملكية والأرض ونقص خيارات كسب العيش تؤدي إلى تعقيد عودة أولئك الذين يختارون العودة طوعاً.
ونوهت إلى الحل السياسي في سوريا وفق القرار 2254، هو السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق، مشيرة إلى أنه بدون حل سياسي، لن تتم معالجة المخاوف المشروعة للاجئين السوريين، ولن تتحقق العودة الآمنة.
وسبق أن أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" اليوم تقريراً بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، قالت فيه أنها وثقت ما لا يقل عن 4714 حالة اعتقال تعسفي لعائدين من اللاجئين والنازحين على يد قوات النظام السوريا كما وثقت مقتل ما لا يقل عن 367 مدنياً بينهم 56 طفلاً و34 سيدة، و43 شخصاً تحت التعذيب، كما وثقت اعتقال 828 شخصاً في سوريا خلال عام 2024.
ذكر التقرير أن الانتهاكات التي ما زالت تمارس في سوريا؛ والتي كانت هي السبب الرئيس وراء هروب ملايين السوريين من بلدهم، وأكد أن هذه الانتهاكات الفظيعة هي السبب الرئيس وراء عدم عودة اللاجئين، بل وتوليد مزيدٍ من اللاجئين، بسبب هذه الانتهاكات التي تهدد جوهر حقوق وكرامة الإنسان، وعدم وجود أي أفق لإيقافها أو محاسبة المتورطين فيها، يحاول المئات من السوريين الفرار من أرضهم، وبيع ممتلكاتهم، وطلب اللجوء حول العالم، حتى بلغ عدد اللاجئون السوريون قرابة 6.7 مليون شخص وقد أصبحوا النسبة الأضخم من عدد اللاجئين في العالم.
وفقاً للتقرير فإن مهمة تقييم الأوضاع في سوريا هي من وظيفة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة، والمنظمات الحقوقية الدولية، والمنظمات المحلية المختصة والفاعلة بتوثيق الانتهاكات في سوريا، كالشبكة السورية لحقوق الإنسان، وجميع هؤلاء أكدوا أنَّ سوريا بلد غير آمن.
ودعا التقرير حكومات الدول التي لديها لاجئين سوريين، وبشكل خاص دول الجوار التي تحتوي الأعداد الأكبر منهم، التوقف عن تهديدهم المستمر بالترحيل إلى سوريا، لأنَّ ذلك يشكل مصدر قلق نفسي وتهديد للاستقرار المادي، وتعطيل لعمليات الدمج المجتمعي التي يقومون بها.
وطالب التقرير مختلف دول العالم بتحمل مسؤولياتها تجاه كارثة اللاجئين واستقبال أكبر عدد منهم، والتوقف عن إغراق دول الطوق باللاجئين، مع التراجع المستمر في دفع التعهدات المالية، وعلى الدول الديمقراطية الاستمرار في استقبال اللاجئين من دول الطوق ورفع مستوى الدعم المالي المقدَّم لها.