"كبش فداء".. هل وقع "الفاروق" ضحية مخطط مرسوم لتوريطه في قضية "فرقة المعتصم"..؟
ما إن سلم القيادي في فرقة المعتصم "الفاروق أبو بكر" نفسه، لقيادة الشرطة العسكرية في كفرجنة، بعد قرابة 24 ساعة من حادثة استهداف قيادة فرقة المعتصم" في مقر قيادة الأركان التابعة للفرقة في بلدة أخترين شمالي حلب، والتي لعب القيادي في الفرقة "الفاروق أبو بكر"، دوراً فيها، بدأت تتكشف بعض خيوط العملية، وسط حديث عن مخطط مدبر وقع به القيادي، ليكون "كبش فداء" لصالح تصدر بعض الشخصيات الأخرى للمشهد على حساب الدماء والغدر.
في معلومات (لم يتسن لـ شام التحقق منها بشكل دقيق)، أن هناك مخطط مدبر من قبل جهات لم تُحدد هويتها، عملت على توريط القيادي "الفاروق أبو بكر" في قضية اعتقال قيادات "فرقة المعتصم" على رأسهم "المعتصم عباس وإخوته" بعد استدراجهم للمقر التابع للفرقة بغرض التفاهم على بعض القضايا الخلافية بين الطرفين، بوساطة من شخصية معروفة في الحكومة المؤقتة.
وفق بعض المعلومات التي حصلت عليها "شام"، فإن "الفاروق أبو بكر" كان على رأس الشخصيات التي استقبلت "المعتصم عباس" في المقر، وأن الأجواء كانت هادئة بين الطرفين في بادئ الأمر، قبل دخول عناصر مسلحة ملثمة، تفيد بعض الروايات أن من بين الملثمين القيادي "مصطفى سيجري"، ليتغير الموقف، وتبدأ حالة من السجال الذي تطور لاستخدام السلاح والاشتباك ضمن المقر بين الطرفين.
وأسفرت الاشتباكات التي استمرت لأكثر من نصف ساعة عن إصابة قائد الفرقة "المعتصم عباس" وأحد أشقائه الذي قضى متأثراً بإصابته وهو "أحمد عباس أبو حازم" أحد قيادات الفرقة أيضاً، في حين بقي المشهد ضبابياً، دون معرفة الأسباب التي قادت الطرف الثاني لتنفيذ هذه العملية عبر ملثمين ضمن مقر الفرقة ذاتها، وتقصد إهانة قياداتها، وإظهار "الفاروق أبو بكر" في واجهة الحدث.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، وفق مصادر لـ "شام" فإن العملية تلاها توجيه إعلان ماسمي المجلس العسكري للفرقة الثالثة في الفيلق الثاني "فرقة المعتصم"، في بيان رسمي نشره "مصطفى سيجري"، يُعلن فيه عزل قائد الفرقة "معتصم عباس"، وتجريده من جميع الصلاحيات العسكرية والأمنية والإدارية، وإحالته للتحقيق الداخلي بتهمة الخيانة والفساد وإساءة استخدام السلطة وسرقة أموال الثورة والمال العام.
اللافت في البيان، أنه لم يكن محط إجماع ضمن الفرقة، وأن شخصية واحدة هي "مصطفى سيجري" نشرت البيان على معرفه الشخصي وليس على أي معرفات للفرقة، يفترض أن يكون المجلس العسكري فيها قادراً على الوصول لتلك المعرفات، كما لم يظهر أي من الشخصيات الأخرى في هذا المجلس العسكري للعلن ويعلن فيها تأييده للعملية، رغم أن "الفاروق أبو بكر" نشر صوتيات ومنشورات في ذات السياق تتهم قيادة الفرقة بالفساد وتوعد بالمحاسبة، وبالتالي تورطه في المخطط.
لاحقاً، تبين عدم وجود تأييد للعملية التي أطاحت بقيادة فرقة المعتصم، ولم تُعلن أي من تشكيلات الجيش الوطني أو الحكومة المؤقتة أي موقف واضح، مع معلومات عن مشاركة فصائل أخرى عبر أفراد في عملية اعتقال القيادات، لكن اللافت تدخل الجانب التركي، وطلب تسليم قيادات الفرقة إلى قاعدة حوار كلس، ومن ثم نقل "المعتصم عباس" للعلاج من إصابته، والذي غرد عبر حسابه وقال إن الفرقة لاتزال تحت قيادته.
خلال 24 ساعة على تنفيذ العملية، بدأ الضخ المناطقي، وبدأت عمليات التجييش لتحريض أهالي مدينة مارع للخروج ضد من أسموهم "قادة الانقلاب"، باعتبار أن قيادة الفرقة من أبناء مدينة مارع، لكن ضبابية المواقف، والإعلان عن وفاة شقيق قائد الفرقة، خلق تحولاً جديدة في مسار القضية، وبات المشهد معقد أكثر من سابق، وبات "الفاروق أبو بكر" وحيداً في مواجهة التجييش.
وفق مصادر مقربة من "الفاروق أبو بكر" فإن الأخير أدرك أنه وقع في فخ، لتوريطه في العملية، وأنه بات في مواجهة مباشرة ليس مع قيادة الفرقة، بل مع أبناء وأهالي مدينة مارع، مع تحميله مسؤولية الدماء التي سالت، سبق ذلك إصدار مذكرة اعتقال بحقه مع أشقائه وقيادات أخرى منهم "سيجري" شاركت في العملية من قبل الشرطة العسكرية لاعتقالهم.
وأوضحت المصادر، أن القيادي "الفاروق أبو بكر"، قرر تسليم نفسه للشرطة العسكرية في كفرجنة مع أشقائه، حقناً للدماء، وللتأكيد على عدم تورطه في أي عملية قتل، وذكرت مصادر مقربة منه، أن قراره جاء بعد يقين وصل إليه القيادي أن هناك مخطط مدبر ومحاك في الظل، وقع ضحيته وأنه سيكون كبش الفداء لإقصائه وربما توريطه في كامل العملية، والدماء التي سالت، وهذا لاينفي شراكته في العملية.
تلا ذلك، بدء انتشار صوتيات سربها الطرف الآخر منسوبة لـ "عمر رحمون" أحد عرابي المصالحات لدى النظام، يدعي فيها أنه كان يتحدث مع "الفاروق أبو بكر" لتنفيذ عملية لصالح روسيا والنظام ضد فرقة المعتصم، مقابل وعود بمبالغ مالية كبيرة وبحماية أمنية في حال قرر "الفاروق" التوجه لمناطق النظام والاحتماء فيها، وهذا مايؤكد أن هناك شيئ مخطط - وفق مصادر شام - يستهدف "الفاروق" بشكل شخصي، في حين اعتبر نشطاء أن استثمار "رحمون" لتوريط "الفاروق" هو بحد ذاته عمالة مع شخص معروف بعلاقته ودورة في النظام.
تأتي هذه التطورات في ظل غياب تام لمصير القيادي "مصطفى سيجري"، في وقت بدأت اتهامات تطال القيادي "سيجري" بأنه على علم سابق بتفاصيل وخفايا لم يكن يعلمها "الفاروق"، وبالتالي تحميله مسؤولية ماجرى، في حين لايمكن البت بهذه الاتهامات قبل تكشف مصير القيادي "سيجري" وهل سيسلم نفسه على غرار "الفاروق" أم سيكون في موقع آخر للايمكن التنبؤ به حالياً.
وفي طرف آخر، تقول مصادر حيادية لاتنتمي للطرفين المتخاصمين، إن الاتهامات التي وجهت بالفساد والخيانة وعمليات التهريب وجمع ملايين الدولارات، ليس فقط منوطة في فرقة المعتصم، بل في عدد من مكونات الفصائل الأخرى ليست خافية على الفعاليات الشعبية، بل هي واقع مرير تعيشه المنطقة منذ سنوات، من خلال بناء امبراطوريات اقتصادية كبيرة من قبل قيادات الفصائل وتحويل الموارد للصالح الشخصي، على حساب عذابات ومعاناة المدنيين في عموم المنطقة.