خبراء يقللون من تأثيرات زلازل حماة ويفسرون أسباب الهزات في "فالق المشرق"
قلل "المعهد العالي للبحوث الزلزالية" في سوريا، من احتمال تعرض سوريا لكوارث طبيعية ضخمة، معتبراً أنه في حال حدوث "تسونامي" في البحر المتوسط، فلن يتجاوز الموج في سوريا أكثر من ثلاثة أمتار، وبالتالي سيكون تأثير تسونامي محدوداً جداً.
جاء ذلك مع تجدد الهزات الأرضية ومركزها حماة وسط سوريا، وتلتي أطلقت التساؤلات بشأن التفسيرات المتعلقة بأسباب هذه الظاهرة الطبيعية، وما إذا كانت المنطقة ستظل تشهدها في الأيام المقبلة.
وكانت أولى الهزات حصلت يوم 12 أغسطس بقوة 5.5 على مقياس ريختر، ولم يشعر بها سكان سوريا فحسب بل وصلت ارتدادتها إلى لبنان والأردن وأحس بها سكان المناطق الواقعة في جنوب تركيا، وعادت لتتجدد ظهر يوم الجمعة، عبر هزتين فصل بينهما 3 دقائق فقط، بحسب إدارة الكوارث التركية (آفاد)، موضحة أن الأولى ومركزها حماة كانت بقوة 5.2 والثانية بقوة 4.2.
وقال أستاذ في قسم الهندسة الإنشائية الزلزالية في المعهد، إنه لا يمكن تجنب المخاطر، لكن يمكن تقليل المعاناة، من خلال تطوير نظام لجمع البيانات الجغرافية والبيئية، وتفعيل آلية للإنذار المبكر عن الكوارث.
وقالت عميد المعهد، إنه لا يمكن التنبؤ بحدوث الزلازل، لكن يمكن دراسة الصدوع بالمنطقة، ووضع خرائط احتمالية لها، لاسيما أن المنطقة لديها نشاط زلزالي قديم، وماتزال نشطة، ولفتت إلى أهمية تطوير شبكات الرصد الزلزالي، والحصول على أجهزة كشف تساعد عند حدوث الزلازل.
وكانت أوضحت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، أن زلزالا بقوة 4.8 درجات ضرب سوريا، الجمعة، بالقرب من مدينة السلمية شرقي حماة، على عمق 10 كيلومترات من سطح الأرض، وأكد المركز "الأورومتوسطي" لرصد الزلازل أن زلزالا بلغت قوته 5.2 درجات على مقياس ريختر ضرب وسط سوريا على عمق 7 كيلومترات.
ونقل موقع "الحرة" عن مديرة "المركز الوطني للجيوفيزياء" في لبنان، مارلين البراكس، قولها، إن الهزة الرئيسية التي شعر به سكان سوريا ولبنان والأردن وجنوب تركيا في 12 من أغسطس الحالي كانت نتيجة تراكم الطاقة ضمن الفوالق الثانوية المرتبطة بفالق البحر الميت.
وبينت البراكس، أن المركز الذي تحصل فيه الهزات ليس بعيدا عن منطقة الفالق الطويل، والذي يسمى بـ"فالق البحر الميت" أو "فالق المشرق"، ويأخذ الجزء الخاص به في سوريا اسم "فالق مصياف".
ويمتد الفالق الطويل من الأراضي الفلسطينية ويمر من الأردن باتجاه سوريا ويصل إلى جنوب تركيا، وفي حين أن مركز الهزات التي حصلت وهو الريف الشرقي لحماة بعيدا عن "فالق مصياف" تؤكد البراكس بالقول إنه "ربما توجد هناك فوالق أخرى متصلة بالصدع الرئيسي".
ويعتقد الباحث في الجيولوجيا وعلم الزلازل الدكتور طوني نمر، أن الهزات التي حصلت ظهر الجمعة مرتبطة بما شهدناه بداية الأسبوع، عندما حصلت الهزة الكبيرة وبقوة 5.2، ولفت نمر في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن منطقة المركز "لا يوجد فيها فوالق على الخرائط".
لكنه لا يستبعد أن تكون موجودة وغير واضحة، بسبب الطبيعة الزراعية للمنطقة، ويتطلب من خبراء الجيولوجيا في سوريا أن يذهبوا إلى نقطة المركز، ويتأكدوا من وجود أي نظام فوالق نشط كي تتضح الصورة على نحو أكبر، بحسب نمر.
وتعتبر الهزات الحالية الأشد قوة منذ أن حدث الزلزال المميت في جنوب تركيا وتأثرت به مناطق كبيرة في سوريا، وتقع أبرزها في شمالي البلاد، وتؤكد مديرة "المركز الوطني للجيوفيزياء" في لبنان، مارلين البراكس أن الهزات الحالية غير مرتبطة بزلزال تركيا الأخير، ويتوفق مع ذلك حديث خبير الزلازل طوني نمر.
وتشرح البراكس أن زلزال تركيا كان على غير فالق، وأنه تحرك على الصدع الأناضولي الشرقي، أما الهزات الحالية فترتبط بفالق المشرق، الذي يبدأ من الأراضي الفلسطينية وينتهي في جنوب تركيا.
وتعيش مناطق الشمال السوري، وجنوب تركيا حتى اليوم على وقع فاجعة كبيرة مرت عليهم في شباط 2023 جراء الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، والذي عمق من معاناة السوريين وضاعف من الكارثة الإنسانية في شمال غربي سوريا، والحدث الذي استمر لثوانٍ خلف أثاراً ستستمر لسنوات، خاصة مع استمرار حرب النظام وروسيا.